الوجه الآخر للمافيا ( أحفاد ا...

Af AnaZilzail

5.1M 347K 175K

قالوا " الحب يصنع المعجزات " وأنا اخبرك أن الحب هنا هو " أحد المعجزات "، لكن لا تنس أننا يا عزيزي في زمن الم... Mere

المقدمة
موعد الفصل انهاردة
الفصل الاول
مواعيد الرواية
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل التاسع
الفصل العاشر
مهم
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
مهم ....
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الثامن عشر
التاسع عشر
العشرون
الواحد والعشرين
الثاني والعشرين
الثالث والعشرين
الرابع والعشرين
الخامس والعشرين
السادس والعشرين
السابع والعشرين
الثامن والعشرين
التاسع والعشرين
الثلاثون
اعتذار
لأهالي اسكندرية والبلاد المجاورة
الواحد والثلاثين
اللي البارت مفتحش عنده
حفلة اسكندرية بكرة
الثاني والثلاثين
الثالث والثلاثين
الرابع والثلاثين
الخامس والثلاثين
السادس والثلاثون ( ما قبل الاخير )
مين موجود ننزل الجزء الاول من الفصل الأخير
الأخير ( الجزء الاول )
الخاتمة
بخصوص الحلقة الخاصة
حلقة خاصة ( الجزء الاول )
الحلقة الخاصة ( قصاصات من دفاتر الأحفاد)
اقتباس من النوفيلا الجديدة
الاقتباس الثاني (نوفيلا زهرة آل فوستاريكي)
رواية معرض القاهرة ٢٠٢٣
الاقتباس الثالث من النوفيلا الجديدة ( زهرة آل فوستاريكي)
اعلان رواية معرض الكتاب
اقتباس من رواية المعرض
مقدمة النوفيلا الجديدة والمواعيد نزلت

الفصل الثامن

107K 7.5K 4.4K
Af AnaZilzail

كن سيد مزاجك ، لا تدع أحدًا ينتزع منك شغفك لشيء ، افعل ما تُحب، ورافق من تحب ، حتى لو كانت أكواب
قهوة ، أو كتاب ، كن لنفسك ومن بعد نفسك مسافة ثم الآخرين.

صلوا على نبي الرحمة.

_____________________

" سيدي، لقد قُتل رجالنا، وفشلت خطتنا "

رفع الشخص الذي يجلس على المقعد رأسه بحدة لذلك الذي جاء يزفه تلك الأخبار السيئة بكل بساطة، رفع حاجبه وهو يريح ظهره على المقعد قائلًا بتعجب :

" فشلت خطتنا ؟! هل تمازحني ؟!"

" لا سيدي اقسم، لقد كاد رجالنا ينتصروا في تلك المعركة، ويحصلوا على الحاسوب الذي يحوي اسرار مجموعة اليخاندرو، لولا تدخل مفاجئ من أحفاد اليخاندرو أنفسهم، ولم نستطع الحصول على الحاسوب، أو إنقاذ أيًا من رجالنا "

ضيق الرجل عينه وهو يهمس بسخرية :

" أحفاد اليخاندرو بأنفسهم أتوا لهنا دون أن أعلم ؟! دخلوا ارضي، وقتلوا رجالي، وسرقوا شيئًا اريده، لا ينقصهم سوى قتلي والاستيلاء على كل شيء "

ابتلع الرجل ريقه برعب من نظرات قائده الساخرة، يراقبه ينهض يدور حول مكتبه، ثم استند بظهره عليه وهو يقول ببسمة وكل بساطة :

" حسنًا لا بأس دعهم يأخذون الحاسوب، لنعتبره هدية مني، وأنت يا عزيزي تعلم أنني أحب كثيرًا أن امنح الهدايا لضيوفي، وهم ليسوا مجرد ضيوف بل هم جيش اليخاندرو السخيف؛ لذلك سأرسل لهم هدية أخرى، وهذه المرة سأحرص على أن انتقيها بنفسي وبعناية "

___________________________________

كانت تجلس على فراشه مستغلة أنه مازال في الاسفل مع الجميع، تضع أمام قدمها حاسوب مغلق، تضغط بسرعة كبيرة على لوحة المفاتيح بشكل عشوائي، تدعي خبرتها، أو تفعل كما ترى مارتن يفعل، تحرك أصابعها بسرعة كبيرة جدًا مثله، لكن الفرق أن مارتن يعلم ما يفعل ويحفظ اماكن جميع الاحرف، بينما هي تبدو كطفل يدعي خبرته في مجال الحواسيب .

