نقطه في بحر

179 15 0
                                    

#قصة_قصيرة
#نقطة_في_بحر
________
خرجت من غرفة الكشف وعيناها تملاءها الدموع، اخذت تنظر الي الناس الموجودين بعيادة الطبيب بعيون غائمة تائة عن الواقع،
فلقد حسم الامر وقال الطب كلمته واصبحت ايامها بالدنيا معدودة،
كانت تريد إن تبكي وبحرقه لكي تزيح جزء من همها الجاثم علي صدرها، فضاق نفسها وتحشرجت الكلمات في حلقها، لكن تبكي علي ماذا علي حبها الذي خسرت او حياتها التي لن تعيشها،ام علي امها المريضة التي لا يوجد احد يرعاها غيرها، وبسبب ذلك رفضت ان تسافر مع حبيبها الي الخارج ففسخت خطوبتها وظلت مع امها ترعاها وتخدمها، واليوم بعد ان اكد لها الطبيب ان ايامها معدودة، لمن ستترك امها وهي ليس لها احد في الدنيا سواها
هنا انفجرت في موجة هستريا من البكاء، ليس علي نفسها بل علي امها
المسكينة هي سترحل لكن امها ستظل تعاني فراقها ومرضها

انهارت علي اقرب مقعد ووضعت وجهه بين يدها واجهشت بالبكاء، حتي سمعها بعض من كانو يمروا عليها
فيهم من تعاطف معها وجعله فضوله يسالها ويستفسر عن سبب بكاءها وفيهم من اشفق عليها وعلي حالتها باعتباره مفهوم ان لديها احد مريض او هي نفسها مريضة لانها خرجت من عند طبيب وبكت هكذا

جلست بجوارها سيدة خمسينية وربتت علي ظهرها وقالت:
يابنتي ربك كبير لم يخلق عبد وينساه، اتركي حمولك علي الله

رفعت حسناء راسها اليها وابتسمت في وجهها بحزن:
ونعمة بالله، لم اعترض علي قضاءه لانه قدري ، لكن ببكي علي أمي
اللي هتصاب بصدمة بموتي وانا اللي ليها بالدنيا

ابتسم السيدة وضمتها فجاءه الي صدرها :
يابتني اللي خلقها مش هيسبها، عيشي ايامك برضي وفوضي امرك لله، وخلي ثقتك بالله كبيرة انه هيبعت ليها اللي يعوضها فراقك

تنهدت حسناء بقوة شاعرة بالراحة تتسلل الي قلبها الحزين،بعد كلمات هذه السيدة التي جعلتها تتذكر رحمة ربنا بعباده ، وانه لم يظلم امها بفراقها ويتركها تعاني وحدها الم يذكر الله في كتابة العزيز
( إن الله ليس بظلام للعبيد)

اخذت نفس عميق وكفكفت دموعها وشكرت السيدة التي انارت طريقها
وخففت عنها وطئ خبر مرضها القاتل

خرجت من العيادة وقد حسمت امرها بان تشتغل ليل نهار حتي توفر الي امها حياة كريمة في احد دور المسنين بعد وفاتها
كان هذا هو الحل الامثل الذي خطر في بالها، ووالذي سيجعلها تطمن علي امها، لهذا اخذت تستغفر علي ذنبها في عدم ثقتها بربها
وتذكرت الاية الكريمة لكي تهون علي نفسها وقوله تعالى :
( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) كان هذا تدبيرها للامور ، لا تعلم ان الله كان يدبر
لها شأن اخر، فيها انزلت رحمته عليها وعلي امها

عادت الي البيت وهي تغتصب ابتسامتها لكي ترسمها علي وجهه،،كي لا تشعر امها بالمها ، ما ان دخلت وهرعت الي امها تقبلها وتقبل يدها،
فجاة جذبتها امها الي صدرها بقوة وقالت:
صبرتي ونولتي يا بنتي، وعلي قد نيتك ربنا ادالك

نوفيلا(رد دين) للكاتبة,/سلمي سميرWhere stories live. Discover now