الكابوس الثاني| الأمور المعتادة.

47 14 28
                                    

لطالما كانت حارتنا غريبة.
لم نكن نعرف بعضنا قط، لا أحد يحدث الآخر ولا نلعب مع أطفال الجيران، لكن مع الوقت اعتدتنا علي الأمر، لم يصبح الهدوء الشديد فجرًا وقت توجه الجميع للعمل غريبًا أو عدم معرفتنا أسماء أبناء جيراننا في المبني المقابل شيئًا بجديد. تخرجت من كلية التجارة وعملت كموصل للطلبات في محل قريب من شارعنا، حتي يفتح الله علي وأجد عملًا يدر دخلًا أفضل.

روتيني عادي للغاية استيقظ في الفجر أصلي مع أمي، بعدها تجهز هي الإفطار ونتناوله سويًا ثم أتوجه لعملي دون تأخر. أعمل حتي الساعة الثالثة عصرًا، ثم أعود لأتناول الغداء وأجلس قليلًا لمتابعة أي برنامج سخيف ثم أدخل لأنام.

لم يكن الأمر في أول عدة مرات بتلك السهولة.

أول يوم عمل لي، بداية الدائرة المفرغة.

حين استيقظت في الخامسة فجرًا ولم يكن الظلام حالكًا كما اعتدت شعرت ببعض الغرابة، توجهت لأتوضأ ثم عدت ووجدت أن الظلام كان أقل من لحظة استيقاظي. لذا توجهت لفتح النافذة. حينها وجدت الدور الثالث في المبني المقابل لنا يحترق.

كانت النيران فيها عالية للغاية وشديدة لدرجة خروجها من النافذة بشدة، إذ كادت تصل للدور الذي يليه. طبعًا شعرت بالفزع الشديد. لكن الأسوء أن ابنة جارنا الصغري خرجت من وسط النيران وخلفها والدها تشده من يده. وحين وقفا أمام سور الشرفة، قامت بدفعه.

ببساطة شديدة!

لم أستطع التحرك، شعرت بأوصالي متجمدة، والعرق البارد يغمر جبيني. بحق السماء ما الذي يحدث؟

لكن لم تمض ثانية لأجد والدها يقف بجانبها مجددًا. لتعاود الكرة!
مرة ثم أخري ثم أخري.

طبعًا توقعت أنني جننت. هذ هو الجواب الوحيد لما كان يحدث أمامي. وقد كان، بالفعل بعد إغلاقي لعيناي لحظة. إختفي كل شيء. لا نيران، لا فتاة، لا والدها. أراحني هذا بشكل أو بأخر أنني كنت أتخيل الأمر. لكن علي أن أتفقد سبب فقداني عقلي الآن للأسف.

أنهيت روتيني الطبيعي ونزلت السلالم لأصل لباب المبني، لاحظت أن باب السيدة العجوز التي تسكن في الدور الأرضي موارب علي عكس عادته يكون مغلقًا فجرًا وتفتحه ليلًا حين عودتي، الوحيدة التي تبدو لطيفة بعض الشيء في هذه الحارة الغريبة.

طرقت الباب بهدوء ولم أجد ردًا لذا ناديت بصوت خافت عليها. هنا وحسب وجدت تلك المادة اللزجة علي الأرض. مادة سوداء لزجة للغاية ويبدو بأن رائحتها سيئة لأنني بدأت ألاحظ رائحة الأجواء غير الطبيعية.

حاولت التدقيق في ظلام الغرفة علْي أجد شيئًا لأن قلبي لم يطاوعني علي التجرؤ والدخول. وجدت في المبادل كرتان حمراوتان كاللهيب تحدقان بي، لم أفهم ما هما حتي صعقني الأمر.

Sepulchral | سْبَالْكرَال Where stories live. Discover now