꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

By EmaKandeel

25.5K 2.2K 1.1K

نصيبك بيتغير ومش ثابت حتى لو انت قلت عليه مش بيتحرك، هيحصل ايه لو قلت آه وهتعمل ايه لو اتحطيت فى اختيار سابق... More

مش محتاج تقديم.. انت عارفهم
1-طالق!
2-إرحميني
3-اتفقنا ما نتفقش
5-استبينا على الآخر..
6-غيوم النيكوتين
7-إعتبريه حصل..
8-إنت طلقتني..
9-سكينة
10-بالله عليكي ما تقوليله..
11-صاخ سليم..
12-راضاني على حرماني
13- لأ مرتاحتش..
14-صد / رد.. "مبروك" جـ1
برة النص
15-صد/رد جـ2
16-رد الصد..

4-آه.. ايه؟

1K 122 52
By EmaKandeel

⭐الڤوت⭐
꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

فبراير 2022
استيقظ كريم من النوم على صوت نشيج خافت قبل الفجر بدقائق، نهض مفزوعًا يتقصى الصوت بخطى خفية، بين الغرف وجد مصباح ضعيف مضاء فى غرفة والدته الجالسة على مقعد فى اتجاه القبلة وقد ختمت صلاتها وانهمكت في البكاء الحارق، أغمض عينيه ثم تنهد وابتعد عن باب غرفتها، ذهب للمطبخ وأحضر لها بعض الماء وعاد إليها، ناولها الكوب وجلس على الأرض أمامها وسأل:
إيه يا ڤيڤو.. بتخبي عليا وتعيطي لوحدك ليه؟..

ترددت نظراتها ثم تكلمت بعد أن حثها على الإفراج عن مكنون صدرها فنبست:
عايزة اتطمن عليك... وإسمعني يا إبني... أنا كبرت... مش عايشالك... وإنت مالكش عيشة لوحدك..
-بس يا ڤيڤو...

قبل أن يُكمل أعذاره قاطعه صياحها المحترق:
لأ لازم تسمع.. لازم تواجه،  إنت دلوقتي لسة صغير، لسه قدامك العمر.. متتعصبش بالله عليك..

أغمض جفنيه ثم فتحهما وتكلم برفق:
يا حبيبتي... إنتى إسمعيني.. أنا مش قادر أشيل المسئولية دي تاني،  أنا مش مآمن لحد... هآمن إزاي... أنا أهو بكلمك لا بزعق ولا متعصب... بس ذنبها إيه بنت الناس تتجوز واحد مش هيصدقها ويقرفها فى عيشتها؟ 

مسحت وجنتيها توضح بتبرير الامهات الحاضر دائماً:
العشرة والود يدوبوا كل اللى جواك وبنت الحلال لما هتيجي هتغير كل ده..

رفع وجهه ونظر إلى عينيها مباشرة ونبس:
طب والخِلفة؟... ليه أظلم واحدة معايا؟

رفعت حاجبيها وتكلمت بهدوء تعطيه الحل:
طب ما إنت مش هتخبي أكيد هتقول واللى عاجبها هتتجوزك

وعندها توسعت عيناه غضبًا وتكلم بنبرة يشوبها التنفس الثقيل:
وأمشي أدلل على نفسي؟ وأترفض وأدور وأترفض واتحايل انهم يقبلوا حد معيوب زيي؟.. انا عندي أموت وحيد ولا إني أتعرض للموقف ده.. يا أمي أنا مبقتش طايق جنسهم..

ارتعشت كفوفها ودمعت اكثر وتكلمة بحرقة قلبها المنصهر:
يا إبني فكر.. بلاش تقفل كل حاجة مرة واحدة.. فكر شوية

نكس رأسه أمام شهقاتها ودموعها الغزيرة ثم تكلم:
طيب يا حبيبتي أنا دلوقتى مركز فى شغلى..

وضعت كفها على رأسه ولامست شعره بحنان ثم تكلمت من بين البكاء:
يا حبيبي إنت على طول مركز فى شغلك مش هتفرق دلوقتى من بعدين.. خليني اشوفلك عروسة..

هز رأسه بيأس يزفر ورد يحاول بكل قوته المماطلة:
لأ المرة دى عايز أكبر وأكبّر شغلى مطعم الساحل مهكع ولحد دلوقتى لا جددته ولا افتتحته بقاله سنتين قاعد زي البيت الوقف.. خليني بس أفكر فيه وبعدين نتكلم

مالت زوايا فمها بعدم رضا وتكلمت:
لا..إنت تعرف توفق بين الحاجتين..

ابتسم بقلة حيلة ثم نهض سريعاً وسألها ليغير الموضوع:
عايزة تفطري إيه النهاردة؟ أنا هروح أعمل الفطار..

ثم هرعت خطواته خارج الغرفة عازمًا تجنب هذا النوع من الحوار مع والدته لاسباب لا تعد ولا تحصى واقواهم بكاؤها الذي لا يتحمله أبداً، بينما هي وجدت غنيمتها اليائسة لحثه على الزواج وعلمت أنه يلين رغماً عنه أمام دموعها وقد حان وقت البحث عن عروس له.

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

في نفس اليوم في منزل السيد الجوهري بينما كانت رقية تجلس فوق مقعد مرتفع قبالة بار المطبخ المفتوح ترتدي منامة من الفرو الأبيض والوردي بيدها شطيرة واليد الأخرى على حاسوبها المحمول تتصفح صفحة شركتها على موقع فيسبوك وجدت رسالة جديدة وعلى غير المتوقع كانت جهة المراسلة كريم السويفي،  فتحت الرسالة وقرأتها فكانت كالتالى:

{صباح الخير يا أستاذة،  حبيت أشكرك على الشغل اللى فات، الحقيقة إن القاعة الفترة اللى فاتت أجرتها أكتر من شركة كبيرة عشان مؤتمرات واجتماعات، طبعاً بسبب تجهيزك ليها على أعلى مستوى.. أنا مش ببعتلك عشان ده أنا already عملتلك review محترم بالصور،  لكن أنا جايلك في شغل جديد، عندي فرع فى الساحل مقفول بقاله كتير جداً ومحتاج أعملّه renewal  هبعتلك آخر صور للمكان ولو الموضوع تمام معاكي.. عرفيني..}

أغلقت الرسالة بعد ان طالعت الصور التي أرسلها لمطعم الساحل الشمالي، ثم ذهبت لقسم التوصيات فوجدت توصيته أفضل مما وصفها ومرفق معها كل أنواع الصور، فابتسمت وشعرت بالزهو، فللنجاح مذاق يشبه نسمات الصباح الباردة المنعشة عندما يضيق بك صدرك فتتنفسه فرجًا، عادت للمحادثة مجدداً وكتبت:
صباح النور يا أستاذ كريم.. يشرفني إنى اشتغلت مع حضرتك وهيشرفني إني اشتغل معاك تاني،  حضرتك إبعتلى location المطعم وهروح أعاينه.

أرسلتها واستقامت من مكانها لتعد الشاي بالنعناع المفضل لديها، قبل أن تاخذ الخطوة التالية أتاها صوت تنبيه وصول الرد فالتفتت لتقرأه:
ده الـlocation، ولو ينفع معاكي النهاردة ياريت علشان عايز أخلصه فى حدود 3 أو 4 شهور من دلوقتى، عشان يشتغل فى الصيف.. أنا هدفي الموسم ده بإذن الله..

وقفت لتفكر قليلاً ثم أرسلت الرد:
تمام.. النهاردة الساعة 2 هكون هناك بإذن الله..

ثم تحركت ركضاً حتى غرفة المعيشة حيث يجلس والدها وجلست بجواره بينما تبتسم وتنظر له بكثير وكثير من الود والحماس فضحك وجلس يراقبها وهي تراقبه،  يحدق بها وهى ترمقه بتمعن في المقابل فتكلم:
شغل جديد مش كدة؟

فأومأت ابتسم وسألها:
عايزة كام؟

ابتسمت وهزت رأسها نفيًا ثم نطقت بصوت خفيض يشوبه الدلال:
لا مش فلوس... أنا معايا فلوس من الشغل اللي فات؟
-أومال؟
--عربيتك..
-نعم؟
-- أصل يا بابا...-سكتت لثوان-.
-أيوة هي بتبدأ كدة... عايزة عربية ليه؟

ابتلعت ريقها وتكلمت بحرص:
أصل الشغل فى الساحل المرة دي و...

لوح بيده فى لحظتها مقاطعًا لها:
لأ الساحل لأ... المكان بعيد ودلوقتى في عز الشتا بيكون مقطوع.. لأ أرفضي الشغل ده

كانت تعلم أن هذا سيكون رده لكن لديها بعض الحيل لتبدأ بالحيلة رقم واحد:
أصل أنا قبلت
-عادي إرفضيه وقوليله ظروف

الحيلة رقم اثنان:
أصل يا بابا ده شغل مهم أوى وأنا فزت بيه لوحدي من وسط كذا شركة
-عادي تتعوض.. الساحل لأ

الحيلة رقم ثلاثة:
أصلي قبضت العربون
-نرده مفيش مشاكل وعليه زيادة كمان

الحيلة رقم اربعة:
لو عملت كدة سمعة المكان هتتدمر!
-عادي علقة تفوت ولا حد يموت... المكان هناك مقطوع والناس ملهاش أمان

نفدت حيلها ثم تذكرت شيئًا:
لا ازاي.. الناس صحابه أنا اشتغلت معاهم قبل كدة..
-اشتغلتى معاهم فى وسط الزحمة، لكن مش هوديكي مكان مقطوع وأقول إن شاء الله يطلعوا ولاد حلال

تنهدت ثم نبست:
بس الناس دول أنت تعرفهم..
-والله لو مين مرمكيش هناك فى الفضا..
--ما أنا معايا الـteam بتاعي مش هروح لوحدي... وبعدين حضرتك عارف أستاذ كريم برضو

ضيق عيناه ليتذكر:
كريم مين؟

مطت شفتيها بيأس:
يا بابا بتاع قاعة الاحتفالات..
-أنهو ده؟
--يا بابا اللى قابلته عندك فى الأچانس..
-ايوة ايوة ايوة... ابن برهان عرفته..
--برهان؟.. معرفش يمكن هو..
-لأ هو ... انا اعرف ابوه الله يرحمه كان راجل طيب مات صغير.. اصلـ..

فقاطعته رقية تتكلم في صميم الموضوع:
يا بابا... العربية!

همهم للحظات ثم تكلم:
ماشي يا ستي.. بس يكون فى علمك مفيش أي شغل في مكان بعيد هيتقبل تاني قبل ما أعرف بيه واوافق عليه الأول.. فاهمة؟

أومأت وقبّلت وجنته وقبل أن ترد سمعت صوت والدتها تصرخ بها:
رقـيــــــــــــة... انتي فين؟

نظر لها والدها بمزيج من الشفقة والمزاح يسألها:
إنتي عملتي إيه؟

فتمتمت:
يا ستار يارب من غير دلع... يبقى اتصلوا بيها.. والله يا بابا انا معملتش حاجة كبيرة... أنا..

فقاطعتها مسكة أمها لها من قفاها صارخة:.
إنتى مش كان فيه ميعاد لازم تروحيه إمبارح مع طنط اعتماد وولادها؟  مش قولتيلي مااجيش وهتروحي مع فريدة؟

ردت بصوت يتصنع الضعف:
يا ماما ما أنا راحت عليا نومة
-بت انتى المعاد كان الساعة 4 وانتى بتصحى من الفجر..

أجابت وهي تتجنب تبادل النظرات مع أمها:
لا ما انا ريحت فى العصرية

فقبضت امها قفا منامتها بقوة أكبر وأخذت تهزها بغيظ:
رقية ماتلاوعينيش... إنتى هتروحي النهاردة..

فردت بنبرة متأسفة مزيفة بصوت منخفض:
للأسف النهاردة عندي شغل جديد
-تلغيه عادي

وعندها رد والدها:
لأ مش هينفع عشان عليها شرط جزائي كبير أوي أوي

نظرت له والدتها بغيظ:
شرط جزائي كبير أوي أوي!... معرفتكش أنا كدة يا سيد!. أنت بتساعدها على الهم ده؟..

أمسك قبضتها وفكها عن قفا ابنته ثم تكلم بابتسامة:
ولا بساعدها ولا حاجة يا سناء البنت عندها شغل ومهم أوي.. ليه نمنعها بس؟... سيبها تشتغل..

جلست بجواره وتكلمت بانفعال:
طب وجوازها؟ 

أشار السيد لابنته بإيماءة خفيّة أن تأخذ مفاتيح السيارة وتخرج من الغرفة، فتسللت مبتعدة بينما صدح صوت والدتها اليائس:
والعريس اللى لطعته امبارح أزيد من ساعة وماتصلتش تعتذر حتي.. البنت معادتش صغيرة ولازم تتجوز
-لا بنتك صغيرة يا سناء وانا وانتى عارفين...

احتد صوتها وتكلمت بنبرة يائسة:
لا مش صغيرة واللى في سنها فاتحين بيوت
-لا يا سناء اللى في سنها لسة بيتخرج من الكلية وبيدور على شغل مش بنت 23 سنة ومُطلقة بقالها سنتين... سيبي البنت تاخد نفسها..

تنبّه كامل جسد سناء وأشارت إليه تتكلم بنبرة يائسة:
اديك قولت مطلقة... إنت عارف ممكن يتقال عليها إيه وهي خارجة داخلة كدة براحتها؟... إنت عارف إنهم أصلا بيجيبو فى سيرتها من وقت ما اتجوزت....

تنهد وربت على كتف زوجته ثم نبس بصوت حزين:. عارف كل ده... بس انا بنتى جنيت عليها من خمس سنين ومش هقدر اظلمها تاني يا سناء... لو حبت تتجوز هجوزها ولو حبت تستنى شوية هستنى معاها... بنتى اتكسرت واتبهدلت جامد... مش هـ...

لان صوتها ونظرت لحجرها بينما تفرك كفيها معًا وهمهمت:
وهي يعنى مش بنتى يا سيد؟.. دي بنتى البكرية واول فرحتى... إنت مفكر إني مبسوطة وهي كدة.. إنت مفكر إني عايزاها تتجوز عشاني مثلاً؟... أنا مش عايزة حد يضايقها بكلمة ولا بنظرة..

انسابت دموعها مع انسياب كلماتها فربت على ظهرها وضمها إليه وتمتم:
سامحيني يا سناء... أنا السبب انا اللى ميّلت بختها

رفعت وجهها وتكلمت:
لا والله هو نصيبها وصايبها أنت مالك بس.. المهم البت دي لازم نجوزها..

تنهد يأسه وتكلم :.
لا حول ولا قوة إلا بالله على عنادك يا سناء... اصبري على البنت يبقى عندها مركز وتعمل لنفسها أسم عشان لما يجي حد يتجوزها تكون واقفة فخورة بنفسها

-وهي لسة معملتش يا سيد؟  ما شركتها اتعرفت والناس بتطلبها بالاسم.. إنت بتتحججلها والله.. وانا وراكم والزمن طويل..

نهضت من مكانها مسرعة تتمتم بالكثير من الجمل الواجبة على ابنتها فعله وكيف ان الناس سيأكلوها حية ان بقت مُطلقة هكذا،  وكأن الطلاق محرم ارتكبته!

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

فى موعدها المحدد الثانية بعد ظهر ذلك اليوم وصلت أمام مبنى مطعم مهجور مقام بقرب شاطيء بحر الساحل البكر، ترجلت من السيارة وأخذت تتأمل المكان بأعين إعجاب فاقترب منها كريم وسألها بدون تحية:
إيه رأيك؟  شايف المكان عاجبك

التفتت تجاهه وقد استطال شعره أكثر فبدت العقدة التى يعقدها فوق رأسه ككعكة كبيرة هذه المرة مررت عينيها سريعًا عنه لتستقر على يسراه التى اقتربت من فمه بلفافة تبغ فى منتصفها، حاولت بجُل طاقتها ان تتحمل الرائحة ثم حيته وتكلمت:
آه المكان حلوة وفكرة المطعم هنا تحفة.. حاسة إنه المطعم الوحيد الموجود حوالينا وأكيد لو فتح فى الصيف هيكون ناجح جدًا..

ابتسم بفخر ثم أومأ واصطحبها في جولة سريعة حول المكان، ثم شرح لها ما يريده تحديدًا من التجديد المطلوب، فأخرجت له مخططات العمل والمدة الزمنية المحسوبة سريعاً طالعها بتشكك ثم تكلم:
إنتى متأكدة شهر ونص كفاية؟.. حاسس إن الموضوع ممكن ياخد أكتر..

هزت رأسها بكبرياء وردت بينما ترتب أوراقها:
لا أبداً... المكان معموله تشطيبات سابقة وواضح إن اللى عملها شاطر لأنها متأثرتش بالرطوبة هنا، دلوقتي كل اللى علينا إننا هنرمم اللى محتاج ترميم وبعدها هنبدأ بالفرش وده أمره سهل جداً.. فممكن كمان قبل شهر ونص أسلمهولك..
-يـاه!... ده إنتى مستعدة بقا..

ابتسمت بتكلف ونبست:
فى الحقيقة أنا متشجعة أوي.. دي أول مرة أمسك مطعم وده من أكتر الحاجات اللى بتروج لنوعية شغلى من غير ما أعمل دعاية، عشان المطعم أو الكافيه مثلاً على طول الرِجل عليهم ودايمًا بيتاخد صور جواهم وكتير بتنزل على social media وده بيبقى اعلان للمكان وللمصمم كمان.. فاهمني؟

أومأ تفهمًا لوجهة نظرها وتمتم:
خلاص يا بشمهندسة.. اللى تشوفيه.. أنا لو عليا عاوزه يفتح النهاردة قبل بكرة..

بكلمات متكلفة ومهذبة انتهى اليوم باتفاقات على كل شيء آخر  من أجور وعدد عمال وطلبات خاصة مثل وجود بوفيه للمشروبات والمأكولات السريعة من أجل العمال، بعدها عاد كل منهما لمنزله بهدوء يوم آخر تم انجاز عمل مهم به.

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

منذ تلك الليلة واعتمدت ڤيڤيان طريقتها الجديدة كمنبه جديد لفجر كل يوم لكريم يستيقظ على صوت بكاءها يحاول مواساتها ويقع تحت تأثير جملها التي تسلك كالسكاكين في قلبه:
-لو مت هتعيش ازاي؟
-هموت قلقانة عليك..
-أنت بتتبهدل وأنت لوحدك
-أنا قلبي واجعني يا ابني
-عايزة اتطمن عليك
-عشان خاطري يا حبيبي قابل البنت دي
-بص الصورة دي... دي بنت محترمة..
-تعالى معايا نقابل طنط سعاد وبنتها
-تعالى نقابل طنطك صابرين وبنتها
-أنا لقيت عروستين أحسن والله هنقابلهم قريب،  لو مجيتش معايا قلبي غضبان عليك..

شهر كامل من الضغط والقهر والاختناق والأدهى من ذلك أن العمل فى المطعم لا يسير أبداً، يبدو وكأنه يعود للخلف، لا يفهم ما السبب كلما يقترب المطعم من التجهز والانتهاء تبدِّل رقية رأيها وتبدأ من جديد، قرر أن ينتظر الأسبوع الباقى لعل وعسى يكون فيه انهاء خطتها وتسليم المطعم.

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

مر أول شهر من بدأها العمل ورقية تتعرض لكافة أنواع الضغوطات من والدتها لتقابل المزيد والمزيد من الخاطبين، فتتهرب تارة أو تدعي المرض تارة أخرى، حتى أتى ذلك اليوم ووضعتها أمها أمام الأمر الواقع، عندما عادت بعد يوم طويل من العمل في الخارج ووجدت ضيوف بمنزلهم، رجل فى منتصف الثلاثينيات ومعه طفلة تتمسك بساقه وأمه وأختان له.

بمجرد ما دخلت أمرتها أمها أن تدخل لتجلس معهم، فكان أول من تحدث منهم  أمه بينما عيونها تعاينها وكأنها لعبة تشتريها لطفلها:
إنتي بقا رقية... ده إحنا دوخنا عشان نقابلك... لا جميلة يا سناء ما شاء الله... قوليلي يا حبيبتي بتعرفي تطبخي؟

أومأت رقية؛ فبالتأكيد بعد ثلاث سنوات فى منزل عائلي عريض بصعيد مصر لابد أن ينتهي بها الأمر بتعلم الطبخ وما هو على غراره من أعمال المنزل، تداخلت استجوابات الأم مع استجواب من أخت العريس الكبرى التى تنظر لها بنظرات حادة وكأنها قررت مكانتها من هذه اللحظة:
وانتي بقا بتشتغلى وبترجعي بالليل كدة على طول؟

حلّ عليها السؤال وكأنما صخرة ألقيت عليها فاستقبلته بسخرية، لم يعجبها لا نبرة الحديث ولا فجاجة الطريقة، فاتكأت رقية فى مجلسها ووضعت ساقًا على الأخرى وقالت ببساطة:
آه... ده أنا جاية بدري النهاردة لو أعرف كنت اتأخرت شوية.

حدجتها أمها بنظرة شرسة فابتسمت لها وطالعتهم مجدداً فشق الصمت صوت أخته الصغرى تتغنج:
وانتى بقا خريجة إيه؟... أصل مودي خريج إقتصاد وعلوم سياسية؟

قطبت حاجبيها ونظرت حولها وكأنها تبحث عن طفل صغير:
مودي؟ مودي ده مين؟ هو انتم جايبين معاكم عيل تاني غير البنوتة دي؟..

انقلبت تعابيرهم وهمهمت العقربتان في أذني والدتهم بينما تكلمت سناء:
يا رقية قصدهم على أستاذ محمد... بيدلعوه مودي...
-آآه.. هو ده مودي يعني!.. تمام...

رفعت أمه حاجباً دون الآخر وتكلمت بنبرة استخفاف وعيون استحقار:
بقولك إيه يا حبيبتى... شايفة السكر دي...دي آية بنت مودي وهو مُطلق زيك كدة بس خلف الحمد لله... إنتي بقا هتعرفي تراعيها؟ أصلها محتاجة عناية وتفرغ ليها لوحدها..

ضحكت رقية ثم هزت كتفيها بلامبالاة ونطقت:
طب ما تجيبولها مربية!... آه والله هاتوا كاميريرا تربيها وتمسح ريالة... بنت مودي..

هكذا ردت رقية ببرود ووجه متجمد ثم التفتت إليه:
وأنت بقا يا مودي معندكش أي سؤال جلياط زي الست والدتك؟  شيفاك ساكت وهما بيتكلمولك...-همهمت لثانية ثم نبست- هو أنت اللى طلقت مراتك ولا هما اللى طلقوك منها؟..

فقط نظرات متوترة منه وأخرى ممتعضة من عقارب أسرته بجواره وأخرى متوعدة من والدتها، مررت عيونها عليهم جميعًا ثم انتفضت من مجلسها بينما تجاهلت كلمات أمها المحذرة وهمهماتها المحرجة:
المقابلة انتهت يا أم مودي... أنا آسفة والله يا طنط مش عايزة اتجوزِك بصراحة لا إنتى ولا حد من بناتك......  اتفضلي حضرتك وخدي بناتك التلاتة معاكي.. أنا مش بفكر اتجوز..

عمت الفوضى وبدأت أم مودي بالصياح بينما سبتها أخته الكبرى وحاولت الصغرى ضربها وفى النهاية خرجت أم مودي ببناتها الثلاث-الذي منهم مودي بالطبع-.

وبمجرد ما خرجوا حتى رنت صوت صفعة قوية أناحت وجه رقية عن مكانه ووصلة طويلة من الصراخ من والدتها:
تصغري أمك وتقعدي تتكلمي زي الصيع كدة... الناس تقول عليكي إيه؟.. كل مرة تحرجيني بتصرفاتك.. لكن المرة دي انتى خلاص فجرتي.. يجي أبوكي من السفر ويشوفلك صرفة وإلا اقسم بالله ما هيحصلك طيب..

نظرت لوالدتها بتبلد وكأنها لم تشعر بشيء ثم التفتت وصعدت لغرفتها بهدوء، تلك الليلة لم يعد والدها من العمل بل كان مسافر وتركت هي لتتآكل من البكاء طوال الليل، مر أسبوع آخر وهي على حالها تذهب للعمل وتعود تحت وابل من الكلمات السخيفة من والدتها.

فى آخر الاسبوع عاد والدها وعلم بما حدث وأخفوه عنه حتى عودته، فذهب للاطمئنان عليها طارقًا على باب غرفتها فأذنت له، فتح الباب ودخل جالسًا أمامها:
عرفت اللى عملتيه... إنتي كويسة؟

نظرت لعيني والدها بثبات وردت:
لأ... ومش هكون... الست جاية تشتمنى فى بيتك وماما وقفت تتفرج

تنهد بيأس ثم تكلم:
يا بنتى أمك متقصدش.. هي بس عايز تفرح بيكي

انتفض جسدها غيظت ففردت ذراعيها واحتدت قهرًا:
طب ما تفرح بنجاحي... تفرح بشغلي.. ولا لازم أترمي تاني في بيت نطع ميراعيش ربنا فيا؟ انتم مش حاسين بيا ليه؟ 

حلت كلماتها عليه فشعر بالذنب أكثر ونبس:
محدش بيقول نرميكي.. بالعكس إحنا عايزينك تكوني مبسوطة... وفي يوم هتلاقي المناسب ليكي

فصرخت بكل الغضب الذي كتمته طوال السنوات الماضية وكأن الكيل طفح وفاض خارجها:
مش عايزة.... أنا مش عايزة... إرحموني بقا.. هو انتم اشترتوني من سوق العبيد؟... مش كفاية اللى عملتوه فيا أول مرة؟

قبض فؤاد والدها وانحني جذعه تجاهها بينما يضع كفه على صدره ونبس باحتراق:
يا حبيبتي ما بيعناكيش.. إحنا كنا عايزين...

قاطعته بأعين غاضبة تشتعل فى مقلتيها النيران واستقامت بكل حنقها ويأسها:
عايزين إيه؟  ها؟  أنت كنت عايز إيه من جوازتي من ابن اخوك؟  رضا جدي؟ على حسابي؟ ولا كنت عايز الورث؟  كان يستاهل بقا اللي حصلي؟.. حلوة الفلوس؟  طب ما انت معاك... مش محتاج كل د....

صفعة أخرى فى أقل من أسبوع أودت بها من مكانها لتسقط على الفراش، كلماتها كانت كفيلة بمحو أي ذرة من التفهم لدي والدها، وقف يلهث ثم هدر:
إنتى قاعدة سنتين في بيتي من وقت طلاقك وانا مستوعب اللى إنتي فيه وبقول يا واد سيبها.. يومين وهتعقل... لكن تتكلمى معايا كدة لأ... إعملى حسابك... أمك قالتلى فيه عريس جايلك هتقعدي معاه وهتوافقي عليه... وإوعي تتحججي بالشغل... شركتك دي آخرها المشروع اللى في إيدك وبعدها إنسي كل حاجة...

رمي قنبلته عليها وغادر الغرفة صافعاً الباب خلفه وتركها تنهار بعدما فقدت كل ذرة من الصبر والقوة بهذا التهديد، مر أسبوع آخر من الانطفاء عليها وأصبحت تماطل فى عملها حتى لا ينتهى فتصبح مجبرة على ترك شركتها التي كدت وكدحت لتصل لما هي عليه، مر الشهر والنصف وبعدها أسبوع وبضعة أيام ولا شيء يتحرك أو ينتهي، مواد مهدرة ووقت يضيع وأصبح المتبقي على الصيف شهر واحد بالكاد.

فى صباح ذلك اليوم  كانت تمر بين العاملين شاردة ومطفأة وهو يتابعها بغيظ وغضب يلوك سجائره بحنق وكأنه سيطفئها فى قفاها إن كان الأمر بيده، وقته ينفد لا يوجد أي فرص أخرى فأرسل لها إحدى العاملات من فريقها أنه يريد محادثها،  وعندما علمت شعرت باعتصار معدتها،  لكن هي أكثر العارفين أنه لا يوجد أي شيء يستمر للنهاية وحججها واستهتارها أيضا لن يدوم.

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

أخذت بيدها أوراق الحسابات التي أهدرتها وقدرت مبلغ التعويض وطلبت من العاملين التوقف عن العمل لحين انتهاء إجتماعها مع صاحب المطعم لأنه ربما سيفض عقد العمل بينهم، طرقت الباب ودخلت، ليستقبلها بأسهم لا نظرات متكلمة وسيجارته فى فمه:
إتفضلي يا أستاذة أقعدي..

جلست تتفادى أن تنظر له أطفأ سيجارته وأشعل أخرى ثم ضحك ساخرًا وتكلم:
باين إنك عارفة إنتي عملتي إيه...

لم ترد فأكمل بينما الدخان حوله فى كل مكان وكأن الغضب يحرقه لا السجائر:
بصي يا أستاذة.. أنا موتي وسمّي اللي مياخدش شغله جد واللى يضيع فرص الناس معاه.. واللى عملتيه طول الشهرين اللى فاتوا تقريبا ده أغرب من اللى كنت أتخيله... فأنا محتاج تفسير... إيه سببك فى كل العطلة دي؟.. في منافس إشتراكي ولا إيه؟

رفعت رقية وجهها لتواجهه عند سماعها لاتهامه وعضت داخل شفتيها بغضب، وإن كان اتهامه باطل فهى لم تدع أي عذر لها، رفعت الأوراق أمامه وأشارت تجاه بعض النقاط على الورق ثم بدأت تتكلم وصوتها يرتعش غضبًا وحزناً وقهراً:
ده حسابات المواد اللى أهدرتها وده شيك بالمبلغ، وده.. ده الشرط الجزائي

رفع حاجبًا بغيظ بينما يدهس السيجارة بغيظ فى المطفأة أمامه ونبس بصوت خشن حانق:
أنا محطتش شرط جزائي

ردت هي بصوت مرتجف تتجنب النظرات معه بينما تسمع صوت القداحة مجدداً:
بس أنا حطيته وده من حقك... دي أوراق شركة ممكن تخلصلك المطعم وأنا هدفع 50٪ من التكاليف،  و..

قاطعها زمجرته بينما يميل جذعه إلى المكتب وأعينه تكاد ترى شعيرات الغضب بها:
في إيه؟

زمت شفتيها بينما تنظر لوجهه ثم تنهدت وتجاهلت الرد تستدرك:
أنا ممكن أكلم الشركة دي بنفسي و...

فقاطعها بينما يدفن السيجارة التى اشعلها تواً فى المطفأة بغضب هادرًا:
فــي إيـــه؟
-متزعقليش!  -قالتها بصراخ-.

توسعت عيناه غيظاً وصاح:
يعنى إنتى عايزة تعطليني شهرين وبعدها ترميلي قرشين وتطلعي تجري عادي كدة؟.. ده إنتى شيفاه مظبوط وprofessional؟... هتكون سمعة مكتبك عاملة ازاي لمـ...
-متقلقش مش هيبقى فيه مكتب تاني خلاص..

قطب حاجباه والتجم صياحه ثم سأل:
إيه؟  ليه؟

لم ترد بل سألته:
تعرف حد ممكن يسفرني برة بس من سكات؟

رفع كريم كفيه ثم اعتدل:
هوب هوب هوب... استنينى كدة عشان الدنيا وسعت.. إنتى عايزة تهربي من إيه؟ إنتى سرقتي... لا إنتى متسرقيش... إنتى قتلتي حد؟

وضعت يمناها على وجهها بنفاذ صبر وتنهدت:
ده وقته بالله عليك؟
-مهو فهميني.. ولو اقتنعت أنا بنفسي اللى هسفرك.. استبينا؟

صمتت ولم ترد فأشعل سيجارة أخرى ثم تكلم نافثًا دخانها:
بتكلم بجد... هسفّرك... بس إحكيلي إيه اللى حصل..

نظرت إلى السيجارة فى يده وكأنها تقول أن يطفئها فابتسم ووضعها بين شفتيه متجاهلاً لها، فزفرت ثم تكلمت:
بص انا ههحكيلك.. أنا عارفة إنك الوحيد اللى هتفهم..

تبدلت ابتسامة بروده لتعجب من ردة فعلها، فقطب حاجبيه وضيق عينيه ثم أشار لها بإيماءة برأسه أن تكمل، زفرت ونبست:
فاكر لما قلتلك إني مش عايزة اتجوز...-همهم فأكملت- اللي حصل إن فجأة والدتي جابت عريس ومصممة عليه..

هز كتفيه بلا مبالاة ورد:
عادي يعنى.. ما ده بيحصل معايا، إيه المشكلة لما تطفشيه؟

امتعضت ملامحها وتكلمت بنفاذ صبر:
تفتكر إني محاولتش؟... انا فى العادي بقوم بكل ده وبقالى سنتين بطفشهم إما عشان عيوب فيهم واضحة ومحدش بيتكلم أو إني بخليهم هما اللى يشوفوني معيوبة ويهربوا.

ضحك متكلمًا بصوت مغمغم وسيجارته جزء من فمه:
عال.. إيه اللى جد بقا؟

نظرت للفافة بين شفتيه بغيظ ثم نظرت بعيدًا، تحاول ان تتجاهل تصرفاته المتعجرفة وأكملت علّه يجد لها فرصة للسفر بسرعة:
اللى جد فى الآخر إن بابا إكتشف إني مش بأجل وإني  رافضة فى العموم.. وادانى مدة أني أخلص المشروع ده وبعدها سواء رضيت أو لا هيجوزوني تاني غصـ...

تحمحمت ثم استدركت قبل أن تنفلت حبات عِقد الماضي أمامه:
بص يا أستاذ كريم أنا عايزة أسافر بأي طريقة... أنا ممكن اشتغل أي حاجة... المشكلة عندي فى المؤهل..-اختنق صوتها ثم تكلمت- أنا معييش غير الثانوية العامة وعارفة إن ده مش هيساعدني فى شغلانة محترمة.. لكن أنا مش هقدر اتجوز تاني... ولو كان التمن أنى أهرب هعملها..

صمت لثوان و شرد قليلًا ثم نبس ناظراً لها مباشرة:
تتجوزيني؟
-آه.. إيه؟

تبلمت ملامحها بدون تعابير، كانت تنتظر سؤال عن جواز السفر أما هذا الاستخفاف والمزاح فلا.. بدون رد نهضت من مكانها لتتجه للباب فاستقام مسرعًا يقف أمامها:
يا ستي أصبرى وإفهمي.. متبقيش زي البومة كدة... أكيد مش بقولك كدة وانا هايم فيكي... إسمعيني الأول

احتد صوتها بينما تحاول مناورته للمرور:
لأ... ووسع من الطريق... انا مش بحكيلك عشان نهزر سوا يا استاذ كريم.. أنا بتكلم فى مشكلة بجد

تكلم بينما يسد كل طرق المرور عليها لتسمعه:
ما هو أنا بكلمك بجد برضو والله..

رفعت وجهها إليه وصاحت به بغيظ:
إوعى تكون فاكر إني حكيتلك عشان أصعب عليك! وتشفق عليا؟ أنا عايزة أسافر.

امتعضت شفتاه بنظرة حنق طفيف ورد بينما تنظر هي بعلياء بعيداً عنه:
إنتي بتفكري ازاي؟  هتجوزك عشان شفقان عليكي!  إيه الهبل ده؟.. أكيد أنا كمان هستفيد زيك بالظبط..

نظرت لوجهه ثم عادت للخلف فتكلم:
اقعدي واسمعيني الأول..-جلست بينما تتابعه بتشكك فضحك وتكلم- بصي أنا مش هكدب عليكي، أنا عرضت عليكي العرض ده عشان مصلحتي قبل مصلحتك..

نظرت إليه بتفحص من الأعلى للأسفل ونطقت:
مصلحتك؟ ازاي يعني؟

أخذ شهيقًا عميقًا أو بالأحرى استنشق دخان سيجارته بعمق ثم نبس بصوت هاديء:
مش هخبي عليكي والدتي كل يوم أصحى على عياط ونواح أني ازاي هموت من الجوع لوحدي عشان محدش معبرني اني هفضل معفن عشان محدش هيغسلي هدومي، وانها غضبانة عليا واني مش مريحها والسبب فى تعب قلبها ومرضها

نظرت له بطرف عينها وردت ببرود تلوح بيدها:
طب ما تتجوز.. أنا مالي!

ارتسم الحنق على وجهه ثم أكمل:
يا حللولى!!. نقطيني بـسُكاتك عشان تفهمي...
-نقطتك أهو.. اتفضل.. وطفي السجاير

رد بتلقائية شديدة بينما يخرج سيجارة جديدة يعدها للإشعال:
لأ مش هطفيها.. المهم إن السبب أني مش عايز أتجوز حاليًا بعيد عن إن تجربتي الأولى كانت تقرف وتقهر.. إني معنديش أي نوع من المشاعر أقدر أديه للي هتبقى معايا.. طبعًا ده مستحيل أي واحدة تتقبله..

سكت لثانيةيراقب ردات فعلها ثم استكمل:
طبيعي اللي بتتجوز عايزة جوزها يحبها ويراعيها ويهتم وانا مظنش إني هقدر أعمل ده فاللى هتبقى معايا هتبقى بتحب وبتضحى وبتتظلم.. أمي بقا مش فاهمة ده.. وانتي..

أكملت عنه ببساطة:
أنا كبش الفدا المثالي ليك،  لأني متفهمة اللى أنت فيه ومش هطالبك بحاجة عشان أنا نفسي مش عايزة منك حاجة ومش هديك حاجة انت مش طالبها.. صح كدة؟

زم شفتاه وهمهم فتكلمت:
لأ مش موافقة.. أنا مش عايزة اتجوز كدة.. وبعدين الجواز المشروط ده حرام... يعنى فترة ونتطلق وبتاع.. لا لا لا.

قطب حاجبيه ولوح بكفه يفسر بجدية:
لا يا بنت الناس انتى بتقولى إيه بس... حد الله بيني وبين الحرام... ده جواز حقيقي مش لعبة.. أنا فعلاً طالبك كزوجة مش سد خانة.. لا محدد مدة ولا بتكلم فى طلاق.. حقوقك وحقوقي هتتنفذ زي السيف عليا قبل ما تكون عليكي...ولو في يوم اختلفنا وحبينا ننفصل بمنتهى الأدب هيتم ده... كل الفكرة اننا بنحل أزمتنا مع اهالينا بس...

هزت كتفيها بكبرياء وتكلمت:
وايه اللى يخليني أوافق؟  إيه مميزاتك يعني؟

سمع سؤالها فابتسم لأنه عَلِم إنها بدأت تقتنع فأرجع ظهره إلى ظهر المقعد بارتياح ونبس:
يعنى.. أنا مش هكون الزوج المتطلب اللى يلزمك بحاجات تخليكي تضيعي حلمك أو شغلك.. وأكيد مش ههينك ولا هأذيكي ولا هرضالك إنك تتإذي.. وهيبقى بينا كل تفاهم واحترام وثقة.. وده بالظبط اللى أنا وأنتي محتاجينه عشان نعيش فى راحة وأهالينا يهدوا ويتبسطوا.. ها قولتي إيه؟
-السجاير...
--مالها؟
-ربع برودك هبقى كويسة..
--طول لسانك ده هيخسرك كتير..  ها قولتي إيه  هتتجوزيني ولا؟

سكنت لدقائق تعارك أفكارها الداخلية بين اقتناع بما قاله الزواج منه بالتأكيد أهون من الهرب بينما كبرياء عهد عدم الزواج ينعق فى رأسها بصوت مزعج هل تخوني العهد والقسم بالولاء لعزوبيتك؟ لكن لاحت في بالها صورتها محتبية فى مرحاض عام إحدى الدول الأجنبية بينما تغسل أرضيتها ويرميها الناس بالمناديل الورقية المبتلة وتهان وتذل فنطقت وكأنها تلهث هاربة من التخيل:
موافقة... موافقة.

رفع حاجبيه يؤكد عليها:
يعني استبينا؟

هزت رأسها بيأس وردت:
ايوة استبينا..

