꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

By EmaKandeel

24.9K 2.1K 1.1K

نصيبك بيتغير ومش ثابت حتى لو انت قلت عليه مش بيتحرك، هيحصل ايه لو قلت آه وهتعمل ايه لو اتحطيت فى اختيار سابق... More

مش محتاج تقديم.. انت عارفهم
1-طالق!
3-اتفقنا ما نتفقش
4-آه.. ايه؟
5-استبينا على الآخر..
6-غيوم النيكوتين
7-إعتبريه حصل..
8-إنت طلقتني..
9-سكينة
10-بالله عليكي ما تقوليله..
11-صاخ سليم..
12-راضاني على حرماني
13- لأ مرتاحتش..
14-صد / رد.. "مبروك" جـ1
برة النص
15-صد/رد جـ2
16-رد الصد..

2-إرحميني

1.3K 120 49
By EmaKandeel

⭐الڤوت⭐
꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

قاطنة في غرفتها مر عليها شهر فالتالي ثم الموالى وانتهت عُدتها، بعد طلبات من حسام للمسامحة وأخري للرجوع ثم الأخيرة بالرضوخ للانتهاء من الأمر والنسيان، وبعد الشهر الرابع فى مساء ليلة صيفية طُرِق باب غرفتها فأذنت للطارق أن يدلف، فدخل شقيقها الصغير وليس الأصغر من الباب متلفتًا خارج الغرفة حريصًا ألا يراه أحد، فرغمًا عنها ابتسمت وتكلمت:
تعالى يا تحفة... في إيه؟

أشار بيجاد بسبابته فوق شفتيه أن تصمت ثم أغلق الباب واقترب هامساً:
هوش.. استنى أصلهم مخبيين علــيكـــي...

ابتسمت أكثر وأشارت له أن يقترب وهمست بذات طريقته:
مخبين عليا إيـــــه؟

زم شفتيه ثم نبس:
أصل... أصل... أصل الحرامي اتجوز البومة إمبارح

نظرت لوجهه لثوان قبل أن تبتسم وتحتضنه ضاحكة ثم تكلمت:
وانت زعلان ليه دلوقتى يا بي بي؟

نكس رأسه ثم رفعها يواجهها بغضب وتكلم:
-عشان الحرامي ده سرق ضحكتك! وبعدها راح يفرح تاني..

ابتسمت وأجلسته أمامها ثم تكلمت:
بس أنا رجعت أضحك تاني يا بي بي.. وهو دلوقتي ميهمناش..

وضع كفه على كفوفها وسأل:
يعنى أنتي مش زعلانة؟
--أبداً.. يا حبيبي أنا دلوقتى حرة.. -تنهدت ثم بسطت كلماتها- أنا دلوقتي كويسة..
-أنا فاهم يعني بقيتي حرة من كلام سيدو لما قال إنك لازم تتجوزي حسام.

ضحكت وبعثرت شعراته السوداء الطويلة ثم تكلمت:
يعني إنت فاهم دي كمان؟.. بابا عنده حق.. أنت اتسحبت من لسانك..
-يا خِفة... أنا بفهم كويس أوي.. انتو اللى أغبيا... أعملكوا إيه؟

هز كتفيه بلا مبالاة فصفعت شفتيه بخفة وضحكت:
طب طالما بتفهم عايزة منك خدمة..
-خدمة إيه؟

غمزت له بمشاكسة ثم همست بأسلوب يتخلله المرح:
هتعرف وقتها... المهم إنك متغيرش كلمتك... ماشي؟
-عيب يا ريكي أنا أخوكي الكبير!

ارتسمت الضحكة على محياها  وأمالت وجهها ثم سألته بقلة حيلة مغالبته لها:
الكبير؟  دنا أكبر منك يا تحفة
-أنا وباسل إيه؟
--إيه؟.. اخواتي مالكم يعني؟
-مين الكبير أنا ولا باسل؟
-- أنت يا تحفة.. ليه؟
-عشان بالفقاقة كدة لو احنا الاتنين اخواتك الرجالة وانا أكبر منه يبقى أنا اخوكي الكبير.. فهمتي يا غبية؟

وضعت كفها على فمها وانفلت منها الضحك كحبات عقد قطع توًا فتبسم هو وعانقها متمتمًا:
من غير خدمات أنا معاكي دايمًا يا ريكي...

ابتسمت وأغمضت عينها وهى تربت على كتفه،  وكما حسبت بعد أقل من شهر أتاها أول الطالبين للزواج، لم ترد مقابلته لكنها وُضِعت أمام خيار إما أن يأتي للمنزل أو تقابله مع العائلة في الخارج، في تلك اللحظة اختارت الأهون وهو أن يقابلوه جميعًا في خارج منزلهم حتى لا تصبح أمام أمر واقع جديد أو شيء مثل هذا القبيل.

فى "كافيتريا" على شاطيء بحر الإسكندرية جلست مع والدتها وأخيها بيجاد ينتظرون ربما نصف الساعة وعندها استقامت هي تتكلم:
يلا بينا...يلا.. شغل الملوك ده مبحبوش..

أمسكت ساعدها تسحبه لتجلسها وتكلمت:
يا بنتي هما قالوا يمكن يتأخر.. فيها إيه بس؟

نظرت لوالدتها وتكلمت بغيظ:
فيها كتير يا ماما.. اللى ميقدرش مواعيده من دلوقتى هيقدر إيه بعد الجواز؟

قبل أن تتكلم أمها رأت العريس ووالدته وأخته يدخلون المكان،  للحق  أمه واخته كانتا لطيفتين لكن هو،  هو شيء آخر، فور أن جلس طلب منها أن يجلسوا بمفردهم على طاولة قريبة فأزعنت لأجل والدتها، فور ما جلست تكلم بنبرة عملية متعجرفة بينما ينظر لها كأنه على عرش ملك:
اممم... sorry كان عندي over time في الشغل... انتي رقية؟

ضيقت عينيها ثم لاحت على شفتيها ابتسامة ماكرة صغيرة،  لقد بدأ وحده بإعطاءها أسبابًا للرفض، فقررت أن تستخرج منه المزيد ثم أومأت فتكلم بغرور يلوح بكفه أمام وجهها:
إنتي بقا خريجة إيه؟

اتسعت ابتسامتها وتكلمت ببطء تضغط على مخارج ألفاظها:
مكملتش... أنا معايا ثانوية عامة أنفعك ولا لأ يا حنفي؟

قطب حاجبيه ثم تكلم بعنجهية:
اسمى الباشمهندس أحمد... إيه حنفي ده؟..

تكلمت ومازالت ابتسامتها الساخرة على وجهها:
لما تاخد وردية وانت جاي تشوف عروسة تبقى حنفي يا حنفي... وبعدين أقولك باشمهندس ليه؟  لو عايزني أقولهالك تقولي يا أستاذة رقية..

طرق بقبضته على الطاولة ثم تكلم بانفعال:
أنا باشمهندس عشان درست سـ....

فقاطعته تنهض وتتكلم رافعة حقيبتها على كتفها:
بس بس بس... مالى أنا باللى هتغنيه دلوقتي ده!... أنت مرفوض...  تعليمك مش مناسب وأدبك مش موجود..

التفتت لوالدتها وأخيها توميء لهم وتقترب ثم نظرت لوالدة العريس وتكلمت باحترام:
اسفة والله يا طنط ده عصبي خالص وبيخبط على الترابيزة جامد... أنا خفت أوي..

ثم حنت زوايا فمها للأسفل وكأنها ستبكي من الخوف بينما استقامت والدتها التي انطلت عليها الخدعة وأخذتها للمنزل وطوال الطريق كانت تهدهدها لتهدأ روعها، بينما بيجاد يضحك سراً.

شهر آخر وطلبوا منها مقابلة خاطب جديد من بعد ما جلست ونظراته أشعرتها أنها يفترسها إفتراساً، لم تشعر بالراحة لكنه حريص كل الحرص على كلماته المهذبة، بنظرات متحدية بقيت ترمقه بينما يسألها بابتسامة ودودة للغاية:
وانتي يا رقية اتطلقتي ليه؟

ابتسمت وكأنها مرآته ونبست ببساطة بنفس طريقته:
وانت مالك؟

فارتبك ثم مرر نظراته على وجهها بطريقة جعلها ستتقيأ:
لا خالص أنا بس حابب أعرف أكتر عنك... صحيح بتعرفي ترقصي؟

نظرت له مضيقة عينيها لثانية تفكر، هل سمعها بخير وهو بالفعل سأل هذا السؤال! لم يعطيها الفرصة لتجيب، بل زاد من الشعر بيتاً فأشعل سيجارة والتقمها بين أسنانه متحدثاً:
أصلي بحب الست الفرفوشة أوي.. اللى تطري على مراوحي..

حنت وجهها بابتسامة خبيثة لم يرها، فرفعت رأسها ببطيء وبعيون ناعسة أخذت شهيقًا عميقًا وبعدها بدأت بالسعال تدريجياً بطريقة غريبة حتى التفت لها كل المتواجدين بالمطعم فسألها:
ده من الدخان؟... أطفيها؟

وضعت منديل على أنفها وفمها ثم تكلمت بدرامية:
لا يا ابن النـا - كح- ناس، مش من الدخـ - كح- دخان، خليني صريـ - كح- صريحة معاك، أصل انا عندي مرض خطير ومخبية على أهلى وحابة - كح- أعيش اللى باقي ليا - كحمع إنسان فرفوش - كح- زيك كدة.. وانت عجبتني -   كح- خالص.. فانا موافقة عليك..

فما كان منه إلا أن أطفىء سيجارته واستقام بعد أن نظر فى الساعة وتكلم بصوت متوتر:
ااايه ده!... أحيـه... معاد الشغل... أصل أنا... أنا هكلم طنط بعد...

فأومأت له بدرامية تطأطيء رأسها وكأنها ممثلة بالأبيض والأسود خانها الزمان، فالتفت يقف بجوار الطاولة المجاورة بينما يسحب والدته من يدها وهز يعتذر لوالدة رقية.:
أنا آسف يا طنط اتصلوا بيا من الشغل.. هنرد عليكم قريب... ربنا يشـ... أقصد يا زين ما ربيتي..

لم يأخد خطوة وأخرى إلا وانكب على وجهه فى الأرض ساحباً معه أمه فوقه، فنهض يجلس وينظر لحذاءه فوجد رباط الفردتين عقدتا معاً وعلى مد نظره تحت الطاولة يجلس بيجاد متمتمًا:
هبقى ارقص أنا على قبرك يا فرفوش..

لم يكن من الصعب التوقع أنها سترفضه، الكل يعلم أنها تكره السجائر ومدخنوها بطريقة متطرفة، وعندما أخرج سيجارته الأولى قبل اشعالها حتى عَلِمت والدتها وتيقنت أنه مرفوض، لذا لم يكن هناك تعقيب من والدتها على سعالها المبالغ به بل زمت شفتها ولم تتكلم.

شهر آخر وحضر عريس آخر وفي تلك المرة موضوعة أمام الأمر الواقع، أخبروها أنه سيحضر للمنزل وبيده خاتم بسيط وكأن الأمر قد سُطِر، فطلبت من بيجاد أن يحضر لغرفتها وأملت عليه خطة سريعة فما كان منه إلا أن أخبرها بكل ثقة:
سيبيهالي انا الطلعة دي.. مش هيخطى خطوة في الجنينة..

اقترب من الباب والتفت بغمزة لها ثم خرج من الغرفة واختفى لساعة، وعند الموعد اقترب رجل فى ثلاثينياته يبدو من النوع الذي يحب ان يبدو جميلاً -ليس بطريقة تليق برجل عمومًا- حضر مع والده ووالدته وقبل أن يضغطوا الجرس فتح بيجاد الباب يتكلم بهمس وتوتر:
يلا بسرعة عشان العريس ميشوفكوش..

ثم مشي وارتطم بساقه وكأنه لم يره أبداً وبصوت يدعي البراءة والتفاجؤ سأله:
يالهوي.. أنت عريس رقية؟!

ابتسم بتكلف وتكلم:
إيه!.. آه انا..

بمجرد أن قالها حتى ركض طفلان صغيران فى السادسة من العمر ممسكان بساقي بنطاله يسحبونه للأسفل رافعين أعينهما تجاهه كجراء ضالة متمتمين بلغة طفولية:
با... بابا..

ناول الورود لأمه وأمسك خصر سرواله وسألهم بحنق:
بابا مين يا حبيبي... سيبوا البنطلون!

فسحبا السروال للأسفل أكثر مع غمغمة جديدة:
أنت... بابا... الجديد... بابا..

فصاح بحنق:
سيبوا أم البنطلون...-نظر لوالدته بضيق يصرخ- انتي مش قولتى انها مخلفتش يا مامي؟ إيه دول؟
-أيوة يا نني عين مامي.. قالولى مخلفتش

فقاطعهم بيجاد وكأنه عجوز فى السبعين من عمره يتحدث بأسى:
للأسف أهل البيت ده كذبوا عليك... الولاد دول ولاد رقية وجوزها مش راضي ياخدهم... غلبانة يا حبيبتى متهنتش فى ولا جوازة...

شهقت المرأة وصكت نحرها:
ولا جوازة؟.. ليه هما كام؟..

وضع بيجاد يده على فمه بارتعاب وكأنه قال شيء لم واجب عليه قوله ثم سحب التوأم وتكلم بصوت مرتعش:
معـ... معرفش..تعـ... تعالوا أوصلكم لحد جوا...

فنظر الثلاث البالغين لبعضهم البعض بإيماءات خفية ثم تحركوا للخلف تجاه سيارتهم، فنظر لهم بيجاد يتصنع الرجاء:
ماشيين ليه؟... طب متقولوش أني قلتلكم حاجة... عشان خاطري... عشان خاطر الأطفال الغلابة دول..

فهرعت السيارة لآخر الشارع كأنها صاروخ، تاركة صوت احتكاك الإطارات بالاسفلت خلفها، بينما فُرِجت أمام وجه بيجاد كفي الصغيران فأخرج من جيبه ورقتين من فئة العشرون جنيهاً وأعطى كل منهما واحدة، بينما نظرت بسمة للسيارة وتمتمت:
عمو وطنط وعمو دول اغبيا صح؟.. ازاى ريكي ماما... ريكي نونو زينا...

وهكذا انتهت أخيراً حكاية آخر عريس لعام 2019  ،  بالطبع وصل للوالدين ما فعله الصغار وبالتأكيد عوقبوا جميعًا بما فيهم كبيرة العصابة رقية.

ومع دخول 2020 التى اعتبرها العالم كله نكبة؛ كانت بالنسبة لها المستراح أخيراً، أصبح لقاء الآخرين ممنوعاً، عام كامل مر عليها اعتبرتها فرصة أعطاها إياها الله كما كانت تقول، فهو عام حُجِر فيه العالم أجمع عن بعضه ولم يلتقي جمع أكثر من أفراد الأسرة الواحدة بسبب فيروس كورونا، في تلك السنة أخيراً قررت أنها إذا مرت على خير فإنها ستسعى لتحقق شغفها فلقد أمضت تلك الشهور بالدراسة عن طريق الإنترنت.

꧁............꧂

في كهفه -منزل عزوبيته- بأقصى غرب الإسكندرية فى الساحل الشمالي قضى كريم باقى عام 2019 وحيداً غاضبًا من ضعفه مهتز الثقة بالنفس، ومهلوك الخاطر،  يلوم نفسه أين أخطأ؟  كان كل ما فعله أنه لم يرد لوالدته كلمة من باب نيل برها، فكان غضبه مقسوم بين نفسه وضعف شخصيته ورضوخه الذن كانوا سببًا آخر لدمار حياته قبل أن تحل الثلاثين عليه .

ملل وزهد وتكرار للأيام والتفكير، لا يريد مقابلة أحد ولا يرد على اتصالات هاتفية،  حتى أنه أشاع عن نفسه أنه غادر البلاد مكتفيًا بشخص أو اثنين ممن ينقلون له أخبار والدته ومراقبتها عن كثب، بينما هو بعيد كل البعد عن الحرص على ذاته بل أهمل في حق نفسه وأخفق فى الحفاظ على لياقته وحتى على أقل القليل من الصحة تركه،  وفجأة قرر قرار غبي آخر، خرج من منزله قافزًا إلى السيارة إلى أقرب محل على الطريق الصحراوي واشترى شيء خبيث للغاية.

عاد إلى منزله ودخل مطبخه ،فك العلبة وأخذ منها لفافة وضعها بين أصابعه وباليد الأخرى أشعلها بالقداحة فلم تشتعل، الغبي لا يعلم حتى كيف يسلك السلوك السيء،  ضحك ساخراً من نفسه ثم وضع السيجارة بين شفتيه وأشعلها ثم سحب دخانها إلى عمق صدره،  بدون مقدمات شعر وكأن هناك لكمة قد أودت برئتيه، لا ليست لكمة بل أنه اصطدام شاحنة بقفصه الصدري، فأخذ يسعل حتى انحنى وانكمش جسده منخفضًا إلى الأرض متمتمًا بشق الأنفس:
إيه القرف ده؟

لم تكن شهور تلك السنة بأيامها والأسابيع تختلف عن بعضها،  يحاول فقط أن يعيش، فجأة بعد مرور أول شهر من السنة الجديدة ضربت الجائحة العالم وكانت تلك الضربة هي الفارقة لأشهر اغترابه عن والدته،  فمهما حدث لن يُفضل العزلة على أن يرى أمه أمامه ويطمئن عليها فى تلك الأزمة، حتى وإن لم يكن صافي السريرة تجاهها ولا مرتاح البال، حتى وإن كانت كل دواخله مهشمة لنثائر صغيرة،  لملم حاجياته، وأقفل كل أعماله حول منزل الساحل ثم اشترى احتياجات بيت والدته لشهرين قادمين ومعهم علاجها.

وصل لذات الحديقة التى هُلِع بها قبل أشهر فاتت وقطعها ثم وقف أمام الباب ذاكراً آخر مرة كان بها هنا وانقلب كيانه رأساً على عقب، رمى الأكياس من يده وهرع لأقرب إصيص زهور وتقيأ فطوره الضعيف بالكامل، اتجه إلى صنبور الحديقة وغسل رأسه بماء بارد على الرغم من برودة الجو، ثم عاد وقبل أن يدخل مفتاحه فى الباب أعاده لجيبه ثم ضغط الجرس وانتظر،  وعندها سمع أخيرًا أصوات مألوفة تلازم أمه،  خطواتها الثقيلة بعض الشيء ودقة العكاز ورنة سلسلة مقبضه ثم صوتها الحاني:
جاية..

رغمًا عن كل الآلام التي تسببت بها أمه ورغماً عن كراهيته لهذا المنزل بذكرياته، إلا أن الابتسامة غزت وجهه ونبت بعض الدفء فى قلبه، فتحت الباب ورفعت عينيها إليه لتجد أمامها رجلاً آخر غير الذي عهدته، شعره طال واستطال ويكاد أن يكون كذيل حصان ولحيته عبثية غير مرتبة، وأكثر ما آلمها حقاً هو هيئته.. بدنه الذي عنى له الكثير أن يبقى لائق ورياضي، كان على النقيض تمامًا، جسده يظهر بداية كرش صغير وانحنت أكتافه العريضة وحتى ملابسه التى كان يهندمها بذوق نيّق للغاية كأنه مقصوص  ومصمم من أجله،  تغير للفضفاض الوفير واحيانا غير المتناسق،  لم يعد موجود لا الذوق ولا الملابس الأنيقة والبسمة البشوشة التى كانت تملأ محياه دائماً.

عيون ڤيڤيان مثبتتة عليه و شفاهها ترتعش ودموعها تسيل بصمت ولا تتكلم فتكلم هو:
إيه يا أمي... مش هتدخليني؟

بحركة سريعة حتى على مَن هُن أصغر منها بالعمر وأكثر مرونة ألقت عكازها واستندت عليه هو باكية صارخة:
يا حبيبي..

ثم انهارت أكثر وأكثر فى بكاءها وعلت شهقاتها، فربت على رأسها المدفون فى صدره دموعه تسري على خديه، مسحها سريعًا وضيق ما بين حاجبيه ثم تكلم بنبرة تحمل جفاء خفيف:
خلينا ندخل جوا أحسن..

مع دخوله بدأ يمرر عينه على المكان الذي تغير بطريقة ملحوظة، فى اللحظة التي لاحظت فيها ڤيڤيان نظراته،  ففهمت انه يريد ان يسألها عن الاثاث الذي غيرته الساقطة لأعلى الماركات واحدث التصميمات عند زواجهم، فتكلمت بصوت منخفض:
آه... أصل.. أصل أنا غيرت الفرش هنا ورجعت القديم اللى كان فى المخزن و... أوضة نو.. أقصد.. أوضتك... أنا غيرت كل حاجة فيها عشـ...

قاطعها ركضه تجاه المرحاض وقبل أن تصل كان صوته كفيلًا ليُعلمها ما يحدث معه بالداخل، وبالفعل لم يخرج إلا بعد أن تقيأ مجدداً وغسل رأسه مرة أخرى، ثم تحرك للمطبخ لشرب بعض الماء.

تبعته للمطبخ وعندها بدأت تسمع صوت تكتكات متتالية، مع خطواتها حتى بدأ يظهر لها رأسه وعنقه المنحنى فوق كفيّه التي تحمل إحداهما قداحة والأخرى تمسك سيجارة طرفها فى فمه؛ فصعقت وكُبِلت خطواتها فى محلها حتى لم تستطع أن ترمش بجفونها،  نفث دخانه ثم التفت إليها بتعابير باردة ونبس:
في إيه؟ مالك؟

بسبابة مرتجفة أشارت ليسراه ونبست بصوت مرتعش:
إنت....

قلب كف يده أمام وجهه ونظر للسيجارة ثم لأمه وتكلم بهدوء:
دي؟... آه..

ثم تخطاها وتحرك خارج المطبخ بذات الهدوء ولا كلمات أخرى،  بتلك الطريقة الباردة خارجًا والمنصهرة بداخله بقى حولها  لم يستطع مسامحتها،  لم يقوى على التغاضي،  فالمسامحة أحيانا كثيرة تتطلب قوة لا يستطيع مُثقل القلب حملها،  إنها أمه من فرقت فى معاملته مع غريبة،  إنها أمه من أجبرته على الزواج من تلك الفاسقة،  وإنها هي من ربت تلك المنحلة دون غيرها..

مر الشهرين وكانت غرفته أشبه بمحرقة لا يخرج منها إلا والدخان من حوله أو خلفه وڤيڤيان تراقبه بفؤاد مدهوس لا تعلم كيف يمكنها إصلاح خطأها، تشعر بالعار والذنب والألم ومن بين كل هذا ولدها الوحيد الذي قارب على السبع والعشرين ينحدر كل يوم عن سابقه.

كانت تقف أمام الموقد تقلب طعام لا يُقلب في العادة بل ربما احترق، فاحضرته الرائحة ركضاً من غرفته، أمسك يدها وهمس برفق:
إيه يا أمى رحتي فين؟... انتي كويسة؟... اقعدي انتي وانا هعمل الغدا النهاردة..

عندما سمعت جملته تبسمت تلقائيًا،  فهو لم يدخل المطبخ نهائيًا منذ عودته وكان هذا من أسوأ المؤشرات أمامها و دخوله وممارسته لشغفه ومهنته كطباخ ماهر محترف هو بداية المبشرات، جلست على مقعد قريب وفقط اكتفت بمراقبته يتحرك بين الثلاجة والمجمد والخزانة ثم التفت لها يهز كتفيه:
مفيش ولا حتى بصلة... ليه يا حبيبتي مقولتيليش؟

بمجرد سماعها للقب منه بنبرة حانية، دمعت عيناها لكنها تماسكت ونبست:
نسيت والله يا حبييي.... خليني أطلب حاجة بالتليفو...

لوح بكفه بهدوء ثم تحرك لخرانة بجوار مدخل المطبخ وأخذ آخر كمامة موجودة في العلبة ونبس:
لا تطلبي إيه إحنا مش فى ظروف نتعامل مع ديليڤري خالص.. أنا هاخد كمامتى وهروح أخطف رجلي بسرعة لحد فتح الله اجيب اللى محتاجينه وارجع..

على بُعد بضعة محطات فى أحد المحال التجارية الكبير المعروفة بالإسكندرية دخل كريم بملابس غير رسمية سروال رياضي رمادي  وكنزة من ذات اللون وكلاهم فضفاضين وفوقهم معطف مبطن سميك كحلى و"كاب" تحت القلنسوة يلم من تحته شعره الطويل، أخذ يمر بين الأقسام التى خلت من الموظفين المساعدين بسبب إجراءات سلامة الجائحة، وأخذ يضع فى عربة تسوقه ما رآه ينقص المنزل بالكامل.

قسم تلو الآخر وفجأة من اللاشيء اصطدمت عربته بعربة أخرى تمسكها امرأة ترتدي كمامة كبيرة من النوع الذي ينبئك أن هناك حرب بيولوجية وعلى عينيها قناع واقى شفاف وترتدي فوق ملابسها معطف واقي من خامة خفيفة تشبه خامة الكمامات بلونها الأزرق المشهور وفي يديها قفازات بلاستيكية ترفع سبابة يمناها فى وجهه وتتكلم بحدة:
لا بقا...أنا كل ما اروح فى حتة ألاقيك فى خلقتي، تعدي من قدامي ومن ورايا وتاخد الحاجات اللى أنا عايزاها!

