الفصل السابع عشر

90 6 2
                                    

الفصل السابع عشر

وفي عتمة ليلي ظَهرتِ كضوء  ساطع تُمسكين بيدي تسيرين بي نحو ضياء عِشقك ،كي تَرسو روحي في ميناء قلبكِ .(ربى صقر)
*************
دخلت فاطمة غرفة الفتيات تبحث بعيناها عن نوارة التي كانت تجلس على سرير  الاء مسندة ظهرها على الحائط وتضم ساقيها باتجاه صدرها تحتضنهم بذراعيها وقد جفت دموعها وتورمت عيناها ووجها ، شاردة في عالم آخر لم تشعر بفاطمة التي جلست بجوارها  .
- نوارة  ..... نوارة
أدركت نوارة أن أحدهم ينادي عليها ، رفعت رأسها عندها قابلتها عيون فاطمة ،  و عادت دموعها للسقوط وبصوت حزين بح من أثر البكاء
- بدر بخير  أليس كذلك؟
- اقتربي من يا ابنتي أريد ان اتكلم معك .
اقتربت منها نوارة ، احتضنتها فاطمة وهنا تصاعد صوت بكائهما معا
- بدر بخير لاتخافي  يا حبيبتي ، وسيكون بخير ، أشعر بذاك من داخل قلبي ، فقط هو يحتاج دعائنا  وصلاتنا له، نوارة  هل أنت وبدر.......
تضرج وجه نوارة بالخجل رغم بكائها، فعاودت فاطمة احتضنها وهي تقبل وجنتها 
- ، ولكن يجب أن تعرفي أن بدر سيعاني طوال عمره من وضعه الصحي ، فهل سيكون لديك القدرة للعيش معه في ظل مخاطر مرضه ؟
هزت برأسها وهي تمسح دموعها عن عيناها
- نعم أنا على استعداد ، بل على استعاد أن افتديه بعمري
- بمجرد خروجه  بسلامة سأخطبك له، والآن لاتبكي فقط أريد ان اسمع دعائك وأرى صلاتك له .
********
طرقات على باب منزل شهاب استقام عزيز بجسده  عن مقعده متوجها نحو الباب وتبعه ابنه ضياء
كان مندوب توصيل الطلبات  يحمل الطعام الجاهز  الذي  أوصى عليه عزيز للجمع الموجود وثوان بدأت الفتيات بتحضير طاولة الطعام ووضع الطعام عليها رغم أن معظهم قد سدت شهيته بسب مايحصل لكن الخالة فاطمة وكريمة  كن يشجعن الجميع على تناول الطعام فمنذ الصباح لم تذق الفتيات طعم الزاد، رفضت تالا تناول أي شيء وابتعدت عن الجمع متجهة للشرفة تريد الجلوس لوحدها قليلا ، رأها جواد تبتعد  فقلق عليها
اقترب من الخالة فاطمة ثم أنحنى نحو أذنها  ، فعلت البسمة وجهها وربتت على كتفه بدورة مع دعائها له ،  عندها التقط صحنا ووضع به بعض الأطعمة ثم توجه نحو الشرفة بينما كريمة تسائل أختها بصمت عن طريق العينيين فهزت فاطمة رأسها ، وابتسمت كريمة  .
******************
على مائدة الطعام شاهين يشاكس آلآء بطلباته الكثيرة وكلما ناولته شيئا تعمد لمس كف يدها  أو غمزها بعيناه، تجلس كاتي بالقرب من كمال بعد أن غادر والديها ، تضع له بعض الطعام في صحنه
- كاتي بمجرد أن نطمئن على وضع بدر سأتواصل مع جرجس السمسار كي يبحث لنا على شقة للأيجار سريعا تكون قريبة من سكن أهلنا ،طالعته كاتي مستغربة
- لم نبحث عن شقة ومنزل والدك موجود وكبير، فقط نشتري غرفة نوم جديدة
علت البسمة وجهه  ثم أردف
-ألاتريدين  شقة لوحدك حال جميع العرائس
- كمال هل نترك والدك لوحده  وأنت ابنه الوحيد ،ثم أن المنزل من طابقين اي يتسع لنا جميعا ،
رفع يدها نحو فمه يقبلها وعلت وجهة إمارات السعادة  والفخر بها  وقد  نسي الجمع من حولهم ، عندما نهرته الخالة كريمة
- كمال تحشم ياولد وتأدب ودع يدها
ضجت الطاولة بالضحكات من حولهم ، بينما
طارق يتناول القليل من الطعام في طبقه وهو يتابع سمراء بعيونه  ، الوحيد الذي  لا يستطيع التعبير عن حبه بناء على طلب الخالة كريمة
لاحظت كريمة شرودة وهو يأكل .
- سمراء ضعي الطعام في صحن طارق وأعتني بأطعامه فخطيبك صحنه يبدو شبه فارغ 
دوت كلمة خطيبك في أذنه كنغمة حالمة ، نظر للخالة كريمة شاكر لها ، بينما ضجت من حولهما المباركات وتخضب وجه سمراء بحمره خفيفة
على أحد مقاعد الخيرزان تجلس تمسح دمعتها ، التي تساقطت على أخاها ، رغم يقينها أن كل الأمور خير ، لكنها كانت تلوم نفسها ، صحيح بأنها ليست طبيبة ، لكنها اكتسبت خبرة بسبب كثرة المرضى  ،والأقسام التي تنقلت بينهما في المستشفى ، ربما لأنها تحب أخاها استثنت أن يكون مريضا بشيء خطر ، فالحب يعمي العيون عن أشياء كثيرة .
صوت نحنة من خلفها جعلها تعتدل في جلستها عندما رأت جواد يقترب منها وجلس على المقعد أمامها ، ابتسم لها ووضع الطبق الذي يحمله
- لايوجد مكان لي بداخل لذا أحببت أن آكل في الهواء الطلق ، لم أكن أعرف أنك تجلسين على الشرفة ، يبدو أني أزعجتك .
- كلا لم تزعجني كنت سأدخل نحو غرفتي ،  تناول طعامك  على راحتك
- هل  ستذهبين لأنني أتيت ؟، سأدخل كي أدعك على  أنا على راحتك
تحرجت من كلامه وشعرت بأن ملامحه علاها العبوس، وبأنها قد أحرجته
- سأبقى قليلا تستطيع تناول طعامك هنا على الشرفة أنت لم تضايقني  وأنا مرتاحة هكذا.
- أذا ستنتاولين بعض الطعام معي وألاشعرت بالاحراج وبأنني ضايقتك .
تخضب وجهها  وهو يناولها أحد الشطائر من طبقه ، وقد ارتاحت قسمات وجهه بعد أن تجاوبت معه وتناولت  كل ماكان يعطيه لها
*****************
بعد انتهاء العشاء غادر كل من كمال وطارق وجواد وشاهين باتجاه منازلهم ، بينما أصرت كريمة على عزيز للبقاء عندهم والبقاء في شقة سمراء بينما سمراء والفتيات سيبقون عندها
،لكن شيماء أخبرتها أنها ستنزل هي وعزيز  نحو شقة والديّها
كانت شيماء بداخلها يعلو الصخب كبير  فغرفة والدايها _ رحمها الله _مغلقة وقد تم و وضع كل ما لايلزمهم بها  فأصبحت كالمستودع
فقررت أن تضع  عزيز و ضياء في غرفة حسام ، وسناء  معاها  في غرفتها السابقة .
منتصف الليل تقلبت كثيرا وصداع رأسها يزداد قررت الخروج من غرفتها، كي تبحث عن  مسكن الألم في أحد أدارج المطبخ ، كانت ترتدي منامة قطنية  تعلو ركبتها بقليل ، قبتها مربعة بأكمام قصيرة بلون الأسود ،  وقد تركت شعرها   الغجري بلفائفه الكثير منسابا يصل إلى أسفل جذعها .
دخلت المطبخ وتناولت كأس من الماء دون أن تنتبه أن عزيز يجلس على أحد الأرائك ، تبعها كالمسحور ، جذبته خصلات شعرها التي دوما ما تعقدها فوق رأسها فلم يعرف هيئة شعرها أبدا، اما ساقيها الطويلتان الممتلئتان بأغراء ، كلها جميلة بهية بهيئة  حزينة ،اقترب من الباب المطبخ رأها تتناول كأس به بعض الماء ، شعرت بأن أحد يراقبها ، التفت معتقدة أنه أحد الأولاد، دارت بجسدها نحو باب المطبخ فوجدت عزيز يقف مستندا  بجانبه مكتفا يداه فوق صدره عندها تفاجأت وارتج الكأس بيدها ، عادت بخطواتها للخلف ، وسيطرت على أعصابها  مدركة  بأنها لأول  مرة  بأنها تكون مكشوفة هكذا أمامه  فوضعت الكأس من يدها واحتضنت نفسها ثم تنحنت وهي تراه ينظر إليها بتدقيق من أسفل أقدامها حتى منبت شعرها  بنظرات  تراها أول مرة من عينيه ، لم تستطع تفسيرها
- عزيز هل أزعجتك ؟ ام أنك لم تستطع النوم
ترك مكانه بعد صمت  قصير  متوجها إليها ،وقف أمامها مباشرة ، لايفصل بينهما الكثير .
- لم أستطع النوم في غير مكاني  ، انها عادتي منذ زمن ، حتى  أسفاري دوما ما أصابني القلق
كان يحدثها بصوت أشبه بالهمس ، ثم أردف
- وأنت لم مازالت مستيقظة ؟!!!!
أخفضت عيناها قليلا عن عيناه وتوردت وجنتاها ،
- صداع قض منامي وأرقني ، فأتيت للمطبخ بحثا عن مسكن ألم
وضع أصابعه أسفل ذقنها ورفع رأسها إليه
- هل مازالت حزينة على بدر ؟!!!!
أجابته بنبرة  خافتة  وقد زاد أحمرار وجهها
- نعم حزينة عليه ، وعلى حسام لقد افقتدتهما معا
- شيماء هل..... هل كنت تكنين  لبدر أية مشاعر قبل زواجنا الذي جاء إجباريا لك؟
تقافز قلبها بين جنبات صدرها بسعادة لم تعرف سببا لها هل يغار عليها؟
- أنا لم إجبر على الزواج   لقد طلب مني أن اتزوجتك ولقد  وافقت ، واخترتك انت وأولادك ، اخترت مايناسبني وما أملاه علي ضميري  ، بدر أعده أخي مثله مثل شهاب ، تربينا معا وعشنا معا
راحة كبيرة استشعرها في قلبه فقد كان يظن بسبب بكائها أن هناك ماتكنه بداخلها نحو بدر ، ورغم  ان شعر انها مجبرة عليه وعلى أولاده وانها أختارتهم إرضاء لضيمرها لكنه  ابتسم بوجهها
- شيماء أصنعي لي فنجان قهوة وأعدك أن أزيل صداع رأسك.
- جلس على أحد الأرائك بانتظارها، بينما وقفت  تعد القهوة  تحدث نفسها بالذهاب وارتداء شيء غير منامتها هذه ، ولكن بعد تفكيرٍ بسيط رأت انه من الخطأ أن تغير من ملابسها فقد رأها على كل الأحوال ، كما انه  زوجها ، ولن يغير  ارتدائها ثياباً أخرى من الموضوع، جهزت له فنجان القهوة وناولته أياه ومن ثم جلست على الأريكة المقابلة له وبدئت بشد منامتها لأسفل قليلا
- إذا أردت أن أزيل لك الصداع تعالي وإجلسي بجانبي
ترددت قليلا خجلا وحياءا فالأريكة الثنائية التي يجلس عليها ضيقة  ، استقامت من مكانها وتوجهت اليه وجلست بجانبه ملتصقة بيد الأريكة كي تترك بينهما مسافة قليلة ، كان يراقب خجلها بطرف عينيه، محتسيا فنجان القهوة و على وجهه بسمة رائقة ، يعجبه خجلها وحيائها .
بعد أن أنهى فنجان قهوته استقام واقفا والتف حول الأريكة ووقف خلفها
- سأدلك رأسك عندها سيذهب الصداع ، هكذا كنت أمي تزيل من رأسي الصداع
شعرت بأصابعه  تسلل نحو خصلاتها تتلاعب بها ، كان يتحسس شعرها الغجري بخصلاته الملتفة عندما وصلت أصابعه لرأسها شهقت لكنها سرعان ما استرخت  ، اهدتها أصابعة راحة لم تشعر لها بمثيل وأرسلت لجسدها أشارات لم تستوعبها ، فرح ،خوف،  ترقب سعادة  وبدأ صداعها يزول ويحل محله الترقب والكثير من الخجل اعتراها، عندما انتهى التف يقف أمامها فوقفت بدورها وهي تخفض رأسها للأسفل.
- هل زال ألمك شيماء؟
هزت رأسها فقط دون أن تتفوه بكلمة واحدة ، ثم استجعمت صوتها التي شعرت به لايريد الخروج من جوفها
- شكرا لك عزيز ، لقد زال الألم
عندها قطع المسافة القليلة التي بينهما ،وقبل أعلى جبتها   قبلة طويلة ثم التف مغادرا الغرفة
- تصبحين على خير شيماء
وقفت تطالع ظهره ، هل قبلها؟، نعم قبل أعلى جبهتها  شعرت بوجهها يشتعل وقلبها يتضخم ، تركت مكانها واتجهت نحو غرفتها ، وقفت امام المرآة بغرفتها المعتمة وضوء الممر ينعكس عليها وتحسست أعلى رأسها   بفرح وقلبها تتراقص دقاته
****************
وصل  إلى مطعمة العربي المفضل ،وطلب شطيرة وكأس من الشاي ، بعد قليل حضر النادل يحمل طلبه وإلى جانبة قطعة من المثلجات بالفستق الحلبي ، نظر نحو النادل باستغراب ، عندها أشار له النادل نحو يم التي تجلس في أحد الزوايا البعيدة
- انه من الانسة التي تجلس هناك ؟
اشار برأسه شاكرا لها ، وعندما غادره النادل ، ترك مكانه وتوجه اليها
- شكرا لك يم على طبق المثلجات ، لكن ما المناسبة؟
سحبت ورقة من مفكرتها وكتبت بخط برقيق
- هذا شكري لك لدفاعك عني ذاك اليوم .
- لقد وصلني الشكر بمأدبة الطعام العامرة من  عائلتك
عاودت الكتابة وابتسامة رقيقة  علت ثغرها
- أعرف لكن هذا شكري الخاص لك .
- هل أستطيع الجلوس معك يم ؟
هزت رأسها بموافقة
- ثوان فقط أحضر بها طعامي  ونجلس معا
******************
دخلت كالأعصار الثائر ، فمنذ اقترابه منها لم تره ، نقل مكان أقامته ، لأحد الفنادق بحجة انه لايريد أن يرى عروسته قبل  زفافهما الأسبوع المقبل،  فلقد تفاجأت عندما نزلت  من غرفتها بجدها يخبرها أن مهران غادر المنزل متوجها لأحد الفنادق حتى يترك لهما مساحة كي تجهز نفسها قبل زفافهما وحتى يشتاقا كل منهم للآخر، حتى انه اتفق مع جدها على عدم ذهابها للعمل كي ترتاح،  كلما حاولت الاتصال به كان لايجيب على اتصالها ، حتى قررت ان تراه اليوم بعد أن وصلتها الترتيبات التي اتخذها دون مشوراتها، لزفافهما جن جنونها وهي ترى دعوات الزفاف  تحملها لها والدتها .
وقفت في منتصف غرفته وعلامات الغضب تعلو وجهها  وصدرها يعلو وينخفض  بقوة
استوعبت انها قطعت عليه اجتماعا مع بعض موظيفة ، ترك مكانه واتجه نحوها رغم مايتعمل بداخله من نيران ، ابتسم بوجهها ابتسامة شاحبة واحتضن خصرها أمام الجمع وقبل وجنتيها ، ثم نظر نحو عيناها
- حبيبتي انتظري قليلا سأنهي  الاجتماع واتفرغ لك
يضغط بيده على خصرها بقوة فيؤلمها رغم البسمة التي تعلو وجهه
ابتعدت وقد اضطربت نبضات قلبها رغم قبلاته على خدها لكن عيونه عندما التقت بعينيه لمحة من شر ستطعت فيهما كنظرات ذئب نحو فريسته وجيب قلبها علا محذرا لها ، ثم سمعت صوته
- آسف على قطع الاجتماع فعروستي الجميلة لاترغب بأن ابتعد عنها ، تستطيعون المغادرة  وأراكم في يوم آخر وقبل مغادرتكم جميعكم مدعون لحفل الزفاف يوم الجمعة القادم.
هنأه الجميع ثم انصرفوا باتجاه مكاتبهم ، ومع خروج أخر الموظفين رأته نيفين وهو يغلق باب المكتب خلفه بالمفتاح ويسحبه من مكانه ثم يضعه في جيب  سترته، ثم اتجه نحوها بخطوات بطئية مستفزة لضربات  قلبها ، توقفت خطواته أمامها وقد سحبها من مقعدها قابضا على ذراعها بأحدى يديه وبيديه الأخرى يقبض على خصرها يلصقها بصدره وبصوت منخفض لكنه يحمل غضبا كبيرا
- إياك ان تقاطعي أحد اجتماعاتي مرة أخرى  ياحلوتي، هل فهمت؟
عيناه تقدحان شرا ونيرانا ، لأول مرة تشعره يحمل شرا كبيرا
ارتعبت من داخلها عاود سؤالها بصوت أعلى
- هل فهمت أم أفهمك بطريقتي ؟
هزت رأسها بايماءة بسيطة بأنها فهمت ، خفف من قبضته على ذراعها وخصرها وضحك ضحكة شريرة ذكرتها بأحد  الممثلين الذي كان يتقن دور الشرير دوما ، عاود تقريبها منه هذه المرة وهو يميل نحو عنقها  يلثمه بقوة ترتفع قبلاته من عنقها حتى  ذقنها ثم نظر بعينها عندما شعر باستجابها لقبلاته واكتسح شفتيها بقبلات عدة وهو يغمم نحوشفتيّها
- اشتقت لك يازوجتي الجميلة بينما أصابع يداه تعبثان بأزرار قميصها
- ******************
تم استدعاء حسام حيث غرفة الطبيب ، فهناك زيارة له
عدل من ملابسه وطالع وجهه المرهق  في المرآة، فالليلة الماضية كانت تنتابه الكوابيس والأرق  ، توجه  مع الممرض باتجاه غرفة الطبيب ،
- عندما دخل غرفة  الطبيب كانت سمراء تجلس بجانب مريم  بينما يقف طارق متحدثا مع الطبيب، منذ اللحظة التي رأى بها مريم عرف ان هناك خطب ما وخاصة ان شهاب ليس معها ،  وقد انخرطت بالبكاء في لحظة التي رأته بها فاحتضنتها سمراء ، اقترب طارق  منه يصافحه
- أين شهاب ياطارق؟
- لاتخف ان بدر مريض لذا بقي معه شهاب   وقد طلب من أن أوصل مريم لك .
- هناك ماتخفونه عني ماالذي يحدث  سمراء ؟ ولما مريم تبكي ؟اقترب من حبيبته  وانخفض بجسده جالسا على أحد ركبيته يسحب يدها باتجاها يخرجها من بين أحضان سمراء فرمت نفسها ، باكية على كتفه بينما انسحبت سمراء وطارق وخلفهما الطبيب من الغرفة مغلقا الباب خلفه.
- شدد حسام من احتضانه لها وهو يربت على ظهرها ربتات حانية محاولا تهدئتها كي يعرف ما بها
هدأت قليلا ، واخبرته بكل ماحصل ومحاولة اختطافها ، شدد من احتضانه لها وقلبه يعتصر ألما على كل مايحصل حوله وقد أسقط بيده ، فهاهو بين جدران المصحة ، يجلس خانعا ضعيفا ، صديق طفولته بالمشفى  ، وحبيبته تبكي ضعفها له ، ابعدها عنه قليلا ثم جلس بمكان سمراء ورفع مريم عن مقعدها يجلسها في حضنه فقط يحتضنها حتى تهدأ ويخبت خوفها ،وكي يطمئن قلبه انها بخير
*********************
عندما يصبح الفَقدُ حقيقةً نُدرك كْم كُنا حمقى ، لأنّنا تنازلنا عن أحلامنا  وتنازلنا  عن أهم مايجعلنا أحياء قلب أًحبنا
( ربى صقر)
******************
تجلس سمراء على أحد الارائك بانتظار خروج مريم من غرفة الطبيب عندما شعرت ،  بطارق يجلس مقابلها بعد أن سحب كرسي وجلس عليه وألصق ركبتاه  بركبتيها  ، خجلت و بصوت خافت محرج
- طارق ابتعد قليلا عني ،  حولنا الكثير من الناس
- ولو حولنا آلاف الناس لن ابتعد ، فأنت خطيبتي  رسميا بناءاً على ماقالته  والدتك
بنظرة خجلى تنظر في وجهه تطالع محياة البهي بينما قلبها يعزف ألحان الفرح في داخل جنبات قفصها الصدري وبصوت متوسل
- أرجوك طارق ابتعد قليلا فقط ، فأنا محرجة وأشعر بأن الكل من حولنا ينظر إلينا
ندت عنه ضحكة زادات جمال  وجه جمالاً، راقبت ضحكته وهي تضع يدها فوق قلبها تحاول السيطرة على صخبه ، انها أجمل ضحكة رأتها في حياتها لرجل ، ضحكة تنعش الروح والقلب،
- أين هم الناس من حولنا ياسمرائي ، لايوجد سوانا ، ولو اقتربت أكثر هل ستفرين هاربة مني ؟
مسحورة بصوته، بضحكته ، بعينييه الزرقاء ، وبتشتت نطقت بأول ماخطر على لسانه
- أُحبكَ
-أنا ايضا
قالها بشكل تلقائي ، ثوان ضرب كليهما الأدارك ، أحرجت وأخفضت رأسها تبعد عيناها عنه ، أمسك بيدها و  أسند جبهته على رأسها التي أخفضتها وبصوت متخم بكثير من المشاعر
- أعيدها يا حبيبتي هذة أول مرة تعترفين بها صراحة
- طارق.........
لم تكلم كلامها فقد سمعا خطوات تقترب منها ،
عاد طارق بالفتيات نحومنزل الخالة كريمة ،  ثم توجه للمستشفى مصطحبا معه كل من فاطمة ،كريمة ومعهما تالا
***************
وصلت كاترين التي أخذت إجازة من عملها اليوم برفقة كمال ثم تلاهم وصول طارق ، ومن ثم جواد الذي تأخر هو وعزيز عنهما قليلا كان شهاب ويوسف يقفان في الممر المؤدي لغرفة العمليات ينتظران نقل بدر من غرفته بعد تحضيره .، اقتربت منه والداته ، وخالته منهما
وماهي الاثوان ، حتى رأوا السرير المتحرك الذي يرقد عليه بدر دون قوته جسد هامد، وجهه شاحب بلون أصفر، انحنت فاطمة تقبل رأس ابنها وهي تدعو له ان يشفيه الله ويعافيه بينما، تالا تمسك يد أخاه ترجوه ان يستيقظ أن يعود إليها ، انحنت كريمة وقلبت جبته ثم ابتعدت وعيناها قدامتلئتا بالدموع وجلست على أحد الكراسي التي وزعت للأنتظار   تسحب مصحفا صغيرا من حقيبتها وبدئت بالقراءة له على نية الشفاء.
تكلم احد الممرضين  المرافقين لبدر يدعوهم
- أرجوكم ابتعدوا عنه ،نريد  تحضيره ,قاموا بابعادهم ، عن السرير وما أن أغلق باب غرفة العمليات ،
حتى أدارت تالا ظهرها للجمع الواقف وقد ترقرت عيناها بالدموع ، فدخول بدر عرفة العمليات ، نبش في ذاكرتها التي أغلقتها بذكرى وفاة أيمن أخاها ، كان يوما مأساويا  لم تنساه
انفجرت تلا بالبكاء ولكن كاترين صحبتها ، بعيدا عن الجمع كي تهدء
******************
تمسك نوارة بهاتفها تحسب عليه الدقائق ، ان الزمن كلما ارتقبناه ، كلما مر بطئيا مهلكا للروح  موجعا للقلب .
الانتظار يرهقها - سامح الله - الخالة كريمة التي منعتها من ذهاب معهم .
طرقات على باب منزل شهاب استرعت انتباه الفتيات، فاقتربت رحاب من الباب تفتحته   ، فوجدت بالباب عمها وزوجته الخالة مهيرة يقفان بالباب  ألقت نفسها بأحضان زوجة عمها الطيبة فرحة بمرآها  وثم سلمت على عمها .
- تفضل عماه ، تفضلوا أهلا وسهلا .
ربت عمها على ظهرها  محتضنا لها  بحنان .
- أهلا بك يا حبيبة عمك ، اشتقت لك  ، لكن ادخلي خالتك عندكم وانتبهي لها وأنا سأذهب للمستشفى فقد بلغني ماحدث مع بدر، كما ان خالتك اشتاقت نوارة وتريد رؤيتها لذا احضرتها معي ، سأراك فيما بعد .
*********************
أدخلت رحاب زوجة عمها  للشقة و بدأت تنادي الفتيات وخاصة ابنة عمها
عرفت  رحاب الخالة مهيرة على الفتيات ، وكانت آخر الواصلات نوارة التي أتت تجر نفسها جراً، لكنها عندما رأت والدتها انطلقت كما الرصاصة وقذفت نفسها نحو أحضان أمها وهي تبكي بصوت عال .
ارتعب قلب مهيرة على ابنتها الباكية ، ولم تدري كيف تهدء نحيبها لكنها شددت من احتضان ابنتها نحو صدرها وهي تطبب عليها ونظرت نحو الفتيات فرأتهن جميها يبكين ، لكن  أكثرهن تأثرا كانت ابنتها، عند أحست بأن هناك شيء انتاب ابنتها ...........
*****************************
بعد أن هدأت  قليلا ، جلست تقرأ في المصحف الذي أهداه لها جواد عندما شعرت به يقف أمامها ، عندها انسلت كاترين بعيدا عنهما  ،
- سيكون بخير ها قد مضت ساعتان منذ بدء العملية سيكون بخير  ، ضعي ثقتك بالله .
شعور مطمئن  انتابها بحضرته تواجده حولها يبثها أماناً ، يبثها  شعورا غريبا ، كأنه يضمها يحضتنها مطببا خوفها وجراحها كأنه يجمعهم بيديه ويستبدلهم بالثقة والأمان ،
ترقرت دمعاتها في داخل جفونها واجابته بصوت متحشرج
- سيكون بخير بإذن الله تعالى
ابتسم في وجهها ثم أردف
- بإذن الله تعالي كل شيء سيكون بخير  صمت قليلا وهو يتأمل وجهها
- بعد قليل سيرفع آذان الظهر ، وهناك مسجد قريب من المستشفى ، ما رأيك ان اصطحبك إليه كي نصلي وندعوه له في بيت الله
أومأت له بالموافقة ، فيما هو يسترجع ماقاله لها مستغرباً من خروج الكلمات من فمه دون  سيطرة له عليها ، لو كان أحد أخبره قبل عدة شهور ان حاله سينصلح بسبب أمرأة دخلت شركتهم ولم تبالي به، لم يخطر هو في بالها لو لثانية واحد  لما صدق ، لقد كانت حياته فاسدة ، وقد هداه الله ،وكم هو شعور مذهل أن ترى نفسك وحالها ينصلح بداخله أخذ يدعو لها  ولنفسه بالهداية والرحمة والمغفرة، وان يجمعهما الله بها وتصبح حلاله و تصلي خلفه في غرفتهما الخاصة
******************
كمال أرجو عد لعملك ومساءاً أراك في منزل ماما كريمة
، امسك كمال بيدها  يضعط عليها برقة ،
- لقد أخذت الأذن من أبي وعمي سأبقى معك، اعتبريه يوم أجازة أقضيه معك  كان يقودها  متحدثا معها  دون أن تشعر نحو أحد الممرات ،تنبهت أنهما يسيران بعيدا عن مكان العملية ومكان انتظار الجميع
- كمال ،لقد ابتعدنا ، يبدو  انك تهت في  الممر
ابتسم بوجهها ، ولمعت عيناه بنظرة لم تفهمها
- بل من هنا تعالي هناك طريق مختصرة سأريك أياها.
دفعها نحو أحد الأبواب ، ودخل أحد غرف المرضى التي كانت فارغة ،طالعت المكان من حولها مستغربة ثم التفت نحو كمال كي تسأله ،  فكادت تصطدم به فلقد كان ملتصقا بها أحتضنها من خصرها وقربها منه
- كمال ماالذي تــــــ......
انتهى سؤالها بين شفتي كمال الذي تناول شفيتها بقبلة  اثملتهما معا
عندما ابتعد عنها ، منذ وافقت على زواجنا وأنا أريد أن أقبلك حبيبتي ، وعاد يقبل وجهها بقبلات كرفرفة الفراشات على كامل وجهها
شعور طغى بقلبها سعيدا فرحا  بقبلاته، وخطر في بالها للحظات عيسى وقبلاته  لها لكنها نزعت تلك الافكار من عقلها فكمال لايقارن بأي رجل آخر
*****************
يقف عزيز مع شهاب يسأله عن بعض التفاصيل في العلمية وقد بدى عليهما هذة المرة بعض الارتياح في تعامل مع بعضهما البعض
-عزيز لابد أن عملك تعطل اليوم ، أعتذر منك وشكرا لكل مافعلته
- أنتم عائلتي الآن شهاب وهذا الكلام غير وارد بيننا ، كما أنني سأغادر بعد قليل فلدي مواعيد عمل قد أجلتها منذ  الأمس ، لمساء هذا اليوم و من ثم سأعود الى منزلكم مساءا
فلا تخفف فقد نظمت كل شيء .وشاهين قد  تواصل مع أحد أصدقائه لدية شركة حماية كي يؤمن المنزل والفتيات في فترة غيابنا
لحظات ووصل يوسف الذي نزل نحو طابق الاستقبال في المستشفى بصحبه عمه الذي ذهب كي يستقبله.
رحب كل من شهاب وعزيز بالعم  عبد العزيز في نفس اللحظة التي خرج بها الطبيب من غرفة العمليات فاجتمع الكل من حوله  وصوته المجهد المرهق  يخبرهم
- الحمد الله لقد تمت  العملية بخير ، سننقله  بعد قليل نحو غرفة العناية الحثيثة  كي يخضع للمراقبة ، وسنتكلم   ، لاحقا في الاجراءات التي يجب عليه التعايش معها ، حمد لله على سلامته ، وغادرهم الطبيب بعد عملية استغرقت نحو الأربع ساعات
**********************
تجلس مهيرة مع ابنتها  الملتصقة بها تضع رأسها على صدرها تضم نفسها لأمها بقوة و  رحاب تحاول ابعادها ومشاكستها ، كي لا تنفضح مشاعرها
ابتعدي عن خالتي لقد خنقتيها ، ابتعدي نوارة فأنا لي نصيب بها ، ثم أنني أريد أن أقدم لها كوب من العصير .
- لاأريد الابتعاد عنها فأنا مشتاقة لها
- ألم تكوني عندها الأسبوع الماضي ابتعدي عنها
تضحك عزة على مشاكستهما وهي تضع ابنتها شمس في حضنها تطعهما بعض الطعام
أتت مريم من الداخل  تتبعها آلاء مسرعة فرحة وهي تخبرهم
- اتصلت بي كاترين  تخبرني ان العملية نجحت وبدر تم نقله إلى  غرفة العناية
عندها ابتعدت نوارة عن والدتها وهي تحمد الله بصوت يعلوه الفرح والراحة
تيقنت والدتها من شعورها فابتنها غارقة بحب المدعو بدر .
**************
غادر عزيز ، طارق وجواد  المستشفى بعد  انتهاء العملية ، وقبل مغادرتهم أصرت عليهم الخالة كريمة بالعودة عندها لتناول طعام العشاء ، اعتذر منها عزيز لارتباطه ببعض المواعيد .
- سنترك لك نصيبك يابني مع شيماء  كانت تحدثه وهي تربت على كفه
- لاحرمنا الله من طيبة قلبك ياخالة
- أنا أمك يافتى لاتقل ياخالة ، اقترب منها وقبل أعلى رأسها ثم غادر المكان .
وقفت فاطمة تراقب ابنها من خلف الزجاج  باكية عليه ، فقلبها قد استرجع لحظات مماثلة  فقدت بها فلذة كبدها سندها ابنها ايمن ، دعت من كل قلبها لله  أن يُنَجيّ بدر ، حتى لوكان عمرها فداءً له  ، احتضنتها أختها كريمة وهي تهدأ من روعها
- حمدا لله على سلامته ، لاتبكي هكذا سيرتفع ضغطك ، اشعر بك وماتمرين به ، لكن رفقا بنفسك سينجو وسيكون بخير .
**************
أصر  شهاب على الجميع كي يغادروا المستشفى وسيبقى هو عند بدر ، وخاصة خالته التي بدى واضحا عليها الأرهاق
- وفعلا غادر الجمع باتجاه منزل شهاب بينما   وقف  يراقب ابن عمه وصديقه من خلف الزجاج  محدثا نفسه بحديث صامت
(( كن بخير ياصديقي، كن بخير ، إن قلبي لن يحتمل فراقك أنت الآخر ، ألايكفي أيمن ، اصبر وقاوم فحولك المحبين كُثر ، أتعرف أن رحاب أخبرتني على هاتف ،أن نوارة لم تتوقف عن البكاء منذ يومين ، قم من أجل حبيبتك ، من أجل خالتي التي سينفطر قلبها ، كن بخير وسنزفك لعروسك قريبا يأ اخي)) وتساقطت دموعه  التي كان يحبسها بقوة أمام الآخرين .
****************
اشتاق لها ، يعرف أنه كان قاسي ببعده عنها وأنه ظلمها بأفعاله ، هوو يجتر نتيجة فعله  الخاطئ ، قررأن يرى صورها التي تنزلها على صفحتها على أحد التطبيقات
عندها لاحظ تَغير حالتها في هذا التطبيق بكلمة مرتبطة
جن  جنونه ورمى هاتفه بقوة ، فأتت أخته سوما على صوت تحطم الهاتف
- مابك؟ ماالذي يحصل هل أنت متألم ؟
- ارتبطت ،  لقد تجاوزتني وبسرعة ،أو انهاتنتقم مني تريد أن تؤلمني كي أرجع لها
كلمات غير مترابطة تخرج من فمه  وهو يسير بالغرفة غاضبا على عكازة كقط وضع فوق صفيح ساخن .
- سأتاكد من الخبر من والدتي ، لكن ماذا ستفعل لو كان الخبر صحيحا ؟
- سأذهب كي أستعيدها ، على كل الأحوال ، دوما كان خيط كاترين مربوطا بيدي هي لي كلعبة ماريونت أشدها لي متى شئت .
ضحكة دوت في المكان ،  استغرب الضحكات التي صدرت من أخته  التي قررت مواجهته بعيبه لأول مرة ، فأحيانا قد يكون الواجب علينا مصارحة من نحبهم بعيوبهم كي يقيموا أنفسهم ويرجعوا عن  خطأهم ، فكان وجهها شاحبا برغم ضحكاتها ، عيونها تلمع بسبب تجمع الدموع بها ، فقلبها موجوع عليه لكن لابد من المواجهة.
- مغرور نرجسي ، أنت يا أخي  فلتسمعها مني ، تعتقد أن الفلك يدور من حولك وأنك محور الكون وأن جمالك الشديد هو المهم  ، لقد خسرت حب قلبك بسبب نرجسيتك ، أتعتقد أن خيط كاترين بيدك عيسى  ، لكنك قطعت الخيط بيدك فانكسرت لعبة الماريونت ،وأتى من جمع حطامها ، لا أعتقد أن كاترين ذات شخصية ضعيفة كي تنتقم منك ، بل هي قوية واجتازتك
- سترين انها لي سأعود وأمتلكها
- ********************
تجلس  عائلة العم عبد العزيز مع رحاب ويوسف ، بعد أن أعطت سمراء  الشقة لرباب كي يبقوا بها ويأخذوها راحتهم ،وحتى موعد العشاء  ، بعد ان تم التعارف بين الخالة مهيرة وكريمة وفاطمة .
أحضرت رحاب ابريق من الشاي وجلست بجانب زوجة عمها عندما تنحنح يوسف موجهاً حديثه نحو عمه
- عمي قبل الحادثة   بيوم ، اتصل بي  بدر وطلب مني أن أحدد معك موعدا كي يتقدم بطلب يد نوارة
شهقت نوارة  بصوت منخفض  وتضرج وجهها بحمرة خفيفة وتركت مكانها واتجهت نحو غرفتها
-  الشهادة لله بدر شاب لايعاب  رجل يؤتمن على المال والعرض
كان العم  عبد العزيز  يوجه حديثه نحو  يوسف مبتسما ، عندما قاطعتهم مهيرة 
- ياحاج إن الرجل رغم أنكم تمدحونه لكنه مريض وبين يدي الله ثم أننا لانعرف ما تأثيرات العملية على صحته في المستقبل ، وابنتنا لايعيبها شيء ، لم نرمي بها للتهلكة
تدخلت رحاب محاولة التخفيف من وقع كلمات زوجة عمها ، من أجل نوارة التي تسترق السمع من خلف باب الغرفة
-  خالتي أنه ظرف طارئ يمر به  سيشفى بإذن الله ثم أنه شاب خلوق محترم أستاذ جامعي عنده مرؤة وشهم ، أتعرفين سبب إصابته ، لقد حاول أحدهم خطف أخت شهاب مريم وهي عائدة من الجامعة برفقة نوارة  وهو من ردع الخاطف، انه بطل ياخالتي.
دعم يوسف كلامها وبدأ بذكر صفات بدر التي يعرفها منذ زمن ،قاطعهم هذة المرة العم عبد العزيز
- بعد ان يخرج من المستشفى  اذا تقدم كي يخطبها مرة أخرى سنرى عندها رأينا ، أن هذا الحديث سابق للآوانه.
بينما نوارة في الداخل دموعها تغطي وجهها خوفا من أن يبعدوها عن بدر .
********************
اقتربت رحاب من يوسف على خجل ومن نظرات عيناها الحائرة عف أنها تريد شيئا  فابتسم بوجهها ،
- أختي حبيبتي  أختصري واطلبي ما جئت من أجله
- أريد ان أذهب للمستشفى عند شهاب ، أريد أن أوصل بعض الطعام له .
- سأوصله أنا لاداعي لذهابك
قالها مستفزا لها
تضرج وجهها باللون الأحمر وتلعمث
- لكـ..... لكني أرغب برؤيته
ضحك يوسف حتى بانت نواجذه وهو يردد مقطعا غنائيا من أغنية قديمة مشاكسا به رحاب
ايه ياترى يا هل ترى مالي كده متغيرة
قلبي انخطف لوني اتقطف
حاسة بهنا حتى و أنا
لسه في أيام المنى
وردة بنداها زغيّرة
ولا عمري يوم دقت الجوى
ما يكونش ده اللي اسمه الهوى
قذفت رحاب يوسف بوسادة صعيرة في وجهه وقد علا وجهها الخجل
عاود يوسف ضحاكته وهو يساومها
-  صغيرتي الخجلى ،  أريد مقابلا كي أوصلك لحبيب القلب .
دارت عيناها في  محجرهما  وهي تضحك  وابتسمت بسمة خبيثة
- أعرف ماتريد أوصلني وأحقق مرادك
مد يده يريد مصافحتها ، فصافحته كمن يوقعان اتفاقية مهمة.
*****************
يجلس شهاب  في مكانه أمام غرفة بدر عندما وصلته رسالة من رحاب ، التي كانت تراقبه من بعيد بعد أن وصلت المستشفى
- متى ستأتي ؟
- عندما يستقر وضع بدر حبيبتي؟ لماذا تسألين هل ينقصك شيء؟
- تنقصني رؤيتك فقط
ابتسم وهو يراسلها ، تلك التي أشعلت قلبه ونثرت في  عمره ربيعا مبهجاً
- هل اشتقت لي رحاب؟
- أرسلت له قلبا أحمر نابضا  وكلمة كثيرا
- كم أود رؤيتك الآن يا حبي؟
- أرفع رأسك عن الهاتف ستراني  قريبة منك
- دقق النظر في رسالتها لم يستوعب كلماتها ، ثم سرعان ما أدرك فرفع رأسه فوجدها تقف في الممر ترتدي فستانا من قماش ناعم  بلون زهري فاتح يعلوه سترة قصيرة تغطي أسفل صدرها بيضاء وحزام عريض ابيض بينما الفستان ينزل واسعا من أسفل خصرها بكسرات متتابعة ، تبدو كالوردة جورية سارت نحوه بخطوات مهرولة ، بينما كان يسير نحوها بخطوات متباطئة كي يسيطر على أعصابه التي تحفزت عندما رأتها .
- *****************
تجلس مرتدية منامة بسروال قصير منتفخ يعلو ركبتها  بلون أسود تعلوه قميصا قطنية تتوسطه  صورة كوب من القهوة ، لقد كان يوما طويلا مرهقا ، وهاهي تنتظر عزيز الذي قارب على الوصول فقد تأخر اليوم بالعمل ، وقد وضعت أصناف الطعام التي أحضرتها من عند أمها كريمة على طاولة المنتصف التي تتوسط الأرائك بينما ذهب كل من ضياء وسناء للنوم ، وأخذت تفكر بضياء الذي تغير تماما منذ أن  تحدث معه والده قبل أسبوع ،فأصبح مهذبا معها لكنه جامد كمن لاروح له ، ثم تذكرت لمسات عزيز لها وقبلته أعلى رأسها .
فتضرجت بحمرة وتسارعت أنفاسها ، عاد توازنها عندما سمعت طرقات على باب البيت ، نظرت من العين السحرية  فوجدته عزيز فتحت الباب ترحب به
-  لقد تأخرت عزيز ، قلقنا عليك
كان الإِجهاد يبدو  واضحا عليه ، لكنه ابتسم في وجهها يطالعها كما كأنه يراها لأول مرة ،نظرات الشوق علت وجه وهو ينظر لها ، نعم لايعرف ما هو التأثير الذي ألقته عليه ، فمنذ يومان يود لو يقترب أكثر منها أن يحتضنها أن يريح رأسه في ثنايا عنقها ، هل يعقل أن هذا تأثير المكان عليه،تحديقه بها أخجلها إردفت تقطع سحر اللحظة
- أن طعامك جاهز ،  والحمام أيضا جاهز ، غير ملابسك وتعال كي تتناول عشائك.
جلست في انتظاره بعد أن  سخنت الطعام مرة أخرى ، حضر عزيز مرتديا قميصا قطنيا بلون خمري غامق  وبنطال مريح باللون العسلي نظرة منها له ، وأشاحت بعينها عنه وقلبها يتقافز في مكانه جلس مقابلها ، بينما تكشف عن أطباق الطعام .
وضعت أمامه ملعقة وشوكة وأمامها نفس الشيء،
-ألم تتناولي طعامك معهم شيماء ؟
بسمة مشرقة علت وجهها
- انتظرتك ، كي نتاول طعامنا معا ، فلقد لاحظت انك لا تحب الأكل وحدك ، ثم أنني قد أعتدت أن أرى والدتي وهي تنتظر أبي على الطعام ولم تكن تأكل دونه.
- ان والدتك سيدة عظيمة أصيلة  ، قل وجودهن في زمننا .
شعرت بالفخر بمدحه والداتها مدت يدها الى الطعام وهي تسمي الله وكذلك فعل
أمسكت بحبة من كوسا المحشوة  تريد تناولها ، عندما شعرت بيد عزيز تمسك برسغها  يجذبها له ويقرب يدها من فمه متناول حبة الكوسا وعيناه لم تنزل عن عييّنها بل جذبتها برسالة خفية ، شعرت بفمه يلعق أصابعها بعد اتنهاء ما كانت تحمل، فسرت بجسدها رعشة كالكهرباء ، لعق أصابعها أصبعا أصبعا ثم قَبلَ  باطن يدها ، فشدت يدها من بين يده  وهي تتلعثم
-أنا شبعت  الحمد الله وقفزت من مكانها تريد الهرب نحو غرفتها
عندما سمعت صوته مختلطا  بضحكة
- أريد كوب من شاي  شيماء
- ***********************
منذ أخر مرة رأته بها في مكتبة لارسالة منه ولاخبر لكنها  تسمع من والداتها عن التحضيرات زفافهما كما سمعت عن التفويض الكبير الذي سلمه له جدها ، فنهاك صفقة كبيرة سيقوم بعملها وقد تم تفويضه من أجل انهائها وقد تطلبت كل السيولة التي معهم ، قلبها منقبض رغم ، انه تم تحضير شقة والديه في القصر  وفرشت بأحدث الفرش لكن قلبها منقبض ولم يبقى سوى يومين  ولم يظهر بعد .

أنا وهنَّ ( قطع القلب)Where stories live. Discover now