Sepulchral | سْبَالْكرَال

الكابوس السادس| لوحات سيد سليم.

لم يكن سيد سليم شخصًا سيئًا قط، بل علي العكس كان شخصًا مهذبًا، كريمًا، عطوفًا لم أر مثله في حياتي. فعادة لا تر من فاحشي الثراء من يتصفون بهذه الصفات الحسنة. هم دائمي التعجرف والبخل والعنجهية.

لدي سيد سليم عيب واحد وحسب، أنه مهووس باللوحات الأثرية وينفق عليها مبالغ طائلة. فقط اللوحات لا الأثار بشكل عام، بل بشكل محدد اللوحات، حتي إن كانت غريبة المنظر، وغير معروفة الرسام. طالما يبدو عليها القدم فسيشتريها بأسعار خرافية.

وهنا يأتي دوري. أقوم بتقييم وتعيين اللوحات التي يريد شراءها لكي يتأكد من قدمها، وأنها ليست مزيفة. وقد صارت علاقتنا وطيدة بعد ذلك فلم أعد مجرد مقيم لسيد سليم إنما صديقه كذلك.

يدعوني لبعض حفلاته، ويتفاخر بكوني ذا عين ثاقبة وخبيرة في أمور اللوحات، وأنني من قام بتقيمها كلها تقريبًا. يجعلني أقوم بشرح تاريخ بعض اللوحات المتناثرة علي حوائط قصره للضيوف. يهزون رؤوسهم في إنبهار ويصفقون لحظة إنتهائي من شرح تاريخ اللوحة.

في بعض الأحيان أعرج عليه لقضاء أمسية ما والحديث بشأن المزادات القادمة وما أعجبه فيها وكيف سنحصل علي ما نريده منها. سألته حين مرة إن كان يفكر في تجربة عمل تجارة باللوحات التي لديه، ربما فتح متحف حتي.

لكنه ثار قليلًا ورفض رفضًا تامًا وأخذ يتلفت حوله في قلق. لم أفهم سر تصرفه الغريب لكنني أعرف كم أن اللوحات تشكل هوسًا بالنسبة له لذا لم أسأل المزيد من الأسئلة المتعلقة بها.

ليس حتي بدأ العمال في التهامس بأمور مريبة.

في إحدي الأمسيات نهض سيد سليم لإحضار قطعة أثرية أهداها إليه أحد أصدقاءه لكي يريني إياها، طلب مني تحديد قيمتها وتخمين عمرها تقريبًا.

وحين ذهب إقتربت إحدي العاملات مني لتطلب مني عدم البقاء بعد العاشرة مساءً لأن اليوم الثلاثاء.

هززت رأسي في عدم فهم، ليس أنني كنت أنوي البقاء بعد ذلك، لكن الطلب بذات نفسه غريب للغاية.

_"إن سيد سليم يستقبل زوار من نوع خاص حينها، لذا أرجو لسلامتك الذهاب قبل ذلك الوقت، فلو علقت لن تستطيع التهرب من الأمر قط."

طبعًا كل الحديث بدا لي كهراء شديد، لكن جميع الخدم الأخرين وقفوا خلفها مترقبون يومؤن علي ما تقول. لذا قررت أنه من الأفضل الاستماع لها خاصة وأنه لم تكن في نيتي فعل عكس ما تقول أصلًا.

وحين عاد سيد سليم بالقطعة الأثرية لم أستطع التركيز وتحديد قيمتها كما يجب لأن ما شغل بالي هو تلك المحادثة الغريبة التي خضتها لتوي.