الفصل السابع : الافندي

51 4 3
                                    

اجتمعت أورورا بإرنست في حديقة منزله، في صباحِ يوم الجمعة، بعد ان حَّيت من في المنزل وطلبت محادثته شخصيا على انفراد. وقد كانت الحديقة عبارةً عن حجرة زجاجية تحوي طاولة وثلاثة كراسي، على عدد اسرة إرنست_والتي تتكون منه و زوجته ووالدته_ وقد حوت الحديقة بعض اصناف النباتات مثل زهور القرنفل وعباد الشمس والورد البلدي والخشخاش الاحمر، وبضع شجيرات صغيرة، كان والد أورورا نفسه قد اعتنى بها في حياته.. ولقد كانت بالفعل بديعة الجمال.

احضرت زوجة إرنست الشاي لهما بنفسها، وتركتهما بعدها لوحدهما، ولم تمانع ذلك مطلقا؛ لانها تعلم مدى حبه واخلاصه لأورورا والتي كان يعتبرها بمثابة اخته الصغرى. هي نفسها كانت تحبها ، فلقد كانت انجيلا انسانة كريمةُ النفس،  ذات مشاعر نبيلة لم يخالطها اي سوء او غلظة، ولعل هذا هو سبب حب إرنست العميق لها ، فقد كان مزاجهما متشابهاً الى حد ما، وقد كانت شقراء بريطانية، ذات عينين  زرقاوين غائرتين تعبران عن عاطفة وحنان، وملامح ناعمة بريئة مع جبهة عريضة بارزة ، اما إرنست نفسه فقد كان شابا نحيلا متوسط الطول في التاسعة والعشرين من عمره، عيناه البنيتان عبر النظارات تعبران عن ذكاء وفطنة، ولم تخلو ملامحه من مسحة من الوسامة، والى جانب ذلك فقد كان غنياً ورث الملايين من ثروة والده الراحل وخاله كلاهما، ولذلك فقد تلقى افضل انواع التعليم في انجلترا، والذي ساهم في صقل شخصيته، فكان عالما محبا للطبيعة والناس. كرس نفسه لخدمة البشرية_ على قدر استطاعته_ كان يحس بواجب قيامه بأيما مسؤولية القيت على عاتقه، وليس اكثر او اقل من ذلك، وهناك كان قد تعرف على زوجته، أثناء دراسته الجامعية. فقد كانت ابنة احد اساتذته.

وكان الطبيب إرنست قد امضى تسع سنوات هناك، قبل ان يرجع منذ عام ونصف الى بلده، مستفيدا بصورة تامة من كل الخبرات التي تلقاها في اسفاره، كان ذلك كفيلاً بجعل والدته تتباهى وتتغنى بفضائله  اينما حلت. اما أورورا فقد كانت في الرابعة عشرة عندما سافر، ولقد افادتها السنين التي قضتها بعيدة عنه بأن كانت كافية لتميت عاطفة الحب التي توقدت في  قلبها تجاهه، على الرغم من ذلك، فأن إرنست ما يزال يملك مكانة خاصة في قلبها،ولذلك التجأت اليه.

- سيبرد شايك، هيا اشربيه.. عقب إرنست.

فرشفت أورورا الشاي بالليمون كله دفعة واحدة بتوتر ، وكأنها تريد ان تنهي امراً ما بسرعة. فلاحظ إرنست ذلك وابتسم.

-اذاً مالذي اردتي الحديث بشأنه؟

- هل تذكر عندما اختفيت قبل ثلاثة اشهر او يزيد؟ قبل حادثة موت والدي، كنت قد سقطت في حفرة عميقة، مظلمة، وبقيت هناك لفترة، ولست ادري حتى كيف خرجت منها، لقد كانت معجزة حقا..

دخلت بصلب الموضوع مباشرة. حيث اصاخ إرنست بسمعه بأنتباه شديد لكلامها المفاجئ بعد كل هذه المدة من الصمت، ومرت فترة سكون قليلة قبل ان يسألها :

بين نهرين (Mesopotamia)Where stories live. Discover now