قطب حاجباه ثم عدل كمامته على وجهه  وعاد للخلف برد فعل طبيعي لمن يتحدث مع غريب ثم رد:
ولا واخد بالى منك أصلا... أنا لولا إنك اتكلمتى دلوقتي ولا كنت أخدت بالى إن فيه حد هنا

لوحت بيدها أمام وجهه بغضب وتكلمت بحدة:
ماتستهبلش ده الـ Section السابع اللى ألاقيك ورايا فيه!...

زفر بقلة صبر ثم رد بهدوء قد استطاعته:
ماستهبلش!... يلا يا حجة الله يسهلك.. أنا مشفتكيش أصلًا...

حنت جذعها ولم تتوقف عنالتلويح والحديث بعجرفة:
ريحتك ومنظرك ده ماتهوش عنهم..  أنت محدش غيرك أنا شميتك

رفع زاوية شفته تحت كمامته ونظر لها بازدراء ثم نبس:
شميتيني؟ ليه كلب... ولا عميا؟

تخصرت بعد ان صفعت كفيها معا وصاحت:
لا كلب ولا عميا يا عنيا.. بس ريحتك غلبت مصنع الشرقية للدخان... بطل تمشي ورايا لاطلع عينك واخلى العيال يحدفوك بالطوب

ضيق عينيه وامتعضت شفتاه من تحت الكمامة ثم لوح بيده بامتعاض:
طب... وسعي كدة عايز البتاع ده من وراكي... وسعي وسعي بس مش ناقصة خوتة على المسا!

نظرت له بغيظ ثم تحركت من الممر وذهبت لممر آخر بينما هو يطالع الأوراق فى يده ويصنع علامات صغيرة أمام المطلوب الذي أخذه بالفعل وبقي شيء واحد وهو كمامات ومناديل ورقية فتحرك تجاه القسم الذي يضمها يصب كل تركيزه على أهدافه، وعندما وجد علبة الكمامات مد كف يده ليرفعها ناظراً فى الورقة ليرى ما تبقى فى القائمة وهنا صدح صوت حاد للغاية:
نهــارك مش فايت... هي حصلت كمان؟

رفع عينيه مشدوهًا ليجد كفه يمسك بكف ذات المرأة السليطة التي وبخته منذ قليل،  فرفع يديه باشمئزاز أنه لامسها بدون قصد منه وقبل أن يتكلم صاحت به بصوت مكتوم بسبب كمامتها:
لا ده أنت بتعاكس بجد بقا...

رد تلقائيًا ناظرًا لها من الأعلى للأسفل:
أعاكس إيه؟  وانتى فيكي حاجة يتبصلها؟

جحظت عيناها من خلف واقي العين وصدح صوتها من خلف قناعها المبطن:
وكمان بتعاين.. أنت ملقتش اللى يعدلك وانا هربيك يا مطبق يا قليل الرباية..

ثم مدت يدها تسحب علب المناديل بجوارها تقذفهم فى وجهه بقوة فسقط "الكاب"  عن رأسه وانفلت شعره فصاحت بسخرية:
يمه... إيه الكدش ده كله...

فصاح هو الآخر يلملم شعره ويضع الكاب فوق رأسه مجدداً:
في إيه يا ولية انتي؟...

وعندها صدح صوتها اكثر، لولا الكمامة المبطنة على خلقتها لسمعها أهل الاسكندرية عن بكرة أبيهم:
ولــيــة؟  ولولوا عليك بدري يا رجل الكهف يا سبرسجي انت..

هز رأسه بملل ثم نبس ببرود:
--ماشي.. رجل كهف بس متربي... انتى بقا محدش عبرك بكلمة...-تمتم-.صعرانة.

قذفته بعلبة أخرى وصاحت:
أنــا صعرانة؟.. وربي ما انا عتقاك... دنا هفتح راسك وهوريك مين اللى صعران دلوقتى...

قبل أن يأخذ أي رد فعل جاء طفلان لا يختلفان عنها فى التغليف المبالغ به من نظارات وكمامات بالكاد تظهر عيونهم تحتها، يبدو أنهما طفلاها وبدأ الثلاثة بقذفه بشتى أنواع المناديل الورقية فهدر بهم:
لا ده انتم قطيع بقا.. يا شوية لمامة... هو انتو مفكرين إني هقف قدامكم عشان ست وعيالها... لا  ده أنا هوريكم تربية الأرصفة دلوقتي يا حَوش.

ثم مال ورفع العلب التي رموه بها وبدأ بمبادلتهم الحرب هو الآخر تحت صوت توبيخها الحاد:
جاي تعاكس بمنظر زي ده؟.. شعرك مقمل وريحتك تقرف... وقال إيه مش واخد بالك!

فصاح هو الآخر يبادلها سلاطة اللسان:
يعنى لو اللى بيعاكسك لابس أحسن ومستحمي ومحنتف هيشيل ويروّح ... علي كدة بتاخدي كام...-ضحك ساخراً- مش بقولك صعرانة!

وعندها توقفت عن قذف عبوات المناديل وخلعت نعالها ورشقتها فى أم رأسه مباشرة، ثم انحنت وأخذتها في يدها وصرخت بالطفلان:
يلا يا عيال اللى زي ده نتجاهله وأخرته زي البرص ضربة بالجزمة...

سحبت عربتها ومشت تعرج بقدم حافية وأخرى متنعّلة وتركته يقف مذهولًا مما حدث تواً وعند انحناءة الممر قابلت أحد العاملين فكلمته ثم أشارت على كريم وتحركت بينما اقترب العامل بحرص وبخطوات متوجسة ينادي على آخر بصوت خفيض وحرص لكن سمعه كريم:
يا وائل...-يلوح له أن يقترب ثم همس-  الست اللى مشت هناك دي.. قالتلى فى واحد متشرد بيلعب فى Section المناديل وجابه كله على الأرض... تعالى من غير ما يحس نكتفه ونرميه برة..

تنهد كريم بغيظ ثم حاول شرح الموقف لهم، حتى أنه أخبرهم أن ينظروا فى تسجيل الكاميرات حتى يتأكدوا،  في تلك الليلة قص كريم شعره وأعاده لطوله الطبيعي حتى كتفيه، بينما يسرد المزيد والمزيد من السُباب فى حق تلك المرأة التى لم تزده إلا مقتًا فوق مقته لبنات جنسها.

