الفصل الثاني والعشرين ( لا بأس من المحاولة مرة أخرى )

3.7K 267 426
                                    

أنهى عادل كلماته وهو ينظر إلى عابد بترقُب مُنتظراً رده، ليبادله عابد النظرات بأخرى أظهرت عدم فهمه لحديثه، حتى رمش بأعينه عدة مرات وهو يتساءل بجدية مُحاولاً منه فهم ما يريده:

-" طلب إيه يابني إللي عايز تجدده؟".

تنهد عادل بعمق وهو يطالعه قليلاً، سُرعان ما تذكر عابد، ليترك كوب الشاي من يده وهو يعود بنظره إلى عادل يطالعه بملامحه المصدومة، وسط نظرات عادل الهادئة والمنتظرة لحديثه، ليتحدث عابد قائلاً بجدية:

-" أنت عارف بتتكلم ف قد إيه؟".

أومأ عادل برأسه إيماءة مؤكدة وهو يُجيب بدون تفكير قائلاً بنبرة هادئة:

-" سبع سنين ".

لوح عابد بيده وهو مازال يشعر بالصدمة وعدم التصديق من ذِكر ذلك الموضوع مرة أخرى بعد تلك السنين، ليبتلع ريقه وهو يعود بنظره إلى عادل قائلاً بنبرة مضطربة:

-" أنا مش فاهم حاجة".

إبتسم عادل، ليعتدل وهو يُحمحم مُستعداً للحديث بما شغل عقله وروحه طوال تلك السنوات الكثيرة، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة لا تُماثل إضطراب مشاعره وما يشعر به من داخله في تلك اللحظة:

-" أنا لما طلبت أول مرة كنت صغير، ويمكن مكنتش مستعد للمسؤولية بشكل كامل علشان أخد خطوة زي دي، بس زي ما تقول العشم أخدني وأتحمست بزيادة، لكن محصلش نصيب، علشان كدة جاي أطلب نفس الطلب دلوقتي".

رمش عابد بأعينه وهو يتساءل بعدم فهم:

-" وأنت إيه إللي خلاك تستنى كل السنين دي يابني؟".

وضع عادل يده على قدمه وهو يشعر بالتوتر يتمكن منه، ولكنه حاول بعث الرسائل إلى عقله لكي يهدأ ولو قليلاً، فالأمر بأكمله يُعادل سنوات ضائِعة من حياته مضاها بصعوبة أثر عدم وصوله إلى ما يريده يوماً، قرر الهدوء وهو يشعر من داخله بقلبه الذي ود لو يخرج ويُفصح هو بدلاً عنه بكل شيء، يُفصح عن كل ما أرهق عقله وحياته بأكملها، وجعله ذو حظ سيء كما لقب نفسه يوماً، حتى تحدث قائلاً بجدية حاول عدم مزجها بضيقه وتوتره:

-" أول حاجة زي ما فهمت حضرتك أنا كنت صغير، يعني كان سني صغير وكمان صغير في حياتي نفسها، أنا مكنتش حققت أي حاجة تخليني أقدر أخد الخطوة دي، خلال السبع سنين دول تعبت كتير علشان أوصل للي أنا عليه دلوقتي، كنت بحاول إني أحسن من نفسي ككُل علشان لما أجي أتكلم تاني أقدر أتكلم بقلب جامد، لكن حصل إللي مكنتش متوقعه بصراحة، ومش هكدب عليك يا عم عابد.. أنا اتضايقت، بس في نفس الوقت قولت يمكن مش ليا، يمكن إحنا مش خير لبعض، وكنت بحاول أنسى، لكن والله العظيم غصب عني مقدرتش أفكر في واحدة تانية تبقى زوجة ليا غيرها، أنا عارف إن الموضوع غريب شوية.. لكن مش بس فكرة إني كنت لسة في فترة التدريب هي إللي وقفتني وخليتني متعلق ومش عارف هتقبل ولا لا، أنا إللي وقفني كتير أقلهم فرق المستوى، غصب عني بردوا فكرت في إني لو جيت تاني ممكن أترفض علشان مش هقدر أعيشها في نفس المستوى اللي هي عايشة فيه، وبردوا اشتغلت على نفسي علشان اللحظة دي، حتى لو كان حصل نصيب ليهم مع بعض، أنا مكنتش هزعل.. وكنت هرضى بأمر ربنا".

عُمارة آل نجم.Where stories live. Discover now