أسير عشقها الجزء الثاني من سل...

By SohaEldean

44.2K 1.7K 35

الجزءالثاني من سلسلة حصاد قلب More

المقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الحادي الثلاثون
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الخاتمة

الفصل التاسع عشر

1K 43 0
By SohaEldean


الفصل التاسع عشر

"حكم إعدام"

بانعاكس المرايا تتخفي حدة الوجوه ..... هذا مظلوم كسير وهذا ظالم مشبوه

الروح تتلظي والزجاج يعكس الصورةوهو أمام الحقيقة مشدوه

منذ متي وظاهرنا كباطننا نتلون وكأن خداعنا حق مشروع

هذة بدأت لعبة حواء الأزلية بشد وجذب ما من طريق للرجوع

وهذة تحمي نفسها بارتباط زائف قوية أمام الجميع تسد برمش عينيها ضباب الدموع

وعن وجع زوجة يتآكلها القلق حدث ولا حرج مع أنها تبدو أمام الرائي بتماسك مصنوع

وهذا ماكر ببذلة نبيل يلعب علي أوتار القلوب وبغيته سقطتهالكنها أمام غزوه صامدة منوع

صور هنا وصور هناك شريط بائس من الذكريات ، نجاهد كي نقتل الشك ونجد المخرج لكن هيهات

طريق مرسوم لابد من اجتيازه حتي نهايته مهما كانت العقبات

خيرنا أو سيرنا لافارق المغزي في المبدأ والتعلم من السقطات

مادمنا نكسب أنفسنا فمهما حدث لن تكسرنا الأزمات

ننحني لها ولا تحني هي ظهورنا استسلام مؤقت يعقبه عاصفة من الانتصارات

" أسماء جلبط"

و قلبي في محكمة العشق كان من نصيبه حكما بالإعدام

الحياة أضحت كئيبة ومملة وهي تتحرك فيها بروتينية تامة عمل تقوم به على أكمل وجه كعادتها لكنها فقدت شغفها به ، تهتم بأعمال المنزل بل إنها عدلت من ترتيب الأثاث بحجرتها أكثر من مرة ، اتجهت للإهتمام بدراسة أخيها الصغير وأصبحت هي المسئولة عن دراسته ، ضحكاتها مفتعلة وتغيرها ملحوظ و السبب معلوم للجميع و لها لكنها لن تدع نفسها تفكر به و لو للحظة فهي لن تحتمل جرحاً جديداً مهما كلفها الأمر

- دينا

ناداها مديرها لعدة مرات و أخيرا انتبهت

- انتِ مش مركزة من الصبح

- آسفة يا مستر يوسف بس تعبانة شوية

نبرة صوتها يبدو عليها الإرهاق حقا هي لا تثرثر و لا تتمتم منتقدة كعادتها فقط هادئة للغاية ، أعطاها الملفات لتلتقطها و يلاحظ يدها خالية من حاقتها الذهبية

- انتِ سبتي خطيبك ؟

أومأت برأسها قبل أن تجيبه

- كل شيء قسمة و نصيب

و غادرت مع تلك الجملة و هي تتذكر ما حدث يوم قررت إزالتها من يدها و فك قيدها المزيف حتى أتى وائل و أرادت أن تخبره بقرارها لكنه عاجلها

- دينا ، أنا عايزك في موضوع بس متفهمنيش غلط

ابتسمت إليه بهدوء هي ممتنة للغاية لكل ما فعله من أجلها

- أنا في بنت بحبها و عايز أخطبها و عشان كده موضوع خطوبتنا ده ... مش عارف هأقولها عليه ايه ؟ و لا....

قاطعته قبل أن يكمل

- أنا أصلا اسمح لي يعني فكيت خطوبتنا الاسبوع اللي فات

ابتسم إليها فقد أزاحت حملا كبيراً عن كاهله ، بادلته الإبتسام و أمسكت بيده

- وائل ، انت عملت حاجات كتير أوي عشاني و أنا بجد مهما عملت مش هأوفي حقك ، انت الوحيد اللي وقفت جنبي في محنتي رغم انك كان ممكن تقول و أنا مالي ....

قاطعها قبل أن تكمل

- دينا ، انتِ عارفة انك أختي و في غلاوة البت سحر بالظبط

- و مش هتعرف أختك على خطيبتك المستقبلية على الأقل أشوف مين اللي وقعتك ، أكيد مش هتكون في جمالي

أخبرته و هي تعدل من شعرها بطريقة ساخرة فضحك منها

- قومي يا بت اعملي لي شاي

ابتسمت و غادرت تشعر بالراحة أزالت حملا بالفعل لكنها راحة ناقصة كما هو حال كل شيء بحياتها حاليا ، نقص لم تعتاده و لم تستشعره قبلاً ، قلبها لم يعد ملكاً لها حتى و لو لم تعترف و لو عاندت و كابرت

- دينا ، ايه يا بنتي ؟!

رفعت عيناها لتجد يوسف أمامها و لا تعلم حتى متى خرج من مكتبه و كم ظل واقفا وهو شعر بالشفقة لأجلها ..

الفتاة شعلة النشاط انطفأت !

- خدي باقي اليوم أجازة

توترت و هي تنظر إليه لم تهمل فى عملها يوماً

- مستر يوسف ، أنا آسفة ، أنا ....

قاطعها قبل أن تكمل

- دينا ، أنا بقول عشانك أنا مش زعلان بس أنا عايزك ترجعي لمضة زي زمان ده انتِ طول اليوم مبرطمتيش بكلمة واحدة و أنا اتعودت على البرطمة بتاعتك

ارتسمت إبتسامة على ثغرها

- ربنا يخليك يا مستر يوسف ، إن شاء الله

و بالفعل قررت أن يكون باقي اليوم إستراحة فهي تشعر بإرهاق شديد و ما إن وصلت إلى المنزل وكادت تتجه إلى المدخل حتى وجدته أمامها فضيقت عيناها غاضبة و سارت تتجاهله ليقطع طريقها

- أهلا يا بنت عمي

قالها ساخراً فزفرت بغضب

- عايز إيه يا جلال ؟

طالعها بإحتقار ودت معه أن تقتلع عيناه

- جاي أشوف شرف العيلة اللي بتمرمطيه في الأرض يا بنت أمك ، لبس وعربية و جاية بيتكم لوحدك و دبلتك كمان قلعتيها و بقيتى دايرة على حل شعرك من غير راجل يلمك

لم تعد تحتمل كلماته و تجريحه لم لا يتركوها بحالها و أن قرابة الدم التي تجمعهم أضحت ذنباً ولعنة

- اخرس

صاحت غاضبة لينظر إليها بعيون مشتعلة

- ده انتِ عايزة تتربي من الأول و جديد يا بنت ثريا

وكاد أن يصفعها ليتلقى لكمة مفاجأة فنظرت لتجد أمير الذي صاح بها

- امشي إطلعي على فوق

- أمير !!

صاحت به ليبادلها الصياح آمراً

- قلت لك إطلعي

انصاعت و صعدت درجات السلم و توقفت تشاهد ابن عمها يصيح غاضباً

- طبعاً ما الهانم رجالتها كتير و انت بقى واحد منهم

جذبه من ملابسه بحنق

- قسما بالله لو ما لميت لسانك و بعدت عنها لهتخرج من هنا متشال على نقالة

ابن العم يصيح و يسب عرضها و المدافع عنها بعيد القرابة قريب للغاية من القلب ، صعد إلى منزلهم و قبل أن يتحدث صاحت به

- عاجبك كده الكلام اللي هو قاله و الناس اللي اتفرجت علينا ، مبسوط ... شفت نظراتهم ليا إزاي ؟

تصيح وسط دموعهها

- ده كان هيضربك

- و انت مالك ؟ بتدافع عني بصفتك ايه ؟

هو بالفعل غير ذي صفة سوى بقلبه الذي تعلق بها و نظراته التي لامتها فهربت من أمامه إلى حجرتها

- متزعلش منها يا أمير يا ابني ، هي بس تعبت من اللي بيحصل

أومأ برأسه و غادر ، هو غير غاضب منها أبداً بل حزين لأجلها فيبدو أنها عانت كثيرا ، وفي النهاية هي حبيسة حجرتها تبكي بسبب عائلة دمرت أحلامها ، سبت والدتها و شككت بنسبها ونسب أخيها وبالنهاية قرروا التشهير بها كأن ما حدث لا يكفي

**************

أن تسمع يختلف الأمر تماما عن أن ترى ، أن تشعر ، أن تتألم وتعاني ، أن ترى من تحب يعاني وانت من تملك الخلاص ، تملك فك قيوده ووضعها بيديك والسؤال عندها من منهما الأسير من فُكت قيوده أم من وضعها صاغراً؟!

جلست بجواره تمسح على رأسه فعندما وصلت كان قد غادر غرفة العمليات للتو بعد أن تعرض لعدة طعنات لم تكن أيا منها قاتلة عندما انفرج جفناه ونظر إليها

- ملك

همس باسمها مرهقاً لتشعر بقلبها يتمزق

- سلامتك يا قلب ملك ، بعد الشر عنك يا حبيبي

دموعها لا تتوقف وهي تراه على تلك الحال وتعلم أنه مظلوم ، يُعاقب على جرم لم يفعله

- ايه اللي حصل يا أحمد ؟

سأل محمود قلقا من الحال التي رآه عليها عندما بدأ بسرد القصة هو محبوس بالسجن إحتياطياً ليبدأ مجموعة من المساجين في محاولة إفتعال شجار معه رغم تجاهله لهم

- بقالهم يومين بيحوموا حواليا وأنا ببعد عنهم ، لإني عارف أشكال السجن دي كويس لكن فوجئت بالليل بعد ما العنبر نام واحد منهم بيطلب سيجارة قلت له مبدخنش ، بدأ يلقح بالكلام ومعرفش الخناقة اتطورت إزاي فجأة واحد فيهم طلع مطواة ومحستش غير بضربتها في جنبي بعدها كل حاجة مشوشة

والقصة أيضا مشوشة للجميع لكنها واضحة لها تماماً ، فالرسالة موجهة إليها ولا يجيد قرائتها غيرها استسلمي أوسيتعذب إخضعي أوافقديه

- ملك

انتبهت إليه وهو يناديها

- نعم يا حبيبي

أجابت بإبتسامة مفتعلة وتجاهل هو شرودها فهو يعلم أنها حزينة لما أصابهم وأصابه

- ياسين عامل ايه ؟

- الحمد لله كويس ، نفسه يشوفك

أخبرته وهي تمسك بيده ولا تعرف أن الكلمة آلامته كثيراً رغم شدة إشتياقه إلى صغيره لكن كيف له أن يرى والده سجيناً على تلك الحال

- لا يا ملك بلاش ، مش عايزه يشوفني كده ، مش عايزه يعرف إن أبوه رد سجون

و قبل أن ترد هي عاجلها أخيها بالرد فهو واثق به تماما ، هو ابن خالته الذي إئتمنه على أخته و لم يخن أمانتهم

- متقولش كده يا أحمد ، أزمة وهتعدي إن شاء الله وترجع أحسن من الأول

أومأ برأسه و قد بدأ اليأس يتسلل لقلبه لا مخرج مما هو فيه

- ملك هأستناكي برا

غادر و تركهم عندما مد يده و مسح دموعها

- إحنا مكتوب علينا المستشفيات

ابتسمت وسط دموعها و لم تعرف بم تجيبه فمنذ سنوات قليلة كادت أن تفقده والآن بعد أن ظنت أن كل شيء أصبح بخير أتت تلك العاصفة لتقتلع حياتهم من جذورها

- بكرا تخرج و كل حاجة تتصلح

- مش باين يا ملك ، مش باين

ربتت على يده و نظرت إلى عيناه

- إن شاء الله هتخرج يا حبيبي وقتها هتفتكر إني قلت لك

أخبرته وهي تهرب من نظراته فقد إتخذت قرارها إن كانت حياتها هي الثمن في مقابل خروجه فلتفعل فهي واقعة بين خيار أحلاهم مر و هي ظنت أنها إتخذت القرار الصحيح

و حسمت أمرها بالرفض ، رفض دفع ثمنه هو ، ثمن رفضها كان الدماء والعرض مازال قائما

**********

أما هي فلم ترفض أو تقبل هي تبقى الأمور معلقة تهرب بعيداً عن الجميع ، حتى أنها هربت للنوم ، تقلبت في سريرها لتشعر أنها اصطدمت بشيء بل شخص ما ، فتحت عيناها لتجده بجوارها ينظر إليها و يتأمل ملامحها

- صباح الفل على عيون الجميل ، كل ده نوم

نظرت إليه في دهشة تحاول إستيعاب الموقف هي بمنزل فرح .. وهو هنا بغرفتها !

- يحيى !! انت ايه اللي جابك هنا ؟!

ارتسمت إبتسامة شقية على ثغره واقترب منها هامساً

- كنت براقب الأمير النائمة ، وحشني إني أشوفك صاحية من النوم و عنيكِ نعسانة وشعرك منكوش

مررت يدها بين خصلات شعرها عندما وضع خصلة شعرها خلف أذنها

- شكلك زى القمر

اقترب أكثر و هى تنظر اليه مجنون كيف حضر إلى هنا ؟! لكنها تعلمه جيدا فهو إن أراد فعل

- عاجبك اللي إحنا فيه ده ، وحشني جنانك وخناقك وعصبيتك ... مش عارف أعيش من غير دماغك المطرقعة وتصرفاتك اللي زي العيال الصغيرة

نظرت إليه وهي تعترف أنها الأخرى إشتاقت حد الهروب الذي جعلها حبيسة تلك الغرفة لا تتحدث سوى لنهلة و قررت أن تتجنب الذهاب إليها حتى لا تراه

- يحيى ، أنا ....

- أنا بحبك

قاطعها وهو يقترب وهي كادت تتوه بين كلمات عشقه ونظراته لكنها ابتعدت

- ايه ، انت عارف إحنا فين ؟

أخبرته و هي تبتسم في دهشة من تصرفاته الطائشة

- أفهم من كده إنك عايزانا نرجع بيتنا

حركت كتفيها مستنكرة

- أنا مقولتش كده على فكرة

أخبرته وكادت تغادر السرير عندما جذبها و هو ينظر إلى عيناها

- مش فارقة معاكِ يعني

اتسعت عيناها في دهشة وقد إحمرت وجنتيها

- انت مش ناوي تبطل جنان

- انتِ بتحبيني عشاني مجنون

حاولت ألا تبتسم و فشلت تماماً فخانتها إبتسامتها و عيناها التي فضحت عشقها هي بالفعل تعشق جنونه و تهوره و كل ما به لكنها قاومت و ابتعدت لتخرج إلى النافذة فتبعها و جذبها لتواجهه

- كفاية بُعد يا منه ، انتِ عاقبتي بما فيه الكفاية

طالعته و لا تعلم بما تجيب هي لم تعاقبه بل إبتعادها كان عقابا لها قبل أن يكون له هو ، و قبل أن تجيبه جذبها بين ذراعيه فلم تبتعد بل تمسكت به أكثر

- بحبك

همس في أذنها فشعرت أنها ذابت مجددا و كل دفاعاتها إنهارت فهي غارقة فى غرامه مهما حاولت النجاة لكن صوت سيارة أخيها التى دخلت من البوابة جعلها تنتفض مبتعدة

- يوسف أخويا

نظر إليها في دهشة قبل أن يعلق

- انتِ مراتي يا متخلفة

حدقت به بنظرة غاضبة و لكنها قبل أن تنطق كان قد أمسك بيدها ليتجها إلى الأسفل حيث كان جدال خالد و فرح قائما فقد علمت فرح بأنه سمح ليحيى بالمجيء و الأمر لم يروق لها ، ووسط جدالهم وجدته يتجه نحوهم ممسكا بيدها بينما أخيها يدخل من الباب و لا تعلم ماذا ستفعل فنظرات يوسف النارية تركزت عليه

- مين اللي جاب الحيوان ده هنا ؟

صاح غاضبا ليبادله يحيى صياحه

- لم لسانك و احترم نفسك ، أنا محترمك عشان أخوها

نظراتها حائرة بينهما و قرر خالد التدخل

- يا جماعة كل مشكلة ممكن تتحل بالهدوء

و كانت النظرات الغاضبة من كليهما من نصيبه قبل أن ينظرا إلى بعضهما البعض

- تعالي هنا يا منه

طلب أخيها فكادت أن تغادر ليضغط هو على يدها و تخبرها عيناه أن تبقى مكانها ، و حتى تلك اللحظة هي فقدت القدرة على تعريف حبه أو تحديد ما يمثله بحياتها ، الأدهى أنها تشعر أنه أضحى كل حياتها ، استحوذ على كل شيء فالبداية عنده و النهاية له و قراره كان فاصلا عندما جذبها من يدها ووقف أمام أخيها متحديا يصرح بملكيته له و الآخر عيناه تشتعل بغضب قبل أن ينظر إليها ، إخوتها بجبهة و هو بجبهة أخرى

- منه !!

كان صوت أخيها يأمرها بالابتعاد لكن الحقيقة هي أمام اختيار واضح و صريح ...... اختيار يمزقها !

- انت ملكش حكم عليها ، دي مراتي

بادله صياحه و كاد أن يرد لكن تلك المرة كان رد فعلها الصامت أبلغ من أي كلمات نطقت بها قبلا فقد انسلت يدها من بين يده و اتجهت نحو أخيها و هي تقاتل دموع عينيها التي تحجرت فلم تعكس بكاء قلبها الصامت

- طلقها بدل ما ندخل في محاكم و قضايا و في الآخر برضو هتطلق غصب عنك

طالعة بنظرة حانقة يود أن يحطمه لكنه في النهاية أخيها

- عايزة تتطلقي يا منه ؟!

و لو سألها دون ذكر اسمها لكان الأمر أسهل فهي متيمة تعشق حروف اسمها بين شفتيه أما إن لم يسأل لرحمها من ذلك العذاب فليفعل ما يريد فليبتعد هو فليرحل هو فليتخلى ليمنحها راحة لومه انه السبب لربما عندها ستخبر قلبها أنها لم تقرر الابتعاد ، ستقف أمام حبها تخبره أنها تمسكت و هو استسلم ..... فليقرر بدلا عنها لكنه لم يفعل

- ردي ؟!

و انهمرت دموعها فلم تعد قادرة على كتمها و أجابت بصوت جاهدت ألا يخرج باكيا

- طلقني

و القلب يصرخ لا تفعل ، ارفض ، ابقى ، اتخذ انت القرار فأنا ضعيفة لا أقوى على مواجهتهم و لا أريد خسارتهم و لو رفعت عيناها لأدركت أنها خسرته هو

- انتِ .......

و أغمضت عيناها في انتظار كلمة الخلاص و هو كاد أن يفعلها ثأراً لكرامته لكنه توقف

- فاكرة انها بالسهولة دي ... هتأمري و أنا أنفذ ، أنا هأموت

و انتِ مراتي ، طلاقك بموتي يا بنت الهنداوي

و تقدم من أخيها و عيناه تشتعلان بالتحدي

- و هأطلبها في بيت الطاعة و أعلى ما في خيلك اركبه

خط كلمة النهاية ليتركهم و يغادر لتنهمر دموعها و لا تعلم إن كانت سعادة أم حزن ؟! تمسك بها لأجلها أم أن كرامته لم تسمح له أن يُجبر على ما لا يريد ... أيمكن أن يسامحها على أنها إختارتهم بدلا منه ، وضع القرار بيدها و تخلت عنه !!

************

لكل فعل رد فعل قاعدة معروفة ، قاعدة إعتمد عليها عندما أمر بإيذاؤه و التعليمات واضحة القليل من الدماء دون قتل فهو لا يود خسارة ورقته الرابحة في حربه معها هو فقط يرفع مستوى التحدي و زيادة الضغط عليها ، إستعراض قوى من الدرجة الأولى و هو يملك القوة و السلطة و النفوذ و بالتالي يحق له إستخدامها و لينتظر ردالفعل و لم ينتظر أخيراً فهي أقنعت أخيها أنها ستذهب لزيارة ابنه خالتهم و اتجهت لشركته بل اقتحمت مكتبه بعرض جنوني لم يتوقعه أبداً

- اقتلني

نظر إليها في دهشة لم تبدو على ملامحه الجامدة

- لو انت شايف إن أحمد خانك وانت قتلت مراتك عشان كده يبقى اقتلني ، خد تارك و اقتلني و أنا هكتب ورقة اني انتحرت ومش هيجي عليك يوم واحد سجن

ظل يحدق بها المجنونة ، هو رآها جامحة ، منطلقة ، نارية ، مهرة يصعب ترويضها لكنه لم يتوقع أبداً أن يصل الأمر لذلك الحد

أومأ برأسه مبتسما ثم عاد إلى خلف مكتبه و أخرج مسدسه بهدوء قبل أن يتجه نحوها بخطوات ثابتة واضعاً فوهة المسدس تماماً على موضع قلبها

- خايفة ؟!

أغلقت عيناها و سالت دمعة على وجنتها عندما أعاد سؤاله

- انطقي يا ملك ، خايفة ؟!

- لأ

خرجت الكلمة من فمها ممزوجة بضعف وقلة حيلة لكنه حلها الوحيد أن تضحي بحياتها لأجله ، الموت أهون عليها من قبول عرضه ، أهون عليها من أن تراه يتعذب لأجلها ربما كان في الموت خلاصاً من الأمر بأكمله لكنه أبعد سلاحه عنها

- أنا لو عايز أقتلك مش هستأذنك أول

فتحت عيناها تنظر إليه عندما بادلها النظر

- عارفة يا ملك مشكلتك إنك بتحسي كل حاجة أوي أم حنينة

و أخت طيبة وزوجة مخلصة وست بجد ... انتِ نقط ضعفك كتير أحمد لا أولها و لا أخرها و للعلم اللي حصل له في السجن مش بسببي ما هو رفعت الغالي مش هيسكت على موت بنته ... أحمد مصيره الموت و انتِ الوحيدة اللي ممكن تنقذيه لو عايزة

لا تجيبه فهي لا تدري بم عليها أن تجيب فقط الدموع تتجمع بعيناها و ترفض النزول أمامه حتى لا يرى ضعفها لكنه استطاع قرائتها جيدا

- أنا عندي اللي يشيل القضية كلها و يخرج هو منها سليم لو انتِ مستعدة تدفعي التمن ، أوعي تفتكري إني مستني موافقتك عشان أنا مقدرش اتصرف من غيرها ، أنا بأخد اللي أنا عايزة وقت ما أنا عايزة بس أنا مش عايز أعمل معاكِ كده ، اللي أنا بأعمل ده حقي .. حقي اللي جوزك اتعدى عليه ، فكري بالعقل يا ملك

و احسبيها

و مهما حاولت حسابها فحسبتها خاسرة بكل المقاييس خسارتها فادحة ولازالت تفكر وتراوغ وهو يعطيها كل الوقت الذي تريده بالنهاية ستسير الأمور وفق هواه ووفق ما يريد ، فمن يمتلك السلطة يمتلك الحق !!

**********

و هم يمتلكون السلطة بينما هو لطالما كان مدافعا عن الحق حتى لو تسبب الأمر له في جملة من المشاكل هو إعتاد الأمر و عودة الإثارة لحياته بدأت من تلك الرصاصة التي أصابت خالد ليبدأ هو في عملية البحث التي بدأها بيحيى و الغريب أنه لم يجد وراؤه أي شيء ، هاديء بدرجة مريبة و مثيرة للقلق ، المكانة التي حصل عليها و رجال السوق الذين أصبحوا يخشونه بل حتى يخشون من التعرض لخالد بسبب نفوذ ابن عمه مجرد شائعات تربطه برفعت الغالي و لا دليل حتى الآن لكن الأمر الأكثر ريبة كان "زين الصاوي" مفتاح اللغز بالنسبة إليه فهو يتذكر سلسلة مقالات كتبها عن رجل الأعمال الشاب الصاعد بسرعة الصاروخ و كل واجهته ما هي إلا غسيل لأموال قذرة و لصالح من هم أكبر منه ، زين دوماً يحصل على دور الرجل الثاني ، أشغل لفافة تبغ رابعة و هو واقف بالشرفة لتمسك بها زوجته

- ارحم نفسك شوية ، انت عارف دي الحاجة الوحيدة اللي مش بحبها فيك

- حبيها

أخبرها و هو يمسك باللفافة مجددا و يشعلها قبل أن يكمل

- عشان تبقى بتحبي كل حاجة فيا

ابتسمت و حركت رأسها مستنكرة

- ماما بتقولي عبد الرحمن عنيد زي بس الصراحة انه عنيد زيك انت ، مفيش حد في الكرة الأرضية ممكن يغير رأيك

التفت إليها و ظل يحدق بها

- عشان أنا بعمل اللي أنا مقتنع بيه مبتصرفش بعشوائية أو تهور زي ما انتِ بتحسبيها بس يا هبة يا حبيبتي المخاطرة جزء من الحياة طيب أقولك على حاجة ايه أكبر مخاطرة عملتها في حياتي ؟

نظرت إليه و قد اتسعت إبتسامتها

- ايه ؟

- جوازي منك

أجابها و هو يضحك لتضيق عيناها هي الأخرى و تعترض

- يا سلام

- طبعا دي مهمة إنتحارية يا بيبة

أخبرها ثم ألقى باللفافة من يده و ألقاها قبل أن يلتفت لزوجته

- أنا يمكن عنيد بس ممكن أتنازل عشان خاطرك

احمرت وجنتاها و اتسعت إبتسامتها هي تحبه رغم جنونه و تهوره رغم حالة القلق التي تعيشها بسببه و كانت محقة بقلقها فقد وصل الخبر لزين بمتابعة إبراهيم الهنداوي له و هو بعد كل تلك المدة لازال يتذكره

- هنعمل ايه معاه يا باشا بيدور وراك وورا يحيى الصياد

و مجرد سماعه لإسم غريمه جعله يغير الخطة بأسرها فهو سيستغله في الإيقاع به ويخرج هو منتصراً

- سيبوه و عينكم عليه و تبلغوني بتحركاته أول بأول

أمرهم و هو يمني نفسه بأن تسير الأمور كما يتمناها فيطيح بالصياد تماماً وينتهي منه ليصبح هو ولأول مرة الرجل الأول

سئم لعب دور الوزير و يريد أن يجرب معنى أن يكون هوالملك !

استلقى على السرير و أغمض عيناه النوم أصبح أحد أحلامه ففراشه الوثير إستُبدل بفراش رث بأرض زنزانة مزرية و من ثم سرير مشفى لا يختلف كثيرا و كأن الحياة لا تريد أن تريه وجها واحداً أبداً ، طفولة عادية انتهت برحيل الأب ليصبح الطفل على أعتاب المراهقة رجلاً يتحمل مسئولية أم و طفلة صغيرة و ثابر حتى إستطاع تحمل مسئوليتهم و عشق من ظن أن قلبها لغيره ليدخل في حرب ضارية للحصول عليها و عندما ظن أنها ملكة قررت الحياة صفعه بمرض ظن أن لا شفاء منه ، هو حارب ظروف حياته القاسية و مرضه اللعين و الآن لا يعرف له عدواً من كرهه لتلك الدرجة ؟! من أراد تحطيمه بهذا الشكل ؟!

والفكرة مرت بعقله أخ لربما ظنه بالفعل خائن فرأى أن هذا هو تحقيق العدل ، أيعقل أن أخاه هو من أودى به لذلك المصير .

هو كان يراقبه و سامر أخبره بذلك ، أخبره أن الأخ الأكبر يصدق خيانته و قد عزز ذلك ما حدث يوم رآها بالفندق مع عشيقها و الصورة قصت قصة مختلفة وصولهما لنفس الفندق ومغادرتهما في وقت قريب و تلك الرسائل على هاتفها ، عاصم يظنه خائن وذاك هو إنتقامه ، نظرية تحمل الكثير من المنطقية و عائق واحد يقف أمامها رابط الدم

ففي النهاية هم إخوة فكيف لهم أن يصبحوا أعداء !!

***********

وقفت تنظر إلى نفسها في المرآة ، و هي لا تكاد تصدق ما مرت به الأيام الماضية لم يعد يمر حتى بأحلامها منذ سنوات هي تعيش معه حالة من الهدوء ، هدوء نسيته منذ سنوات فكل ما بينهما كان عاصفا لدرجة كبيرة و الآن لا صياح لا شجار بل معاملة رقيقة هادئة كأنه تبدل تماما بل و اعتذر ... يحيى الصياد اعتذر منها ! لا تدري إن كانت تعيش حلماً و ستستيقظ على صياحه مجدداً أم إنه أخيرا رأى ما خلف قناع تمردها و إنتقامها أخيراً شعر أنها تحبه و بادلها ذلك الحب توقفت أفكارها ليفاجأها عقله بسؤاله المنطقى .. ما الذي تغير؟

أجاب عقلها طفل يا حمقاء ، كل إهتمامه منصب على ذلك الطفل هو يهتم لأجله فقط لكن القلب رافض لتلك الإجابة القلب يبحث عن إجابة مختلفة ، إجابة إستشعرتها في ضمة منحتها الأمان الذي لطالما كانت تنشده معه ، هاتفها منذ قليل يسأل عن حالها و أدويتها و هي سعيدة بإهتمامه ، هو اهتم سابقا عندما ساعدها في التخلص من إدمانها للمرة الأولى لكن تلك المرة مختلفة هو لا يصيح بها و يهدد و يتوعد بل يفهم ، و لأول مرة يحنو .. ابتسمت لنفسها و هي تتذكر حديثهم صباحاً

- يحيى ، ممكن أقولك على حاجة ؟

- قولي يا نهلة عايزة حاجة ؟

سألها و هي متوترة في أن تجيب فهي ستكشف سراً من أسرارها أمامه

- الشغالة بتاعتنا مشيها ... عشان هي اللي كانت بتجيب لي مخدرات و أنا خايفة أضعف

بدا غاضبا للغاية و أقسم أن يذيق تلك الخادمة الأمرين

- يحيى ، بلاش تأذيها ... هي ضعفت قدام الفلوس ، انت لما منعت عني الفلوس أنا اديتها الإسورة بتاعتي

مسح وجهه بكفيه غاضباً و هي تظن غضبه منها لكن الحقيقة هو يتذكر أنه ذنبه هو تاجر بتلك السموم و عانى منها ، اقتربت منه بهدوء مترددة ليتها ما قالت وأغضبته لكنها تخشى ضعفها

- أنا آسفةيا يحيى ، أنا بجد المرة دي عايزة أبطل

و نظرة عيناها جعلته يود قتل جميع من أذاها و يال السخرية فليبدأ بنفسه ، ربت على رأسها بهدوء و ابتسامة مزيفة

- هتبطلي و هتعدي منها

و جملته منحتها القوة لتخطي اليوم رغم التعب و الإرهاق ، دق جرس الباب فاتجهت لتفتحه ربما تكون الخادمة الجديدة لكنها وجدتها ملك فاحتضنتها دون كلام لتبكي بين ذراعيها قبل أن تبتعد و تسمح لها بالدخول ، مسحت ملك دموعها و جلست صامتة غائبة تفكر في كل ما حدث

- نهلة ، أنا عايزة أقولك على حاجة

و اعترفت إعترافاً كاملاً بكل شيء قصت عليها القصة كاملة و هي في حالة من الضياع التام فاقدة للقدرة على إتخاذ أي قرار أخبرتها عن عاصم و عرضه و عن الحادث الذي تعرض له أحمد بالسجن و عن تهديداته لها

- اعمل ايه ، قولي لي أعمل ايه ، أقبل وانقذه ولا أخاطر وأرفض ... عاصم هيقتله يا نهلة أو حتى اللي اسمه رفعت ده مبقتش عارفة اعمل ايه ؟ أنا أنانية يا نهلة إني مش قادرة أضحي... أنا شايفاها خيانة ، مش قادرة أخونه

انهمرت دموعها لتحتضنها نهلة و تحاول أن تهدأ من روعها و من داخلها تود قتل عاصم وجمانة وربما سامر أيضا فأنى له أن يكون أفضل حالاً منهم

- متقبليش يا ملك

أخبرتها عندما نظرت إليها ملك و دموعها لا تزال تنهمر

- اسيبه يموت

و الكلمة قتلت كليهما معاً فكلتاهما لا تقوى على فقدانه و بينما هما على تلك الحال دخل يحيى

- نهلة ، الشغالة الجديدة هتيجي بكرا و ....

توقف لرؤية ملك باكية فاعتذر

- آسف ، معرفش إن في حد هنا

- يحيى ، أحمد في مشكلة كبيرة

نظرت إليها ملك في صدمة لكنها كانت قد اتخذت قرارها فهي تعلم كل شيء عن عالمهم المظلم و إن كان لأحد أن ينقذ أخيها فسيكون هو و قصت عليه القصة كاملة و بدت الدهشة على ملامحه الأخ يطمع بعرض أخيه !!

- رفعت مش هو اللي عملها ، رفعت فى العناية المركزة من يوم موت بنته ، عاصم بيلعب لعبة قذرة و الحل إننا نهزمه جوا لعبته

نظرتا إليه في دهشة عندما استطرد

- محدش بيلعب وهو قاعد على دكة الإحتياطي ، لازم ننزل الملعب و إلا مش هنقدر نكسب

و قرأت ملك كلماته جيدا و جوابها كان الرفض رفضاً قاطعاً هي لن تفعلها ، لن تكون ملكاً لآخر

- لو عايزة تخلصي من عاصم الديب أنا ممكن أساعدك بس اللعبة مش سهلة والمخاطرة كبيرة و لازم تكوني مستعدة لها لإن الغلطة مع عاصم بعمرك

و كأنها تحتاج إلى المزيد من التحذيرات هي فقط تود إقتلاعه من حياتها تود التخلص منه تماماً لتعود كما كانت سابقا مع زوجها و ابنها حياتها المثالية التي لطالما تمنتها ، هي لا يمكنها أن تلعب تلك اللعبة ، لا تود خسارة حبيبها و الجميع يدفعها لخسارته

- أنا مش هأعمل كده ، استحالة

قالتها و غادرت مسرعة كأنها تهرب من الجميع ، هي غارقة وسط أمواج عاتية تتقاذفها و بدأت تفقد قدرتها على المقاومة

*************

لا يمكنك إخفاء سر للأبد و الأسرار قادرة على إفشال أقوى العلاقات وأوامرها كانت واضحة عليه الإيقاع بالطبيبة الملتزمة

و تشويه سمعتها لكنه لم يستطيع شيء من داخله يمنعه عنها

فكيف له أن يلوث ذلك النقاء؟! هو لا يملك سوى أن ينظر إليها بإعجاب لذا لجأ للخطة البديلة خبر سيلقيه بمنتهى البساطة و يترك البقية لغيرة المرأة لتقوم بالمهمة كلها و بالفعل آخر تقرير قدمه لها عن المستشفى صرح بوجود شريك لها بها

- شريك ؟!

تساءلت في دهشة ليجيبها بهدوء

- هو حضرتك متعرفيش يا دكتور

- جمانة الديب شريكة فى المستشفى بنسبة 35% ، معني كده إن الإدارة كلها من حقك بس هي ليها جزء من الأرباح طبعا ... بس غريبة إنك متعرفيش حاجة زي دي

هي لا تعلم لانه أخفى عنها و اشتعلت غضباً تتوعد بمواجهته فهي لا تحب الأسرار و لم تمنحه سبباً واحداً ليخفي أي شيء عنها

********************

و هي الأخرى استمرت في إخفاء الأمر عن الجميع فمن تضع في مواجهة ابن الديب بمن تضحي و لذا هي صامتة و اليوم كانت على موعد مع نتيجة لصمتها فقد إتجهت لتحضر صغيرها من الحضانة لتفاجأ بهم يخبروها أن عمه قد أخذه معه

- عمه خده ؟! و انتوا ازاي تعملوا كده .. أنا هأوديكم في ستين داهية

صاحت بهم بهستيريا تشعر برعب يجتاح أوصالها أيعقل أن يمتد الأمر لصغيرها أيضا ، صغير هو روحها و ان تسمح أن يمسه مكروه أبدا ، أمسكت بهاتفها و حاولت الإتصال بهاتفه مغلق فبكت هو اختطفه و أخذه بعيداً لن يعيده و لن تضمه مجدداً لابد و انه خائف يرتعد هل يريدها و يخبرهم انه يريد والدته

ألم يكفيه أنه حرمه والده ، تأخرت بالعودة فاتصل بها أخيها لتخبره ما حدث فهرع إليها ليجدها تبكي بمرارة

- ياسين يا محمود ... ابني ، عاصم خد ابني

ظلت تردد وسط دموعها و هو يحاول تهدئتها هو لا يعلم سوى أن عاصم ناقم على أخيه و يظنه خانه

و تلك هي القصة المعلنة للجميع و ما خفي كان أحقر !!

و أخيرا بعد محاولات مضنية للإتصال به ، رن هاتفه ليلتقطه ليصله صوتها مهدداً

- اقسم بالله يا عاصم لو ما رجعت لي ابني لأقتلك له إلا ابني ، أنا أمحي اللي يقرب منه من على وش الأرض

النمرة الثائرة تعود للظهور مجدداً و قابل تهديدها ببرود شديد

- ممكن تهدي يا ملك ، أنا مخدتش ياسين ، أنا مش زعيم عصابة ابنك سامر خده من الحضانة ووصلوا البيت عندكم دلوقتي متخافيش محدش يقدر يقرب من ياسين أنا حاطط عيني عليه كويس و مراقبه ده مهما كان ابنك و ابن أخويا

أغلق الخط و هي فى حالة من الذهول و كادت أنت تنهار لولا مكالمة زوجة أخيها تخبرها أن ياسين لالمنزل و معه سامر بالفعل الذي لم يظن أنه سيحدث كل تلك الجلبة

- أنا آسف أوي يا ملك ، واحد صاحبي كان بيأخد ابنه و لما لقيت ياسين كان واحشني خدته و يادوب رحنا محل اللعب وجبته و جيت على هنا

و هي لم تهتم لكل ما قاله هي فقط تحتضن صغيرها و لا تصدق أنه هنا بين ذراعيها مجدداً أصبحت تعاني من فوبيا الفقد عيناها تلوم الأخ الأصغر و هو حائر

- أنا آسف بجد

- حصل خير يا سامر

أجاب أخيها أما هي فغادرت مع صغيرها إلى حجرتها و هي تحتضنه بين ذراعيها و تتذكر كلماته ... نعم هو هددها بهم جميعا أخبرها أنها زوجة وأم وأخت وكل صفة منهم تحمل تهديداً و إحتمال فقد !!

*************

طوال الأيام الماضية يحاول الإعتذار منها ، إعتذار لأنه دافع عنها لا بل لأنها تألمت هو يعتذر و ليس بمذنب ليدرك أنه عاشق ..

وصلت إلى منزلهم لتجده و جدته فرحبت بهم محاولة تجاهله لكنه فرض نفسه عندما وقف أمامها

- دينا ، أنا آسف على اللي حصل بجد مكنتش أقصد إني أسبب لك أي حرج بس لما لقيته بيزعق فيكِ و حصلت انه يمد ايده وقتها فعلا محستش ....

رفعت يدها تقاطعه ، توقفه هي تعلم أن لا ذنب له و تساقطت دموعها أمامه فأراد أن يضمها ليخبرها انه هنا من أجلها

و سيحميها يكره رؤيتها ضعيفة

- انت مغلطتش يا أمير بس أنا بجد تعبت من الناس دي ، ناس المفروض انهم أهلي و بيقطعوا فيا ، سنين بهدلوني أنا و أمي

بكت بمرارة و هي تقص عليه و على جدته قصة وفاةوالدها و طمع أعمامها و أبنائهم بها ، وصول الأمر إلى المحاكم و التشكيك بنسب أخيها حتى لا يحصل على النصيب الأكبر من الميراث

- أنا آسفة جدا بس و الله أنا ... أنا تعبت أوي و مش عارفة ليه مش بيسيبوني في حالي

أخبرتهم فاحتضنتها جدته و تركتها تبكي بين ذراعيها ووالدتها أيضا تبكي حزناً على صغيرتها وهو قرر أنه لن يتركها فقد حان الوقت أن يتقدم و يأخذ بزمام المبادرة

- أم دينا ، أنا بطلب إيد دينا منك رسمي

نظر الجيع اليه في صدمة حتى جدته و كادت دينا أن تنطق فأوقفها كأنه قرأ أفكارها

- و قبل ما تعترضي ده مش عرض شفقة ولا حماية ولا كل اللي بتفكري فيه أنا بحبك

ولم تعتقد يوماً أن تلك الكلمة سيكون لها كل ذلك التأثير عليها إزدادت ضربات قلبها ، جف حلقها و احمرت وجنتيها الثرثارة فقدت القدرة على الكلام عندما نطق هو أخيراً معترفاً بحبها

***********

و برغم مرور الأيام كان التوتر سيد الموقف فهي قريبة بعيدة تخفي سراً و إنفجارها بسبب قدوم ابن عمه بدا غريباً للغاية فهي عادتها هادئة بل إنها لم تغضب من أختها المنزوية كما غضبت منه أما هو فقد جلس مع ابنتيه هنا تتعلق به و حور منشغلة بألعابها هي بالكاد تستطيع الجلوس و تبدو كدمية صغيرة وسط دماها

وهي تراقبه وخرجت الكلمة من فمها

- بتحبهم يا خالد ؟

طالعها بدهشة من سؤالها و أجاب مبتسماً

- طبعا ، ده سؤال يعني يا فرح دول بناتي .. أغلى حاجة عندي في الدنيا ، غلاوتهم بتزيد بغلاوة أمهم

ابتسامتها له قلقة ، متوترة وخائفة من فقد قد تجبر عليه ، غادرت الغرفة و تركته معهم أرادت أن تبتعد حتى بتفكيرها و قد أنقذها وصول أخيها

- منه فين ؟

تساءل و نظرت فرح إلى الأوراق بيده

- في أوضتها ، ليه ؟

- عايز اخلص من حكاية طلاقها يا فرح

أخبرها فزفرت في ضيق هي تابعت حال أختها التي تتدهور تدريجيا وتعلم أنها تتألم في صمت

- منه بتحبه يا يوسف و هو كمان بيحبها ، كان موجوع أوي لما عرف بادمانها أنا لما هديت و فكرت الموضوع صعب متصعبهاش أكتر عليهم

حدق بها غاضباً فهو لن يقبل من كاد أن يدمرها أن يستمر بحياتها فأمرها أن تناديها و فعلت لتدخل إليه وبدت في حال يرثى لها بالفعل

- منمون عايزك تمضي لي على التوكيل ده ، التوكيل اللي عاملاه ليا انتهى و عايزه عشان قضية الطلاق

أمسكت بالقلم ووضعت توقيعها على الأوراق التي أرادها بمنتهى الهدوء

- كده هسجله في الشهر العقاري بكرا و أبدأ في إجراءات القضية

نظرت إليه صامتة وقامت لتغادر عندما توقفت والتفتت لتتحدث بصوت خفيض

- بلاش محاكم يا يوسف ، أنا هأكلمه و أخليه يطلق بس عشان خاطري بلاش محاكم

وصوتها محمل بألم لم يعتاده قبلاً ، عيونها تترقرق بدموع بدت أنها تبيت لياليها تذرفها ، صغيرته تتألم والحب يطعن بقلبها يدميه

فزفر في ضيق و تقدم نحوها ينظر إلى عينيها

- انتِ عايزة ايه يا منه ؟

جرت الدموع على وجنتيها رغما عنها

- مش عايزة أخسرك

و الجملة تحمل أكثر مما تنطق به إن إختارت قلبها ستخسره وهي لا يمكنها خسارته مجدداً ، إبتعاده وخصامه آلامها ولا تقوى على خوض التجربة مرة أخرى ، رفع وجهها إليه ووضعه بين كفيه

- مهما كان قرارك أو إختيارك عمرك ما هتخسريني ، أنا هأفضل جنبك طول ما أنا عايش مش هسيبك أبدا

و ترك لها حرية الإختيار حتى وإن كان خياراً لا يريده هو لن يحمل وزر جرح قلبها ، هو يكره ولايتقبله وربما لن يفعل لكن شقيقته تتألم ولا يريد أن يزيد ألمها فلتختار القرار لها وهو سيدعمها مهما كان الأمر

******************

الفترة التي قضاها بالمشفى انتهت وعاد إلى ظلام السجن مرة أخرى ، هنا لا يمكنه التنفس ولا العيش ، يشعر أنه يختنق الأيام هنا تمر كأنها دهر كامل ، تمر كأنها تسحب من عمره و تكسبه عمراً إضافيا تزيد شقاؤه وألمه و المحامي يخبرهم أن لا أمل لهم سوى التشكيك بالأدلة و البراءة حلم من رابع المستحيلات كل ما يملكوه هو محاولة تخفيف الحكم ليصل إلى خمسة عشر عاماً على الأقل إن حالفهم الحظ ... الحظ كلمة اختفت من قاموس حياتهم تماما وهي غائبة تماما عن الوعي جالسة تبدو كشبح ورؤيتها على تلك الحال آلمتها

- ملك ، قومي كلي يا حبيبتي

أخبرتها زوجة أخيها التي أصبحت تقيم بمنزل والدهم لتكون قريبة منهم فيما ألم بهم

- مش جعانة يا هاجر ، كلوا انتوا

نظر أخيها الأصغر إليها قبل أن ينتفض غاضباً

- انتِ عاملة فى نفسك كدا ليه ؟ مصدقاه ليه يا ملك ؟ للدرجة دي مش قادرة تشوفي انه خانك ، انه ميستاهلش

صاح به أخيه غاضباً ليتوقف فيكفي ما تعانيه أخته من وجع فلا يزيد الأمر عليها أكثر ، غادر الصغير حانق حزين لأجلها بينما جلس محمود بجوارها

- متزعليش منه يا حبيبتي هو بس زعلان عليكِ و الله يا ملك أنا لو في أي حاجة في إيدي كنت عملتها

نظرت إليه في صمت فهي تعلم أن لا شيء بيده بل الأمر كله بيدها هي ، هي من تملك الحل .... هي و لا أحد سواها

- محمود ، أنا عايزة أتطلق

******************

هي غاضبة تشتعل منذ الصباح و تنتظر مواجهته بما عرفت و لم أخفى عنها الأمر بينما هو فقد كان ينتظر أن يعود ليخبرها بأمر شقيقته وما فعل لتتفهم وتحنو وتدعم قراره و ترشده إلى الصواب لكنه فور أن دخل وجد الغضب مرسوماً على ملامحها و قررت أن تلقي إليه بما علمت

- جمانة الديب شريكتي في المستشفى

نظر إليها في صدمة كيف علمت بالأمر و لكنه كعادته قرر العناد

- و فيها ايه ، وقتها مكنش معايا المبلغ دخلت شريكة و أنا بسدد لها نصيبها على دفعات لحد ما أدفعه كامل و تبقى هي برا و بعدين هو حد طالبك بحاجة

تقدمت منه غاضبة

- هو ده اللي همك و مش همك إنك خبيت عليا ، خبيت عليا ليه؟

زفر في ضيق هو يكفيه كم المصائب فوق رأسه و لا تنقصه غيرتها

- إيمان ، أنا مش فايق لغيرتك دي ، اعقلي شوية

- أنا مش مجنونة يا يوسف ، أنا بكره الأسرار 00 أنا عمري ما خبيت عليك حاجة و انت مش صريح معايا كنت فهمني ن الأول

مرر يده بين خصلات شعره يكاد يقتلعها

- انتِ عايزة تتخانقي صح ؟

ازداد غضبها منه هو يخفي عنها أمر و يضعها بخانة المذنبة

- لا يا يوسف مش عايزة حاجة خالص

و غادرت للغرفة غاضبة لتستمع لصوت باب المنزل بعدها بدقائق قد صفقه خلفه و غادر هذا ما كان ينقصه أن تعلم بأمر جمانة لكنه سينهي الأمر ، هاتفها فلم تجيب فظل يهاتفها حتى أجابته

- sorry يا يوسف الموبايل كان بعيد عني

- مش مشكلة ، أنا بس كنت عايزك في موضوع مهم

أخبرها و بدت نبرته حادة أغضبتها لكنها بقيت على هدوئها

- تمام نتقابل بكرا في الشركة

- لأ نتقابل دلوقتى ، أنا عايز انهي موضوع المستشفى ضروري هأجيب لك شيك بالمبلغ و توقعي تنازل عن أسهمك

أخبرها بإصرار تعلم سببه فيبدو أن خطة شهاب أتت بثمارها والصدع الأول اكتمل

- يوسف بلاش كدا ، تعالى خد العقد والفلوس في أي وقت أنا بثق فيك

وقابل عرضها برفض تام

- لأ هتخدي فلوسك وأخد العقد

ضحكت بأنوثة تتقنها قبل أن تجيبه

- خلاص يا سيدي ، أنا في البيت و مش هأعرف أنزل عدي عليا خد العقد وهات الشيك

أغلق هاتفه وانطلق إلى منزلها بينما هي فقد جهزت كل شيء الليلة

ابن الهنداوي بقبضتها و لن يستطيع الإفلات !

وصل إلى منزلها حانق غاضب يريد إنهاء الأمر بسرعة ليضعه أمام عين الغاضبة ، وضعت جمانةأمامه كوبان من العصير و جلست

- معلش بقى الشغالة أجازة وأنا فاشلة تماما

- ولا يهمك ، المهم الشيك أهوه

أخبرها و هو يضع توقيعه عليه فابتسمت له

- انت عنيد أوي بجد ، هأدخل أجيب لك العقد من جوا .. اشرب العصير ده من إيدي و لا هتكسفني

غادرت و تركته يتجرع المشروب الذي أعدته له مخلوطاً بحبوب هلوسة ستجعل من خطتها كاملة و غابت لدقائق لتؤتي الحبوب ثمارها و عادت لتجده في حالة من عدم الإتزان

- يوسف ؟!

تقدمت تجلس بجواره لينظر إلى عيناها

- انتِ عارفة أنا بحبك أد ايه ، إيمان انتِ حياتي

و رغم غضبها لكنها حصلت على ما أرادت و قررت مجاراته

- و أنا كمان بحبك

******************

داعب ضوء الشمس وجهه ليستيقظ و هو يشعر برأسه ثقيل نظر إلى الغرفة من حوله قبل أن ينتفض لا يعلم أين هو ؟! إنها ليست غرفته ! بل ليس منزله وبدأت المشاهد تعود اليه شجاره مع إيمان واتصاله بجمانة و قدومه لمنزلها ، أيعقل انه قضى ليلته هنا ؟! .

اعتدل ليقوم من مكانة ليجد أزرار قميصه مفتوحة بل ممزقة نظر إلى الغرفة من حوله حذاؤه وحذاء أنثوي ، فستان جمانة الذى كانت ترتديه بالأمس ممزق على الأرض ، دلائل واضحة يجمعها بعقله ويصل إلى نتيجة واحدة بل كارثة واحدة!!

حمل معطفه واتجه الى خارج الغرفة ليجدها تجلس بالصالة و الدموع بعينيها ترتدي فستانا بدون أكمام كشف عن آثار إعتداء على ذراعيها و عنقها أيضا بصمات واضحة ، نظرت إليه بلوم و ندم قبل أن تهتف به

- اطلع برا يا يوسف

اقترب منها و هو لا يدري ماذا عليه ان يسأل ؟! لكنه يريد معرفة حقيقة ما فعل و كل الإحتمالات تشير إلى الأسوأ عندها انهمرت دموعها و صاحت به بهستيرها

- اطلع برااا ، مش عايزة أعرفك تاني ، مش عايزة أشوف وشك

ثورة من الغضب و الإنهيار ، ارتبك هو تماما أمامها فخرج و تركها بدا حائرا غارقا فى ذنب ظن أنه ارتكبه بينما هى تحولت دموعها إلى إبتسامة منتصرة فهي أوهمته كما أرادت ، هو لم يمسها أبدا بل ظل يحدثها ظنا منه أنها زوجته حتى غاب عن وعيه وتركها حانقة لكنها لجأت إلى الخطة البديلة وكانت أسهل ما يمكن فقد أصبح هو الجاني و هي الضحية ، هو المذنب المخطيء الذي سيأتي متوسلا يطلب عفوها و رضاها و هى ستستكين و تبكي و تتألم و تترك ذنبه يعذبه حتى تتمكن منه تماماً

************

أما هو فقاد الى المنزل حيث أمانه و حمايته لكنه توقف أمام الباب و جلس بداخل السيارة يفكر بكل ما حدث لا يكاد يصدق أيعقل انه خان ، فرض نفسه على امرأة و استحلها لنفسه هو لم يكن ليفعل ذلك ، أين كان عقله؟!

بين ليلة و ضحاها أصبح خائناً مغتصباً ، ضرب المقود بيده غاضبا ، حانق ، يشعر انه ضائع تماماً ، أخطأ و لأول مرة خانها !!

خانها فعليا و لا مجال لإنكار الأمر و الإلتفاف حوله ، هو وجها لوجه مع حقيقة تؤلمه ، شجار أحمق و ليلة يتمنى أنها لم تكن ... مضى وقت طويل و هو جالس بالسيارة حتى قرر النزول و دخل إلى المنزل ليجدها ما زالت غاضبة تعقد يديها الى صدرها

- بص يا يوسف ، أنا .....

ضمها اليه بقوة مقاطعا كلماتها رغم دهشتها لفت ذراعيها حوله

- بحبك

أخبرها بيأس .... بخوف من أن يفقدها و يعلم انه سيفقدها بالتأكيد لو علمت ستتألم و ستجرح و لن تسامح رغم طيبتها

لن تغفر رغم حبها ، غبي ، أحمق ، لعن نفسه مرارا ، ابتعدت

و هي تنظر إلى نظراته الضائعة ، ندم يكسو ملامحه

- مالك يا يوسف ؟

- بحبك .... بحبك أوي و عمري ما حبيت حد غيرك و لا هأحب غيرك

تستمع إلى إعتراف بحبه و لا تدري انه إعتراف بذنب بل جريمة ارتكبها بحقها وبحق نفسه بل بحق حبهما و أطفالهم

- متسبنيش

خرجت الكلمات من فمه كأنه يرجوها لا يطلب منها غروره

و عجرفته كأنهما تلاشيا و هو يمسك بيدها بقوة

- أنا عمري ما هأسيبك

طمأنته و هى تحتضنه رغم دهشتها فهى توقعت عناد و صياح

و تجهزت لمعركة ليأتي إليها معتذرا على غير العادة ، حاولت الإبتعاد فأبقاها بين ذراعيه وأغمض عينيه يريد أن يشعر بالراحة أن يتأكد انها بجواره و لن تتركه و بالفعل جلست بجواره على السرير تمسح على شعره و تتأمل ملامحه المتقضبة التي بدأت تسترخي قليلا بفعل لمساتها بينما هو بدأ يغفو و هو يمسك بيدها حتى راح فى سبات عميق يهرب به مما حدث من مواجهة حتمية قد يفقد بها كل شيء

**********

و كلما مرت الأيام كلما إزداد ذنبه أكثر رغم انه استعد لمواجهتها لمرات عديدة لكنه تراجع و هل اتقنت الدور جيدا لا تظهر حتى بشركتها إلا لوقت قليل وتختفي ، لا تحدثه و تتجنبه تماما و ذلك يقتله بقى لأيام بعيداً مع زوجته و أولاده لكن ذنبه يحرقه و لا يعلم كيف يتصرف هو أذاها و جرحها و قرر أن المواجهة حتمية فظهر بمكتبها و كما اعتاد دخل دون إذن لكن سكرتيرتها كانت قد أخبرتها بقدومه فرسمت قناع البراءة

و الإنكسار و أضافت الدموع التي تألقت بعينيها

- عايز ايه ؟! من فضلك اطلع برا

إقترب مضطربا و شعور الذنب يفتك به

- جمانة ، ارجوكِ انا هأتجنن ... أنا مش فاكر اللي حصل ، مش قادر افتكر ، ارجوكِ ارحميني ، انا لا يمكن أذيكِ .......

قاطعته و هي تختنق بدموعها

- أنا برضه كنت فاكرة كده ، كنت فاكرة إنك لا يمكن تأذينى كنت فكراك حاجة كبيرة أوي لكن طلعت زى أي راجل

نظر إليها و هو يشعر بذنب كبير و لا يعرف كيف يصلح خطؤه

- اللي حصل كان غلطة لازم احنا الاتنين ننساها

- انسى ، انسى ايه يا يوسف ، انسى إني قاومتك و قلتلك بلاش انسى إني حاولت افوقك و انت و لا انت هنا ، انسى انك غصبتني و لا انسى أنك أول راجل في حياتي ، جمانة الديب اللي محدش يقدر يبص لها حتى أخدتها غصب ، انت قضيت عليا كسرتني ... امشي يا يوسف

نظرت إلى الأرض و تساقطت دموعها بإحترافية

- أنا بس عايزاك تخرج من حياتي و مش عايزة منك أي حاجة كفاية أوي اللي انت عملته ، ارجع لمراتك و أولادك

و سيبني في حالي

كلما انهمرت دموعها كلما ازداد ذنبه و هو ينظر اليها حائرا و كلمتها صفعته بقوة أمنته و خان الأمانة ، أول من دخل إلى حياتها ، دمرها !! هو قد فعل وبالنهاية تطلب منه العودة إلى زوجته و أولاده و هي ستلملم شتات نفسها المجروحة ، يراها ضعيفة منكسرة و هي تراهن نفسها انه سيفعل

- تتجوزيني؟!

عرض يائس ، لحظة عجز أو شهامة ليصفعه ردها

- لأ ، مش هتمن عليا بإني أبقى حرم يوسف باشا الهنداوي

نظرت إليه و هى تبتلع دموعها

- اخرج من حياتي ، سيبني ألملم الباقي منها

دموع تماسيح احترافية و نبرة مكسورة أدقنتها و حزن رسمته على وجهها كزينتها و تركت للذنب باقي المهمة

************

و بين ذنب و إنكسار و حيرة تتلاعب بقلبها كانت مواجهته ما قررت أن تفعل لكنه يتهرب منها لا يجيب إتصالاتها و لا رسائلها و هي تعلم أنه غاضب لأنها إختارت إخوتها عليه و هي حائرة فقررت الذهاب اليه و بالفعل دخل إلى مكتبه ليجدها فى إنتظاره و رغم دهشته كان سعيدا لرؤيتها و قرر أن يلعب لعبتها

- ايه اللي جابك يا منه ، في حاجة لسه جاية تقوليها ؟

وقفت أمامه و هى تنظر إلى عينيه

- هتطلقني امتى ؟

سألته ليحدق بها غاضبا و يميل ناحيتها قليلاً

- لما أموت إن شاء الله

تنظر إلى عيناه كأنها تضيع بهما نظرات عاشقة لا مفارقة و هو يشعر أنها ستصيبه بالجنون بل أصابه بالفعل أتطلب قرب أم فراق

- امشي

حركت رأسها نافية هي لم تأتي لتذهب

- أنتِ عايزة ايه بالظبط ؟

- مش عارفة ، صدقني فعلا مش عارفة ، عارف لما تكون كل حاجة غلط بس انت متمسك بيها ، لما تكون ماسك جمرة نار ومش قادر تسيبها رغم انك عارف انك بتتحرق

هو يعلم كل ما تخبره به يختبره بل يشعر به حبها يحرقه ، هي النيران التي لا يريد إفلاتها حتى إن احترق

- و الحل ؟

حركت رأسها بضياع هي لا تدري حلا ، لا تجد

- لا البُعد حل و لا القرب حل ... نقطة اللاعودة

اخبرته متهكمة ليضحك منها بسخرية حزينة

- منه ، لو بعدي عنك هيحميكِ أنا هأبعد

ورغم ألمه فى ابتعادها لكنه جاهز لتنفيذ ذلك الوعد و هي تعلم لكن تلك لم تكن مشكلتها هي لا تهتم

- أنا ممكن أموت عشانك

و توقفت قليلا تنظر إلي عينيه قبل أن تكمل

- لكن مش هأعيش ميتة بسببك

نكس رأسه يهرب من نظراتها و هربت أفكاره إلى التي على قيد الحياة و قد قتلها بالبطيء منذ زمن

- أنا وحش أوي يا منه ، مش كده ؟

أومأت برأسها موافقة هي تراه سيئا لدرجة لا يصلح معها للحب

- بس أنا بحبك

و تلك هي المشكلة هي تحبه ، تحبه لدرجة جعلتها ترتمي بين ذراعيه لتعود إليه مجدداً و تخاطر بالقبول بكل ما يحيط به ، ما تعلمه و ما لا تعلم فهي إكتفت من الوجع بعيدا وربما تجد الراحة في إقتراب خطر قد يودي بحياتها .

***********

و قد تمثل ذلك الخطر في من هبطت طائرته الخاصة بأرض المطار حوله حراسته الخاصة ليستقبله زين قلقها من سبب مجيء الرجل بنفسه ، تقد م نحوه مرحبا

- أهلا عابد باشا ، القاهرة نورت

نظرة من أسفل نظارته الشمسية قبل أن يجيب بنبرة رخيمة

- الأمور مش مظبوطة يا زين و لازم كل حاجة تبقى ف مكانها

الرجل أتى لمهمة محددة وكعادته سينهيها على أكمل وجه

*************

Continue Reading

You'll Also Like

566K 29.8K 83
اشد الجروح الما ليست التي تبدو اثارها في ملامح ابطالنا بل التى تترك اثر ا لا يشاهده احدا فى اعماقهم. هي✨ لم تخبره بمخاوفها ...ولكن نقطه نور فى اعم...
210K 19.1K 112
لا السيف يفعل بي ما انت فاعله ولا لقاء عدوي مثل لقياك لو بات سهم من الاعداء في كبدي ما نال مني ما نالته عيناك
134K 5.2K 29
رجال آلقوة.. وآلعنف آلغـآلب آلمـنتصـر.. وكذآلك آلعقآب لآ نهم ينقضون على صـيده بــكسـر جـنآحـيهم آي بــضـمـهمـآ آوبــكسـر مـآيصـيدهم كسـرآ آلمـحـطـم آ...
450K 67.1K 71
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...