الفصل التاسع و الأخير: ابنة الشمس!

619 90 16
                                    

استغرق البحث عن السيدة الممسوسة وقتا طويلا، انتقل فيه جون مع فيكتور و القس من غرفة لأخرى، و من رواق لغيره، ثم عادوا إلى الصالون الكبير، إلى نقطة الصفر. سمعوا فجأة دندنة آتية من قمة السلالم، فهزوا رؤوسهم تباعا، لينذهلوا بمشهد نزول دوروثي على الدرجات دون أن تطأها قدماها، كطيف يحلق باسم قوة عجيبة!
شهقت صوفيا و السيدة ميركس من منظرها على التوالي، و ابتلع جون ريقه و هو يرى زوجته تدنو منه في الفستان الأزرق المذهب الذي أهداها إياه قبل الزواج. أصغى إليها تسأله بغنج:
-الأشياء المذهبة لا تُهدى إلا لمن تملك جمال الشمس، أليس كذلك يا حبيبي سلفاتور؟
لاحظ لأول مرة انتشار تجاعيد مفزعة حول عيني دوروثي، فحز في نفسه أن يتراجع الآن عما خطط له، و قرر مسايرتها ريثما يتولى القس زمام الأمور، جاهد لكبت دموعه، وضع يده على خدها مبتسما، و قال:
-طبعا يا شمسي... ستيفاني!
تأثرت لسماع ذلك، و اتضح له أنها خُدعت، و تراه الآن... سلفاتور كولين الرجل الذي عشقته بجنون، ستطيعه تحت راية هذا الهوس بلا شك! مضى يعانقها بحب، فأغمضت عينيها بين ذراعيه، دون أن تشعر بأنامله التي تخلت عن مداعبة عنقها و راحت تعقد قلادة صليب حولها. بدأت فجأة تهتز و ترتج بعنف، محاولة الخلاص من القلادة، إلا أن جون و فيكتور سارعا إلى تثبيتها بكرسي قريب، غير آبهين بصرخاتها المنددة:
-ستحترقان بغضبي!!
استعملا حبلا جاء به ميشيل لتقييدها، و ألقى القس فوقها خمارا أبيضا دونت عليه كلمات مقدسة، ثم طفق في تلاوة الصلاة الخاصة بطرد الأرواح و الشياطين، رافعا الصليب الكبير بيد، و الكتاب المقدس بالأخرى، ملقيا عليها و حولها قطرات من المياة المباركة!
تلوى جسد دوروثي يمينا و يسارا، و صار يرتفع و يرتجف كوحش مسجون يحاول الخلاص من قيوده بعنف! و رغم جهود جون و فيكتور و بقية الرجال في تثبيت الكرسي بالأرض، إلا أنه استمر في الاهتزاز بقوة، فيما انحشرت صوفيا و سائر النساء في زاوية بعيدة يراقبن ما يحدث بعيون جاحظة و قلوب واجلة.
استكان الجسد الممسوس و توقف الاهتزاز، فأمسك الأب ويلكينسون كلماته المقدسة، و نظر كل من جون و فيكتور إلى بعضهما بقلق و شك! و حين سحب الزوج الخمار عن رأسها، صعق من الصدمة، لم تكن تلك دوروثي! حدق جون بذلك الوجه مذهولا دون أن ينبس ببنت شفة، أما فيكتور فقد استطاع أن يغمغم و هو يتصبب عرقا:
-مارثا؟!!
-فيكتور أيها العزيز! ساعدني... إنهم يؤذونني!
أخذ جون يصرخ برفيقه بعدما سيطرت عليه الروح الماكرة، و خمنت نقطة ضعف مشتركة بينهما!
-فيكتور، لا تصغِ إليها! هذه ليست أمي، إنها خدعة لتضليلنا!
استعاد نيكولاس وعيه، و لاحظ ما يجري في الأسفل، فحثَّ قدميه على النزول و مد يد العون، لقد وثق به الأب ويلكينسون و دربه كثيرا لمثل هذه اللحظات، لن يخيب ظنه أبدا! هزَّ جون رفيقه ليستيقظ من شروده، و بعد جهد حثيث استعاده إلى جانبه، و معا بذلا قوة أكبر لإعادة الخمار على رأس دوروثي، و تثبيت الكرسي جيدا. بلغ نيكولاس المكان، فلفَّ يده بقلادة الصليب، و بسط كفه فوق رأسها، لتتدلَّى علامة التعامد على جبينها، و ارتفع صوته متزامنا مع القس، الذي دعا الجميع حتى يصطفوا خلفه دون خوف، و يرددوا معا بقية التلاوة بصوت واحد:
-باسم الرب... آمرك بترك جسدها... الآن و إلى الأبد!
شعر كل من بالقصر أن الروح بصرخاتها المعذبة تحترق و تنهزم، و تخرج فعلا من جسد دوروثي.

قصر الشمس|Sun Castle Where stories live. Discover now