بعد ساعات

انتهت إيسلا من دوامها أخيرًا ، واندفعت لخارج الكلية تضع حقيبتها على ظهرها متوجهة إلى بيتها مسرعة بينما جسدها يتصبب عرقاً وشمس الظهيرة تُحرق بشرتها الناصعة دون رحمة ،لتسرع للاستحمام فور دلوفها إلى البيت،ثم ارتدت ملابسها على عجل ، لتسخن قطعة من اللازانيا المتبقية منذ الليلة الماضية وجلست أمام التلفاز لمشاهدة فيلم وثائقي عن الحيوانات.

قد تبدو مملة جدًا في بعض الأحيان ، ولهذا السبب لا تملك الكثير من الأصدقاء ربما ،لكن الشعور بالوحدة لا يزعجها أبدا، فمنذ أن فقدت والدها قد تغيرت تماما .

قفزت إيسلا بهلع عندما فُتح باب البيت فجأة،لتقطب حاجبيها مستغربة عند رؤيتها لهانا تدخل البيت.

-"أمي ماذا تفعلين في البيت في هذا الوقت؟" تسائلت إيسلا بفضول ،بينما هانا تغلق الباب خلفها دون أن تنظر إليها مجيبة بتوتر:

-"آه ، لدي عشاء مهم مع زملاء عملي الليلة ، علي أن أجهز نفسي".

-" حسنا"، أجابت إيسلا ببساطة ودون إقتناع من كلام أمها لتهز كتفيها بلا مبالاة، لتغادر غرفة المعيشة نحو غرفتها ثم أخذت كتابًا من على رف مكتبتها الصغيرة لتقفز على سريرها ولا تشعر بمرور الوقت وهي منغمسة تماما في قراءة كتابها .

وضعت إيسلا علامة على الصفحة التي توقفت فيها لتخرج إلى شرفة غرفتها ، لقد غربت الشمس مبكرًا كما تظُن كونها لا تحب الليل كثيرًا ، الظلام يحبطها والصمت يُرعبها، دخلت مجددا إلى غرفتها لتغلق باب الشرفة خلفها ، ثم أثار انتباهها أصوات الكعب القادمة من الردهة .

غادرت إيسلا غرفتها مسرعة وفمها مفتوح على مصراعيه عندما إلتقت بأمها ...

-"وااااو !! أمي تبدين رائعة"،صرخت إيسلا بصوت عالٍ مندهشة ،

- "إيسلا!"
وبختها هانا مبتسمة بخجل مستديرة حول نفسها وسط فستانها الأسود الأنيق ، مما يجعلها مثيرة للغاية!

-"أتساءل كيف يمكنكي المشي بهذا الكعب الذي يشبه إلى حد كبير ركائز متينة"أنبست إيسلا بسخرية جاعلة أمها تبتسم بخفة وهي تتقدم نحوها ، لتضع يديها الناعمة الدافئة على أكتاف إيسلا الضعيفة.

-"أنتي امرأة إيسلا ، عليكي أن تبذلي مجهودًا ، أنظري إلى نفسك إنكِ جميلة جدًا ، لكن عليكِ أن تهتمي بشكلك قليلا..."

- "آااه أمي ليس مجددا كلامك لن يغير أي شيء" أجابت بغضب كون أمها فتحت نفس الموضوع مجددا.

تنهدت هانا بصوت عالٍ وهي لا تصر على فهم سلوك ابنتها...

- "قد أتأخر الليلة عزيزتي"

-"حسنًا أتمنى أن تسير أمسيتك على ما يرام" أنبست إيسلا مبتسمة عندما شعرت بشفاه أمها توضع على جبينها لتغتنم الفرصة مستنشقة بعمق رائحة والدتها اللطيفة .

ثم استدارت هانا لتنزل بأناقة وخطوات أنثوية لتغادر بعدما لوحت بيدها لإبنتها مودعة إياها ...

مجددا، تجد إيسلا نفسها وحيدة وهي تتثائب
بنعاس ، ارتدت بيجاماتها وفرشت أسنانها ثم أزالت الشريط المطاطي الذي يمسك بشعرها طوال اليوم ،لترتمي على سريرها بارتياح بعد يوم متعب.

في الغد

إنها السابعة صباحًا وما زالت سيجارتها بين أصابعها ككل صباح منذ وفاة والدها ، ولكونها لا تريد أن إفساد صحتها ، فهي تدخن فقط في الصباح ،هذه أفضل طريقة لها لبدء يومها .

-"إيسلا عزيزتي انزلي!!" صرخت هانا من الطابق السفلي،أطفأت إيسلا سيجارتها التي لم تنتهي بعد ،لتأخذ فنجان قهوتها الفارغ ثم تغادر غرفتها ، لتنضم إلى أمها في المطبخ.

-"يجب أن أغادر مبكرًا اليوم ، يمكنني أن أوصلك" أنبست هانا محدثة إبنتها التي كانت تضع فنجانها الفارغ داخل المغسلة .

-"لا ، لا داعي ، أنا أفضل المشي"

تتنهد هانا وهي تحدق ب إيسلا بغرابة قائلة ببساطة:
-"حسنًا" لتقترب منها وتعانقها مضيفة:

-"أنا أحبك صغيرتي"

-"أنا أيضًا أمي" همست إيسلا مستجيبة لعناق والدتها قبل أن تغادر ، صعدت هي إلى غرفتها وارتدت حذائها الرياضي بسرعة كالعادة ثم أخذت حقيبتها متجهة نحو كليتها....

بعد بضع ساعات

... الجو حار لدرجة أن قميصها يلتصق ببشرتها أما شعرها الطويل فهو أكثر مايزعجها ، حيث بدأت تفكر جديا في قصه.

-"الطلبية رقم عشرة جاهزة"،صرخ الطاهي لتسرع إيسلا لأخذ الطلببية الى الزبون ،يبدو أن اليوم عدد الزبائن أكثر بكثير من المعتاد في هذا المطعم الصغير الذي أصبحت تمقته...

اَلًَّْرّجُلْ اَلْمحَرَّمْWhere stories live. Discover now