المشهد 32

5K 198 1
                                    

..تاففت العمة زهرة وقالت ..
.."..ابراهيم..وبعدين ..قلتلك راحت مع مراد فرح صاحبتها ..وتقريبا الفرح في المكان اللي كانت عايشة فيه..يالا ..سلام "..
..ارتفعت وتيرة سرعة انفاس ابراهيم وصدره بدا في الصعود والهبوط بشكل واضح ..نظر للهاتف واخذ نفسا عميقا ليتسع صدره الذي ضاق وكاد ان ينفجر من الغضب ..ضغط فوق اسم مراد وانتظر ليجيبه ولكنه سمع طرقات فوق الباب فأسرع يفتحه والهاتف مازال فوق اذنه ..وجد امامه ليزا تبتسم له بإغواء واضح وتحاول ان تدخل الغرفة ولكن جسد ابراهيم المتسمر بمكانه يمنعها من ذلك .. فقالت بصوت ناعم وبلغتها الانجليزية ..
.."..الن تدعوني للدخول ..لقد جئت لنحتفل سويا بمناسبة توقيع العقود بين شركتينا.."..
....واثناء ذلك كانت ايمان بالسيارة تنظر لجانب الطريق تهمس لنفسها بصوت حزين مسموع ..
.."..بيقول عليا حبيبته ولما يرجع هيطمني ..لو كان بيحبني صحيح مكانش غاب كل دا ..زمانه دلوقتي بيبلبط في البحر مع البت الخواجاية بتاعته..اللهي تغرقي فطسانة يابعيدة.."..
..انتفضت على اثر ضحكات مراد وهو يقول ..
.."..بلبط ايه بس ياايمان ..ابراهيم هناك مشغول جدا بجد ..مش بينام عشان يقدر يتمم اهم صفقة لشركتنا.."..
..تكتفت ايمان وهي تقول بطريقة طفولية ..
.."..صفقة اه ...صفقة ايه دي ان شاء الله اللي بيسهروا عشانها ويلبسوا عريان ..ويتصوروا..وعايشين حياتهم... انت هتضحك عليا يا مراد .."..
..ضحك مراد مرة اخرى وقال من بين ضحكاته ..
.."..اوووبس.. شكلك بتحبيه اوي وبتغيري عليه جامد .."..
..التوت شفتيها جانبا وهي تقول بصوت حزين..
.."..مراد ..انا لا بحب ولا بتاع..انا بس عشان مراته قدام الناس ..محبش حد يقول عليا مش مالية عينه ..بس بعد مانطلق ان شاء الله يبقى حر ساعتها يعمل اللي هو عايزه .."..
..رفع مراد حاجبه ونظر لها متهكما وقبل ان يقوم بالرد عليها سمع صوت رنين هاتفه لينظر لشاشته ويقول بنبرة صوت عابثة ..
.."..شوفتي.. لسة اهو بنتكلم عنه..جيه يرد علينا ..بس للاسف الموبايل هيفصل شحن ..ارد عليه بسرعة وانبهه.."..
..اشاحت ايمان بوجهها ناحية زجاج نافذتها وكأنها غير مهتمة ولكن كانت جميع حواسها تترقب وبقوة تلك المكالمة..
..وضع مراد الهاتف بالحامل الخاص به بالتابلوه وضغط على وضع "المايك" وقال بحماس وبصوت عال ..
.."..كنا بنتكلم عليك حالا يابطل .."..
..حافظ ابراهيم على ثباته أمام ليزا واشار لها بالانتظار لكي يتكلم بالهاتف فقال بصوت جامد لمراد..
.."..من غير ولا كلمة تاخد الهانم اللي معاك وترجعوا البيت ..."..
..التفتت ايمان برأسها وارتسم الغضب بملامحها في حين تعجب مراد وردد متسائلا..
.."..نرجع البيت ..في ايه ياابراهيم مالك.."..
..لم يستطع ابراهيم كبح لجام غضبه فصاح بصوت عال وابتعد عن الباب ..
.."..هو ايه اللي مالي..الكلمة اللي قلتها تتنفذ ..والهانم مراتي اللي خرجت من غير اذني حسابي معاها بعدين.."..
..مالت ايمان بجذعها ناحية الهاتف وهي تصيح غاضبة..
.."..حساب...حساب ايه يابو حساب..انت مالكش حاجة عندي..انا اخدت اذن من الكبير بتاعنا واللي هو جدي وبس ..انت حايالله ابن عمي..زيك زي مراد..امين ياباشا.."..
..استغلت ليزا ابتعاد ابراهيم عن الباب ودخلت الغرفة واغلقت بابها ثم وقفت ونزعت عنها سترتها لكي تبقى بفستان قصير بحمالتين رفيعتين يكشف الكثير ..وقبل ان تقترب منه انتفضت بمكانها عندما هتف ابراهيم بصوت عال غاضب..
.."..انتي تخرسي خالص وتسمعي الكلام..انا حذرتك قبل كدة لكن ......."..
..توقف عن استرساله بكلماته الغاضبة عندما حاوطت ليزا كتفيه بذراعيها وهي تقول بصوت ناعم مسموع ..
.."..calm down..habibi.."..
..( اهدأ ..هبيبي..)..
اتسعت عيني ايمان وفغر فاهها باتساع اكبر وهي تحدق بشاشة الهاتف الذي انطفأ ضوء شاشته لنفاذ البطارية ..وبنفس هيئتها التفتت برأسها لتنظر لمراد الذي امتعضت ملامحه ولكنه ابتسم كالأبله وهو يقول ..
.."..دا...فصل شحن .."..
..صرخت به ايمان بكلمة ..
.."..سمعت.."..
..صرختها جعلته يميل بعجلة القيادة يمينا حتى كاد ان يصطدم بسيارة تسير بجانبه ..ولكن ايمان لم تعر انتباها لما يحصل فعاودت صياحها ..
.."..سمعت يامراد ..سمعت البت السايحة بتقوله ايه..بيكلمنا وهي قاعدة معاه ..بيخانقني وهي قاعدة معاه..بيزعق ويهدد وهي قاعدة معاه..وفي الاخر بتقوله ..كل تين ياحبيبي..بتقوله حبيبي ..سمعت يا مراد سمعت..بياكلوا تين مع بعض.."..
..حاول مراد ان يهدأ من روعها فقال بتلعثم ..
.."..ياايمان تين ايه اللي بياكلوه..هي بتقوله اهدى...عشان شافته متنرفز ..بس مش اكتر من كدة.."..
..صرخت به مجددا جعلته يغمض عينيه للحظة وهي تقول بصياحها العال..
.."..انت هتستهبلني..الاتنين قاعدين مع بعض..وبتقوله حبيبي ..ولا انت  انطرشت عند الكلمة دي ..بتقوله حبيبي اللي تنشك في معاميعها.. انا..انا لازم اطلق ..انا لما ارجع هاقول لجدي يطلقني منه ..بتاع السايحات المحترم.."..
..رفع مراد يده ولوح بها وهو يقول بصوت هادئ..
.."..إهدي ياايمان ..إهدي..اكيد الموضوع فيه سوء تفاهم ..انا عارف ابراهيم كويس ..انا دلوقتي هحط الموبايل في الشاحن ونتصل بيه عشان نفهم.."..
..انتفض مجددا على اثر صياحها العال ..
.."..اياك ..خلي موبايلك فاصل ..انا مش هكلم حد ولا اتفاهم مع حد انا بقولك اهو .."..
..ردد مراد ..
.."..ايمان..ماينفعش ..كدة ابراهيم هيتجنن علينا اكتر ..ولما ييجي انا وانتي هنقضي الليلة في ال morg ."..
..ضربت ظهرها بظهر كرسيها وقالت بصوت حزين غاضب..
.."..مايقدرش يعمل حاجة ..والبرج دا انا اللي هرمي نفسي منه لو جدي مطلقنيش منه ..الكداب الخاين بتاع الاجنبيات .."..
..هربت بوجهها للناحية الاخرى لكي لا يرى مراد دموعها الهاربة فوق وجنتيها ..ولكن مراد شعر بها وقال وهو ينظر لجانب وجهها..
.."..ايمان صدقيني ..ابراهيم مستحيل يعمل كدة ..ابراهيم بيحبك بجد ..انتي فاهمة الموضوع غلط ..تعالي نرجع البيت وهو هييجي ويفهمك اللي حصل بالظبط.."..
..مسحت دمعاتها وقالت بعناد واضح وبصوت هادئ وهي تنظر للطريق امامها..
.."..عايز ترجع ارجع انت ..انا هروح فرح صاحبتي وهابات في بيتي كمان ..لو مش عايز توديني ..وقف العربية على اي جمب وانا هنزل اخد تاكس.."..
تنهد مراد باستسلام وقال ..
.."..خلاص هوديكي ومش هرجع الا بيكي بردو ..ودا اخر كلام .."..
..وفي خلال كل ماحدث بسيارة مراد وفصل هاتفه..
..استدار ابراهيم بسرعة عندما شعر بذراعي ليزا تحاوطه و تطلب منه ان يهدأ ..ظل يردد بإسم مراد ثم نظر للهاتف ليعلم بأن الاتصال قد انقطع..
..نظر لليزا بحدة فأبتسمت واقتربت منه وقالت بلغتها وهي تلمس مقدمة قميصه باصابعها..
.."..لقد تعلمت كلمة عربية ..هبيبي ..ما رايك.."..
..امسك ابراهيم بيدها وابعدها عن صدره ثم تركها وقال بصوت حاد وهو ينظر لها نظرات نارية..
.."..ليزا..اخرجي من هنا..واعتقد اني سبق واوضحت لكي باني رجل متزوج..هيا اخرجي.."..
..ارتسم الضيق فوق ملامحها وقالت وهي تحاول ان تقترب منه ..
.."..ما بك ابراهيم لم تكن متحفظا تجاهي هكذا عندما كنت بأمريكا.."..
..قال ابراهيم بملامح وصوت جامد ..
.."..لم يحدث بيننا شيء بامريكا ..كنا نتحدث مثل أي شركاء حول العمل ..وانا الان اكثر تحفظا لاني كما قلت لك لقد اصبحت رجل متزوج ..ولن ارضى بأي شكل من الاشكال ان اجرح مشاعر زوجتي حتى ولو بغيابها ..فأرجو ان تتفضلي بالخروج قبل ان تتعقد الامور بيننا وتصل الى حد فسخ العقود بين شركتينا.."..
..زفرت بضيق وضربت الارض بقدميها وهي تمسك بسترتها وترتديها وقالت ..
.."..حسنا مستر ابراهيم ..ساخرج ..لم يخطر ببالي ابدا ان تكون فظا هكذا .."..
..ظل ابراهيم واقفا كالتمثال ينظر اليها نظرة ميتة حتى خرجت وصفعت الباب بقوة ..تنهد بغضب وعاود الاتصال بمراد ولكنه كاد ان يحطم هاتفه عندما سمع المجيب الالي بان الهاتف من الجائز ان يكون مغلقا او خارج نطاق الخدمة..اتجه للكومود وامسك بسماعة الهاتف الارضي وتحدث لموظف الاستقبال بالفندق وقال..
.."..احجزلي على اول طيارة نازلة القاهرة..عايز اكون في القاهرة خلال ساعة او اتنين بالكتير.."..
..اجابه الموظف .."..امرك يافندم .."..
..اغلق ابراهيم الهاتف وبدأ بتحضير حقيبته وهو يسب مراد الذي يحاول ان يتصل به دون جدوى ..
..كان مراد يرفع حاجبه عندما كانت تصف له ايمان المكان ..تجول بعينيه بين الاروقة الضيقة والمحلات المختلفة المصفوفة بجانب بعضها ..نظرت اليه ايمان بامتعاض وقالت ..
.."..هتفضل تتأمل كتير ..فاهم نفسك سايح انت كمان ..اركن هنا على جمب ..وانا هخلي عم اسماعيل صاحب الجراج يدخل بالعربية جوة .."..
..امتثل مراد لأمرها ليجد نفسه بالنهاية يسير بجانبها والبلاهة ترتسم فوق ملامح وجهه ويقول ..
.."..ال atmosphere هنا هايل جدا.."..
..التوت شفتي ايمان وهي تقول ساخرة ..
.."..ال ايه ياخويا ..امشي امشي هتفضحنا..بص يا مراد احنا داخلين على فرح معلمين يعني عايزاك تبان جامد كدة مش منحنح..امين يابني.."..
..هز مراد رأسه وهو يقول متسائلا ..
.."..امين مين .."..
..زفرت ايمان بضيق ورددت ..
.."..استغفر الله العظيم يارب ..خليك جمبي وخلاص يامراد .."..
..دخلت ايمان الحارة فارتسمت على وجهها ابتسامة باهتة عندما نظرت لأعلى فوجدت سطح الحارة بأكمله مغطى بالحبال الرفيعة المضيئة بالوان فضية لامعة واكتسى جانبي الحارة بالقماش العريض المزين بالخطوط الملونة بالوان زاهية..والكراسي ذات القماش الناعم وعلى نهايتها من الجانبين منضدة عريضة تحمل فوقها الكثير من الاطباق المغلفة والمملؤة باشهى اللحوم المشواة ..
..وكعادتها ايمان تلقت التحيات بصوت عال لم تستطع تفسيره بسبب صوت الموسيقي الشعبية العالية المنبعثة من المسرح الذي اقيم بنهاية الحارة ..تقدمت ناحية والد العروس الذي وقف واستقبل تهنئتها بابتسامة واسعة ..ثم سارت ناحية التجمع النسائي فجرت ناحيتها عزة بهرولة وهي تفتح ذراعيها لتحتصنها وتقول ..
.."..حبيبتي ..اخيرا جيتي .."..
..توقفت عزة عن الكلام عندما نظرت لعيني ايمان المغلفة بالدموع المحبوسة داخلها وبلونهما الذي اكتسى ببعض الاحمرار..
..اسرعت عزة بقولها وهي تتفحص وجه ايمان..
.."..مالك يا ايمان ..انتي كنتي بتعيطي .."..
..نظرت عزة لمراد الذي يقف بجانبهما وقالت بصوت حاد غاضب..
.."..الكابتن دا هو اللي مزعلك .."..
..اشار لها مراد بالنفي وقال ..
.."..ياانسة انا لا زعلتها ولا عملتلها حاجة .."..
..هزت ايمان راسها وقالت بصوت جامد..
.."..عزة وبعدين..انا لا كنت بعيط ولا حاجة ..انا عينيا انطرفت بس ..شوية وهتروق ..قوليلي خالي صلاح فين .."..
..مطت عزة شفتيها عن عدم اقتناع وقالت وهي تشير ناحية صلاح الجالس بعيدا وبجانبه الصبي بلاطة والشاب طيارة يتحدثان في امر ما..
.."..هناك اهو .."...
..ذهبت اليه ايمان فصافحها وقبل جبينها وقال وهو يتمعن بملامحها..
.."..ايمان ..مالك .."..
..رسمت ايمان ابتسامة فوق شفتيها بالقوة وقالت وهي تشير لمراد الذي كان ينظر لصلاح بتوجس نظرا لقوته الجسمانية وعضلاته الظاهرة بوضوح ..
.."..خالي.. دا مراد ابن عمي ..خليه قاعد معاكم النص ساعة دي ..لغاية ما اعمل الواجب مع العروسة ونروح على طول على الشقة لحسن حاسة اني تعبانة شوية.."..
..ضاقت عيني صلاح وسألها ..
.."..جوزك الجلف فين.. مجاش معاكي ليه.."..
..ردد مراد بامتعاض .."..جلف .."..
..تأففت ايمان وهي تقول ..
.."..مسافر ياخالي ..انا هروح اقعد مع الستات شوية لغاية مع العروسة ماتيجي.."..
..حاولت عزة ان تجعل الجو من حولهم مبهجا فصاحت وهي تصفق بكلتا بديها ..
.."..يالا ياايمو نستعد ..العروسة جاية في الطريق وعايزين اول ما تدخل الحارة انا وانتي بفستانك الحلو دا نرقص ونهيص قدامها.."..
..صاح بها صلاح بغضب ..
.."..هما مين دول اللي هيرقصوا ويهيصوا منك ليها .."..
..اجفلت عزة وقالت بصوت مرتعب ..
.."..متقلقش ياسي صلاح ..خلاص ايمان مش هترقص ..انا والبنات اللي....."..
..لوح صلاح لها بذراعه وصاح بها بصوت اكثر غضبا..
.."..مافيش حد منكم هيتحرك من مكانه ..انتو الاتنين هتقعدوا جمب الست تهاني واخركوا تصقفوا بس ..مفهوووم .."..
..تخضبت وجنتي عزة بالاحمرار وقالت وقلبها يتراقص بين اضلعها ..
.."..أمرك ياسي صلاح ..مش هتحرك من مكاني .."..
..تأبطت عزة بذراع ايمان وسارت بجانبها.. تكاد ان تقفز عاليا من فرحتها وهي تقول بجانب اذن ايمان ...
.."..سي صلاح بيغير عليا صح ..اوعي تنكري ..بيغير ورحمة ابويا بيغير عليا.."...
..التوت شفتي ايمان بابتسامة باهتة وقالت بصوت حزين..
.."..بيغير ياختي بيغير .."..
..ابتلع مراد ريقه بصعوبة عندما تركته ايمان بين الشاب طيارة وصلاح الذي كان ينظر له بترقب ..
..تنحنح مراد وقال ببلاهة وتلعثم واضح وهو يمد يده لمصافحة صلاح ..
.."..مراد ..ابن عم ايمان وابن عم ابراهيم كمان جوز ايمان ..رجل اعمال زي ابراهيم بردو .."..
..اصدر صلاح ضحكة خافتة وقال وهو يصافحه بقوة كاد ان يخلع كتف مراد من موضعه..
.."..أهلا..اتفضل .."..
..مسد مراد موضع كتفه وقال وهو يجلس بجانبه ..
.."..اهلا بيك ياكابتن.."..
..تهامست نسرين بين نساء وبنات الحارة الجالسة بوسطهم وقالت بامتعاض وهي تنظر بحقد لإيمان..
..".. من ساعة ماغيرت جلدها وهي كل شوية تختفي وتظهر معاها واحد شكل ..مرة خالي ..ومرة جوزي ..وياعالم المرادي جايبة معاها مين .."..
..انتفضت نسرين على اثر صوت الخالة تهاني الجالسة خلفها وهي تقول بصوت قوي ..
.."..عيب يانسرين يابنت الاصول اما تتكلمي على صاحبتك وبنت حتتك وتجيبي سيرتها بالغلط...ومش أي صاحبة ..لأ.. دي ايمان ..الاسطى ايمان ..اللي كل واحد في الحارة كبيرها قبل صغيرها عارف هي مين وبنت مين واخلاقها وتربيتها اللي زي حد السيف ..ولا انا غلطانة ياستات.."..
..تعالت الهمسات والهمهمات الغاضبة تجاه نسرين التي تلعثمت بكلماتها وهي تستدير بجذعها تواجه وجه الخالة تهاني الغاضب ..
.."..لا يا خالتي ..انا مقصدش والله ..انتي فهمتيني غلط ..ايمان دي صاحبتي و حبيبتي ..انا بس كنت بقول ياترى مين اللي معاها دا وفين جوزها ..كنت عايزة اطمن عليها ..بس كدة يا خالتي ..."..
..انضمت كل من ايمان وعزة لبقية نساء الحارة وجلستا بجانب الخالة تهاني التي ضمت ايمان بين ذراعيها وقبلتها بقوة وهي تقول بصوت مسموع ..
.."..ماشاء الله عليكي ياحبيبتي ..الله اكبر في عين اللي شافك ومصلاش على النبي ..."..
..التوت شفتي ايمان بابتسامة جانبية وهي تقول ..
.."..عليه الصلاة والسلام ياخالتي ..ايه مالك .."..
..ربتت تهاني فوق كتف ايمان وقالت..
.."..ولا حاجة ياحبيبتي ..اومال فين جوزك ..ومين اللي جيه معاكي دا.."..
..اعتدلت ايمان فوق كرسيها وقالت بهدوء..
.."..مسافر ...ودا يبقى مراد ابن عمي التاني ..شبط فيا زي العيال الصغيرة لما عرف اني هاحضر فرح هنا في الحارة.."..
..رددت تهاني بقوة ..
.."..اهلا وسهلا بيكي وبأهلك ياحبيبتي ..منورين ومشرفين الحارة .."..
