02

117 12 1
                                    


تسَترتُ تحت سواد السِّلاب المدنس بأنامل شر الخلق الماجن، فأضمرت  بذلك شؤون ما آلت إليه أموري  ، أحيط بكحل مقلتيّ غشاوة صدت صواب بصيرتي و أردعتها طريحة فراش الثأر المحتوم ، أعربت بذلك عن شُقح أفعالي و ما ستر بخلدي أعظم فمن ذا الذي  يبدي حُسنا بعدما ذاق شُؤما قَلَب موازنيه و قبّح بواطنه . 

سَقُم فؤاد المرأة الجبَّارة المتواري بصلبي ، و ما اشتفى من علة النفس المسلوبة ، وُدّها و طيب ريحها شغل ذهني بجزاله و ما برحني أهنئ أتروّى بشيء غيره . 

عجبتُ من أمر تاركي في غيهبان الدنيا ، اصطفى النهج الوعر بعدما سلس لسالبه بحقه و كأنه احتذى ببخيل الروح فبارحها متأبِّها عن الصّغائر فساعيا لرغد الجنان وحيدا، زَحل ففعلتُ المثل ، إبنة أبيها و من صلبه كانت ، هذه هي من أكون .


رفَّلني القوم لعظيم سلطاني و وفرة جاهي ، إقتدوا بمنزلتي و حذوا خطوي مرددين أنّ بي انعكاس الأنثى التي ما عرفت شظَفا و لا عيشا ضنكا ، و كأنني أطأ قدما بالجنة و أخرى بغير أرض . أما أنا فلم يستهويني ذلك الكم الوفير من عزة المال المبنيّ على فؤاد يتيم أدهم فقد غدى كله في عداد الماضي من أمري .

صحوت من غفوة جهلي بأمور الحياة  بعدما تلقيتُ صفعة آثمة من كف العقبات المسترسلة ، إقتتُّ على إثرها رجين الكره و أنا التي تعبت في تشييد آجَام من الحبّ على  هامات السحائب  الشامخة بشموخ لين أنوثتي. أَجَّت نار  الحقد في صميمي  و علا حفيف لهيبها يضرُّ بمسامعي .
آثيتُ نفسي و آثيْتُ مُعذّبها مرارا ،يومها أعطيته صفقة يدي في إذاقته ضعفا من العذاب و لن أتراخى في في رد الصاع صاعين .

وضيع حَسَبٍ هو ،  أَزّل صدري و أخذ بيدي صوب القتام فجعلني صاحبةً للأرق و أوفى من يسامر أديم الليل و كواكبه ،اعتزلت بعدها العيش و انزويت بنفسي أناجيها على الإقتصاص و شنّ ضغناء هوجاء لن يسلم من شرها ناكر و لا زنديق.
توليت مهام إرث والدي بعدما شددتُ أزري  مقلعة ثوب الحداد ،و ملتفتة لإتمام ما عُلّق بفترة المأتم ، مسؤوليات أثقلت كاحلي فأبادت سكوني و ما تخليتُ عنها يوما باسم العَنَت فهي منه إليّ. 






جشر الصبح و انكشف نوره  يبعث بأشعته فيومض فؤادا هجيرا استكنّ بأمرٍ من شُطفِ عقل سليب و فكر 
حليم . تطاولتُ على نفسي و أسريت كون روحي تناجيني للخلاص من الشجن الذي يشغلني ، سحقتها و قلبي ليس بمنيب فقد رثوته منذ أزل،  التفتّ أبجّل أربي بأيد مقدسة باسم الشَّنف من جنس الكلف و كُلي ينقاد خلف فطنة النهى .

استقمت بطولي أجابه صلادة  الباب الحديدي الخاص به و قد حَبلتُ بفيض الإنقباض من صلب الجُبن . ظفرت برفيق سيرٍ ترأس خطوي و هو يقتاده للقاء مصيره على بعد مساوف ضئيلة، طاوعتُ تبججه و تغافلتُ عن حرصه الشديد في تحبير القول بأسمى ماكان ، كان ذلك بصدد استرضائي فيلقى بذلك ترقية لمنصبه بوصية مني عليه.

افترقت و إياه بعد دلوفي لردهة الموت ذي اللون العقيم ، تراءى لي هزله المتخذ من وضعية الأمس قِبلة لفجوره. فاجِر يجني ما أقدمت عليه يداه من سوء العمل حتى غدى جُهره رثّا يتراكض و قلبه على بلوغ المفازة بالباطل من الأفعال .
صَعّد فِيّ البصر و كأنه يشمت بقدومي و قد سبقني في ذلك ، بلعت رضابي بعدما شنّت حرب الأنا و الهُو  معلنة عن خراب واقع، تجمَّ عليه الحرس طوعا لأمري في تحويله للمكان المنشود مكبلينه بالأغلال.

أصدرت إشارتي فباشر الرقيب بتعليم جسده آثارا لن تطمس بنعومة المراهم و لا بلثمة من فاه حبيب ، أُتّي إلي أنني سأكتفي بعد بضع أسواط لكن خفوت أنّاته يحرّضني على المساس به بسوء أكبر ، دنوت منه فارتطمت حدة لهاثه بآذنيّ حتى غدت كالذنب . 
أولاني سوداويتيه فوقعت مختلطة بخاصتي في عناق يصطرخ عداوة و يتضرع للفراق،  تفرقت شفتيه لإلقاء ما أباده من ثقل الكتمان.  

"عهدتُك سديدة الرأي ، فما أنت بأسيرك بفاعلة لي جين؟"

 عندها فقط ما حكّ كلامه في صدري . أثيم بمثل دنائته حُرِّم عليه إدعاء معرفتي بل حُري به تقبل مصيره و عدم إعتراضي في إبصاري لأمره من زاويتي.
جابت عيناي منحيات وجهه المسقيّ بالسيل الأحمر الرقراق  ، ابتسمتُ بثقة ثم جررت قدماي ناحية المخرج صارخة بالجلاّد .

"أرجوا ألا تأخذك به رأفة حضرة الرقيب"

أَصْفَاد بكين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن