الأول

197 3 2
                                    

 

      هنا امام بيتنا قبل  ست سنوات في يوم صيفي جميل تملأه غيوم متلألئة يمر من خلالها خيط طيف شمسي وصل لعيني  و اخترق مساعي افكاري  يخبرني بوجود معجزة قريبة .

      رأيتك اليوم جالساً امام بيتنا تلعب مع اخي لعبتكما المعهودة فنظرت لك فوجدت فيك ما لم اكن اتوقعه يوما في حياتي,  سلمت عليك عندما مددت يدك نحوي لتسلم علي فبدأت حفلة  على أنغام صوت أمي و سمفونية قلبي التي بدات بالعزف بعد تقاعد اعتقدت انه سيدوم للأبد , و ما بعد ذلك ليس الا لك .

      سألتني عن نفسي فأخبرتك بما يجب ان تعرف, فاتهمتني بالكذب كحالتك المعهودة .. فنظرت أنا نظرة ازدراء بعيون تتراقص تقفز و تحط تحت حاجبي , تراقبان عيونا ما  لبثت الا ان رأت عيني بريقا فيهما , و تحتهما ابتسامة بنصف ثغر ,- فتحدثت معك لنفسي- ,  و تحدثنا في مواضيع كانت تهمنا قبل ان يمزقنا الزمن .

       فعدت لبيتك و في رأسك تدور اسئلة الشك و التساؤلات التي لا إجابة عنها كما تدور في عقلي ... و في احلامي بدأت أفكر بمستقبل بعيد  المنال و في احلامي ضعت خارج حدود المسموح .. فأنقضى الليل سريعاً و حل نهار جديد أراك فيه من جديد بعيون مليئة بالأسئلة و من جديد لمسة من يديك ترحيباً بك .. اطلقت العنان لماض قد أغلق منذ وقت ليس بقريب ... ماض محرم علي العودة لأراه  ... فأي ماض هذا الذي يعود و لماذا عاد معك ؟

أسئلة لم أجد إجابة عنها و كأن احدهم دخل رأسي فسرقها ... و باللمسة الاولى كأنني قفزت من زمني  لزمن مبهم و ذو ملامح مشوهة لا يعرف عنه  سوى انه ماض .. فأختلط الماضي بالحاضر و الحبل ضائع , فوقفت في نصف الطريق ضائع بين نفسي و نفسي , ...... و ماذا عساي أن أفعل بحبل مقطوع لا يدل على طريق التجئ له و في عقلي ضعت لا أعلم سبب افكار وصلت من دون سابق إنذار ... و لماذا عاد ماض بأفكار قد ماتت في نفسي فهجرتها .. و في نفسي اشتعلت نار التساؤلات التي لن تطفئها سوى اجابة منك .. فايقذني صراخ اخي : هييي .. صديقي تعال اريك فكرتي الجديدة .

فقلت له . بإبتسامة مغلقة  تكاد تنفجر من كثرة التساؤلات و عيون غائرة قتلها كثرة التحديق في دماغك : تفضل يمكنك الذهاب مع اخي,  اهلا بك في بيتنا.

و مرت الايام , و في يوم خريفي جميل كنت مع اخي تجلس تصلح بعض الاعطال في جهازه فتسللت اليك سألتك عن نفسك و قد راق البيت لمجيئك ...

فسألتني , بنظرات واسعة: و حاجبان وصلا السماء : هل حقا دخلتي المجال .

فاجبت و انا اكرر الحرف حرفان , و يدي تتراقصان  :  انا لا و ما لي انا بهذا المجال.

فقال: و ما بال عيناك تخبرني عكس ما يقوله لسانك .

فضحكت ضحكة ساخرة : نعم فعلت .

و نظر لي بسرور و قال : نراك .

فعلت البسمة  وجهي و ايقنت ان الطريق بدأ .. لقد بدأ فعلاً الطريق و يا له من طريق طويل .

ومرت ايام و اسابيع و شهور .. و انا محدقة بالشاشة البيضاء لساعات طويلة اعمل و ادرس و احفظ للوصول حتى لبداية الطريق .. و ما بين تلك الساعات كان الاعظم ... كان الالم و كانت السعادة كانت التعاسة كان النجاح و كان الفشل ... سهر الليالي و اوقات التعب  و العمل دامت لأيام حتى أشهر و ربما سنوات .. ليصل بي لبداية طريق كان من احد احلامي .

و ايام بعد ايام مرت , كنت في كل مرة اسلم فيها عليك اعود بذاكرتي لماض باهت لا ملامح له , و كان يتوضح شيئا فشيئا ... بعد كل لمسة المسها عندما -كنت اسلم عليك-  , طريقا جديدا في عقلي يفتتح يؤدي بي إلى ابواب جديدة انا امشي فيها ابحث عن ما يشبهني فيك ... و ابحث عن كل خيط اشبهك فيه ... و بالزيارة التالية تلو الاخرى ,  و تحت خطوط طيف شمسي يتسلل بين غيوم متراقصة في فضاء فتح يديه ليعانقهاا .... ليصل الي فيفتح طريقا في نفسي شع منه بصيص ضوء ... ارى منه طرف خيط هو المراد .. فايقظتني طرفة  عين اخي , فتركت يده , بإبتسامة تعلو وجهي وصلت السماء , تعلوها عينان واسعتان محدقتان و كأنهما ترى الشمس و ما هي بشمس.

فذهب مع اخي من جديد ليلعبا لعبتهما  امام البيت و صوت صراخهما و ضحكهما  يرن في أذني و كأنه جرس انذار يفتح امامي بابا جديدا من الأبواب المغلفة , و مع كل باب يفتح , طرف خيط جديد يوضح و طرق تتصل ببعضها  لتصل خريطة بأخرى و ما زال الهدف مجهولا .

و في تلك الزيارة كانت الحاصلة .. رن صوته في اذني . و هو يقول لاخي : هزمتك يا غبي .

و هنا حصل ما لم يحصل ... اشتعل دماغي .. توقفت عن الحركة و كأن شيئ في حصل ..... و افكار جاءت .. ذكريات عادت ... و موج دافئ من ذكريات مخبئة ... انفجرت و بانت .... عاصفة هبت على عقلي اخرجتك من جوف ذكرياتي ... ففتحت جميع الابواب و و وصلت جميع الخيوط .. و لحمت جميع الطرق ... و ها انا اعود بذاكرتي لـ 6 سنوات مضت كان هذا في تموز عام 2007 في يوم مشرق جميل , بخيوط  طيف شمسي تتسلل لغيوم متلألئة تعانقها ايدي السماء برفق .... و قال لي وقتها : هزمتك يا غبية .

نعم هزمتني في لعبتي و في حياتي .. و ما بعد الهزيمة كانت الهزيمة .. هزيمة اشتعال نار فؤادي , يبدو صديقي انها نار اختبأت لكن لم تنطفئ .... نعم انه انت .. من رأيتك قبل 6  سنوات .

و رؤيتك مجددا كان بمثابة الوقود الذي ازال الحجاب عن نار فؤادي ,

لقد عدت يا صديقي .. و عدت انا ايضا .

يتبع ....

AreejPS

أريج

18/8/2014

أنا و أنت في نفسي مع تموزTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon