(18)

134 6 1
                                    

"ليه انا اعيش كده ،ليه اعيش لوحدي مش لاقيه حد فاهمني، هل وجودي له معني ، هل انا ليا قيمة فعلا ولا مليش لازمة .."
دايما كنت بقول بيني وبين نفسي الكلام دا ، مقولتهوش لحد ولا فكرت اقوله لحد لاني واثقه مش هبقي حد يفهمني ، عيشت حياتي وانا بتفرج منتظرة لحظه خروج روحي ، ممكن تقول كنت مستنياها وبعد الايام ، انا معرفش امتي لكن الإشارات حولينا بتوضحلنا حاجات كتير واهمهم وجودنا لما بيتمسح واحده واحده لغاية ما يوصل انه خلاص مش موجودين بتوصل لاخر مرحله وهي خروج الروح ..
فى المدرسة مكنتش عارفه اصاحب حد مش عارفه فكنت مع كل مجموعه شويا ، مليش قرار ولا إختيار هما إللى دايما يختاروا ، حتي اتخصص علمي ولا أدبي كان بالإجماع معاهم لاني مكنتش عارفه ، مكنتش عارفة انا عاوزة ايه بالظبط .. دخلت الجامعه ومجموعي دخلني كليه تجارة انا مبحبش الحسابات ولا الرياضة لكن مجموعة حدفني هناك .. مكنتش بحب انزل لكن اللي كانوا اصحابي بينزلوني معاهم عدد ، ايوه كنت كماله عدد معاهم ، كانوا مرتبطين بيقعدوا مع بعض وانا بقعد مع نفسي سماعات الهاند فري فى ودني ومع نفسي خلصوا قعدتهم يلا نروح يلا .. هتقولوا والبيت .. اقولكم البيت بيت عادي جدا ، أب موظف وام ربه منزل وأخ اكبر وأخ أصغر.. المهم الاكل واللبس والمصروف متوفرين لكن نتكلم ونحكي لا مفيش كل واحد فى حياته والشارع والكل كان بيحكي وبيحلف بتربيتنا ، انا اتربيت كويس جدا عارفه الحلال والحرام اميز بينهم ، حدودي عارفاها كويس ، لكن أحدد عاوزه ايه مكنتش اعرف ، مفيش حد ساعدني علشان كده قررت اعيش حياتي لوحدي ..
خلصت الجامعه والكل اتخطب واتجوز الا انا .. معرفش ليه مفيش حد قرب مني يمكن لاني كنت شخصيه جاده منعزله ، ماهو انا مش هدخل فى علاقه مش فاهمه مشاعري ايه واجرب زى إللى جربوا ..
قررت انزل شغل ، محاسبه ؟ لا مش عاوزه محاسبه بس ملقتش غير المحاسبه لاقيت ان انا مبخترش الحاجات هى إللى تخترني وبتخترني وانا بوافق لاني مش عارفه اختار ..
علاقتي مع زميلي فى الشغل عادي بيتكلموا كتير وانا بسمع ويحاول اتكلم لكن كلامي مش مسموع ، سيبت شغلي وبصيت ع حياتي إللى فاتت لاقيت ولا حاجه فيها تذكر ولا فاكره حاجه منها ، ببص ع حياتي قدام لاقيت مجهول ومفيش ملامح ل اى حاجه .. وقتها حسيت ان انا هموت قريب .. انا بموت وانا مش حاسه .. ومفيش حاجه اعملها كملت لغايه ما روحي تخرج من جسمي..
قعدت فى اوضتي والقرايب والمعارف بيتكلموا مش هنفرح بيكي مش عارفه اقول ايه لكن بلاحظ حزن ع ملامح ماما وبابا حسسوني انى حمل تقيل عليهم .. واتجوز ازاى وانا بموت .. مين دا اللى هيتجوز واحده لحظات ايام اسابيع شهور وهتموت ..
كنت برفض لاني مش عارفه انا عاوزه ايه وليه اظلم حد معايا لا فهماه ولا فاهمني ..!
روحنا مصيف وكل يوم بروح للبحر واقعد قدامه وكان فى أشخاص زى من كتير وكان فى راجل كبير دايما يجي يقف ببص ع البحر ، فى يوم قعدت قدام البحر باصه للسما واتكلمت مع ربنا .. سألته سؤال واحد ( امتي هتاخدني عندك ) كنت مستنيه اجابه او تلميح ان خلاص قربت ..
وانا قاعده لاحظت الراجل كبير الواقف عصايته وقعت وكان هيفقد اتزانه قومت بسرعه امسكه وامسك العصايه :
- إتفضل
- شكرا يا بنتي
- العفو ..
لاحظت ابتسامته البشوشه :
- انت لوحدك
- معايا ربنا
- ونعم بالله ، لكن ..
- قصدك مبشفش ..
- لا مش القصد ..
- ومالك محرجه ليه ، إذا كان انا نفسي مش محرج
- لا مش محرجه .. تحب اوصلك فى مكان
- لا انا جيت اقعد شويا قدام البحر اسم الهوا إللى يرود الروح واشوف الشمس وهى بتطلع
- تشوف الشمس ؟
ضحك : علشان مبشفش ، ايوه بشوف الشمس وبستمتع بيها كمان واقولك حاجه بستمتع بالليل والقمر والنجوم وملمس المايه كمان ولوحدي ..
- ازاى .. اقصد ..
- العين وسيله لكن مش اساس
- مش فاهمه ؟
- احنا بنشوف الحاجات بروحنا ، العين دى وسيله أوقات تتوفر وأوقات لا ..لكن الروح متوفره طول الوقت من اول ما اتولدنا لغايه مانموت ، واحنا بقي إللى بنتحكم شايفين ايه شايفين ولا لا ..
- أوقات بنبقي لا قادرين نشوف لا بالعين ولا بالروح ..
- يبقي حكمنا ع نفسنا بالموت ..
- بيبقي خارج مقدرتنا مش ب ايدينا ..
- إنتي لما بتاكلي انهي مرحله بتحسي بطعم الاكل لما بتشوفيه ولا بتشميه ولا بتستطعميه ..
- بستطعمه اكيد ..
- يعني ممكن تشوفي اكل عادي وريحته مش جذابة لكن لما تستطعميه بتتفاجي بطعمه وياخدك لمكان تاني واحساس تاني صح ..
- ايوه ..
- اهو احنا بنعمل كده مع روحنا ، بنموت فيها لغايه لحظه معينه نحس بقيمتها ونحييها ، العين مش دايما موجوده ولا اللسان ولا الودان كل دول حواس مؤقته وأكبر دليل ان مع مراحل العمر قوتهم بتضعف وبتختفي ورغم كده اصحابهم عايشين لأنهم اتعودوا يستمتعوا باللحظه بقلبهم لأنهم ع يقين ان اللحظه دى مش هترجع ولا هتكون زى لحظه فاتت ، عيشي لحظتك واستمتعي ب أبسط الحاجات حواليكي مش شرط تكون ع هواكي يمكن بعدين تقابلي إللى ع هواكي وهتقابليه بشرط انك مؤمنه انك هتقابليه طول مافيكي نفس ..
سكت مكنتش عارفه ارد عليه ب ايه :
- يلا اقولك مع السلامه
- تحب اوصلك
- لا انا عارف طريقي سلام
لف ومشي ورجعت قعدت قدام البحر وببص للسما ورغم من مقابلات أشخاص كتير اتبخرت من اللحظه إللى مشيوا فيها لكن مقابلته كانت دايما فى بالي وكلامه ، رجعنا البيت وقعدنا ناكل بصيت ع أهلي هما زى ما هما ، دخلت اوضتي فتحت الشباك ببص ع الناس وببص ع السما ودخلت نمت ، نزلت الشغل كانت زميلتي فى المكتب اخدت أجازه وضع واتعين مكانها "سليم" ، علاقتنا كانت سلامات وكان هو إجتماعي مع الكل
- تاكلي كبده ولا سجق ؟
- لا شكرا ..
- يبقي كبدة ومشطشطه كمان
- نعم ..
- دوقيها ومش هتندمي
- انا ..
سابني ومشي والسندوتشات جت وقعدنا كلنا ناكل وحط قدامي سندوتشاتي :
- شكرا
- بصي الاكل وهو سخن بيبقي احلي لما يبرد
- تمام
- لا انا مبقولش رأي انا بقول حقيقه يلا سمي بالله علشان الشيطان مياكلش معاكي علشان لو اكل هيخلصهم قبلك
ضحكوا الموجودين وانا بصتله ورجعت بصيت لسندوتش شكله عادي يعني ايه المميز ، الريحه عاديه زى اى سندوتش كبده ، لما اكلته حسيت بطعم مختلف فعلا حاجه مختلفه ميزت السندوتش عم اى سندوتش كبده انا اكلته وحقيقي حبيت الاكل ..
خلصنا الاكل واليوم ورجعت البيت و وافتكرت الراجل الكبير وكلامه معرفش ليه يمكن علشان قال مثال عن الاكل .. نمت وتاني يوم روحت الشغل، روحت الكافتيريا اطلب قهوه وقعدت اشربها لقيت "سليم" قعد وبدون مقدمات :
- إنتي ليه كده فى حاجه مزعلاكي؟
- انا .. لا مفيش وبعدين تقصد ايه انتي ليه كده؟
- يعني واخده جنب ورسميه اوي بتيجي الشغل زى إللى عليها واجب تخلصيه وتمشي.. هو انتي شغاله غصب مزنوقه فى جمعيات ولا عليكي ديون ..
- لا ..
- طيب حلو اوي .. فكيها بقي ..
- نعم ..
- فكيها ، استمتعي باللحظه إللى انتي قادره تشوفي وتتكلمي وتاكلي وتشمي وتمشي فيها ، إستمتعي بنعم ربنا إللى انت شايفاها عادية وهى اعظم من انها عادية .. استمتعي بهدايا ربنا الل غيرك محروم منها ..
- انت عاوز تقول ايه ؟
- عاوز اقولك عيشي اللحظه والثانيه والحقيقه الساعه إللى متاحه قدامك من غير تردد ، عيشي مدام لا هتعملي حرام ولا هتتعدي حدودك ولا هتاذي نفسك وغيرك ، إستمتعي وعيشي حياتك ..
- انت ازاى ؟
- إللى قدامك دا من سنتين حاولت انتحر ٣ مرات
- ايه ؟
- زى ما سمعتي كده .. الدنيا قفلت فى وشي لما عرفت ان لازم اعمل عمليه فى القلب ومكنش معايا فلوسها فقولت اعجل بموتي لكن إكتشفت ان انا كنت كل لحظه بموت نفسي بنفسي .. لما اقدر امشي واشوف واتكلم وغيري مش قادر يبقي انا عايش فى نعم ، ربنا ابتلاني بمرض ويا هعمل العمليه او لا دا مش عقاب دا إختبار ايمان وصبر والنتيجه مهما كانت انا حمدته عليها ، اخدت قرار اعيش لاخر يوم والتزمت بالعلاج وربنا كرمني ع صبري واتوفرت فلوس العمليه رغم مكنتش ضامن هخرج منها لكن دخلتها وانا راضي وانا حمدت ربنا ع حياتي واني عيشتها وعاهدت نفسي ان لو خرجت هستمتع بكل لحظه وبكل نعمه ربنا اداهالي مهما مرت عليا أزمات ، واهو زى ما إنتي شايفه ..
- انا اسفه ..
- لا متتاسفيش مريض وتعبي دا حاجه كش عيب اتحرج منها ، انا اتحرج لو هدرت لحظه من غير ما احمد ربنا ع النعم إللى عايش فيها نسمه هوا شويه مطر دفي الشمس سكون الليل أبسط الحاجات نعم وهدايا بنتهون كل صعب ..
سكت كالعاده ومعرفش ارد وسابني وقام ..
رجعت البيت دخلت اوضتي بصيت لاقيت الشباك مقفول قومت فتحته وغمضت عيني نسمه الهوا البارد رغم أننا فى عز الحر رسمت ابتسامه تلقائي فتحت عيني وقررت اجرب وأحاول ..
فى الشغل حاولت ابقي إجتماعية اكتر ولقيت إختلاف لما اكون لوحدي عن لما اكون وسط مجموعه وفى مره كنت فى الكافتيريا قرب مني "سليم" :
- رجعنا نقعد لوحدنا
- لا ابدا بس كنت بفكر فى فكره
- اعمليها
- نعم ..
- مش انتي فكرتي فيها كتير تعرفني واتاكدتي ان مفيهاش اذيه لا ليكي ولا لغيرك ومش حرام اكيد
- ايوه ..
- يلقي كفايه تفكير وانطلقي المرحله التنفيذ .. الأفكار طول ماهي فى دماغك انتي كده حبساها ، خرجيها وحرريها من حبسها ..
- بس مش ضامنه نجاحها ..
- ولا ضامنه فاشلها ، حرريها ونفذيها وهتعرفي هى هتنجح ولا لا جربي ولو خسرتي عادي تتعلمي لكن متخافيش ، الخوف بنفسه سجن متحبسيش نفسك ولا أفكارك فيه..
- انا شايف كده ..
- إنتي شايفه كده صح
إبتسمت: تشرب قهوه ..
- اشرب قهوه ..
مرت فتره وكل ما افكر فى فكره اتناقش فيها مع زملائي ومديري فى الشغل وفي أفكار بتنجح وأفكار بتترفض ومكنتش بستسلم او معني اصح اتعلمت مستسلمش وكان " سليم " بيشجعني حبيت وجوده فى الشغل معايا ، مرت سنه وسافرت المصيف وقعدت ع قدام البحر لكن لاقيت مش انا إللى كنت بكون موجوده زى كل سنه ؛ لاقيت انسانه تانيه بصيت للسما وبدل ما كنت بقول امتي هتاخدني عندك قولت شكرا يارب ع نعمك .. حسيت انسانه تانيه موجوده غير إللى كانت مكاني ، نظرتي لأشياء اتغيرت إحساسي اتغير ، حسيت استمتاعي بالشروق أختلف وسعادتي باللحظه دى ، إكتشفت ان اللي كانت موجوده كانت إنسانه حكمت ع نفسها بالموت وهى ٧ايشه ومحاولتش حتي محاوله بسيطه تعيش وتخرج من ضلمتها ، افتكرت الراجل الكبير وابتسمعت واتاكدت انه كان اشاره من ربنا ليا فى لحظه كنت يائسه فيها بصيت للسما و دعيت وحمدت ربنا .. سمعت صوت جنبي :
- إختياراتك موفقه مفيش حاجه احلي من الشروق ع البحر تعدل النفسيه ..
بصيت كان "سليم "
- سليم ..؟!
لا توامه
- جيت امتي؟
- من ساعتين بالظبط حطيت الشنطه فى الاوضه وجيت أستمتع بالشروق
- هنا ..؟
- وهو يعني انتي اشتريتي البحر ولا ايه ؟
- لا براحتك
- تتجوزيني
اتفجئت:
- ايه ؟
- بصي انا لا بتاع لف ودوران ولا علاقات طياري، انا ربنا اداني فرصه تانيه اعيش والحمد الله عايش وراضي وكنت متأكد ان ربنا هيراضيني بانسانه إللى حلمت بيها سنين ، انا لما شوفتك حسيت ان انا اتنقلت كانت من عمد ربنا علشان اقابلك كان واحد تاني هيجي مكاني لكن هو اعتذر ع فكره وجيت ، زى ما عودت نفسي اني استمتع ب أبسط نعم ربنا إللى حواليا فحسيت انك اكبر نعمه ربنا بعتهالي وانك جايزتي ..
- سليم
- انا بحبك وعاوزه تكوني معايا باقي السنين إللى معرفش هى كتير ولا قليل .. تتجوزيني
فى الغالب كنت بصد واتعصب وارفض بدون أسباب لكن "سليم" حسيت انه هديه من السما ليا وفعلا وجوده فارق معايا .. ساعدني اخرج من ضلمتي النور الدنيا
- ها .. موافقه صح ؟
ضحكت : هفكر
- لا مش مستاهله انا اساسا جي هنا علشان نقرا الفاتحه ونرجع القاهره مخطوبين رسمي وللعلم أهلك عارفين بصي كده ورا ..
بصيت لاقيت أهلي واهله مع بعض بيتكلموا وبيضحكوا مكنتش مصدقه ان مجرد محاولتي غيرت حاجات كتير وقدرت اشوف حاجات اكتر وأحس بيها .. إبتسمت وبصيت ل سليم وهو باصص ع السما بصيت للسما  وقولت " الحمد الله ع كل حاجه وشكرا يارب انك بإشاراتك إللى كنت بتساعدني بيها مستسلمش  منها  الراجل الكبير وظهور سليم ساعدتني اعيش حياتي والحق  نفسي  وان أبسط  الحاجات  بتفرح  وتحسسنا  ااننا  عايشين  فعلا ..!

" ‏ثُم تكتشف أنّ الضوء كان يملأ العالم، ولكنك كُنت تجلس في الزاويه المُظلمه ..!"

إعتبروها إسكريبت وقولوا رأيكم 💁‍♀️
الشير هيفرح  غيرك قبلي ع فكره هتنقذه💁‍♀️

  إعتبروها إسكريبت  Where stories live. Discover now