فستاني الأبيض

663 55 29
                                    

(فستاني الأبيض)
(Beyaz elbisem)

مَرّ إسبوعين كاملين على الأحداث الأخيرة .. خمسة عشر يوماً بخمسة عشر شروق للشمس وهو يتنفسها كالعطر الصباحي.. وخمسة عشر غروب ووجهها المسافر فوق متن الغيمات مؤنسه الوحيد في ليله الطويل الذي يقضيه ضائعاً بين مطالعة صورها واستنشاق رائحتها العالقة بوشاحها الوردي وتقبيل عصفورتها الأرجوانية التي أهدتها له ذات ألم .. أما هي فكانت تحاول التأقلم مع الوضع الجديد وتبذل كل مابوسعها من جهد لتتجنب الاحتكاك به وبهوليا لكن الأخيرة لم تترك شئ تعرف أنه يضايقها إلا وفعلته فمسامحة آركان لها ولزملاؤها وتمرير مخالفتهم لقواعد العمل جعلتها تستشيط غضباً وغيرة.. غيرتها ليست عليه كحبيب.. إنما غيرة من أجل الغيرة.. مجرد إشباع غريزي لشئ مختل بداخلها لا أحد يستطيع تفسير كُنهه لذا أعلنت حرب خفية بينها وبين تلك المسكينة لتتخلص منها في أقرب وقت وأول فرصة تتيح لها ذلك.. وأثناء تواجد سيڤدا وداريا بمقهى الشركة المخصص لاستراحة العاملين .. دخلت عليهما متهادية في مشيتها بخيلائها المعتادة.. ترمقهما بنظرات متعالية وتعابير مشمئزة قاصدة استفزازهما.. تأففت سيڤدا من طلتها الغير المحببة قائلة (ها قد جاءت الحرباء)

ردت عليها داريا بضيق (توبة توبة استغفر الله)

_(لماذا تنظر لنا هكذا مثل زوجة والد سندريلا؟)

= (لنأخذ قهوتنا ونعود لمتابعة أعمالنا بعيداً عن وجه البومة هذه)

_(معكِ حق دعيها تأكل نفسها من الغل لعلّها تختفي وتريحنا منها).. قالتها مؤكدة على كلام صديقتها ثم اتجهت نحو البار لتجلب كوبين من القهوة لكنها تفاجأت بهوليا تصطدم بها عن عمد لتتلطخ ملابسها بالمشروب الساخن وبدأت وصلة من السُباب والشتائم اللاذعة على مرأى ومسمع الجميع لدرجة أن سيڤدا وقفت قبالتها فاغرة فاهها ولم تستطع الرد من شدة الصدمة والذهول .. هبت داريا لتدافع عنها هاتفة بغضب (ماذا تفعلين أيتها الوقحة؟)

تخصرت هوليا قائلة بانفعال مغلول (من تنعتين بالوقحة ياقذرة مثل صاحبتك)

لوحت داريا بذراعيها في الهواء هادرة بصوت عالي (القذرة هي التي تفتعل المشاكل مع زملاؤها)

ضحكت هوليا بطريقة مستفزة ثم صفقت بطريقة مسرحية قائلة (براڤو.. أعجبني العرض كثيراً .. لنرى ماذا سيفعل المدير تلك المرة معكما)

خرجت سيڤدا من صدمتها تدفعها في كتفها بعنف قائلة (من تهددين ياحرباء؟)

استغلت هوليا رد فعل سيڤدا وصرخت قائلة (أنجدوني ياعالم واشهدوا أن تلك المتوحشة تتعدى بالضرب عليَّ)

لم تتمالك سيڤدا أعصابها فجذبتها من خصلاتها قائلة (والله لأربيكِ ياقليلة الرباية .. لتقولِ أنني ضربتك بحق) .. تعالت صرخات هوليا أكثر ليتحول المكان إلى ساحة قتال وبالكاد استطاعت داريا فض هذا الاشتباك الغير متوقع وأخذت صديقتها بعيداً عنها.. وبرغم تعرضها للاعتداء البدني إلا أنها كانت سعيدة وشبه متأكدة أن العقوبة التي تنتظر غريمتها ستكون الفصل على أقل تقدير ولتكمل حيلتها اتجهت جرياً نحو مكتب آركان لتستنجد به وتشكو إليه مُسبقاً ..... وبينما كان يجلس خلف مكتبه منهمكاً في متابعة بعض الملفات المتعلقة بالعمل تفاجأ بها تفتح الباب مندفعة إلى الداخل كالسهم بصراخ وعويل غير مفهوم .. اختض آركان مما يحدث ومن منظرها عامةً .. تسمر مكانه للحظة حتى يستوعب الموقف لكنها استمرت في تمثيلتها الخرقاء مما جعله ينهض من مقعده قائلاً بقلق (اهدئي من فضلك .. أنا لا أفهم شئ مما تقولينه)

ساحل أسكودار (مكتملة)Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora