الفصل الحادى عشر

Start from the beginning
                                    

رحبت بهما ترحاب كبير في الفندق و كان اللقاء سعيد للغاية عانقت فرناندو بقوة و امسكت يد رولا قائلة: "هيا الى الفيلا جهزنا لكما وجبة الغداء............ وقت مناسب جدا لمجيئكما ....... انا اشعر بالفراغ يبدو انني اشتقت اليكما جدا"
رولا و بتأمل: "كنا نتوقع ان يأتي جاك معك............ اين هو؟"
ساد صمت قصير ثم قالت و هي تسير معهما نحو السيارة: "لم اشأ ان اتصل به ربما يكون مشغول......... اعجبني ان اقلكما و انفرد بكما لنتحدث قليلا"
قادت السيارة بهدوء و هي تبتسم.......... سأل فرناندو: "وعم جاك موجود بالتأكيد"
توترت يديها على المقود و قالت: "انه مسافر"
و ساد صمت و غرقت هي بذكراه.

دخل جاك الى الغرفة و قال بوجه حاد الملامح: "متى يرحلان؟.............. لقد سئمت من الالتزام بالمثاليات................ كما انني اكره فرناندو العجوز الممل................. يتدخل بكل شيء و يريد ان ينظم حياتي على مزاجه............. و اختك تظن نفسها تدريسية و علي ان استمع اليها كتلاميذها................... كما انهما يبالغان بالنصح و التوصية على اسعادك........ لقد سئمت"
كانت امام المرآة تصفف شعرها و قالت بانزعاج: "لا تظن انني سأطردهما لأجلك.............. اياك ان تزعجهما بشيء"
قال و هو يغير ملابسه: "حسنا اذن.......... سأمضي اليوم خارجا و ربما الليل ايضا"
هي و بسرعة: "ارجوك انتظر اليوم فقط........... لا يجب ان"
صرخ و بدى غريبا: "لن ابقى............ لا تكلميني انني متصدع الرأس"
نهضت و اقتربت قائلة: "ما بك؟.......... لم ازعجك لهذا الحد الذي يجعلك تغضب هكذا"
قال و هو ينظر اليها من الاسفل الى الاعلى و باشمئزاز: "انت اساسا تزعجينني......... اغربي عن وجهي"
قالت بعصبية: "لماذا لا تتركني اذن............ انا لم اعد اطيقك"
تلقت منه صفعة و شهقت و امسكت وجهها قائلة بانفعال: "اكرهك"
شد شعرها و قال و هو يشد بقوة: "ابتلعي لسانك"
و عندما ابدت مقاومة انهال عليها ضربا و بدى متوحشا و مجنونا حتى انها شعرت بالهلع من انقلابه المفاجئ و وحشيته و عنفه الذي بدون مبرر و كأنه كان يتحين الفرصة ليفرغ غله فيها.
و بسرعة خرج و لم يلتفت ورائه .............. مسحت دموعها و حاولت ان تحافظ على رباطة جأشها لأجل اختها و زوجها.
تطلعت الى نفسها في المرآة و زمت شفتيها بدى شكلها مثيرا للشفقة.......... عليها ان تتظاهر امام ضيوفها بسير الحياة على افضل وجه مسكينان لا تريد ان تفسد عليهما سفرتهما............... ان جاك اصبح يتصرف برعونة و عصبيته مبالغ فيها......................... لا بد انه يعاني امرا ما و الا فأنه غريب جدا!
اهتمت بمظهرها جدا و تزينت بكثافة وحاولت اخفاء حزنها و تعاستها.
كانوا جالسين حول مائدة العشاء و كانت هي تبتسم ابتسامة باهتة جدا و الغصة تخنقها و دموعها محبوسة بطرفي جفنيها.......... سأل فرناندو: "لقد تأخر جاك.......... اعتقدت اننا سنتناول وجبة العشاء سويا"
هي و بتظاهر: "اعتذر عن المجيء لديه عمل هام........... عشاء عمل.......... ربما يتأخر"
سمعوا صوت سيارة و قال فرناندو بابتسامة: "لابد انه عاد"
اومأت برأسها و استمروا بتناول الطعام حتى فتح باب المصعد ليظهر........................... وليم!
تغيرت ملامحها كليا و نهضت............... قال بصوته المحبب اليها: "مرحبا.................... لابد انكما عائلة ليندا"
اسرعت باتجاهه و قالت بلهفة و سعادة: "ويليام.............. لماذا لم تخبرنا بعودتك.......... كنا.......... انتظرناك في المطار"
تأملها بتركيز و مدت يدها لمصافحته و عندما رفع يده اليها و امسك يدها تغيرت ملامح عينيها و ارخت كفها بيده التي ضغطت على اصابعها بقوة و شعرت بالدوار و ابتلعت ريقها و هي تنظر الى يده السمراء و............... خاتم الخطوبة!!!
شحبت و قالت بضعف و عبر شفاه مضطربة: "تهانينا"
قال بنبرة عادية: "اشكرك........................ سأتناول العشاء معكم"
و ابتسم للضيفين و عندما اقترب صافح فرناندو و كذلك رولا و جلس دون ان ينظر الى ليندا التي بقيت متسمرة بمكانها.

