-١٤- نُدبةٌ قَديمة

Start from the beginning
                                    

كُنت هالكاً لا محالة  أو هذا ما اعتقدته و لكن عندما رموني بجسدي الدامي أمام منزلي شعرت و كأن الحياة عادت لي و خصوصاً حين رأيت وجه أمي الباكي و عيناها القَلُقة

و عندما تساءلت عن سبب غيابي و عودتي على هذا الحال احترت بما أُجيبها فهل أقول لها بأنني اعترضت على أمرٍ لا علاقة له بدولتنا أم أقول لها بأننا أوشكنا على الدخول في دوامةٍ ديكتاتورية لا نهاية لها

أذكر بأنني بقيت في المنزل مُعتزلاً عن الجميع و علمت حينها بأن بولندا ستكون التالية و نحن سنُنفى الى حيث أجلنا الأخير ...

و من كان ليعتقد بأنني سأصبح عازفاً لأقوى جنرالٍ في الدولة و من كان ليظن بأنني سأشاركه ممارسة المُتعة و أسمح له بطبع شِفاهِه على أنحاء جسدي

كُل ذِكرى مِن ذكرياتي توقظ في أعماقي أصوات صرخاتي  و بُكائي و النحيب على كُل جُزءٍ قد مات داخلي

الأمر ليس سهل النسيان و لا يُمكنني ترك كل ما حدث في الماضي خلفي و المُضي قدماً لأن ما واجهته ليس فُقدان لعُبة أو موت أحد والداي بشكلٍ طبيعي

لكنني نسيت كل شيء و كل آلامي فقط حين كُنت بين يديه و همسه العميق داخل أذني جميعها تفاصيلٌ أفقدتني عقلي حينها

و كأنه يمتلك سِحراً يجعل مني شخصاً أخر

و كأنني حديث الولادة معه بلا ماضٍ أو ذكرياتٍ أليمة

قد أنفي حقيقة افتقادي لوجوده في هذه الأيام التي يغيب فيها عن القصر و يستحيل أن أعترف باشتياقي لقضاء الليلة في غرفته أمام البيانو

لكنني و للأسف أفعل و أشعر بالاختناق و الوحدة في هذا المكان الواسع ، بالإضافة الى وجود هانس الشاب الألماني

هانس كثير الثرثرة و الكلام ، ففي الأيام السابقة قد شاركته تناول الطعام على طاولةٍ واحدة تخلو من وجود الجنرال

و هو استغل الأمر بطرح الكثير من الأسئلة حوله و أنا تظاهرت بالجهل و سايرته في جميع أقواله لعله يتفوه بشيءٍ يُفيدني

لكنه لم يفعل و عوضاً عن ذلك استمر بالحديث عن بطولاته و عن استحقاقه لمركز الجنرال.....

و أنا انجذبت لحديثه حين بدأ يتكلم عن آلفريد و عن الألاعيب التي قام بها كي يصل لمنصبه الحالي و بطريقةٍ أو بأخرى أخبرته بأنني أوافقه الرأي و أنه يستحق هذا المنصب أكثر من الجنرال و والده

مما جعله سعيداً و جعلني أعثر على ورقةٍ رابحة .....

.

آنجِيلوس١٩٤٠ || YMWhere stories live. Discover now