04

48 7 0
                                    





تأبّقت الغبطة منذ أزل ،أصدر حكم المؤبد على قلبي متواريا خلف حجاب دامس ، رضخت لما آلت إليه أوضاعي و رحّبت بالجنازة القائمة على رأسي ، خلت أنني سأوفّق بإخراجه غانما من كربي لكني تهورت لأخذل و أرتطم بالمزيد مما يعيق علي المُضِيَّ نحو الأمام.


راودني الكثير من عذاب النفس آخر فترة ، صاحبتني بشاعة الأحلام  معكرة بذلك  صفاء راحة بالي ، سوء مظهره اتخذ فسحة  بمنامي مسببا لي الكثير من الصداع ، يُبَثُّ هدوء صوته بي  و هو يدعي الكثير ممّ أجهله عن نفسي . مقاطعٌ لا تنجثّ عن إعادة نفسها بي مرارا بالقرب من آذاني ،جعلتني طريحة تأنيب نفسي لنفسها  في عدم السعي خلف مصداق قضيته و لو قليلا.

شكوكي تفرض حالها على ساحة فكري المُرتاب فيميني يصدق باحتمالية كونه مغلوبا و شمالي يناقضه الرأي و يضمن سلامة ما التقط يومها بمكان الجرم .










برحت مكان اضطجاعي و وضّبتُ متاعي أتجهز للسفر نحو صرح  العائلة بجزيرة هاينان ،عسى أن ينفعني الفراق عن بكين و أهلها فأتوقف عن الإنقياد خلف حمق ما يشغلني .
انطلقت و مُساعدي لينغ برحلة قرّرتها ألا تتعدى خمسة أيام بدءا من اليوم ،و قد قضيت قبل ذلك أمر سجيني بالإمساك عن المساس به بضرّ لحين موعد  رجعتي  لذرائع ما عرفت هويتها .






"عين أفلت تحت سطور الغفوات و فؤاد صحى على وقع ما خلفته الهفوات "

ذلك الإنسيّ أخذ عقلي بأصليّته و لم يعبئ إن تركني متلوهة العقل أم متزنة الفكر ،فجعني في بشاشة روحي  و أحالها لانصباب منتظم على خدي الأسيل ،حتى غدوتُ ممن تمكنت منهم صروف الدهر فخدشت بواطنهم و قلبت معتقداتهم.

 فررت بجلدي من فوضى الخلق بالمدينة ، راجية قضاء فترة أنقه فيها ما يجول بخاطري ، لكن وجدتني أحضى بصحبة جديدة داهمت خلوتي بنفسي .
لقاء جمعني بالشخص القابع قبالتي على حين غرة ، بعدما تعطل محرك مركبته وسط الغاب بوقت المغيب . حينها  قصدت حديقة الدار بغية تفقد شتلاتي الصغيرة ، لمحته يفك و يعيد تركيب  تلك القطع المعدنية ببعضها دون أن يأتي الأمر بنتيجة ، عرضت عليه المساعدة بيد أنه اعترض بحجة علو كبريائه ، لم يدم الأمر طويلا حتى أوكلت لينغ أمر التكفل باستضافته و تقديم وجبة دافئة له ، حتى و إن كان دخيلا فنحن  قد خلقنا من صلب وطن واحد و الإتسام بالإنسانية تظهر براعمه في مواقف مشابهة.

"إذا آنسة جين ، أرى أنك تبدين اهتماما بالزراعة؟ "
 
تكلم برزانة مخرجا عقلي من الضوضاء التي اجتاحته ، هززت رأسي مؤكدة سؤاله لأرجع لسكوني المعتاد.تنحيت بكُلّي مهاجرة نحو الإنزواء بنفسي و قد أيدت خطى ضمور الإئتمان بظواهر البشر المرصعة بالكمال  . كل نفس تتوارى خلف ستار نسج بخيوط أصيلة من علو الشأن الزائل بعد أول تلامس له مع خبث الذات . بالرغم من معتقدي هذا إلا أنني أرى بهذا الغريب خيرا ، لين نظراته يدحض تبني معنى الخيانة بداخله ، حشمته و  تروّيه في التفكير أعطيانه وقارا نمى بمقلتي و نمق بصري تجاهه  ، راعتني طريقة تناوله للأمور من كل جانب كأنه حكيم مخضرم أردى عن السبعين .
لستُ أعد محاسنه فهو ليس بقريب مني  لكني عهدته أنيسا جديدا عرض علي مقدارا ضئيلا مم يضيّق على صدره  لأكتشف أنني و إياه  نشترك في كم وفير  من وجع الأسقام التي ما رأفت و لا رحمت قلة حيلتنا .

"أنا أيضا من هواة الإعتناء بالزرع ، و خاصة الورود على أصنافها" 

استرسل مزينا ثغره بخط ابتسامة ودودة ، قابلته بالمثل ثم استقمت بصدد الإنصراف لغرفتي .

"سيد شين باي، أرجو أن تنال قسطا من الراحة ، إذا لزمك شيء يمكنك طلبه من لينغ في أي وقت . طابت ليلتك" 

انحنيت بأدب تاركة إياه يستريح بالصالة .

أَصْفَاد بكين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن