|٢٤| لا ينسى خالد شيئًا.

6.6K 538 151
                                    

- الثامن من سبتمبر عام ٢٠١٧.
- الرابعة وعشرون دقيقة عصرًا.

هل قلت من قبل أنّ حظي سيء؟

حتى وإن قلتُ فدعوني أكرّرها وبأعلى صوتي. إن كان هناك سوء حظٍ فأنا أمتلكه جميعه.

يا الله أعلم أنني غبيّة متهوّرة ولا ألتزم بالصلاة في أوقاتها وأحيانًا يغلبني شيطاني وأتعمّد تركها، أسمع أقذر الأغاني الأجنبية، لا أغيّر القناة عندما يأتي المشهد الذي يُقبِّل فيه البطل البطلة، أعشق شخصًا يدعى زين مالك ارتدَّ عن دين الإسلام وجعل جلد جسده مليئًا بالوشوم، لا أساعد والدتي في أعمال المنزل وأقول لها أُوفًا كثيرًا، أثير غضب والدي واستفزازه لأضحك عندما يسبُّني بـ'بنت الكلب' وهو يسبُّ نفسه، أريد قتل جدي وأسخر من قِصر قامة جدتي، أضرب أمير ابن عمي لأنه مُصابٌ بالتوحُّد ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، أسرق مصروف شقيقتي الصغرى وأخدعها بأنّ سلحفاتي أكلته، أتنمر على كل مَن أراه يسير في الشارع، وأخيرًا وقعتُ في حب خالد مخدوعةً.

ولكن هذه الأمور لا تجعلني أستحق أن تحدث لي هذه المواقف السيئة التي تثير رغبتي في البكاء حتى تجف دموعي.

على مَن أكذب؟

أنا شيطانة صغيرة ينقصني قرنان وأُتوّج ليليث.

ولكن.. رغم كل هذه الأمور السيئة بي وأفعلها، هل أستحق جدي من أمامي أنتظر ردّ فعله بعد أن يعلم مَن هو أمجد، وجانب جدي أمجد نفسه، وجانبي أنا تنين مجنّح أسمع صوت أنفاسه الثائرة من موقعي هذا، هل أستحق هذا يا الله؟

كنت بين نارين، التفتُّ أنظر لأولهما جانبي، فوجدتُ خالد ينظر لأمجد وعيناه تشتعلان حتى كاد اللون الأخضر بهما يتحوّل زيتونيًا. وجديًا وأعترف.. لمْ أكن خائفةً من رد فعل جدي بقدر خوفي من رد فعل خالد. وهذا الأمر.. هذا الأمر زاد ارتعابي.

لمَ أخافه؟ لمَ أخاف غضبه لهذه الدرجة؟ لمَ أصبحتُ أبالي له لهذه الدرجة؟

«خير يا ولاد واقفين هنا ليه؟»

تحدّث جدي متسائلًا يقطع سلسلة أفكاري المرتعبة من ردّ فعل خالد، فنظرتُ له بتوترٍ وأنا على وشك الوقوع من ارتجاف ساقيّ توترًا من أن تفضحني تلك العادة الشهرية أمامهم جميعًا. كل ما أردتُه في هذه اللحظة هو الصعود لشقتنا والركض لدورة المياه.

ولكن.. كيف أركض وقدمي مكسورة مجبَّرة؟ كيف أركض وخالد جانبي ثائرًا ترتجف يداه الحاملتان لحقائب مشترياتي بسبب كتمه لغضبه وامتناعه عن الانقضاض على أمجد ولكمِه حتى تنزف كل خليّةٍ بوجهه؟ كيف أركض وجدي يقف أمامي ملقيًا سؤاله وعيناه عليّ وكأنه يطلب تفسيرًا مني وليس من سواي؟ كيف أركض؟

شعرتُ بالدموع بالقرب من مقلتيّ وأجزم أن عدستيّ اتخذتا لونهما الأحمر كاتمةً رغبتي في البكاء. ولكنّني ارتجفتُ حينما شعرتُ بضربةٍ خفيفةٍ من قدم خالد على الجزء السليم من ساقي جانبه.

مذكرات مراهقة (الكتاب الأول).✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن