تعاقب الأجدّان و حاصرني الوقت مضيقا على نفسي و أنفاسي ، كتمت رغباتي الوفيرة في الصراخ بأعلى صوتي و شددت أزري في سبيله ، تارة تحْبِطني كفة المساس بحريته و تارة أخرى تحبطني كفة البرود الذي يتجلل بعقد قرآني ، فلم أوفق بإيفاء حق أيّا منهما .
أربع ليال تفصلني عن دلوف القفص الذي سيجمعني بشين باي ، و لست على أهبة الإستعداد بعد . يفترض بي تكريس وقت أعظم على ذلك الأمر بيد أنني أفعل ما يعاكسه تماما ، أقضي ما كثر من يومي على استجماع ما يقود بصيرتي للخلاص مع لينغ ، نتشاور على هذا ، يحتدم النقاش على ذاك و لا نأتِ بما يُفيد بنهاية المطاف . وعدني بتبيان الحق و أنا أدرى به فهو ليس بناقض و لا كاذب ، و على هذا اركح ظهري.
أتى خطيبي بذاته يتخذ من قرب مجلسي مكانا ، حاوط كتفاي ناثرا عبقه على كلّي ثم مرر أنامله الباردة على عنقي واضعا عليه سلسالا فضيا مرصعا ، قطّبت حاجباي و تحسست القطعة البراقة بأطراف أصابعي .
"لا تضاهيكِ جمالا طبعا و يا لحظها كم أحسدها! "
تكلم بخفوت مناوبا حدقتيه بين مقلتيّ و السلسال ، غزتني كومة من الضوضاء داخل رأسي جاهلة للذريعة ، أوليس هذا حلم كل مرأة عاقلة ، أن تنعم بالدلال و الوقار بآن واحد من قبل شخص استجمع كل صفات الكمال و الرجولة بآن واحد.رتّبت ما تبعثر من حروف على لساني ثم نطقت تحت ستار الشّجن.
"أشكرك شين باي"
دنى فقابل جسدي ثم أخذ كفي بكفه راسما ابتسامة خافتة على ثغره .
"لا شكر بين الأحباء جين ، أنسيتِ هذا؟ إنه لمِن دواعِ سروري أن أدلل الطفلة اليافعة القابعة بك ، فؤادي توّاق لإبهاجك و عرض الجانب الخيِّر من الدنيا على عيناك ، فينسى قلبك أمر ذلك الظّالم و ما أقبلت به يداه .
أقسم أنك شغفتيني حبا فأغرقتيني "رجعت للوراء بضع خطوات . كلامه ما راقني و لو قليلا ، أتراه ممن لا يحققون القضايا و يؤمنون بظواهرها فقط ، أيرضخ لرِجس الشيطان و يقترف آثاما عظيمة تضاهي التي اقترفتها سابقا.
"ما أدراك به؟ أتحققت من أمره لأجلي؟ "
قلت بحزم ضامة ساعديّ لصدري و قد هز برأسه مؤكدا .
"بالطبع جين ، لم أشأ مفاتحتك سيرته ، لكن بما أن حديثنا آل إليه ، دعيني أقص لك البعض من جرائمه :
قبل ستّ سنوات من الآن، شُهد أنه راشٍ و مرتشٍ و متورط في قضايا الإنحلال الأخلاقي . تعرفين مقصدي من هذا صحيح؟
بعدها بعام توغل في قضايا الفساد و تسريب سجلات الإقتصاد لليابان ثم انخرط في أكاديمية تتعامل مع العصابات فور حصوله على تمويل غير شرعي، و أخيرا قضية إغتلال الرئيس أباك . و قد تكون هناك قصص أخرى نجهلها ، بحق الإله أليس هذا كافيا لك ؟ "ضيّقت عيناي أَرتَكُّ في الأمر ، أويعقل أن تكون المحكمة غافلة عن كلّ هذا و قد كان أمر استخلاصها يسيرا لم يكلف القابع قبالتي أزيد من ثلاث أيام على عرضها عليّ هكذا . قد أكون إمرأة بنصف عقل ، بيد أنني ترعرعت بعائلة عرفت السياسة منذ القدم لذلك كل ثغرة لم يستوعبها فكري ، ليست بسديدة المنطق .
وشكت على الرد إلاّ أن مجلسنا قوطع من طرف مساعدي و كم تشتهي نفسي أن يكون دلوفه المباغت يحمل ما يسرّني .
"أعتذر عن المقاطعة .. سيد شين باي ، أود استعارتها منك قليلا لو سمحت! "
انطلقتُ بعدما أشار لي برأسه . أصدتُ باب مكتبي و دعوته للإستقرار براحة على الكرسي ."إذا لينغ ؟ أَمِن جديد؟"
تكلمتُ بلهفة مدقّقة بوجهه الذي تعلوه ملامح تدعو للإرتياب، ترزّم في عرض كلامه مما جعل دواخلي تضطرب . يُهيَّأُ لي أنه ينسج و يحيك الكلِم برويّة حتى لا يفجعني دفعة واحدة .
"سيَدتي أخشى عليك من هذا و كم أستصعب الأمر "قال مترددا إلا أنني شجعته على الإستئناف .
"كُنت قد بعثت مِرسالا لمدينة طوكيو ، و قد أتاني بأنباء لن تسرّ أحدا .
أولا تبين أن السيد لي تايهي كان على وفاق زائد عن اللزوم مع الرئيس الياباني الحالي و.."
قاطعته بتسرع قائلة
"أيراودك شكّ في كونه متورطا بالحادثة؟"
اعترضني متكلما ." رُويدك سيدتي ! اعذريني لما أنا موشك على البوح به .. الرّاحل كان يحيك أمرا مع شي تاه ، يوافيه بأخبار البلد و يبعث له بسجلات مسربة من الجيش في غاية السرية ، أمّنت رسولي أن يأتيني بمزيد من تفاصيل المسألة و قد حصل على بعضٍ من تسجيلات المكالمات الصوتية الأخيرة . إذا أعطيتني إذن تشغيلها فسأفعل ، هي بحوزتي الآن "
صداع حاد اجتاح رأسي ،أحسست برسيس حمى باردة يستولي على كل قطعة مني و كأنه بداية الموت المفجع ، كل حرف وقع على مسامعي كان كالطامة التي ستهلك وجودي بلا شفقة. أعطيته إذن تشغيل التسجيلات و يا ليتني لم أفعل !
YOU ARE READING
أَصْفَاد بكين
Fanfictionو ما كان بين يديْها إلاَّ سَقيم النُّهى ، يَبتسِل لها طوعًا و تُسايره كُرهًا . أظَلمْتُكَ كثيرًا؟" "لا ، على العَكس ! تَأسَّلْتِ بالفاروق " ■ زانغ ييشينغ. ■ لي واي جين . ذات فصول قصيرة . كل الحقوق تعود لي ككاتبة أصلية للقصة.