ربما اهتم من بعدها بالسيطرة على رائحة التدخين التى تعتقت بملابسه،  لكنه لم يسيطر على عادته المستحدثة السيئة ولم يهتم بطول شعره مجدداً بل اكتفى بعقصه-ربطه- فوق رأسه أو عقده خلفها، لم تتحسن علاقته مع والدته إلا قليلا وببطء، لكن ليلة واحدة وسؤال واحد منها كانا كفيلين بعودة العلاقة للخلف مجدداً، في تلك الليلة صنعت له أمه كوب من الشاي وجلست بجواره:
مش ناوي تاني يا فرح عمري؟

أخذ رشفة من الشاي وقطّب حاجبيه مستفهماً:
ناوي على إيه؟ ارجع الشغل؟.. هحاول أول ما الظروف تتحسن والحجر يترفـ...

قاطعته بتوتر بينما تتجنب النظر إليه:
-لأ أقصد -ابتلعت ريقها- تتجوز..

ترك كوب الشاي من يده وقبض على كفه بالأخرى وسألها بانفعال:
بتتبسطى وانتي شيفاني بعاني؟... يعنى كنت حلو لما كنت مكسور قدامك؟..

لوحت بيديها نفيًا واعينها مذعورة ونبست:
لا يا ابني... والله أنا قصدي افرح بيـ..

زفر وصاح بقهر:
تفرحي بيا وبعيالى.... أنا مبخلفش... مبخلفش... ارحميني بقا..

ثم استقام غاضبًا  وغادر حجرتها ليعود إلى غرفته وأغلق بابه عليه مجدداً فى الشهر المتبقى من العام،  مع نهايات 2020 قرر أن يضع انتباهه التام فى عمله،  وان يتوسع أكثر وأكثر بفروع أخرى لمطاعمه،  ربما عليه افتتاح قاعة احتفالات،  ربما عليه افتتاح مطاعم صغيرة،  ربما وربما وربما المزيد من الشره للعمل ولا حساب لشيء آخر..

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

ديسمبر 2020
كانت رقية تجلس فوق فراشها تضع "لابتوب"  على ساقيها وعيناها تحدقان بشاشته وكأنها مسحوبة بالكامل لداخله،  لم تكن منتبهة لوالدها الذي جلس أمامها يراقبها من الطرف الآخر من الفراش ولا بأخيها الذي جاوره، وفجأة تهلل وجهها وصرخت:
وأخـيـــراً.. بقى عندي موقع!

رفعت رأسها وعندها أدركت أنهم ينتظرونها منذ ما يقرب الساعة،  فتحمحمت بحرج ثم تكلمت بارتباك:
آسفة والله... آسفة بس حبيت أتكلم وأنا ملو هدومي كدة

ابتسم والدها وأمال رأسه ثم سألها:
ماشي يا ستي... إحكيلي بقى إيه الموضوع؟
-بص يا بابا... أنا كنت قيلالك إني عايزة اشتغل Interior designer صح؟

همهم والدها ثم تكلم:
أيوة حصل

تكلمت بنبرة فخورة واعين يملأها الحماس:
طبعاً حضرتك عارف إني نجحت فى كل الامتحانات اللى دخلتها أونلاين وإني معايا دلوقتي شهادات الكورسات دي.. بس مش فاضل غير إني أشتغل صح؟

ابتسم بدفء ثم سألها بحرص:
عايزة تفتحي مكتب... مش كدة؟

هزت رأسها مع أعين جرو يرجوه فضحك ثم نبس:
عايزة كام؟

لملمت شفتيها بخجل ثم نبست:
أنا لسة مدورتش على مكان.. بس حبيت أوريك إني جد وبقا عندي website و كمان page على فيسبوك.. فاهمنى يا بابا؟

--فاهمِك يا روح بابا.. ومعاكي فى كل اختياراتك..  بس مقولتيليش هتشتغلي فى تصميمات المنازل ولا المكاتب ولا على حسب الزبون؟

ابتسمت لأنها وعت أنه بالفعل يهتم وتكلمت:
لأ يا بابا... هبدأ فى الفترة دي أصمم ديكورات للحفلات مثلاً، لأني مش حابة أتعامل فى أماكن مقفولة لحد ما ربنا يعدي الأزمة دي... مش ناقصة أنقل العدوى للبيت. وكمان مش حابة ادخل مشاريع بميزانيات كبيرة لحد ما اثبت إسمي..

-يا بنتى خفى وسوسة انتي بتمشي فى الشارع زي رواد الفضاء... استخدمي المطهرات والكمامة وخلى إتكالك على المولى.. ولو قابلك مشروع بميزانية كبيرة دوسي وانا معاكي متقليش..

ضحكت وأومأت ثم سكنت لثوان وتكلمت بخجل بينما تنظر بطرف عينها لـبيجاد تعطيه الإشارة:
بابا... بخصوص.. بخصوص ماما والعرسان.. انـ..

وعندها تكلم بيجاد كرجل بأربعينياته:
بص يا والدي... البنت شافت كتير، والحاجة الوالدة مش  راحماها،  حتى الكورونا ممنعتهاش...دي بتجيبلها صور العرسان 3 مرات فى اليوم مع كل وجبة... يا والدي يا حبيبي ريكي محتاجة تعمل  career..

أنهي كلماته بجدية وصرامة يرفع ذراعه للأعلى وكأنه يخطب أمام جمهور، فضحك والده وسأله بمكر :
همم.. career ها؟... وده تعملوا ازاي يا بشمهندس بي بي؟

قالها بينما ينظر تجاه رقية بطرف عينه ليُعلمها أن خطتها لتلقين أخيها ذا اللسان الطليق مكشوفة لكنه سيمررها،  فتكلم بيجاد بثقة:
تفتح مكتب.. تصمم ديكورات لكل حاجة تقابلها وتعمل إعلانات ... وتكبر الموقع وتاخد بالها من page الفيسبوك..

بدأ والدهما بهز رأسه بإعجاب ثم نظر لها:
وإنتي بقا خليتيه يجي عشان هو المحامي بتاعك؟...-نقل نظره لبيجاد ثم سأل- طب ولو جالها عريس نعمل إيه يا متر؟

قطب حاجبيه الصغيرين وطبق قبضته إلا الإبهام وتكلم بشراسة ممرراً طرف إبهامه على رقبته:
الحل سهل... الله يرحمه..

ضحكت وأبوه ثم تكلم  بـلين:
بصي يا بنتى...أنا معاكي فى كل حاجة إلا رفض الجواز...عايزة تأجلى ماشي أنا موافق، لكن توقفي مراكبك لأ

فنبس بيجاد:
بس يا والدي أنـ...

أمسكت يد بيجاد ليسكت ثم تكلمت هي:
يا بابا أنا مش ممانعة...بس أنا ظروفي مش أفضل حاجة...  سبب الطلاق لوحده كفيل يخلى اللى هيجي إما إنه يرجع فى رأيه أو إنه يعاملني إني أقل منه... فاهمنى يا بابا؟

هز رأسه بتفهم ثم تكلم:
طب ولو جه اللى هيفهم كل الظروف دي نمشيه ليه؟

ابتلعت ريقها ومعه حنق إحتمالية الزواج مرة أخرى وتمتمت:
لما يبقى يجي بقا..

بعد تلك المناقشة دعمها والدها لتنشيء لنفسها كيان خاص بها، فقامت رقية بـعدة تصميمات داخلية وسلمتهم لشركات خارج البلاد وداخلها واستقر اسمها كمصممة ديكورات ناشئة موهوبة، حتى إنها وعلى الرغم من وسوستها تجاه الفيروس ونظافة الآخرين قامت بتصميم ديكورات حفلات زفاف وخطبة وعقد قران من التي كانت تقام إما فى المنازل أو التى تُستأجر من أجلها حدائق المنازل الفخمة.

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

في يناير 2021
جلست ذات المجلس مع والدها وأخيها لتعرض عليهم الإنجازات وتشاركهم صور ما حققته، في تلك الأثناء رن إشعار وصول رسالة على صفحة عملها على تطبيق فيسبوك فنظرت لها وتعجبت متمتمة:
ده شغل.. بس غريبة...  ده فرح وكمان After party ... 
-بجد؟ وريني كدة...

أمال بيجاد الشاشة تجاهه ثم صاح:
إوعى الأجانب...أيوة بقا الشغل الجامد ده!

شردت رقية لدقيقة  فقاطعها والدها:
إيه يا بنتى رحتى فين؟... إنتي خايفة ولا إيه؟

هزت رأسها وتنهدت ثم نطقت:
لا أبداً... بس الرسالة واضحة... سألوا إذا كنت هقدر أوفر  مكان الـafter party أو لأ قبل أي حاجة..  باين إنهم دوروا كتير  عشان طبعًا دلوقتي الموضوع فيه غرامات كتير... بيتهيألي محتاجة أفكر فى حل..

همهم والدها تفهمًا وعندما أدرك أنها سُحِبت فى دوامة العمل والحيرة فسحب أخيها من يده وتحرك خارجًا بهدوء.

꧁............꧂

فبراير 2021
كان كريم مستلقى على فراشه يتابع مواقع التواصل الإجتماعي بملل وعندها أضاء لون أحمر فى الرسائل فتحه بدافع الملل فقط فهو غير مهتم نهائي بأي تواصل مع البشر،  على غير المتوقع كان مراسله صفحة تصميم ديكورات داخلية باسم.. RO-GOHARY احتوت التالي:
  «   مساء الخير،  معاك مسؤول شركة رو-جوهري،  حضرتك أستاذ كريم السويفى صاحب مطعم so kim؟»

قطب حاجبيه استغراباً ثم رد:
أيوة... أنا صاحب المطعم.. في حاجة؟

أتاه الرد فوراً:
إحنا آسفين يا فندم إننا دخلنا لصفحتك الشخصية،  بس إحنا بنحاول نتواصل معاك من شهر تقريبًا لحد ما لقينا البروفايل..

نهض جالسًا ثم سأل:
أيوة ليه؟

رن التنبيه معلناً عن:
في الحقيقة يا فندم إحنا شركة تصميم ديكورات داخلية وكان في معانا عميل طلب فرح open-air و after party فى مكان يكون دافي وقريب من محطة الرمل عشان يتحركوا ناحيته بعد الفرح.

-مش فاهم... أنا مالي...

فأتاه الرد المهذب:
آسفين يا فندم هوضح أكتر.. طبعاً حضرتك عارف أن مفيش قاعات أفراح حاليًا،  ومعظم قاعات المؤتمرات كبيرة جداً وكمان مش متاح تأجيرها الفترة دي، لكن الحفلة اللي هما طلبوها بالكتير أوي ل20 شخص.. وفي الحقيقة إحنا بنكلم حضرتك عشان نحجز معاك المطعم للمناسبة دي... وبنوعدك أنه هيتم التعامل بحرص مع الصالة الرئيسية وهيتم تعقيمها بعناية عن طريق فريق متخصص بعد الحفلة على طول + إننا  هندفع الإيجار مُقدم ومعاه تأمين..

ابتسم كريم بسخرية من اللغة اليائسة لآخر رسالة ثم كتب:
انتم دورتوا فى كل المطاعم والكافيهات اللى حواليا مش كدة؟... عمومًا أنا محتاج الأول أفهم ليه شركة تصميم داخلى اللى بتكلمنى؟... أنا مش عايز أغير ديكورات المكان!..

فأتاه الرد:
لا يا فندم الشركة هنا متخصصة بالتصميمات عمومًا، ومنها تصميم الحفلات بالكامل،  والعريس والعروسة طالبين Similar theme  للحفلة والفرح فإحنا مش هنغير من التصميم بتاع المطعم،  لكن هنركب تصميمات مؤقتة وبنضمن لحضرتك إننا مش هنأثر على أساس التصميم عندك نهائي..

سكن لثوان يطهو الأمر برأسه ثم كتب:
طب أنا محتاج أقابل المدير بتاعكم والمصمم كمان..
-تمام يا فندم حددلنا المعاد وهنيجي فيه..

حك شعرات ذقنه رافعًا حاجب دون الآخر ورد:
تمام.. أنا فاضي بكرة.. بالمناسبة محتاج أشوف الـ materials اللى هتركبوها دي عشان أضمن إن مفيش حاجة عندي هتبوظ..

نظرت رقية بامتعاض لرسالته وتمتمت:
إيه الطلبات دي كلها هو أنا بطلب إيد المطعم!

تنهدت ثم كتبت بلغة مهذبة:
أكيد يا فندم.. بكرة بإذن الله هجيب معايا خامات من اللى هستخدمها.

فأتاها الرد العنجهي:
كلها... كل الخامات وكمان الـ offer اللى هتقدمهولى،  ولو عجبني هوافق..

جحظت عيناها غيظًا وتمتمت بينها وبين نفسها:
شوف الجِعِر... إيش حال مكانش المطعم مقفول بقاله سنتين وهنضفه الأول! لولا إني محتاجة المكان كنت سيبتهولك يخلل

زفرت بهدوء لترد بلباقة:
طبعاً يا فندم، بإذن الله بكرة الساعة 4 العصر كويس؟

أتاها الرد بمنتهى العجرفة:
أيوة تمام... بس أنا راجل دقيق.. 4 وخمسة لو مكنتش موجود أعتبر الموضوع اترفض..

امتعض وجهها أكثر ولملمت شعرها للخلف بغضب ثم زفرت غيظها ناظرة للسقف وبعدها كتبت:
تمام يا فندم متقلقش..

أنهت رقية حديثها معه ثم أمسكت هاتفها واتصلت بصديقتها الجديدة ومع أول رنين صرخت بحماس:
لقيته... لقيته يا فريدة...
-لقيتيه بجد؟..
--آه والله.. لقيته وأكدت معاه ميعاد

اتاها صوت فريدة الهاديء تسألها:
إحنا دوخنا عشان نلاقي أي حاجة عن صاحب المطعم ده لقيته ازاي بس؟

أجابت بثقة تسترسل فى طريقتها المخابراتية فى ايجاد صاحب المطعم المراد:
أقولك يا ستي.. أنا دورت على أرقام المطعم ده واتصلت بيهم كلهم... الرقم الأرضي محدش رد ورقمين الموبايل لقيتهم مقفولين،  بعدها عملت سيرش على فيسبوك، لقيت صفحة المطعم، ومنها عرفت إن في فروع تانية للمطعم، دخلت على جوجل وجيبت منه أرقام وعناوين الفروع التانية، وعرفت إن فرعين البلد اتقفلوا مع بداية كورونا وفرع الساحل بيتجدد، فأخدت أرقام التليفونات بتاعتهم كلهم واتصلت بيهم واحد واحد، لقيتهم شرح الأرقام التانية الأرضي مبيردش والموبايلات مقفولة،  أخدت أرقام الموبايلات الستة وعملت بيهم سيرش على truecaller و guess what!.

همهمت وسألت:
ايه؟

أكملت رقية بحماس بالغ:
كلهم طلعوا باسم المطعم ماعدا رقم موبايل واحد من بتوع الساحل باسم كريم السويفى، وهنا عرفت إن so kim  ده مش إسم المطعم ده هو اختصار لإسم صاحبه، رحت دخلت فيسبوك تاني وعملت سيرش بإسمه لحد ما لقيت واحد بنفس الإسم وموجود فى إسكندرية،  دخلت كلمته ويا سبحان الله رد فى ساعتها... البت ميشيل دي مرزقة والله

صمتت فريدة لثوان ثم نبست ضاحكة:
ميشيل هي اللى مرزقة ولا أنتي اللى مرعبة؟.

فردت عليها المزاح مرققة صوتها:
أنا مرعبة يا ريدا القلب والجنان! 

فخجلت فريدة وصاحت بإحراج:
بت إتعدلى بدل ما اعدلك

فتكلمت رقية ضاحكة تشاكسها:
تعدليني ليه يا baby هو انا مايلة؟  أنا مالى مش جوزك هو اللى رايح جاي يقولهالك... بقولك صحيح بمناسبة جوزك.. عايزاكم تيجو معايا بكرة.. أصل مش معقول هروح لوحدي كدة أولاً هيستهيفني... وثانيًا الميعاد فى المطعم بتاعه والمطعم مقفول فغالباً مش هيكون في حد وانتي عارفة مش هيبقى لطيـ...

فقاطعتها بدون تردد:
من غير ما تقولى هاجي أنا وسُليمان معاكي.. الميعاد الساعة كام؟

امتلا وجهها بالامتنان ونبست برفق:
اتفقت معاه على الساعة 4...وابو قويق مش عايز تأخير ولو خمس دقايق عشان هيبقى لاغي...

فتكلمت فريدة وهي تنظر في جدول اعمالها:
خلاص من 3 ونص هنكون معاكي إيه رأيك؟

تنهدت رقية وامتنانها يغطيها:
رأيي فى إيه يا بنتي!  ده انتي من إكرام ربنا ليا... أنا صحيح أعرفك من يا دوب مفيش وحساكي كأني أعرفك من سنين والله.. ياريتنى كنت اعرفك من زمان كنت عملتلك theme فرحك والله..

ضحكت فريدة ثم نبست:
بس يا بنت...بلاش كلام الاغراب ده... بكرة هقابلك.. يلا إقفلى بقا عشان بجهز الغدا لسولي

ضحكت رقية وعادت للمشاكسة مجدداً:
وابو منة عارف إنه سولي وساكت؟

فصاحت بها بينما تدافع الضحك:
اقفلي يا حيوانة

ضحكت رقية وحيتها بم تركت الهاتف وعادت لمراجعة التصميمات التى طلبها كل من ميشيل وچون من أجل عرس الخلاص.. نعم كمعظم الاجانب المتحابين خلال فترة تفشي الكورونا ظهر مفهوم رومانسي عن كونها نهاية العالم فليتنهي ونحن معاً!

꧁ماذا لو، يومًا ما꧂

⭐متنسوش الڤوت⭐
❤مستنية تعليقاتكم ❤

سبرسجي جاية سبارس وده لفظ قديم للسجاير  وحريقة السجاير زمان كان اسمه سبرسجي..

اه المحل فتح الله بس نسيت اكتبه وكسلت😅

كح كح كح كح كح... دي عديها أنا قاصدة أحطها  عاتشي 😂🤩

كلمة أحيه كلمة إسكندراني معناها يالهوي ياخرابي ياخراشي يا إلهي يالهوتي 😎

فلو سمحت إحترم ثقافتي كاسكندرانية ومتقوليش انها عيب عندك ❤

الفصول رينچ طولها زي الفصل ده باذن الله وبين انها تكون 8او 9 اذا طال عن كدة

Continue Reading

You'll Also Like

19.5K 1.6K 10
نوڤيلا رومانسية حزينة تدور في إطار الأكشن بفكرة خارج الصندوق💙!
5.2M 154K 104
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
938 62 5
واحب رمضان والهدوء في ايامه والخشوع في لياليه ..احب سكينه الليالي العشر، تلك الطمأنينه التي تتغاشي في القيام والتراويح ..ودعواتي المرسله الي السماء...