رولا و باهتمام: "تعالي ليندا و اكملي معنا"
اقتربت بخطوات ثقيلة وبطيئة و جلست و تطلعت به رغما عنها و كانت عينيها حمراوين مليئتين بالشعيرات الدموية المحتقنة............ خطف نظرة عابرة اليها و ابعد بصره بسرعة.............. تطلع بها فرناندو قائلا: "انت على ما يرام ليندا؟"
ابتسمت ببهوت و اومأت برأسها موافقة ثم قالت متظاهرة: "كيف كانت......... رحلتك؟.......... لم اتوقع انك سافرت لتبدأ مشروع زواج!................ من سعيدة الحظ؟"
اجاب بهدوء تام: "الانسة ريتا.......... لقد سافرنا معا............. اتفقنا على الزواج........... قررنا ان تكون بيننا فترة خطوبة قصيرة.......... ريتا امرأة جيدة و اعتقد انني محظوظ بها"
تقلصت ملامح وجهها و جاهدت ان تكون طبيعية .
رولا و هي تنظر اليه: "سيد وليم كنت اتوقعك رجل كبير في السن................ لكني وجدتك رجل رائع"
فرناندو وبلطف: "الامريكيات جريئات........ ههههه"
ضحك و واصل: "هذا كان شعوري ايضا فوجئت بك حقيقة................. اتمنى ان نكون صديقين سيد وليم"
ابتسم وليم و قال: "هذا شرف لي............. تسعدني رؤيتكما و الكل هنا في خدمتكما ابتداء مني انا"

لاحظت ليندا ان وليم بدى شاحبا و غائر العينين لكن مع ذلك كان جذابا للغاية............. تبادل معهم احاديث لطيفة و كان جذاب بكلامه و اسلوبه و ترحابه.............
تمنت هي ان تتركهم و تبتعد لن تعد قادرة على اخفاء غضبها و حزنها الا انها لا تستطيع ان تفتضح نفسها.
كم كانت تترقب عودته الا انها لم تعلم ان عودته ستؤذيها هكذا.............. لماذا فعل ذلك؟........ لماذا ارتبط بريتا؟.............. كانت امامه السنوات كلها لماذا تحرك الان؟............ ليحرق قلبها ليجعلها تحترق بنار الغيرة و الحب ليجعلها تتأرجح بين الحب و الندم؟

كانت طوال الجلسة صامتة و تفكر و لم تشارك بالأحاديث ثم عجبت من نفسها ماذا تريد اذن؟ ان يبقى امامها و لها و هي متزوجة ابن اخيه؟
هراء ما تفكر به و تتمناه هراء............... له مطلق الحرية و مطلق الحق بأن يختار كيف يدير حياته هو رجل حر ما دخله بها و ما تشعر به.
الا انها تشك بتصرفه هذا و تسرعه بخطبة ريتا.............. قبل فترة كانت معه و لم يلمح الى أي موضوع يتعلق بالارتباط فجأة هكذا احبها و ارادها زوجة؟
لا تصدق انه احب ريتا لكن لماذا لا تصدق فريتا امرأة ناضجة و مثقفة و انيقة و من مستواه و من عائلته و هي مناسبة له جدا................. اذن اختياره صحيح......... و هي على خطأ........... انها مخطئة دائما.......... انها انانية تريد وليم تريد احتكاره لها........... ربما من الجيد انه فعل ذلك........ عليها ان تعيش حياتها بدون وليم و بدون الرغبة به.

انتهى الفصل

ارجوحة الحب والندم الجزء الخامس من سلسلة قلوب منكسرة لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now