الفصل السادس

Start from the beginning
                                    

-بطاقتك يا أنسة.

التفتت "مليكة" بذعر وهي تقبض فوق أجندتها البيضاء تنظر له في عدم فهم لوجوده خلفها، فما كان منها سوى أن تنطق بنبرة متلعثمة:

-نعم!

هز رأسه مستنكرًا إمارات الخوف المرتسمة فوق وجهها، سألها بجدية أرعبتها منه:

-بطلب حاجة غريبة؟

بدأت تشعر بالتيه أمام عيناه المثبتة فوق ملامحها تشمل كل تفصيلية بها في جرأة لمست قلبها الغض وحركت مشاعرها من معقلها فبدت كالطفلة وهي تحاول تجميع كلمات لتكوين جملة مناسبة تكشف بها سر مراقبته لها بعد تأكدها من ذلك خلال الأيام السابقة:

-بس حضرتك شفتها قبل كده.

ردت ببساطة والتزمت الصمت، فتقبضت يدها بعد أن لاحظت غرور غزا عينيه المشعة بوميض أربكها أضعاف ما هي عليه:

-اه يعني بترفضي تنفذي أوامري.

أخفت الاضطراب الكامن داخلها، وردت في ثبات:

-اه برفض ومن حقي.

ضيق عينيه وهو يقترب منها في خطوات مدروسة متلاعبًا بأعصابها لكم كان بارعًا في ذلك وخاصةً مع الفتيات العنيدات مثلها، إلا أنه مدركًا أن العناد المُنير في عدستيها غريب عليه، لذا قرر الاستمتاع به:

- لا مش من حقك وكده ممكن أعاقبك.

-تعاقبني!

ردت في دهشة سيطرت على ملامحها الجميلة، وزادت من حمرة خديها، فحرك رأسه بإيجاب مستكملاً في جدية استطاع تصديرها ولم تستطع كشف حقيقتها بأنها ليست سوى مداعبة جافة:

-اه هعاقبك ومش أي عقاب، أولاً هركبك البوكس وبعدها تروحي القسم وهناك هعمل...

أشارت له بالصمت والصدمة تطفو فوق ملامحها لا تصدق كلامه، فما أخطأت حتى يأخذها... هي حتى تخشى التخيل، فقد جف حلقها وارتعب داخلها كالفرخ الصغير:

-أنا معملتش حاجة لكل ده، أنا أصلاً معرفش ليه عايز بطاقتي تاني.

وضع يده في جيب سرواله مررًا بصره عليها وهي ترمقه بخوف حقيقي من جديته المفرطة، فضحك ملئ شدقيه وقال بعدها:

-مالك خايفة كده ليه؟

استشعرت سخريته منها، فرفعت ذقنها لأعلى تقول بضيق محتدم:

-أنت اللي بالغت في كلامك ليا.

مال رأسه جانبًا وهو يرمقها بنظرات ذات مغزى وبنبرة غامضة قال:

-مكنتش ببالغ، بس ممكن الغيها بشرط واحد.

-إيه الشرط.

ردت بتسرع عضت عليه لسانها فورًا، فسارع بإخراج ما يصبو إليه قبل أن تتراجع:

-تيجي معايا اعزمك على عصير.

لم تحتاج لوقت كي تفكر فالرفض ظهر في عينيها وضوح الشمس وهذا ما أحرقه وزاده إصرار عليها، لم تكتفي بالرفض الصامت بل عقبت بصراحة:

 رواية منكَ وإليكَ اِهتديتُWhere stories live. Discover now