2

321 9 0
                                    

سَرحتُ بأفكاري مُجددًا و أنا في وضعٍ لا يَسمحُ لي بذَلكَ حتى ، مِنَ المُفترضِ أنْ أركِز بشرحِ الدَّرسِ إن رغِبتُ بالهُروبِ مِن إعادةِ دِراسةِ نفسِ الأشياءِ لسنةٍ أُخرى ، هززتُ رأسي و توسَّلتُ صوتي الداخلِي أن يهدأ و لكِّنه فقَطْ أبى فليسَ مِن المُمكِن لقطرةٍ إطفاءُ اللَّهيب ، إستَسلمْت فالتركِيزُ باتَ مُستحيلًا فكيفَ يُركِّزُ مَن بِصدرهِ أثقالٌ لا يعلمُ بوجودِها إلّا هو؟ التَفكيرُ فيها غيرُ مُجدٍ أيضًا هذا صحيحْ و أنا أعلَم ذلِكَ أكثرَ مِن أي شخصٍ آخرْ و لكِنهُ ليسَ خيارًا بيدي ، أُخربِشُ في كُرَّاستِي بينما جَميعُهم مَشغولونَ بِكتابةِ الدّرسِ و تِلكَ المَجنُونَةُ المُسماةُ أستاذة تَصرُخُ بِهراءٍ قررَتْ أذنَاي عَدَمَ إلتِقاطِه ... لتَفعلْ أُذناي ماتُريدْ ، أجولُ ببصَري في الفصلِ وصولاً إلى الجالِسِ بجانبي وهُنا أدركتُ حقيقةً أُخرى ... أنا مُنعزلٌ عَنهم ، أنا لا أُشبِهُهم . جَميعُهم يبدونَ يافعِينَ ، مُراهقينَ مليئينَ بِالأحلامِ بينَما أنا تَم قصُّ أجنِحتي و إستِبدالُ شراييني بأنابيبَ و قلبِي بِمُحركٍ لأعملَ تمامًا كالآلةِ و أعيشَ مِثلها و لكِن بمشاعرَ مَريرةً و حُزنٍ دائمْ سأظلُّ أبدًا على هذَا الحالِ و قَدْ يكُونُ هذا مُؤسفًا ... فقطْ قَدْ . 

الطَريقُ إلى المَرقدِ ، حسنًا يُسميهِ النَّاسُ بالبيتِ و لكِن ما أعيشُ فيهِ لا يَستَحِقُ أن يُسمى بذَلكَ ... هو مِثلُ مكانٍ أعيشُ فيهِ فحَسب ، سقفٌ يأويني سطوعَ الشَّمسِ و ضياءَها المُزعِج ،  فالبيتُ يُطلقُ على المكَانِ الذي تلجىءُ لهُ في حُزنِك ، المكَانُ الذي تُسقِطُ أقنِعتكَ فيه ، المكانُ الذي ترتاحُ لِلتواجُدِ فيه و المكانُ الذي يُشعركَ بالدفئ حتى لو البردُ شديدٌ و لكِن مكاني يُنافي كلَّ ذلكَ .. مكانِي يُشعرني بالبردِّ حتى في حرارةِ يونيو ، يُشعرني بالوحدةِ رُغمَ كثرةٍ الذينَ فيهِ ، أرتدي جَميعَ أقنعَتي و أهرُبُ مِنه حينَ تسقُطُ و حينَ يُحاولُ ضُعفي الهُروبَ مِني ... إنهُ ليسَ بيتًا .

الروتينُ المُعتادُ و النِقاشاتُ ذاتها .. لا جَديدْ ، حياتي لطالمَا كانَت مُملةً أحلامُ المُراهقةِ التي كُنت أملِكها تلاشَت ما إنْ بلغتُ الخريفَ الرابِعَ عَشرْ حينها أدركتُ أني كُنت ألاحِقُ السَّرابَ و أن الإيجابية أسرتني و أن ضوءَ الشمسِّ أغواني و خَدعَني و أنا الآن في الخريفِ السابعَ عشرْ لوحدي أُصارعُ الحياةَ بينما مَن حولي يُصارعُونها معَ عائلاتِهم أو أصدقائِهم ، سابقًا شعرتُ بالغيرةِ و لكِن الآن أنا لا أِشعُر بشيءٍ البتة ... أو ظنَنتُ ذلِك . 

الخَريفُ باردٌ و الشِتاءُ أشدُّ برودةً و أنا وُلدتُ بينَهما .. في أكتوبر الشَهرُ الذي ما قبلَ آخرِ الخريفِ و أولُ شهرٍ للِشتاء و حسنًا أنا مثلُه ، أنا أكتوبر و أكتوبر هو أنَا . 

أُكتُوبر || OCTOBEROpowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz