الفصل التاسع

503 14 0
                                    

وصلت إلى هناك متأخرة فاقتربت من حسين و اعتذرت منه بأدب فحياها بحرارة و أمسك بيدها و أخذها إلى حيث وقف ضيوفه، كان نيل موجوداً أيضاً يتحدث إلى ضيف يلبس الزي العربي و كانت كاميلي واقفة إلى جانبه و بدت رائعة بفستانها الشيفون بلون المشمش .

شعرت كرستي بالحسد نحو كاميلي، و وجهت إليها نظرها حيثما مشت مع نيل لكن حسين قطع عليها تفكيرها و قال بعد أن ناولها كأس الشيري :
«إني أتساءل يا كرستينا، لماذا لم تخبريني بأن الأخ الأصغر لزوجكِ، جراح عظيم في الولايات المتحدة ؟»

«الحقيقة بأني نسيت أن أخبرك» .
أجابت كرستي .

«ألم تعرفي بأنه سيأتي هذا الشهر لإمضاء عطلته هنا ؟»
سألها حسين .

«لا، فأليك و نيل لم يتفقا أبداً و قد استغربت دخوله القاعة اليوم و لم أتوقع حضوره أبداً» .
قالت هذا و هي تنظر في اتجاه نيل و كاميلي فكانا ملتصقان ببعضهما البعض ثم سألت حسين :
«من هو الرجل الذي يتحدث إليه نيل ؟ يبدو شخصية مهمة» .

«نعم، هذا عمي سعيد الدكر، و هو زعيم ديني في بلادي، سأقدمكِ إليه لكني أريد أن أعرف إذا كنتِ تعتبرين نيل صديقاً جيداً ؟»

قال حسين هذا و هو يقترب نحوها و نظرات الإعجاب تلمع في عينيه لكن كرستي ردت بقولها :
«لا، فنحن لا نعرف بعضنا جيداً، و لم أره منذ سنوات» .

«لكن فور دخوله، اقترب منكِ و قبل يدكِ و همس في أذنكِ فهذا ما قالته كاميلي و كما تعرفين الفرنسيون يفهمون هذه الأشياء» .

ارتجفت كرستي التي تحمل الكأس لكنها حافظت على هدوءها و قالت :
«أظن بأن كاميلي تملك مخيلة خصبة جداً ففي الثامنة عشرة تظن المرأة بأنها رأت الحب في كل مكان و في كل تصرف» .

«ما هذا الكلام يا كرستينا، هل تحاولين القول بأنكِ لا تؤمنين بالحب أو تجدين نفسكِ كبيرة على هذه الأمور ؟»

«نعم، لم أعد أؤمن بالحب» .
قالت كرستي .

«و لماذا ذهبتِ مع نيل إلى البرج، و أمضيتِ معه أكثر من ساعة في غرفة مغلقة لو لم تكوني صديقة حميمة له» .
قال حسين هذا و الغيرة تظهر في عينيه .

«أظن بأن أحمد أخبرك بما رأى، مسکین أحمد فقد عامله نيل بقسوة لأنه لا يحب أن يراقبه أحد في ما يعمل، حاولت افهامه بأن أحمد يؤدي واجبه عندما دخل إلى البرج ليعرف من بداخله، كنت أناقش محتويات الغرفة مع نيل، لأن فيها أغراضاً لوالدته الراحلة و أظن أن من واجبي أن أعطیه إیاها» .

نظرت كرستي إلى كأسها الفارغ و سألته بأدب :
«هل أستطيع أن أخذ كأساً ثانية ؟»

«بالطبع، تعالي معي، سأعرفكِ على عمي الآن».

أمسك حسين بيد كرستي و أخذها إلى حيث تم التعارف بينهما و بين عمه و بعد نصف ساعة جلست على طاولة العشاء بين سعيد و مدام دولاكروا، و أمامها مباشرة جلس نيل بين كاميلي و رجل عربي أتى مع سعيد، أحست كرستي بالإحباط و تمنت لو أرسلت اعتذارها إلى حسين لعدم تلبية الدعوة .

عودة الحبيب الضال // روايات عبير الجديدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن