دموع زجاجية

281 24 9
                                    

(دموع زجاجية)
(Cam gözyaşları)

وقف العم بولانت لبضعة دقائق يتأمل هيئة تلك الفتاة الهشة.. لا يعلم كيف سيكذب عليها بشأن آركان ويخبرها أن ترحل ولا تلتفت وراءها وهي لا تفعل شئ منذ أتت سوى لمس حجر السلسلة والنظر هنا وهناك بحثاً عن طيفه .. وكما أوصاه صنع لها شطيرة كبيرة وكوب شاي مُخمّر واتجه نحوها راسماً فوق وجهه ابتسامة يداري بها شفقته عليها وبهدوء وضع الطعام أمامها ثم جلس قبالتها قائلاً ببشاشة (كيف حالك ياصغيرة؟)

سألته سيڤدا بتوتر (من أنت؟)

رد عليها بنفس ابتسامته (أنا العم بولانت)

بادلته الابتسامة بأخرى ممتنة قائلة (أهلاً بك.. لقد تشرفت بمعرفتك)

سألها بفضول مصطنع محاولاً إتقان تمثيليته (هل تبحثين عن آركان؟)

رفرفت بأهدابها الكثيفة قائلة بخجل (أجل)

_ (مع الأسف آركان سافر خارج البلاد في مهمة تخص عمله).. قالها العم بولانت متوجساً من رد فعلها وعينيه تراقب تعابير وجهها التي تبدلت من الحماس إلى حزن مختلط بالإحباط ولم ينكر أن قلبه اعتصر ألماً لمنظرها الضعيف وبعد ثواني قليلة سألته بنبرة مهتزة (ألم يخبرك بموعد رجوعه؟)

أجابها باستسلام (كلّا لم يخبرني)..أطرقت برأسها لأسفل تقاوم دموعها التي تجمعت بمقلتيها ثم لا إرادياً تلمست حجر السلسلة وكأنها تعاتبه على غيابه المُفاجئ بينما حاول العم بولانت التخفيف عنها قائلاً بمرح ليس في محله (تناولي الشطيرة قبل أن تبرد)

همت بالمغادرة قائلة (شكراً ..لست جائعة)

استوقفها قائلاً (أنتِ ضيفة آركان ويجب إكرامك أم تريدينه يلوم علينا أننا فرطنا فيكِ؟).. صمت قليلاً ثم أردف بلهجة مُقنعة (هو أوصانا عليكِ قبل سفره وقال أن نضعك فوق رؤوسنا حتى يعود)

ابتسمت بوهن وقالت وهي تمسك بالشطيرة لتقضم منها قطعة صغيرة (سآكل القليل من أجل خاطرك وخاطره)

_(ستنهيها عن آخرها وتشربين شاي عمك بولانت الذي ليس مثيل في ساحل اسكودار والأناضول بأكمله)

اتسعت ابتسامتها قائلة بحبور (أنت رجل طيب للغاية .. سعدت بمقابلتك كثيراً)

أمسك بمسبحته قائلاً باستحسان (وأنتِ جميلة ورقيقة وتستحقين الأفضل في كل شئ لذا لا ترمي نفسك في حضن اليأس .. الحياة بها الكثير من السعادة اقتنصيها ياصغيرتي)

ابتلعت ماتبقى في جوفها من الشطيرة قائلة (سأحاول.. أعدك بذلك).. أنهت كلماتها بابتسامة مهذبة ثم نهضت مستأذنة بالمغادرة بينما هو تتبعها بأنظاره حتى ابتعدت تماماً .. أرجع ظهره للوراء مستنداً على ظهر المقعد يمسك مسبحته بكلتا يديه قائلاً (آه يا آركان.. ماذا فعلت بنفسك وبها ياولدي).. ظل ماكثاً بمكانه يطالع منظر الأمواج وتلاحقها أمام عينيه يغني بصوت عذب خفيض تلك الكلمات

ساحل أسكودار (مكتملة)Where stories live. Discover now