لا اريد هذا !

1K 59 9
                                    

حل صباح جديد محمل بالسعادة للبعض و التعاسة للبعض الآخر

كان ايرين نائما على الكرسي بينما ليفاي يغط في سبات عميق ....ارتفعت أصوات العصافير و الرياح الخفيفة التي تضرب النافذة بهدوء رتيب أزعج ليفاي ففتح عينيه بتعب و هو ينظر إلى المكان حوله
أدرك أنه في مستشفى من الجدران البيضاء و لكنه لم يتذكر السبب فالتفت إلى أبيه الذي لا يزال نائما بعمق
حاول ليفاي أن يتكلم و لكنه احس ان حلقه جاف ...فرفع يده الصغيرة بصعوبة و أمسك يد أبيه برفق
فتح عينيه بعد أن احس بلمسات ابنه ...و عندما أبصر عيني القمر تنظر إليه وقف بسرعة و هو يقترب من ابنه بخوف و سعادة
ايرين : ليفاي عزيزي لقد استيقظت اخيرا
ليفاي هز رأسه بألم و هو يحاول أن يتكلم و اخيرا همس : ماء
اسرع ايرين و احضر كأس ماء ثم أسند ابنه في حضنه و هو يساعده على الشرب
ليفاي براحة : شكرا لقد ابتل ريقي الان
ايرين بحنان : هل انت بخير هل يؤلمك شيء ما
ليفاي باستغراب : لا ..و لكن لما انا هنا ؟!
صمت ايرين و هو ينظر لكل شيء حوله ما عدا عيني صغيره ..كيف سيخبره أنه مريض و أن حياته مهددة في أي لحظة ...و الحمد لله اتى منقذه المعتاد
و انتشله من هذه الحيرة
زيك بنشاط و هو يفتح الباب بقوة : صباح الخير اخي الاحمق و ابنه البارد
ايرين بانزعاج : لا داعي للدخول هكذا ماذا لو كان ليفاي نائما
زيك و هو يجلس على الكرسي : كنت لاوقظه لقد نام طويلا
ليفاي بهدوء : بما انك هنا يا عمي أخبرني لما انا في المشفى
نظر زيك لايرين و كأنه يسأله "الم تخبره" ليرد عليه ايرين بنظرة "هل تظن الأمر سهلا"
زيك و هو يتنهد : اسمع انت تعرف أن الخالق دائما ما يختبرنا بمصائب و مواقف صعبة ليرى مدى تحملنا و إيماننا به صحيح
ليفاي بسخرية : هذه المقدمة استهلكت في كل افلام الابيض و الاسود فاختصر علي و أخبرني اني سأموت
ايرين بحدة : لا تقل هذا و كأنه أمر عادي
ليفاي بهدوء : اذا فالأمر صحيح و انا سأموت
زيك بحنان و هو يمسك رأسه ليفاي : لا انت لن تموت انت فقط مريض و مرضك يحتاج إلى قوة و عزيمة حتى تنتصر عليه و تعود الينا سالما
نظر ليفاي لهم بجمود ثم نظر لأبيه بحزن ...لطالما أراد العيش مع أبيه بهدوء و سعادة و قد خطط لكثير من الأشياء التي سيفعلانها معا و لكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن ...انتبه الى عيني أبيه أنها حمراء و تبدو متورمة قليلا

"لا بد انه كان يبكي " همس بهذا لنفسه و هو يفكر ...ثم أخذ نفسا عميقا و ابتسم ابتسامة جميلة
ليفاي بهدوء : حسنا و انا قوي و سأتخطى هذا المرض و اشفى
ايرين بسعادة : نعم انت قوي يا ليفاي و انا واثق بشفائك
هز زيك رأسه بتأثر و هو ينزع نظارته و يمسح دموعا وهمية
زيك بتأثر : موقف رائع جدا لقد تأثرت
نظرا له بانزعاج و هما يفكران برميه من النافذة و التخلص من ازعاجه

فتح الباب بقوة و دخل شاب يافع بشعر اصفر و عينين زرقاوين و هو يلهث بتعب
ليفاي بسعادة : عمي ارمين
ارمين و هو يرفع يده كالجندي : اهلا ايها الكابتن ليفاي
تقدم من ليفاي و حضنه بحب لهذا الصبي فهو ابن صديقه المقرب و قد اعتاد على زيارته دوما حتى عندما كان ايرين ينشغل بعمله
ارمين بحزن : لا اصدق ما حدث هنا ...اتيت مسرعا عندما اتصل بي زيك
ليفاي بابتسامة : لا تقلق سأكون بخير
ارمين بصرامة : ستكون بخير غصبا عنك ايها القزم

بعد وقت امتلئت الغرفة بالضحك و هم يمزحون و يتذكرون مواقف مضحكة فقط كي يزيلوا الجو الكئيب عنهم و يتناسون الحقيقة المرة
.
.
.
.
بعد اسبوعين

جلس الثلاثة أمام باب غرفة ليفاي و هم واجمون و السواد يغزو ملامحهم
لا احد منهم تطابق مع ليفاي و حتى اللحظة لم يجدوا أي متبرع و الوقت يمضي بسرعة أمامهم
ايرين بهدوء : اذا لقد تبقى أقل من أسبوعين على نهاية المهلة أليس كذلك
زيك بحكمة : قد نجد متبرعا لا تفقد الامل
وقف ايرين بتعب ثم سار وحيدا من دون أي كلمة ...كان زيك على وشك اللحاق به و لكن يد ارمين منعته
ارمين بحزن : دعه بمفرده أنه ابنه و لا توجد اي كلمات ستخفف عنه الان
تنهد زيك بألم و قلة حيلة ...الان كل ما لديهم هو الصبر و الدعاء حتى إيجاد متبرع متوافق مع ليفاي
.
.
.
صعد ايرين لسطح المشفى ..
وقف يتأمل السماء بشرود ثم حمل هاتفه في يده و هو ينظر له بتردد و كبرياء ...و لكنه حسم أمره و ضغط على ارقام معينة ثم وضعه على أذنه
يستمع إلى صوت الهاتف يرن و عندما فتح الخط اخيرا اخترقته اصوات صاخبة و موسيقى عالية
عض شفتيه بقهر أنه يلجأ لشخص مثله و لكن ابنه اولى من كرامته و كبريائه

....: من معي ؟!
ايرين بهدوء : انا ايرين ....زوجك السابق
اخترقت أذنه ضحكات عالية صدرت من فاي بعد سماع كلماته و بعد أن هدأت
فاي بسخرية : انظروا من يتصل بي ..هل اشتقت الي ام ماذا
ايرين بجدية : لا تقلقي لم اشتق اليك و لكن ...انا
فاي بملل : تكلم لما التردد
ايرين : ليفاي في المستشفى الان
فاي بقلة اهتمام : ماذا هل مات أم أنه يريد أن يرى امه قبل أن يموت
ضغط ايرين على شفتيه بحقد حتى نزف و هو يحاول استجماع صبره حتى لا يقذفها بأسوء انواع الشتم
ايرين : لا و لكنه مريض ...كليته تضررت
فاي ببرود : و المطلوب
ايرين بتوسل : انتي أمه ربما تتوافقين معه حتى تتبرعي له و سأدفع لك أضعاف ما تريدين
فاي بسخرية : تريدني أن أعطي كليتي لذلك المتوحد ...ههه اضحكتني و لكن ارفض طلبك
ايرين بتذلل : سأفعل ما تريدين و سأعطيك حتى اسهمي في الشركة و لكن اقبلي رجاءا
فاي ببرود : لا اريد ثم إنني امرأة متزوجة الان و زوجي يعطيني ما اريد لذلك شكرا لخدماتك
ايرين بسخرية : واو يال سرعتك و أخبريني كيف اغويته حتى خدع فيك و تزوج عاهرة مثلك
فاي بغضب : كيف تجرأ
ايرين ببرود : تذللت لك من أجل ابني و بما انك رفضتي الشيء الوحيد الذي سيرفع من مكانتك كحيوانة قذرة فعذرا أشعر بالتقزز الان من الكلام معك

و اغلق الخط قبل أن يسمع ردها ...نظر لهاتفه بحزن اخر آماله تبخرت ...حسنا مع أنه كان متأكدا من رفضها و لكنه ظن أن اغواها بالمال كانت ستقبل ...تنهد بألم و فجأة شعر بشيء صغير بارد يمسك يده
نظر له بصدمة ليجد ليفاي يمسك يده و ينظر له بصمت نظرات لم يرد تفسيرها و كأنه يلومه على ما فعله الان
ايرين بقلق : ليفاي لما خرجت من غرفتك ستسوء حالتك
ليفاي بهدوء : لما فعلت ذلك
ايرين بتهرب : فعلت ماذا
ليفاي بحزن : لم يكن عليك التوسل لها انها لا تستحق
ايرين بحنان : و لكن انت تستحق أن اركع لها لذا أن تطلب الأمر أن أفعل ذلك فلن أتردد

امتلأت اعين ليفاي بالدموع ...هو كان يبحث عن أبيه و حين وجده استمع لرجاءه لتلك المرأة المسماة أمه ...لا يريد هذا أبوه لا يستحق هذا العذاب ابدا
ليفاي ببكاء : انا اسف ...انا اسف لاني اتعبك هكذا

ايرين احتضن ليفاي بقوة لصدره و هو يخفي وجهه في رقبة ابنه و يحاول منع دموعه ...عليه أن يكون قويا لاجله لن يستسلم و لن يسمح بموته ابدا ...

نحن عائلة Where stories live. Discover now