تبدلت ملامحه للجدية واستقام في جلسته ثم رفع الهاتف طلب لكليهما بعض الشاي ثم نظر لها وتكلم بنبرة هادئة وقورة وكأنه شخص مختلف تماماً:
حيث إنك وافقتي..ففى حاجات من حقك إنك تعرفيها عني..

طالعته لثانيتين ثم أومأت بتفهم وردت:
وانت كمان.. فيه تفاصيل محتاج تعرفها عني..

ابتسم كلاهما بجدية فتكلم هو:
حيث كدة نتكلم واحنا بنشرب الشاي
-ماشي مع الشاي..

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

أُحضِر الشاي ووضع أمامهما فاستقام كريم ثم انتقل من المقعد الذي على رأس المكتب وجلس على المقعد الموازي أمامها وفيه يده كوبه بعد أن قرب لها كوبها، أمسك قداحته والتقم سيجارة أشعلها وتكلم بهدوء:
دلوقتي بما إنك هتكوني شريكتي.. لازم تعرفي اللى حصل معايا.. أنا مش عارف أبدأ منين.. بس خليني أقولك الأول حالتي الصحية...

بينما كان ضيقها متجه للسيجارة هبطت عليها جملة حالته الصحية فانتزعت كل اهتمامها وتساءلت:
حالتك؟

أومأ بينما يعصر عَقِب اللفافة بين أصابعه ثم رفع أنظاره لها ليراقب ردة فعلها:
أنا مش بخلف.. فلو يا بنت الناس حبيتي فى يوم من الأيام تكوني أم وطلبتي الطلاق...

ابتسمت وقاطعته تهز رأسها ببساطة:
أنا حملي مبيثبتش..-انفلت ابتسامة مريرة ثم استدركت- عشان كدة مش عايزة أخلف... حملت أكتر من مرة وكل مرة بتبهدل ومش بيكمل وده سبب طلاقي...  هو انا قلتلك أنا اتجوزت ازاي؟

ظهرت ابتسامة بسيطة على وجهه وحرك رأسه نفيًا فتكلمت:
أنا اتجوزت بعد ما تميت السن..
-السن؟
--آه 18 سنة..

أطلق صفير مفاجأة ثم سألها:
هو إنتى دلوقتي عندك كام؟

مطت زاوية فمها بمرارة وردت:
23 وكام شهر.. أكملك؟
-أيوة قولى كل حاجة..

تركت فنجان الشاي من يدها ثم تكلمت بنبرة هادئة على محياها بينما فى داخلها غضب عارم:
وصية جدي قالت إن بنت ابويا الكبيرة لازم تتجوز الكبير من ولاد عمها عشان يحلوا مشاكل قديمة وبس..

زم كريم شفتيه تعجبًا وسأل:
بس؟ بس إيه؟ ده ابن عمك!.. ازاي يعنى ببساطة كدة؟

ابتسمت بهدوء واجابت ببساطة بينما داخلها يحترق:
لا عادي، أصل الصعايدة بيحبوا العزوة وانا مفيش مني رجا زي ما قالوا.. بص أنا مش عايزة أعيش التعب ده تاني.. كونك مش بتخلف ده واحد من مميزاتك فمتقولهاليش وانت حاسس إنه عيب فيك أصلاً.

شعر كريم بارتباك من جملتها العجيبة لأول مرة يذكر أمر العقم ورغمًا عنه يبتسم وفجأة تحول شعوره بعيبه المشين إلى ميزة مفاجئة، انفلتت منه ضحكة خشنة ساخرة ثم تكلم:
عايز اقولك حاجة تانية..بس متردد..

سكن فتكلمت هي تخفف عنه وتيرة التردد قائلة:
لو حاسس أنه هيضايقك متقولش أصل الكلام لما بتتردد وتقوله ممكن تند...
--طليقتي خانتني...

التجم حلقها وتجمدت كلماتها أمام ملامحه الباردة بينما يقول أمر جلل كهذا، ابتلعت ريقها وعدلت حجابها بحرج ثم  تكلمت:
أظن إنك مكنتش بتحبها.. صح كدة؟

ملأ صدره بدخان اللفافة ثم نفثه بسؤال:
عرفتي منين؟

لوحت بيدها لتبعد دخانه المقيت عنها ثم ردت:
لو اللى بتحبه خانك هتتكسر، هتسأل 100سؤال اولهم ليه! مش هيبقى سهل عليك إنك تتكلم ببساطة كدة..حتى لو عدى مليون سنة، هيطلع منك الكلام بحرقة، ومش هتكون مصدق اللى حصل منه وجزء منك بيقول لأ مستحيل يعمل فيا كدة..... انت لو كنت بتحبها كنت هتقولها وعينيك بتشكي.. لكن أنت عينيك مليانة قرف مش مكسورة.. زي ما تكون خلصت من الهم لكن بعد ما أخد منك طاقتك..

رفع حاجبًا دون الآخر وتكلم بعدم ارتياح يسألها:
وده إنتي تعرفيه منين بقا؟

ابتسمت بذات بروده السابق ونبست:
تجربة شخصية..
-والله؟
--والله!..
-واللي حبيتيه خانك؟
--لا اللى ماحبيتهوش هو اللى خان

أمال وجهه بمكر بينما ينفض الرماد فى المطفأة الكريستالية أمامه ثم رفع عينيه تجاهها وابتسم وكأنه لا يصدق أنها لم تحب طليقها، في الوقت الذي جلست فيه هي بثقة تراقب تصرفاته وفهمت ما يدور برأسه فنبست بهدوء:
لا اللى فى دماغك غلط... طليقي كان بيحب بنت عمنا اللى عايشة معانا فى نفس البيت..-ضحكت رغمًا عنها وأكملت- أوقات كان بيقول اسمها وهو نايم.. مش هكدب عليك كرامتي كانت بتوجعني كل لحظة وكل دقيقة، وكل مرة ابقى عايزة الم هدومي واهرب...والله مرة رجعت من على شريط القطر كنت خلاص هرجع..أوقات كتير كان بيبقى نفسي أسيب السيرك ده واهرب.. بس برجع اقول لنفسي ابوكي هيتضر...

سكنت لثوان بينما يراقب انفعالاتها المفتورة على نفسها ثم استدركت تنظر بعيدا عنه بقليل من الشرود:
أسوأ شعور أن أنوثة الست تتجرح من جوزها... فى الحقيقة مش شرط تكون بتحبه بس وحش أوي انها تحس انها خيال مآتة.. 

دهس عقب اللفافة فى المنفضة ثم نفث دخانه ونبس:
بس كلامك يبين إنك حبيتي...

أعادت بُنيتاها الواسعتين إليه مباشرة وردت بكل هدوء عندها:
لأ أنا اتظلمت وده اللى فارسني مش قصة حبهم فى حقول القصب لأ..

ضحك فضحكت هي واستكملت:
عشان أكون حقانية هما الاتنين كمان اتظلموا... تخيل 3 سنين بتفرج عليهم وهما بيحبوا بعض من سكات.. البيت كله كان عارف وأنا الشريرة فى حكايتهم، محدش واخد باله أن أنا اللى حياتي وقفت ومستقبلي باظ واتغصبت على الجوـ...-تنهدت بيأس- المهم أقصد إني فهماك..

وضع سيجارة جديدة في فمه وأقبل على اشعالها ثم سألها:
اتغصبتي على الجوازة؟...هو عيبة فى حقى إني اقولها بس أنا فاهمك برضو فى الحتة دي..

وقعت عيونها على اللفافة اللعينة بيده وزفرت بغيظ ثم تجاوزت الأمر وسألت:
ازاي؟. مش سهل تكون راجل وتتغصب صح؟
-لا مش سهل...بس مش مستحيل زي ما قولتي إن طليقك اتغصب على جوازتك مش كدة ولا إيه؟...

ضحكت وتمتمت بأسلوب هزلي:
يا ستار يارب على ملافظك... طب بالراحة طيب!

ثم أخذت ورقة تلوّح بها أمام وجهها ليفهم ان التدخين يزعجها، فابتسم ونفث الدخان تجاهها بعناد ثم تكلم:
ليه؟  مش شايفة مجروحة يعني!

ابتسمت بقلة حيلة وتمتمت:
منا قلتلك ما حبيتش.. بس مش معناه انك تحسسني إني أنا اللى غصبته... المهم قولى انت اتغصبت ازاي؟

نفض الرماد عن السيجارة ثم التقمها مجدداً  وتكلم بانفعال بينما اللفافة بين شفتيه وكأنه يستخدمها للحد من غيظه:
أمي هى اللي ربت طليقتي...ونوع من أنواع الإلتزام عندها كان إني أتجوزها،  "البنت ميعبهاش حاجة، دي تربية ايدي، اضمنهالك بعيني".. وفي الآخر شافتها معايا بعينيها.. بس كدة!

لاحظت انتفاضه وامتعاضه فأرادت أن تسأل عن شيء ليس بقريب للغاية عن تلك الذكر وليس بعيدا حتى لا يصبح الحوار بينهما محرجاً فنبست:
-قعدتم كتير؟ الجواز أقصد

همهم بينما قلت اهتزازات ساقيه ونبس:
برضو 3 سنين تقريبًا ..بس انا..

نظرت لتردده ثم سألته:
بس انت إيه؟

اعتصر طرف السيجارة ثم نظر خارج النافذة يتكلم بعدم ارتياح:
بصي متحكميش عليا.. بس أنا قضيت وقت كبير بعيد عنها..

سألت باهتمام:
سافرت؟

عض السيجارة باسنانه ورسم الضيق على ملامحه ثم سحبها من فمه وركنها إلى المطفأة  ثم تكلم:
لأ.. من جوايا.. في مليون حاجة ناقصة وميت ألف حاجة بتصرخ إن اللى أنا فيه ده..

تردد مجدداً ثم مد يده وأطفأ اللفافة وأخرج غيرها كأنه يفرغ توتره علي العلبة ثم شرد وكأنه يبحث عن الكلمة فأكملتها هي:
مش مناسب ومش بتاعك.. وإن يومًا ما... يومًا ما يمكن تلاقى منفذ من الكابوس ده..

فابتسم وترك السيجارة التي كان سيشعلها وتكلم:
أيوة بالظبط كدة!
-أحمدك يارب واشكر فضلك -قالتها مازحة-
--ده ليه؟
-عشان نسيت تولع السيجارة...

فضحك ثم أخذ رشفة من شايه الذي برد وتكلم بجدية:
طبعا اللى أنا حكيتهولك ده ليكي انتي... من حقك طبعًا تحكي لأهلك على موضوع الخلفة، لكن سبب طلاقى مش حابب أشاركه مع غيرك..

ردت بابتسامة وتكلمت بأسلوب مهذب :
متقلقش.. الفكرة دلوقتي.. خلينا نقضي فترة مخطوبين انت عارف عشـ...

فأكمل هو بنفس النبرة وذات الابتسامة:
عارف.. عشان متتحسبش جوازة تانية ويحصل خلاف وطلاق تاني ووجع قلب وزن جديد.. مش كدة؟

اتسعت ابتسامتها وهزت رأسها ثم نبست:
حاجة زي كدة آه.. المهم دلوقتى... أنا محتاجة اروح أتكلم معاهم.. فشوف أمورك وقولي هتيجوا إمتى..

لوح بيده أن تنتظر ثم تكلم:
أنا شايف إن الصح إني أتكلم مع والدك الأول.. هو يعرفني .. مش هتبقى حلوة في حقي إنك انتي اللى تفاتحيه قبلي.. خليني أزوره النهارده فى الأچانس و...

هزت رأسها نفياً ثم قاطعته:
لأ تروح تقول لوالدتك الأول... لما توافق مامتك تبقى تفكر تفاتح بابا... وأكد عليا... بعدها أنا هقعد مع البيت كله واتكلم معاهم بنفسي...

ابتسم وعاد بظهره للخلف بينما يحدق فيها بنظرة مختلفة عن السابق ونطق بصوت منخفض نوعًا ما:
لطيف الشعور ده... إن حد فاهمك وبيفكر معاك مش كدة؟

أومأت بينما هناك شعور خفي بدأ يجعلها تدرك أنه بالفعل شخص مناسب يمكنها الإعتماد عليه، فكيف عدلت قرارها عن السفر خارج البلاد؟  وكيف تغيرت قناعتها من رفض الزواج نهائياً لقبولها أن تصبح زوجة رجل لا يعجبها حتى، وبه مما تكره الكثير وأولهم تلك السجائر اللعينة ومزاحه السمج ولا ننسى ذاك الشعر البدائي فوق رأسه، لكن لا بأس لديه من التفاهم والنضج ما يجعلها تتمسك بكونه رجل جيد ربما بائس لكنه محترم.

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

يتبع..

ايه توقعاتكم؟

مستنية مشاركاتكم هنا وفي فيسبوك.
الكومنتات
والڤوت بيفيدوا تصنيف الرواية جدا ⭐

المواعيد يوم ويوم لحد الاكتمال..
❤اشوفكم بعد بكرة ❤

Continue Reading

You'll Also Like

103K 7.5K 61
هل يمكن لإنسان أن يُكمل حياتهُ بعد ما تعرض له من خذلان و فقد و ألم هل يمكنه أن يتخطى و ينسى و يصنع مستقبل مُشرق.. هل سيعوضهُ أصدقائه عن ما تعرض له...
1.2M 95.3K 77
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...
8.2K 676 16
نتحدث عن عده قضايا و الاغلب تكون من الواقع
2.9K 310 32
(يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ) كانت حبيسة بين أربع جدران، الخوف، القهر، الاكتئاب والمرض؛ فكان هو بمثابة النور التي تخطت من أجله العواقب،...