|6|•روبي

191 29 14
                                    

وقفت أمام المرآة في الحمام أراقب وجهي الذي يكسوه الفزع. لم يغمض لي جفنٌ البارحة، كيف أفعل؟ بحق الجحيم كيف أفعل وجيراني أشباح؟

أضحك ومن ثمّ أعود للبكاء من جديد، بكّاءة أنا وأعترف.

صرت أمشي على أطراف أصابعي حتّى لا أزعج جيراني الأشباح. حسن معاملة الجيران فضيلة، على رأسي وعيني يا أحبابي! يا أمواتًا تهتم في أرض الفناء!

ليلةَ البَارحة كانت لعنةً من الطراز الرفيع، ضللت أنوح حتّى الشروق، وليت جيراني كانوا أشباحا كما إعتادت أن تعرضهم الأفلام. كانوا نشطين حتّى في النّهار.

فخوفّ عليك يا نفسي حتّى بانقشاع الظلام.

صفير الرياح في الخارج زاد الأمر سوءً، ليلة عاصفة في مايو! وكتأثير صوتيّ أكثر إقناعا؛ صوت خطوات مجهولة رفقة صرير الخشب تحتها من الشقة المجاورة.

كنت أبكي بصمتٍ وقد زدت حشري لنفسي تحت الغطاء حتّى فقدت أنفاسي وإنقطع الهواء، ولكني لم أستطع حتى رفعه إلا حين أشرقت الشمس.

على الأقّل صباحا بإمكاني الإستنجاد وقد يهبّ أحدهم لنجدتي إذا ما قرروا-أشباح الخمسة والخمسين- معاقبتي على إزعاجي في الأيام الماضية.

صِرت أُهلوس فبين الفينة والأخرى كنت أسمع أحدهم ينادي بإسمي، وأقنعت نفسي بصعوبة أنه صوت عقلي المرتجف.

عقلي الذي فكرّ بشيء معقول لأوّل مرّة مطالبا إياي بالهروب، وترك هذه اللعنة ورائي.

أن أتخلي على كلّ شيء.

والأهمّ أن أتخلى على حلم تأسيس حياة مستقلة، بعيدة عن مال أبي القذر. وأعود إلى حياة العهر السابقة لي، وماركات غوتشي  وبرادا.

لقد كان كلّ ذلك كابوسا بالنسبة لي. كابوسا أرفض حتى تذكره.

أخذت نفسا عميقا ورفعت رأسي للسقف. لن أعود إلى تلك الحياة، جيرانٌ من عالم سفليّ أرحم بالنسبة لي.

أسوأهم تاريخي المظلم في الثانوية؛ حيث كنت المتنمرة صاحبة بطاقة الإئتمان التي لا تجف أموالها. والعاهرة التي تتصيد الفتيان طول الوقت والويل لمن يرفضني.

أكره تلك الفترة، حيث الضمير لا وجود له في قاموسي. أكره تذكر ما فعلته في غيري.

وبعيدا عن كل ذلك وجدت صفاء روحي والأمان.

لا، وجدت كل شيء إلا الأمان. خاصة عند إنتقالي إلى هذه العمارة، عفوا الثقب الأسود الذي يستمر بإثارة أعصابي ة

بقيّة كلّ هذا نعيم حقيقي.

أصدقائي، جامعتي، علاماتي أشياء تحسنت وأضحت جيدة بمجرد إتخاذي لقرار مسح أبي عن وجوده في حياتي.

الأب هو القدوة، وقد كان خاصتّي قدوة سيئة.

بالنسبة له المال يستطيع شراء الناس، العلاقات، الحياة كلها.

الشُقّة خمسٌ وخمسونWhere stories live. Discover now