الفصل الثامن والعشرون

26.3K 1.6K 151
                                    

الفصل الثامن والعشرون...

رفعت حورية عيناها البنية تطالع ذلك الضخم الطويل الوسيم والذي حمل بنظراته لمحات من العجرفة وبسمة عابثة تحلق فوق شفتيه، فعادت مجددًا تنظر لشهيرة التي اوضحت بدورها:

-دا يزن اخو جوز مليكة وبيحب البامية وانا أصريت انه ياكل منها.

أشار يزن بعبث نحو شهيرة مردفًا ببراءة:

-هي اللي أصرت مش أنا خالص.

ضحكت شهيرة وهي تقول بحماس:

-اتفضل يا يزن انت على السفرة وحورية هتحط البامية حالاً.

دخل للمطبخ وهو يقول بأريحية مما أثار تعجب حورية:

-لا ابدًا والله انا هاكل في المطبخ هنا.

حاولت شهيرة اقناعه بالجلوس على طاولة السفرة مواصلة حديثها على جودة خشبها وطرازها العصري، فرفض بإصرار وهو يقول بعتاب:

-متحسسنيش ان أنا غريب يا مدام شهيرة.

هزت كتفيها باستسلام وهي توجه حديثها الخافت والحازم لحورية المتعجبة من سلاسته في التعامل معهما:

-زي ما قولتلك في الفرنساوي، هروح اشوف مليكة.

افسح لها يزن المجال فخرجت من المطبخ وبقيت حورية تطالع اثرها باندهاش قطعه وقوف يزن بإحدى زاويا المطبخ مستندًا على الحائط بجانب جسده وتلك النظرات العابثة تغزو عينيها فكادت أن تثور بغضب ولكنها امتنعت وأكملت ما تفعله، شاعرة بالحنق الشديد لتأكيد شهيرة أختها على الاطباق الفرنسية تحديدًا وهي تعلم أنها قصيرة وستحتاج لمساعدة لجلبها من الأرفف العالية بالمطبخ..التفتت حولها كالطفلة الضائعة حتى وجدت مبتغاها خلف يزن تحديدًا، سارت بخطواتها البطيئة تجاهد التماسك أمام طوله الفارع وضخامة جسده بينما  كانت هي ضئيلة جدًا بالنسبة له واضطرت لرفع عينيها لتحادثه مما أشعل العناد بمقلتيها وهي تطالعه:

-لو سمحت وسع شوية كدا.

ابتعد المسافة التي حددتها بيدها الصغيرة فأثار حنقها ورفعت حاجبيها تطالعه، كرر خلفها وبنفس حركة يدها قال:

-الله مش انتي قولتي لو سمحت كدا!

-تقوم تبعد كدا ابعدته بالملعقة الكبيرة الخشبية التي كانت تمسك بها بكفها الأخر، فصاح هو متهكمًا من جرأتها:

-انتي قد الحركة دي يا صغنن.

صعدت للمقعد الخشبي الصغير بخفة ورشاقة وجذبت الطبق بحذر كي لا يفلت منها وتثور شهيرة بتعنيفها..ثم نزلت بنفس الرشاقة التي جعلت يزن يتابعها ببسمة ساخرة اختلط فيها العبث والشقاوة، تجاهلت نظراته وتابعت في سكب الطعام له وهي تقول بحرج:

-الراجل اللي عمل المطبخ عمله عالي جدًا لشهيرة.

هز رأسه تابعًا بتفهم ساخر وأكمل:

 رواية منكَ وإليكَ اِهتديتُWhere stories live. Discover now