26- الفصل السادس والعشرون "العاشر من رمضان"

ابدأ من البداية
                                    

أومأ موافقًا له وهو يقول:
-"دا لو يونس مطربقهاش فوق دماغنا إحنا الاتنين"

وبعد إنتهاء البعض من الطعام، وقاموا كل من "نهال" و"عبير" بصب الشاي، أمسك "يونس" الكوب الخاص به مع معلقة الشاي وأخذ يطرق عليها بعلوٍ ليلفت نظرهم له، وما إن نجح في ذلك غمغم ببسمة طفيفة:
-"حابب اشاركم فرحتي، بأني هشتغل"

صفق الشباب كتشجيعٍ له أما هو فاستمر فالحديث:
-"بصراحة سيف عرض عليا إني أشتغل معاه، بس أنا مرديتش عليه على طول مش فزلكة والله، بس حبيت أخد وقتي وأحدد أنا عايز إيه، عايز أسافر برة ولا أقعد هنا ولا افتحلي مشروع بأسمي، ولا أرضى واشتغل مع سيف، أهو مننا وعلينا وساكن في مدينتي يعني مصلحة.."

قهقه الجميع على آخر ما تفوه به ليضحك هو أيضًا ثم أكمل:
-"المهم إني اختارت، وعرفت أنا عايز إيه كويس، بس قبل ما اقولكم أنا اختارت إيه، عايز أقول إن قيمة البني آدم مش بيعملها الشغل، ولا الشهايد والدراسات العليا، ولا الفلوس والعربيات واللبس البراند، القيمة بتتعمل بالقيمة، و يوم ما هتقدر تعمل لنفسك قيمة هتعرف أن قيمتك الحقيقة من كونك انسان.. انسان ربنا صوره فأحسن صورة وخلقه عشان يعمل اللي عليه والباقي دا عنده هو اللي بيدبره، طولت وبقيت بتفلسف زي كرم بس مش مشكلة"

ضحك الجميع وسط اندماجهم بما يقوله وخصوصًا "كرم" الذي كان يطالع ابن عمه بحبٍ، ليكمل:
-" فالنهاية اختارت أشتغل مع "كرم" فالورشة، قررت مسيبش مكاني معاه، لأني عرفت كويس إن أنا اللي هعملني مش المكان ولا المكانة، بجد أنا مش عارف بقول إيه، بس جاي أشكركم كلكم، من أكبركم لأصغركم، عشان اتحملتوني فكل وقت كنت بقلل فيه من نفسي، وفكل وقت مكنتش طايق فيه نفسي و كنتوا بتحتووني فيه، أنا بجد بحبكم من كل قلبي"

ضحكوا الجميع بحبٍ وامتنان على ما وصل إليه أخيرًا، وخصوصًا أبويه، والآن يستطيعوا أن يخلوا صراح احساسهم المستمر بالذنب، بعد أن تأكدوا أنه أصبح أكثر نجاحًا في ما اختاره هو، لا خوف يقصف الجناح بعد اليوم، ولا تبريراتٍ تمنع ما يريد أن يصل إليه، فالمرء أن وصل لِذاته، وصل إلى أعلى مراحل الراحة والثقة، فلا شيء يضاهي جمال تقييمك لما أنت عليه، وكونك تجازف لتحاول؛ فأنت بالتأكيد ستنجح يومًا ما!..

تقدم بعد إلقاء ما كان يريده ناحية أبناء أعمامه براحة تامة، ليأتيهم صوت "إسلام" المرح:
-"طب بما أن يونس ابتدا السهرة بأعترافات طازة، نلعب لعبة الاعترافات بقى"

-"إيه لعبة الاعترافات دي؟"

تساءلت "سلمىٰ" بجهلٍ، ليجيب عليها هو:
-" دي لعبة بتبدأ بأن الأكبر بين الموجودين يسأل شخص من اختياره سؤال كان نفسه يسألهوله، وبعدين بقى هيجي الأصغر من الأكبر يسأل سؤال لشخص من اختياره وهكذا بقى"

ضحكوا الأكابر عليه ليرد أبيه "يوسف":
-"مع نفسكم أنتوا إحنا هنلعب طاولة"

وبالحديث كان يقصد كل من إخوته "أحمد" و "خالد" وصديقه "حسين"، وبالفعل أحضر لهم "عصام" اللعبة من الداخل ليمرحون سويًا، وبعد عشر دقائق كان المشهد كالآتي..

مُعَانَاة كَالسُكَر ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن