اول حاجه ليا هنا

3 2 0
                                    

_يا آنسة الكتاب دا بتاعي!
_لأ دا بتاعي أنا.
_لأ بتاعي أنا.
_بتاعك ازاي يا أستاذ وأنا دافعة تمنه مليش عشر دقايق!
_أنا دفعت قبلك.
_يعني إيه!

كان الكتاب لسه فإيدي بعد ماقومت من مكاني ودار الحوار دا، مشيت بعصبية لحد ماوصلت للراجل اللى اخدت منه الكتاب وكان على مسافه قُريبه مني.
_لو سمحت أنا من شويه اخدت منك الرواية دي، والأستاذ دا جاي بيقولي أنها بتاعته!
_أنا اسف يا آنسه هي فعلا بتاعته واشتراها قبلك من حوالي ساعة بس قالي هسيبها عندك وارجع اخدها، وحضرتك لما جيتي وكانت محطوطة تحت الكتب وجمعتيها مخدتش بالي ونسيت وبيعتهالك وهي كانت آخر نسخة للأسف.
رديت بضيق:
_يعني ايه دا!
_يعني تجيبي الرواية بتاعتي من ايدك.
الدموع اتجمعت في عيوني وأنا بقول بعصبية بسيطة:
_خدها اهي.
سِبته ومشيت وأنا ماسكة نفسي علشان ماعيطش، طلعت من المكان اللى كان معمول في الجامعة زي معرض الكتاب وبيبعو فيه كتب، وطلعت من الجامعة كلها، اتمشيت على الكورنيش بحُزن، قعدت على الكرسي وأنا بشد كُمام السويتشيرت علشان ادفي أيديا المتلجة من البرد، بصيت قدامي بدموع وبدأت اكلم نفسي.
_يعني النهاردة عيد ميلادي ومحدش افتكره من صحابي وقولت مش مشكلة، كان عندي إمتحان النهاردة وكان زي الزفت وقولت مش مشكلة ولما لاقيت الرواية اللى نفسي فيها من فترة وقولت هتغير لي مودي اهي راحت كمان! ليه كدا!!
_ لا مارحتش ولا حاجة.
رفعت دماغي لمصدر الصوت كان هو نفس الشخص اللى اخد مني الرواية.
_أنت بتعمل هنا ايه؟
حط علبة المناديل بتاعته مابينا بعد ماقعد جنبي، بص قدامه على البحر بإبتسامة ومتكلمش، مسحت دموعي وقولت:
_ماترد.
_زي ما أنتِ بتعملي.
_وفيه ألف مكان تقعد فيه بعيدًا عني.
_بس أنا عاجبني دا.
كنت هقوم بس حط جنبي الرواية وجنبها علبة صغيرة.
_ايه دا؟
_دي الرواية ليكِ.
_بس دي بتاعتك.
_بس بتاعتك اكتر.
_ازاي؟
_أنتِ كان نفسك فيها من فترة وأكيد بتحبي القراءه جدا وكمان النهاردة عيد ميلادك ودي الرواية اللى عايزه تقرأيها كعادتك كل عيد ميلاد، إنما أنا كنت جايبها لأختي كهدية وأنا مش بحب القراءه اصلًا، فكدا الاحق بيها أنتِ.
_وأنت ايش عرفك إن دي عادتي؟
فتح الروايه على تاني صفحه كانت فاضية وفيها خطي" إنه الرابع والعشرون من يناير، إنه عيد ميلادي، وكعادتي هذه هديتي لنفسي، كل عام وأنا بخير" وأسمي تحتها، افتكرت لما قعدت على أقرب كُرسي قابلني بعد ما اشتريتها وكتبت فيها كدا.
قطع تفكيري:
_والكتابة كمان.
_ايه؟
_أكيد بتحبي القراءة والكتابة.
_اه.
طلعت من الشنطة تمنها ومديت ايدي له.
_اتفضل.
_اعتبريها هدية.
_وحضرتك تعرفني علشان تهاديني؟
_أحنا فيها، عرفيني بنفسك.
_لا واللهِ!
_اه واللهِ.
_بصي أحنا هنشوف بعض تاني؟ أكيد لأ، طب أنا اعرفك أساسًا؟ برضو لأ، مش عايز اعرف أسمك ولا سنك ولا كلية إيه لأ مش دا التعارُف اللى أقصده، أنا عايز اعرف ليه دي عادتك أنك تقري كُتب يوم عيد ميلادك.
سكت بتفكير بعد ماندمجت في سؤاله.
_علشان أنا حابه كدا، حابه فاليوم دا انعزل عن كل العالم واعمل حاجه بحبها، يوم واحد تفضل فيه مع نفسك وتعمل هويتك المفضلة إن شاء الله حتى لو النوم، حاجة تنسجم معاها وتاخدك لمكان بعيد.
كان باصص ليا بتركيز، ومرسومة ابتسامة إعجاب لطيفة، ابتسامة بَينت غمازاته.
_جميل.
_إيه هو؟
_المبدأ.
_شكرًا.
_خدي بقى الرواية.
_يعنى مش هتاخد فلوسها؟
_لأ خلاص بقى أحنا عشرة ساعتين زمن.
ابتسمت لإبتسامتة اللى مشوفتش الطف منها، اخدت الرواية وكنت هقوم.
_رايحة فين؟
_هروح.
_لأ خليكِ قاعده علشان تقري روايتك.
_تمام، وانت هتقوم تمشي!
_لأ.
_أيه دا ليه؟
_أنا حابب تقري الرواية بصوت عالي، ويبقى ليا وليكِ.
_بس أنا مش متعودة على كدا، ومتعودة اقضي اليوم دا لوحدي.
_أنتِ بتاكلي البطاطس ومعاها ايه؟
رفعت حاجبي بأستغراب فكمل:
_يعني معاها كاتشب ولا مايونيز.
_كاتشب.
_ليه.
_علشان متعودة، وبعدين أيه علاقة دا باللي بقوله.
_نفس الفكره إنك متعودة ع حاجة، فمجربتيش حاجة غيرها مع إن المايونيز أجمد من الكاتشب مع البطاطس، كذالك الامر في كل حاجة روتينيه في حياتك.
_بس دا مش روتين أنا حابة كدا.
_وممكن تجربي غيره وتحبيه عادي.
هكدب لو قولت إنه مش غريب ومُختلف، بيتكلم بثقة تخليك تقتنع بكلامه حتى لو غلط، كان بيبصلي بإبتسامة واثقة، وبدون تفكير كتير، اخدت رواية فتحت أولىٰ صفحاتها وأنا بقرأ بصوت مسموع، الرواية كانت صغيرة مش كبيرة، معرفش ازاي عدت ساعه ورا التانية لحد ما خلاص الليل ليل، وأنا بقرا بإندماج وراحة وبين حين وآخر ببص بطرف عيني، الاقيه مركز معايا كأنى بقرأ حاجة مهمة تخصه، وكل شوية يسألني فحاجات فيها واشرحله، ويقولي كملي وأنا معايا كامل انتباهه.
_وتوتة توتة خلصت الحدوته.
بصيت له بإبتسامة خفيفة وإنبساط من نهاية الرواية الحلوة، وقد إيه كنت مبسوطه معاه.
_احلىٰ حدوته بعد ابتسامتك.
اتكسفت ومتكلمتش، بص في ساعته بعدين بص لي وقال:
_شكرا.
_على إيه؟
_على حاجات كتير يا أسماء، أنتِ اتاخرتي جدا لازم تروحي علشان أهلك ميقلقوش عليكِ.
مِشي خطوتين بعدين رجعلي كأنه افتكر حاجة، وقال بإبتسامة شكلها مُختلف للمره اللى مش عارفة عددها كأنه جاي النهاردة يوريني ابتسامَته المُختلفة ويمشي:
_على فكرة أنتِ مش هتنسينى خالص، والايام هتجمعنا تاني.
ربعت ايدي قدامي وأنا بقول:
_دا انت بترسم!
_برسم ايه.
_بترسم عليا! مش هنساك ازاي وأنا معرفش أسمك اصلا، وجايب الثقه دي منين بقى!.
_عمار أسمي عمار، افتحي اخر صفحة في الرواية والعلبة اللى جنبها، وسلام يا حلوة يناير.
فتحت اخر صفحه كان مكتوب من تحت بخط جميل" كل عام وأنتِ للعام كل الخير" والعلبة فيها تورته مكتوب عليها من فوق أيام الشهر ورقم 24 متحاوط بقلب وتحتهم مكتوب happy birthday.

النهاردة عيد ميلادي ودي ذكرىٰ عيد ميلادي اللى فات، منكرش أنه شدني، فكرت فيه كتير زي ماقال، سنة عدت وانا ملمحتش طيفه تاني، كان نفسي تجمعنا الأيام تاني يمكن ابطل تفكير فيه لما اشوفه تاني، وأتعرف عليه واشوف إنه شخص عادي ومفيهوش اختلاف وابتسامته عاديه وقتها كنت بس هبطل تفكير فيه، أو كنت هحبه، مسكت الرواية اللى قريتها أنا وهو السنه اللى فاتت وكنت هقرأها تاني وأنا على نفس الكورنيش.
_هتقري من غيري؟!
رديت بصدمه:
_عمار!!

بعد مرور سنتين وألف ضحكة معاه، ومية مشكلة وعقبة عديناها سوا بكل حب وتفاهم، بعد مرور فرح وحزن وتعب ومشاكل، ودموع فرح وحزن وغيره، أنا في بيته ومراته.
نطقت بتحذير

_عمار أنت بتعمل إيه؟
_باخد طبق.
قربت منه بخطوات ونظره يخوفوا وأنا بقول:
_أنت عارف النهاردة أنا غاسله كام طبق! 50 طبق أفهم بس ليييه! وأحنا بس اتنين اللى في شقه.
_حصل خير ياحبيبى.
قربت عليه لحد مابقى وراه الحيطه وقدامه أنا.
_خير ايه!! دا ايديا باظت من الغسيل.
_ايه دا؟
_ايه.
_ايه دا!؟؟
اتوترت
_إيه ياعمار فيه إيه.
بصلي بتركيز في عينيا، فركزت في عيونه البني فاتح، المتحاوطة برموش طويلة، ودا لحُسن حظي إن البصه فيهم تاخدك من الدنيا، لأ لأ انت بتقرب ليه أنا اتوترت أكتر منك لله.
_هو أنتِ قمر النهارده كدا ليه.
رديت بكسوف مازال موجود بعد سبع شهور جواز:
_بس يا عمار بقى.
بدأ يقرب عليا وانا أبعد لحد مابقت ورايا الحيطة واتقلبت الايه.
_أنتِ عارفه النهارده ايه؟
_عيد ميلادي.
رد بغمزه:
_طب ما يلا.
_يلا إيه ياقليل الادب أنت.
_قصدي يلا نقرأ روايه، دماغك هي اللي قليلة الادب، بطلو تفهمو ولاد الناس غلط بقى.

"لم يكن أول لقاء بل تلاقت أرواحنا من قبل"

Du hast das Ende der veröffentlichten Teile erreicht.

⏰ Letzte Aktualisierung: Mar 09, 2023 ⏰

Füge diese Geschichte zu deiner Bibliothek hinzu, um über neue Kapitel informiert zu werden!

الصدفةWo Geschichten leben. Entdecke jetzt