..تعالت اصوات الفرقة التي استقبلت العروسان بأول الحارة واخذ الجميع يلتف حول العروسان يصفقون ويرددون وراء الفرقة كلمات الاغاني..كما قام بعض من الشباب بتأدية تلك الحركات الراقصة التي اشتهرت بها هذه المناطق الشعبية
..اختلست عزة نظرات جانبية لصلاح الذي كان ينتقل بعينيه بينها وبين الجمع الملتف حول العروسان ..وبعد برهة من الوقت وجلوس العروسان بالكوشة المزينة اطرافها بالورورد والاشرطة الحريرية الملونة ..كان مراد ينتقل بعينيه بين كل ارجاء المكان ويسب نفسه لانه لم يتمكن من تصوير كل ما رآه بهاتفه الذي نفذت بطاريته ..
..شعرت ايمان بالصداع يكاد يفتك برأسها فهمست لعزة ليقوما بمصافحة العروس وتقديم المباركة لتسرع بعدها بالتوجه لشقتها لكي تستريح ..وافقت عزة وقامت معها واتجها سويا ناحية الكوشة ..وبعد ان قامت ايمان وعزة بمصافحة العروس وتقبيلها والتصوير معها ..
..خرجا من الفتحة الضيقة ليسيروا بالممر الضيق بين السور القماشي وبين حوائط البيوت المتراصة بجانب بعضها وقبل نهاية سيرهما بالممر.. تفاجئت الفتاتان بمن يعترض طريقهما والذي كان عبارة عن شاب اسمه محمود ينظر لايمان من اسفلها لاعلاها بنظرات عابثة حاقدة..ويقول..
.."..وانا اللي كنت بقول لنفسي بقى واحدة ميكانيكي ترفضني انا ..انا اللي ابن اغنى واحد في الحارة ترفضني ..اتاريكي كنتي حاطة عينك على ابن عمك الغني ..واللي معرفش هو اللي رضي بواحدة زيك ازاي.."..
..صاحت به عزة ..
.."..احترم نفسك يامحمود ..ايه اللي بتقوله دا.."..
..رفعت ايمان يدها لكي تجعل عزة تصمت ثم قالت بهدوء دون ان تحيد عينيها عن عيني ذاك الحقود..
.."..ابعد عن طريقنا يا محمود وخلينا نعدي ..وبلاش تعمل حاجة تبوظ بيها ليلة اخوك العريس وتندم بعدها .."..
..اقترب منها وهو يشير اليها ويقول بصوت جامد ..
.."..انا اللي هندمك على انك رفضتيني .."..
..رفع يده عاليا قاصدا ان يصفعها فصرخت عزة بصوت عال ..وقبل ان تصل يده لوجه ايمان..كان هناك من يمنعها ويدفع به للوراء حتى كاد ان يقع لولا مساندة اصدقائه له ..
ازاح صلاح الفتاتان جانبا وهو يهدر بهما ان يسرعا للبيت ..وبخلال لحظات كان صلاح وطيارة وبضعة من رجال الحارة باشتباك مع اخو العريس واصدقائه ..صرخت ايمان بعزة التي تسحبها بقوة بعيدا عن المشاجرة..
.."..سيبيني ياعزة ..الواد دا محدش هيربيه غيري ..بقولك سيبيني.."..
..ظلت عزة متشبثة بذراع ايمان تحاول بكل قوتها ان تبتعد بها وهي تقول..
.."..والله ماهسيبك ..صلاح واللي معاه هيخلصوا الليلة ..امشي معايا ..فرهدتيني ..."..
..اسرع بلاطة يهرول ناحية ايمان وهو يقول بصوت عال ..
.."..الحقي ياسطى ايمان الحقي.."..
..صاحت عزة بأخيها الصغير ..
.."..في ايه يا محمد حصل ايه.."..
..صاح بها وهو يقول من بين انفاسه المتقطعة ..
.."..ابن عمك ياسطى واحد ضربه على دماغه فتحاله ومرمي ع الارض قاطع النفس .."..
..شهقت الفتاتان بصوت عال وهما يضربان فوق صدرهما بقوة وبنفس نبرة الصوت هتفا...
.."..يالهوووي.."........

عروستي ميكانيكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن