الطيف الأخضر

410 27 5
                                    


(Yeşil spektrum)

قف خلف ذاتك .. حلمك.. اختيارك.. حتى ابتساماتك المفتعلة ونُدف الكلام المُتعثر الذي يخرج من بين شفتيك وقت الصدمة كن خلفه تماماً .. لا تصلب روحك على عِمدان الخيبة وكن كما يجب أن تكون ليس كما يشتهي الآخرون.. وقفت سيڤدا تراقب مايحدث أمامها بتعجب.. تتسائل في نفسها كيف لبائع بلالين بسيط مثل آركان أن يمتلك بطاقات إئتمانية عديدة لأكثر من بنك مشهور في تركيا بل ويدفع تكاليف إقامتهما في غرفتين منفصلتين بكل سهولة والأغرب معاملة فتاة الاستقبال له بحفاوة شديدة وكأنه شخصية معروفة ..

_ (تفضلي المفتاح الخاص بغرفتك).. قالها آركان وهو يمد يده إليها بابتسامة مُشَجِعة .. تناولته منه وهي تسلط أنظارها المندهشة عليه ثم هاتفت والدتها لتطمأنها وتبعته بعدما تحرك أمامها متجهاً نحو الطابق العلوي حيث توجد غرفتيهما.. ارتمى كلاً منهما فوق فراشه بتعب وقلبيهما مُحمَلان بأشياء كثيرة.. سيڤدا تريد أن تثبت لنفسها أنها مازالت قوية وتستطيع مواصلة الحياة رغم خساراتها وخيباتها.. رغم وجعها وخذلانها المتكرر .. تود صنع خبزاً لسعادتها من أنّات روحها وأن تنسى قوافل الحزن التي تحتل قلبها وتبدلها لحدائق مُزهِرة بالأمل أما عنه فلم يستطع إيقاف طاحونة أفكاره لدرجة أنه أحس ببعض الإختناق .. فتح الشرفة ليستنشق الهواء قليلاً ويطالع أمواج بحر مرمرة التي تعزف أهازيجها العتيقة.. المُشَبّعة بإيقاع نوارس الأناضول لكنه ومع مضي الوقت ومرور لسعة الشتاء فوق صفحة وجهه بذل تنهيدة مرتعشة وكأن أنفاسه تخرج من صدره راقصة على لحن أهزوجة دافئة خاصة بقلبه..تختصر كل مايجول بِخُلده وتنزع عنه معطفه الثقيل لتُلبسه قشرة جديدة لم يعلم عنها شئ قبل لقاء تلك الفتاة وعلى ذكرها انتبه لصوتها يقطع حبل أفكاره حينما خرجت لشرفتها الملاصقة لشرفة غرفته متسائلة (لماذا لم تنم حتى الآن؟)

أجابها وهو يضع كفيه في جيوب سترته مستجدياً بعض الدفأ (أفكر)

_ (فيما؟)

= (فيكِ).. لفت سيڤدا ذراعيها حول جسدها لتحمي نفسها من برودة الجو تسأله بتوتر طفيف (لِمَ؟)

جاوبها مبتسماً بعذوبة (يبدو أنكِ لا تدركين أَّن الصدفة التي ألقتني في طريقك لأجعلك تتراجعين عن الإنتحار ماهي إلا عناية إلهية).. صمت لثواني يتأمل ملامحها الرقيقة ثم تابع بصوت أجش (الله يحبك وأرسلني إليكِ ليهبك فرصة جديدة فتشبثي بها ولا تحشري روحك في الزاوية وتلومينها على زلة الاختيار)

تحدثت سيڤدا بأسف وحزن على ما آلت إليه أمورها (أنا ضعيفة وأصابعي واهنة لاتتقن التشبث بالفرص)

رد عليها آركان بجدية (الحياة بها الأفضل والألطف والأكثر حبًا والأشجع لذا لا ترضي بالقليل لأنكِ تستحقين شخص يختارك ولا يضعك موضع حيرة وألا يكون السبب في ضياعك) .. تدثرت بصمتها لكنها حررت تنهيدة مختصرة.. مبللة بالدموع فأضاف هو بنبرة حانية (يجب أن تشعري بقيمة نفسك أكثر من ذلك وأنّكِ قبل الجميع وأول الأولويات والأغلى والأعز والأهم) ..

ساحل أسكودار (مكتملة)Where stories live. Discover now