الفصل التاسع : إمرأة العَزيز

11 3 0
                                    

وضع أمامها كُوب العصير السُكري، يطلب منها أن ترتشف منه ولو قليلاً، لكنها لا تقوى على امساكه ورفعه من رجفة يدها، لذلك رفعت أسماء الكوب بسرعة تساعدها على الارتشاف منه بعد أن غض علي بصره عنها يترك لها بعض المساحة الخاصة لرفع نقابها عن وجهها.

وضعت أسماء بمساعدته حاجباً بينهما، لكي يستطيع التحدث معها براحة أكبر من جهتها، ولكونها تشعر بالاختناق، فيترك لها المساحة التي تجعلها تتنفس بشكل أفضل.

«هل تشعرين ببعض التحسن؟» تساءل بأهتمام، وهي همهمت له بينما تقوم أسماء بالتربيت على كتفها داعمة لها «لا وقت لدينا ، يحاولون قتله، لم اعلم من أين أبدأ او حتى من امنع، ليس امامي سواك يا علي ، ارجوك ان تنقذ زوجي مما هو فيه»

«اطلب منكِ ان تهدئي إذا سمحتِ.. انا حقاً لا افهم اي شيء، من يحاول قتل الباشا ولما قد يحاول هذا، وما علاقة ذلك بحالة الباشا الحالية؟ والاهم من كل ذلك ، من أين علمتِ بكل هذا؟»

«الجميع! الكل يا علي! اجتمع الكل على قتله انساً وجناً ؟ برأيك هذا يسمح لي بالاسترخاء والهدوء؟!» صرخت بانهيار واضعةً كفيها على راسها بعجز عن التفكير، وسريعاً ما وجدت الرد من علي <هلا شرحتِ لي بتفصيل أكبر؟»

«صالح.. تلبسته الشياطين من عمل عامل، قابلته .. قابلت شيطانه.. اخبرني إن صالح قتل ابي وبعض التراهات لم افهم منها سوى ان الشركسيون سيحاولون قتله ، وان هذا اليوم قريب كـ..»

«هل قتل الباشا والدكِ الراحل؟!»  خرجت تلك الجُملة من فمه مستغربة أكثر من كونها تسائل، وقد بدأ عقله بربط اطراف الخيط معاً، وبالنسبة لنعيمة، فهي تبدو وكأنها مُغيبة عن الواقع ، وقد افاقت على صوته المصدوم، وأصبح عقلها يُقلب في جملته يميناً ويساراً، محاولةً لفهم ما يحدث حولها ، وكل ما استطاعت قولَهُ لحظتها « لا.. لا أعلم!»

وَقف علي من مكانه سريعاً يسحب من خلفه كتاباً كبيراً، حيثُ تلك الأرفف القديمة التي تحمل بين طياتها كُل ما هو حدث ويحدث وسيحدث في هذه الولاية العثمانية وبكل التفاصيل المُملة، لكنها ليست مثل تلك المكتبة التي تقبع داخل عقله، بأزقتها المتعددة التي تزخر بالكتب واللفائف الورقية، ذكرياته منذ صغره وحتى يومه هذا، ينبش في ذاكرته كما في واقعه عن ذكرياته بعد أن أصبح كاتب عدلٍ تحت إشراف القاضي السابق مراد، الكتاب الذي التقطه من أعلى الرف لم يكن سوى سجل حياة أكبر القُضاة وأعظمهم على مر تاريخ مصر العثماني، وهو والد نعيمة، وحمى الباشا صالح .

فتح هذا الكِتاب من نهايته، حيثُ هذه هي نهاية حياة القاضي الراحل، وبعد عدة تقلبات في الصفحات بين يديه، وتقلبات ذكرياته من الناحية الأخرى أيضًا، استطاع أن يختار احدى الصفحات، وهي التي تحكي عن القاضي مُنذ أن دخل الى حياته والتقى بالباشا صالح، زوج ابنته.

رخُّ البرديWhere stories live. Discover now