6

122 6 3
                                    

إقتربَ العامُ الدِّراسي مِن نهايتِه و هذا يعني أنني لن أتمَكَنْ مِن رُؤيتِكَ كُلَّ يومٍ ، لقدْ أخبرتني أنكَ تنوي السفرَ في إجازةِ الصيفِ و بالرغمِ مِن أنَّ هذا يُحزنني لن أستطيعَ قولَ شيئْ .. و مِن الغريبِ أننَا رُغمَ قُربنا الشدِيدْ مِن بَعضِنا لمْ نتبادَلْ الأرقامَ بَعد و أنا لا يُمكنني المُبادرةُ و الطَلبْ .. أعتقدُ هذا .

لقد كانَت فترةُ الإستراحةِ و كالعادةَ لقد بقينا في الصفِّ و أنتْ مَن كان يتحَدثُ  و أنا أستمِعْ لقد كانَ كُلُّ شيئٍ كما هو عادةً .. مِن وجهةِ نظري على الأقلْ ؟ و بعد سماعنا لرنين الجرسِ مُعلنًا نهايةَ فترة الرَّاحةِ عُدتَ لمكانِك بِسُرعةٍ و كأنَّ خطبًا ما أصابكَ و هذا أولُ أمرٍ غريبٍ خارجٍ عَن العادةِ حصلَ ذلكَ اليومْ . الأمرُ الثاني هو أنَّ والدتَك أتَتْ لإصحابكَ مِن المدرسةِ ولم نَسِرْ سويًا كعادتنا حسنًا هذا كانَ يحصلُ بعضَ الأحيان النادِرةِ جدًا و لكنْ في هذهِ المرةِ أنتَ لم تتكَبَّد عناءَ وداعي حتى و هذا آلمني ، شعرتُ بأنني بدأتُ أعودُ لنقطةِ الصفرْ .. بلا أصدقاءْ .. بدونِ ما يُبهجني و يُضفي لأيامي لونًا و لكِن قررتُ أنه لا بأس ، لن أحْكُمَ عليكْ . 

