12"إلّا الرّحيل"

956 76 49
                                    

"في الصميم"

.
.
.

"لمن ستتركُني.. للحُزن يُغرقُني؟!
أم للحنينِ إذا شبّته ذكراهُ ..
خُذني إليكَ، و خُذ ما شِئتَ من عُمري
إلّا الرحيلُ.. فإنّي لستُ أقواهُ.."


أجفانه تتحرك بثقل أمام أعينهم المُراقبة حتى كشفت عن عينين حمراوتين متعبتين، يحدق في السقف أعلاه بشرود تام و كأنه لم يصحَ من إغمائته بعد..

نظراته بدأت تنتقل حوله ليلمح جلوس روان على السرير بجانبه، تُمسك يده و التي كانت قد علّقت بها محلولاً مغذياً قبل عدة ساعات..
من الناحية الأخرى وجه صلاح المليء بتساؤل و خوف واضح..

عاد مهيمن ليغمض عينيه ليتسلل لسمعه صوت روان القلق: مهيمن؟! حاسس بإيه في حاجة بتوجعك؟!

تحرك حلقة بابتلاع ريق جاف و خرجت أنفاس صدره ثقيلة متعبة، ليُحاول النهوض بصمت حتى اقترب صلاح منه يساعده: مهيمن باشا خليك مستريح..

دفعه مهيمن عنه بيد ضعيفة مُبعداً إبرة المغذي عنه ليسير بصمت خارجاً من غرفته حتى وقف بترنح في رواق طويل واسع..

نظراته و كأنها في عالم آخر.. يتقدم بخطواته في الرواق و عيناه تغيم بذكريات بات يشعر الآن بأن غبار الزمن غطّاها..

غرفة كانت مُغلقة أمامه، مد يده لفتحها بخوف كبير نمى داخله، خوف من مواجهتها فارغ اليدين من صاحبها،
أن يدخلها وحده، أن تعتب أغراضها عليه لتخلّيه عنه،
لعودته وحيداً من دونه..!

أغمض عيناه المهتزة، و التي سرعان مادمعت و هو يفتحها ينقل بؤبؤها في كافة الإتجاهات، و كأنه يحتويها كاملة في قلبه..

أخذ نفساً عميقاً زاده دموعاً، ربما لاستشعاره برائحة ذلك الغائب، و الذي بات يكرهه بقدر ما كان يكن له حباً..!

لم يستطع التحكم بأطرافه، و أقدامه تأخذه لخزانة الآخر الفاخرة، فتح أبوابها بيديه بقوة تكاد تخلعها، و بدأت ملابسه فجأة تتقاذف في كل مكان، أشيائه الثمينة، أوراقه الخاصة، ثيابه و أحذيته و صوره و كل ما يخصه،
دموعه لم تهدأ من نزيفها و يداه تطال كل شيء حتى فرغت الخزانة تماماً بعدما تكوم في منتصف الغرفة ماكان يحتويها..

نظراته انتقلت لتسريحته الخاصة، ليُلحق أغراضها بما سبقها.. و تتناثر بين زوايا الغرفة رائحة عطوره الفاخرة تزكم حواسه و تزيدها بكائاً و كرهاً..

شهقات أنفاسه باتت مسموعة، في محاولة ليُسيطر على تعب جسده و ترنحه الواضح، عيناه تدوران في الغرفة مع حركاته العصبية، تُبعثر أغطية السرير، تكسر كأس الماء النصف فارغ، و تحاول تمزيق وسادته الناعمة،

حتى وصلت يده لولاعة ذهبية اللون فاخرة ليتأملها ثواني قليلة و من ثم يذهب يجلس القرفصاء أمام أكوام الملابس و الأشياء الخاصة بزيد،

"في الصميم" بقلميfaroha.....Where stories live. Discover now