{التـوأم-همـسٌ وتـاروت.}

Start from the beginning
                                    

كيم هوسوك وكيم يونغي، كان الأول يجلس مفتوحَ الساقين براحةٍ كبيرة، يُسنِد ذراعه إلى الطاولة ويده تعبث بتمثالٍ خزفي وجده صدفةً هناك، فراح يتلمّسه بأصابعه الطويلة ويبدو منغمسًا في ذلك كطفلٍ اكتشف مصدرَ إلهاء جديد، لأن ذلك الوجه الطولاني يبدو غارقًا في سلامٍ بعيد، وشفاهه النحيلة ترسِمُ بسمةً مريبة تبُث القشعريرة في عنقِ إيميليا كلّما نظرت إليها، لأن عينيه البُنيتين المشغولتين بالتمثال ليستا مقوستين، ولا تحملان أي رغبة حقيقية في الابتسام، كما لو أن.. تلك البسمة خُيّطت أبديًا في وجهه.

أظن أن رائحته تُشبه الأعشاب..؟ نعم، كانت تفوح منه رائحة غريبة لم يسبق لها أن شمّت مثلها، ولكنها جعلتها تتخيل شجرة عتيقة رطبة أو عُشبًا غامضًا في رأسها. لقد كان الأقرب إليها من حيثُ تقف هي، وقميصه الحريري بلونِ النبيذ الذي يكتفي به يُغطي كتفيه وذراعيه دون أن تجد فيه دليلًا صغيرًا لأي انبعاج، بينما كانت ياقته الواسعة تكشف لها بوضوح عن رقبته الطويلة المائلة للاسمرار.

كان شعره القصير مُرتبًا بعناية إلى الأعلى، حيث بالكاد تنزلق منه خصلة صغيرة لتلمس جبهته كخيوطٍ من البن الملساء واللامعة. كان يبدو ككعكةِ قهوةٍ مُرّة حين كانت الأضواء المتراقصة للشموع المتناثرة في المكان تسطع عليه، ولكنها لم تجد إضافةً مميزة في ملبسه سوى ساعةٍ فاخرة بلون فاحم على معصمه، على العكسِ تمامًا من أخيه الذي يجلس بقربه..

نظرت إيميليا في يدِ الشقيق الآخر التي يضعها على الطاولة بصمت، فقد كانت أظافره مصطبغةً بلونٍ أسود، وعلى أصابعه التي ينقر فيها بهدوء على الطاولة تواجدت خواتم وحلقات غريبة الشكل، إنها متأكدة من أنها ترى واحدًا يلتفّ حول اصبعه مرتين كأفعى فضية، والآخر يبدو كنجمٍ أسود أو حشرةٍ ما..؟ كان هذا مُريبًا جدًا، ومختلفًا عن الخواتم التي تراها في أصابعِ وريثِ العائلة. إنها تلمع ببريقٍ بارد في ضوءِ الشموع ولهذا كانت تناسب وجهه تمامًا.

ذلك الوجه الشتائي ذو التعبير الصامت، لقد تأكدت من كونه شاحبًا جدًا عن قرب، كما لو أنه شبحٌ فعلي. يملك تلك الهالة الغريبة التي تُجبرها على الشك في ما إذا كان جسده وعقله هنا فعلًا أم لا. تلك العيون الضيقة كانت تحتضن ثقبين سوداوين، ورسمتهما تذكرانها بعيونِ قطٍ شرس وغامض. ذلك الشعر الفضي البارد كان مموجًا ومتناثرًا على جبهته حتى أخفاها، ونظراته الفارغة كانت تحدق في كل شيء ولا شيء في الوقت ذاته، كما لو أنه يدرس محيطه بصمتٍ في رأسه ويقيّمه.

رمشت إيميليا بخفةٍ علّها تستعيدُ صوتها، فقد تفاجأت تمامًا حين رأت هذين الاثنين يقفان أمام باب مشغلها في هذا الوقت المتأخر، فراحَ الشبحي يهمس لأخيه بأنه يريد أن يُريح قدميه لدقائق والآن.. إنها لا تعلم كيف انتهى الأمر بهما جالسين هنا معها. لم تكُن لتُصبح فظة وتتجاهل وقوف سيدين نبيلين من عائلة كيم، ولهذا قامت بدعوتهما على الفور للجلوس ولم يُنطق حرفٌ بعدها. إنها تشك بكونها مجرد صدفة، فلسببٍ ما كُلُّ ضيفٍ هنا كان له اسلوبٌ خاص لاستقبالها، وتخشى الآن من أن يكون هنالك هدفٌ ما خلف هذه "الصدفة".

صـــه || HUSHWhere stories live. Discover now