كانَ المنزِلُ خاويًا و لقدْ إستنتَجتُ مِن ذلكَ أن أهلي جميعُهم خرجوا و هذا كانَ مُريحًا ، أحتاجُ للتفكيرِ وحيدًا .. التفكيرُ في كُلِّ ما حصلَ مُؤخرًا و ما الذي جعلَكَ تتصرفُ بغرابةٍ هكذا فجأة ، هل طفَحَ كيلُكَ مِن شخصيتِي المُملةِ ؟ هل قُلتُ شيئًا أغضبَك ؟ هل شردتُ أثناء حديثكَ عنْ أمرٍ هام ؟ صرختُ داخليًا مِن تَراكُمِ الأفكارِ في عقلي و مِن حركتِها الجنونيةِ داخلهِ ، لقد رغبتُ في البُكاء لا أُريدُكَ أن تَترُكني بعدما إعتدتُ على دفئِكْ ، لا أودُّ أن تُديرَ ظهركَ لي بعدما مدَدْتَ يدَك ، ليسَ هُنالكَ شخصٌ أحدثُه بما يراودُني حتى ، قاطعَ إنهياري صوتُ الرَّعدِ مُنذرًا بقدومِ المَطرِ ... لقدْ كانَ الجوُّ باردًا رُغمَ أننا في منتصَفِ يونيو . نظرتُ إلى هاتفي لأعرِفَ الساعةَ و حينها إنتبَهتُ ، يومُ ميلادِك ... ألهذَا كُنتَ غاضبًا ؟ لأني لم أتذكرْ ؟ انا آسفٌ كثيرًا لذلكْ ، أذكُر أنكَ أخبرتني أنكَ شخصٌ يقدِّسُ مثلَ هذهِ الأشياءِ و حينها أخبرتُكَ أني لا أفعلْ و لكنكَ اصررْتَ على أنْ أقومَ بتهنِئتِكَ حتى لو كَرهتُ و وعدتُك بأن أفعلْ و كم كِلانا يمقُتُ مَن يخلِفُ بوعودِه ! لم أعرِف ما عليَّ أنْ أفعل ، لقد تأخرَ الوقتُ لشراءِ هديةٍ و حينها خطرَت لي فكرةٌ لم أكُن لأتجرأ على فعلِها لو أنَّ الموضوعَ لا يَخُصُّكَ أنتَ و لا يخُصُّ إرضاءكَ ، أخرجتُ ورقةً بيضاءَ مِن درجِ مَكتبي و بعضَ الأقلامِ ، كتبتُ و زينتُ كما يُناسِبُ ذوقي و ذوقكَ معًا ، وضعتُها في مُغلفٍ و أخرجتُ مِن الدرجِ الأخيرِ والذي كانَ منسيًا حتى هذه اللحظةِ ، قلادةً قصتُها سخيفةٌ نوعًا ما على الأقلَّ بالنسبة إليّ و لكِن الجدةُ التي أعطتهَا لي طلبَتْ مِني إعطاءها للفتاةِ المُناسبة .. الفتاةُ التي تحصُل على قلبي و هذا ما سأفعلهُ ، و لكِن لفتى ! غلفتُ عُلبتها جيدًا و إرتديتُ مِعطفَ المطرِ الخاصَ بي لأحمي الأغراضَ مِن التبلُلِ و توجهتُ إلى منزِلكَ و كما كانَتْ العادة لقدْ فتَحتْ لي أُختكَ الصُغرى الباب ، ما أخبرَتني بِه جعلني أكرهُ ذاتي أكثرْ ، لقد قالَتْ أنكَ عُدتَ إلى البيتِ مُنزعِجًا و أغلقتَ على نفسِكَ مُنذُ ذاكَ الحينِ ... هل ستغفرُ لي ذنبي ؟ عَلقتُ معطفي في المدخلِ لكي لا يُبلِلَ المكَانَ و ثمَّ سرتُ إلى غُرفتِكَ و نبضاتُ قلبي ترتفعُ أكثر أعلى و أعلى و ليس لها سببٌ أو مُبرِرْ طرقتُ بابكَ ثلاثَ مراتٍ و هذا كانَ طريقتَنا في معرفةٍ أنهُ نحنْ ، حينَ لمْ تَفتَحْ بابكَ فكرتُ أنكَ نائمٌ و كُنتُ سأعودُ أدراجي و حالما هَممتُ بفعلِ هذا فتحتَ البابَ بقوةٍ أفزعَتني ، لم يبدُ على ملامِحكَ الإنزعاجُ بسببِ إبتسامتِكَ تلكَ و أعتقدُ أنكَ علِمتَ بأني تذكرتُ ما هو اليومْ و لكِن قررتُ مُضايقتكَ قليلاً و أخبرتُك أني أتيتُ لإستعارةِ دفتركَ فأنا لم أدونْ أي شيئٍ مِن حصةِ اليومِ ، عبوسُكَ كان لطيفًا جدًا و لمْ أستطِع مَنعَ نفسي مِن الضحكِ ، انا سيئٌ في القيامِ بمقالبَ حقًا .. دخلنا إلى غُرفتِكَ و رأيتُكَ تُجري إتصالًا قبلَ أن تعودَ و تجلِسَ بجانبي و تُسندَ رأسكَ على كتفي و أنتَ تقولُ مُعاتبًا " لقد شعرتُ بالإنزعاجِ حقًا و قررتُ أني سأتجاهلُكَ ليومينِ كاملينِ إن لم تأتي ! " هذا قاسٍ .. يومينِ كاملينِ بدونِك ؟ ، تمتمتُ بأني آسفٌ و إبتسمتَ لي قائلاً أنكَ سامحتني .. أحيانًا أنتَ لطيفٌ جدًا و كثيرًا لدرجةِ أنني أشعرُ أنكَ أصغرُ مني وعليَّ الإهتمامُ بكَ ، سلمتُكَ هديتي و أخبرتُكَ أن لا تفتَحها إلَّا حينَ أذهبْ و مِن اللطيفِ إستماعُكَ إليَّ ، تناولنا الكعكَ الذي تبينَ أن مُكالمتَك تلكَ كانَت لطلبهِ و قضينا وقتًا مُمتعًا و في ذلكَ الوقتِ .. شعرتُ بأنَّ عليَّ التوقُفُ عَن التفكيرْ و التنفيذُ فحسبْ بدلاً عَن ذلكَ و هكذا طلبتُ الحصولَ على رقمِك و لقدْ فاجئتني بقولكَ أنكَ لم تَقُم بطلبِ ذلكَ أولًا لإعتقادِك أن هذا سيزعجُني ، حسنًا كُنت سأنزعِجُ إنْ لم يكُن أنتَ مَن يطلُب و لكِن لن أُخبركَ بهذَا ، توادعنا و عدتُ إلى منزلي و لقدْ كُنتُ سعيدًا جدًا لدرجةِ أني لم أنتبهْ أن أهلي لم يعودوا أبدًا إلّا في صباحِ اليومِ التالي .

أُكتُوبر || OCTOBERWhere stories live. Discover now