توقّفَ الكونُ لما للوَداع بكىٰ
حسينُ والأكبرُ الغالي قد اشتبكا
هُنا تصدَّع وجهُ الأرضِ وانفطرت
سبعُ المثاني وكلُّ العالم ارتبكا
حُسينُ من فرطِ ما في القلبِ من ألمٍ
دعا علىٰ القومِ حتَّىٰ أخسفَ الفلَكا
وأنزف العينَ دمعًا حارِقًا سَخِنًا
وأسخنُ الدمعِ ما للفرقةِ انسفَكا
وحارَ رمشُ أبيَّ الضيمِ كيف لهُ
أن يرمِشَ الآل والتوديعُ قد وشكا
يا رمشُ خلِّ حسينًا لا تشاغلهُ
فإنَّ فيه من الأحزانِ ما فَتكا
في آخرِ النظراتِ السبطُ قالَ لهُ
إنِّي إذا اشتقتُ للمختارِ أنظرُكا
يا من ملامحُ طه في ملامحهِ
سبحانَ من كرسولِ الله شكَّلكا
خَلقًا وخُلقًا وأطباعًا بكَ أمتُدحت
في مُحكمِ الذكرِ ربِّ العرشِ عظَّمكا
وضمَّ فلذتهُ للصدرِ محتضِرًا
وخرَّ للأرضِ حتّىٰ الموت قد وشكا
عافَ الحياةَ فلا عيشٌ ولا حُلمٌ
يهنىٰ بدُنيًا إذا ما الفقدُ ظلَّلكا
مضىٰ عليٌّ إلىٰ الميدانِ مرتجزًا
أنا ابنُ حيدرةٍ فابرز بمرحبِكا
أعادَ في القومِ ذو الفقار وارتعَدت
فرائصُ الجُبن لما جيشكُم هلكا
حيِّ الهواشم، في الميدان أشجعهم
كأنَّ حيدرة في حربهِ اشترَكا
فصالَ فيهم وقد أفنىٰ أشدّهمُ
لكنَّ حرَّ الظما بالقلبِ قد فتَكا
آهٌ له وجوادُ الموتِ أخطاهُ
دربَ الخيامِ والأعداءِ قد سلكا
أفديكَ بالنَّفسِ صلَّىٰ السيفُ نافلةً
عليكَ حتّىٰ بحرِّ الظُهرِ قطَّعكَا
يا كربلاءُ عزاءً جاءَ يكتِبُكِ
بيتُ القصيدِ وفيكِ نزفهُ نسكا
يا كربلاء كُلَّما مرَّ الزمانُ أرىٰ
بكِ من الهمِّ ما يُدمي الفؤاد بُكا
للهِ من سُوَرٍ في الطف قد نزلت
علىٰ لسانِ بناتُ البذلِ حينَ حكا
ومن جمارِ لظىً لا تنطفي أبدًا
ومن كتابِ هُدىً في العاشرِ انحبكا