كان مارتن يستند على الباب وهو يضم يديه لصدره يبتسم بيأس منها يراها تنحني على الهاتف جوار فراشه ترفع سماعته قائلة بجدية ومازالت يدها تتحرك على لوحة المفاتيح بشكل شعر أنه سيحطم ازرارها، تتحدث في الهاتف بجدية جعلته يكون ضحكته :

" ماذا قلت؟! ذلك النكرة انطونيو يتحداني أنا ؟! لم يولد بعد من يتحدى السيدة جولي، انتهي منه "

ختمت جولي مكالمتها الوهمية وهي تلقي الهاتف بعنف وغضب مصطنع، ليسقط الهاتف ارضًا ويتحطم، مما جعل مارتن يعتدل في وقفته يراقبها ترمق الهاتف المحطم بغضب مرددة :

" حفنة من الاغبياء"

أنهت كلماتها وهي تعود للضغط على الحاسوب بشكل جعل مارتن يندفع صوبها قبل أن تكسره له هو الآخر، يميل بجسده على الفراش جاذبًا جسدها بشكل مفاجئ، جعلها تتشبث في الحاسوب وهي تصرخ برعب وتلقائية :

"  النجدة يا رجال ..."

" أي رجال هؤلاء يا حمقاء ؟! ما الذي تفعلينه بحاسوبي "

نظرت جولي لوجه مارتن ثواني تحاول الهدوء واستيعاب ما حدث، لتهدأ ضربات قلبها التي علت برعب منذ ثواني، تبتسم بسمة غبية :

" اه مارتن هذا أنت؟! يا رجل ظننته هجوم من رجال انطونيو النكرة "

كبت مارتن ضحكته بصعوبة حتى لا يتساهل معها في تلك الأفعال، وهو يجذبها أكثر إليه هامسًا بسخرية :

" جعلتِ  اسم شرير حكايتك انطونيو؟! اقسم إن علم انطونيو بذلك فسوف يقتلني وإياكِ، ثم أيتها البلهاء، نحن بالفعل رجال انطونيو وهو قائدنا "

أبعدت جولي يد مارتن عنها بهدوء وهي تقول بجدية :

" اولًا يا سيد لا تقم بجذب ثيابي بهذا الشكل أمام الجميع "

حرك مارتن نظره في المكتب حوله يبحث عن هؤلاء الـ " الجميع "؛ حتى لا يجذب ثيابها بهذا الشكل أمامهم، لكن جولي تحدثت مجددًا تجذب هي انتباهه :

" ثانيًا لم اجد أكثر من اسم انطونيو يصلح كـ شرير للقصة، وعندما قلت رجاله قصدت رجال انطونيو النكرة وليس رجال انطونيو ابن عمك، رغم أنه هو الآخر نكرة قبيح  "

أنهت كلماتها ببسمة واثقة من حديثها، جعلت مارتن ينظر لها لثواني قبل أن ينفجر بالضحك عليها يضرب رأسها بغيظ معيدًا إياها للخلف بعنف، قبل أن ينتبه فجأة لضوء الحاسوب الذي كانت تعبث به جولي يظهر على شاشته، مما جعله يتحرك ببطء صوب الحاسوب وهو يلاحظ الآن أنه ليس حاسوبه الشخصي، بل هو نفس الحاسوب الذي احضروه من المهمة، فتح فمه بصدمة وهو يرى أن جولي كانت تعبث به هو أثناء فترة فك الشفرات، فقد وضع الكود الذي سيحطم جدار حماية الحاسوب، ثم تركه بعض الوقت حتى ينتهي، مخفيًا إياه في ثيابه .

" من أين لكِ بذلك الحاسوب جولي ؟!"

" لا ادري وجدته في ثيابك "

فتح مارتن فمه بصدمة وهو يركض للحاسوب بسرعة يفتحه، يتأكد أنها لم تفسد شيء به، حتى تنفس الصعداء وهو يرى أن كل شيء كما تركه، بل وقد انفتح الحاسوب أيضًا وانتهت الاكواد من فك الشفرات، ابتسم وهو يرى واجهة الحاسوب تظهر أمامه، ليسمع صوت جولي تتحدث جانبه بفخر وراحة وهي ما تزال تعيش دور " جولي المدمرة "

" جيد أنه فُتح واخيرًا، فقد أحتاج مني جهدًا مضنيًا لمعرفة شفراته "

نظر لها مارتن وهو يخرج صوتًا متهكمًا من حلقه، وكأنه يخبرها ( حقًا ؟)
لكنه لم يعرها انتباه أكثر وهو ينكب على الحاسوب يحاول البحث عن تلك المعلومات التي تم جمعها عنهم، لكن كانت جميع الملفات مشفرة، نفخ بضيق ينحني قليلًا حتى وصل لاحظ ادراج الطاولة المجاورة لفراشه يخرج منها أسلاك ما، تحت أنظار جولي المدققة، ثم قام مارتن بتوصيل بعض الاسلاك تلك ليربط بين هاتفه والحاسوب ويبدأ عمله ....

__________________________

" آدم لقد مات أيان "

كانت جملتها مرتجفة بشكل جعل آدم يتحرك لها بسرعة يرى حركة جسدها الهيسترية وهي تردد الجملة مرات ومرات، لتسقط فجأة على الدرج صارخة بهيسترية وكأنها كانت تكرر الجملة لتقنع بها نفسها، بكت بجنون وهي تشير للأعلى صارخة :

' لقد رحل ....رحل، تركني هنا ورحل "

جذبها آدم لاحضانه بقوة يحاول تخفيف من حدة الصدمة، يعلم أنها الآن دخلت في صدمة حادة وهي تصرخ بجنون تحاول إبعاده عنها، تنتفض بين ذراعيه تبكي بعنف وتصرخ باسم أيان ..

" هايز توقفي عن هذا، بحق الله يا فتاة توقفي عن هذا "

كان يحاول السيطرة عليها بينما هي فقط تتلوى بين ذراعيه وتصرخ، حتى أنها أصابته بالعديد من الخدوش في وجهه بسبب مقاومتها لقيده، تركها ادم بقهر وهو يراها تضرب الارض أسفلها وتحطم من حولها بجنون، لكنه تركها وركض للأعلى بسرعة كبيرة يدعو في قلبه أن يكون تخمين هايز خاطئ، تحرك يفتح جميع الغرف بسرعة كبيرة ومازال صراخ هايز يصل له بشكل جعل قلبه يبكي دمًا ويود لو يتحرك للاسفل ويضمها بقوة .

واخيرًا وجد غرفة أيان، تحرك بسرعة صوب الفراش يجد جسد أيان الشاحب يتوسطه بشكل دفع الدموع في عينه، متذكرًا تلك اللحظات القليلة التي قضاها رفقة ذلك الصغير الجميل، اقترب منه باقدام مرتجفة، حتى وصل أمام فراشه يرفع يده برعب، لأول مرة يرتجف امام جسد مريض، مدّ يده يحاول فحص مؤشراته الحيوية، يحاول تلمس أي شيء يوحي بأنه حي، ابتلع ريقه يستشعر مرارة حلقه، فلا نبض ولا تنفس في الجسد المسجي أمامه، وكانت هايز محقة، مات أيان....

انهار ادم ارضًا وهو يمسك يد أيان يقول بصوت مرتجف :

" أيان يا صغيري، هذا أنا بابا آدم، هايز في الاسفل تبكي لأجلك، هيا عزيزي افق ارجوك "

ازداد بكاء ادم وهو يتمسك بيده أكثر مرددًا :

" استيقظ ارجوك "

فجأة انتفض جسده وهو يستمع لصوت تحطم شيء في الاسفل، مما جعله يركض للاسفل بخطى واسعة، وقد شعر فجأة بقلبه يهوى برعب وفزع على هايز التي قد تفعل شيء خطر بنفسها في غمرة انهيارها .

توقفت اقدام ادم عن التحرك خطوة اضافيه وهو يبصر أمامه هايز وقد حطمت للتو التلفاز العملاق، محدثة صوتًا ضخمًا يشبه الانفجار، وكادت تتحرك تكمل تحطيمه، لولا شعورها بشيء يكتفها من الخلف بقوة كبيرة وصوت آدم يصدح :

" توقفي هايز، هذا لن يفيد، ارجوكِ لا تفعلي هذا، قلبي يؤلمني، لا تفعلي هذا، لأجل أيان هايز، لأجل أيان"

توقفت هايز عن المقاومة وهي تهمس بشرود :

" أيان"

" نعم هايز أيان، يجب أن نقوم بالتصرف سريعًا و...."

انفجرت هايز في البكاء مجددًا وهي تصرخ باسم أيان مرددة بهزيان :

' آدم أيان، لقد تركني أيان، لقد استسلم ولم يحارب معي، وعدني أن نحارب سويًا وخذلني "

ضمها ادم أكثر وهو يتحرك بها بعيدًا عن الزجاج، حتى وصل للاريكة يجلسها بلطف ثم مسح على شعرها وهو يقول بهدوء :

" حسنًا استمعي لي هايز، يجب أن نتحرك ونبدأ في إجراءات دفــ "

" لا لا، لا أريد ارجوك، دعه معي"

" هايز افيقي بحق الله، لقد مات أيان و "

توقف وهو يحاول التحكم في غصته بصعوبة كبيرة، يجاهد نفسه حتى لا يبكي حزنًا على الصغير، وجزعًا على هايز وحالتها التي تقلقه، نهض من جلسته وهو يمسح وجهه، ثم قال بصوت خافت :

" سوف اصعد لايان، إن اردتِ القاء نظره أخيرة عليه، فأنتِ تعرفين مكان غرفته "

أنهى حديثه وهو ينسحب من أمامها حتى لا يضعف ويبكي معها، فإن هو ضعف، لن تجد هايز من تتعكز عليه في محنتها تلك، توقف أمام باب الغرفة وهو يجاهد نفسه للتماسك، يتحرك ببطء صوب فراش أيان الذي يتسطح عليه بكل هدوء وبراءة، جعلته يفقد رباطة جأشه وهو ينخرط في بكاء عنيف جوار فراشه.

كانت هايز تقف على الباب تراقب ما يحدث بعدما تبعت آدم، تشعر بعالمها ينهار شيئًا فشيء، صغيرها الذي هوّن عليها حياتها، ها هو الآن يتسطح على فراشه الذي اعتادت مشاركته إياه، لكن وهو جامد كالصخر، أغمضت هايز عينها، ثم تحركت صوب آدم تجلس جوار ارضًا تراقبه بهدوء مريب وهو يبكي، قبل أن تنخرط هي الأخرى في بكاء صامت، وكأنها تخشى أن تزعج أيان ببكائها .

لتمر دقائق ومازال الحال كما هو عليه، اقترب ادم ببطء يضم هايز إليه وهو يهمس لها بحزن :

" سوف اتدبر كل إجراءات دفن ايان، وانتهي من كل شيء "

بكت هايز أكثر وهي تدفن رأسها في صدره بقوة تهمس من بين شهقاتها :

"  اشعر بأن انفاسي تتقلص ادم، اريد الذهاب معه، لا أريد البقاء في هذا العالم وحدي "

أنهى حديثها وهي تنهار في البكاء بينما آدم شدد ضمه لها وهو يقول بفزع من تلك الفكرة :

" وماذا عني هايز؟! كيف سأعيش هنا دونك ؟! لا تفعلي هذا بي ارجوكِ، أنا ارجوكِ هايز لا تتركيني وحدي"

كاد يكمل حديثه لولا تصنم جسده، شاعرًا بحركة عنيفة على الفراش خلفه، توقفت يده عن التربيت على ظهر هايز وهو يستدير ببطء، ليجد أن جسد أيان ينتفض بحركات عنيفة جعلته يصرخ برعب وهو ينهض بسرعة، يحاول التحكم في ارتجاف وانتفاضة جسد أيان :

" هايز ساعديني بسرعة "

لكن هايز كانت فقط تنظر له بشرود قبل أن يصرخ في وجهها بجنون :

" بحق الله هايز تحركِ، أيان حي، هايز افيقي ارجوكِ، ساعديني للتحكم في تشنجات جسده "

___________________________________

نظرت في ساعة يدها للمرة التي لا تعلم عددها تحاول أن تجبر نفسها على ألا تنهض وتنقض عليه، وتتخلص من كل هذا، استدرات برأسها قليلًا تحاول النظر لها من أسفل أهدابها، لتجده منغمسًا في تناول المثلجات التي احضرها لنفسه منذ دقائق، زفرت بضيق، تشعر بالحنق منه ومن نفسها لموافقتها على المجئ هنا .

" هل سنظل جالسين هكذا ؟!"

رفع مايك رأسه من على المثلجات الخاصة به وقد انتبه فجأة لوجودها معه، وكأنه نسي للحظات سبب وجوده هنا وشرد بعيدًا عنها :

" اعتذر نسيت وجودك، هل تريدين أن نسير قليلًا ؟!"

" بل اريد العودة لعملي رجاءً، يكفي أنني رحلت دون حجة أو عذر، سوف يتم طردي بسببك، وأنا لا ينقصني هذا "

بُهت مايك من حديثها ثم قال ببطء وهو ينظر للبحر أمامه، حيث كانت يجلسان على مقعد أمام البحر في مشهد يبعث الطمأنينة للنفس :

" لا ادري كيف تفكرين بهكذا افكار سلبية أثناء وجودك في هذا المكان؟! أعني أنني اعتقدت أنه بوجودك هنا ستنسين كل ما يحدث في حياتك "

ابتسمت لورا بسمة ساخرة وهي تردد :

" أوتحسب الجميع مثلك؟! بلا هموم أو مشاكل في حياتهم ؟!"

" وكيف علمتِ أن حياتي بلا هموم أو مشاكل ؟! "

صمتت لورا وهي تبعد وجهها عنه، تشعر بالاختناق يندفع فجأة في جوفها كما عادتها، فهي تكون في لحظات في أوج سعادتها، وبعد ثواني فقط تهاجمها موجة سوداء مصيبة إياها بالاختناق، ابتلعت ريقها، تستمع لصوته الذي خرج كعادته مرحًا :

" إذن آنسة لورا أنتِ عربية صحيح ؟!"

نظرت له لروا ثواني قبل أن تهز رأسها بإيجاب تتحدث بهدوء معه وقد وجدت أن العناد والمقاومة وإظهار الضيق لن يفيدها، فهي لا ينقصها حزن في حياتها؛ لذلك بما أنها أتت هنا لتستمتع بالأمر فحسب :

" نعم والدي سوري الجنسية، ووالدتي ايطالية "

ابتسم لها مايك باتساع :

" وُلدتي بإيطاليا صحيح ؟!"

" نعم، عشت حياتي كلها هنا، مع امي "

كانت تتحدث وهي تشعر بالاسترخاء يزحف ببطء لاوصالها، وقد تسبب صوت الأمواج في دفعها دفعًا للهدوء، ورسم بسمة صغيرة على وجهها قبل أن تسمع سؤال مايك التالي :

" والدتك فقط ؟! ماذا عن والدك هل هو ...."

صمت تاركًا لها الحديث لتتفهم هي تفكيره مجيبة بالنفي :

" لا ابي حي، لكنه كثير السفر، والآن دعنا من حديثي عني وحدثني عن نفسك سيد مافو، أخبرني ما هذا مافو، ولماذا هذا الاسم البشع تحديدًا ؟!'

انكمشت ملامح مايك بغيظ وهو يدفع ملعقة المثلجات في فمه هامسًا بحنق :

" ذلك الغبي مارسيلو هو من اقترحه علىّ، أخبرني أن ادمج اول حرفين من اسمي مع اول حرفين من اسم عائلي ليخرج لي هذا الاسم وبعدها أخبرني أنه رائع، ثم أتى الآن يخبرني أنه بشع، ذلك الحقير، في الواقع هذا خطأي فمن يعتمد على مارسيلو في شيء على أية حال؟!"

صمت قليلًا ثم قال بعد برهة :

" ليتني لم استمع له واعتمدت الاسم الذي ابتكرته أنا"

" وما هو هذا الاسم سيد مافو ؟!"

" ميكو "

صمت ثم أضاف موضحًا :

" في البداية كنت قد اخترت أن اسمي نفسي بـ ( ميكي)، لكن فجأة تذكرت أمر ميكي ماوس؛ لذلك قلت لا بأس بميكو، حتى لا أفقد هيبتي كما تعلمين، لكن جاء اسم ذلك الاحمق مارسيلو ودمر مخططاتي، ليتني اعتمدت ميكو، لكنت الآن احتفظ بهيبتي التي اضاعها اسم مافو  "

أنهى حديثه بحنق شديد، وزاد صوت ضحكات لورا العالي في حنقه، حيث أخذت تتلوى جواره من حدة الضحك وهي تردد بسخرية :

"هيبة؟! هيبة شو الي عم تحكي عنها يا زلمة؟! أنت لو بدك تذل حالك ما كنت فكرت بهيك أسماء تافهة، وبعدين شو هاد ميكو، كنت بدك تسمي حالك ميكو؟! يا زلمة أنت مو طبيعي بالمرة "

أنهت لورا كلماتها وهي تحاول تمالك ضحكاتها أسفل نظرات مايك الحانق مما تفعل :

" اشعر أنكِ تسخرين مني "

فتحت لورا عينها فجأة وهي تردد بعدم تصديق :

"يا زلمة هي معجزة لأول مرة بتلقطها وهي طايرة، منيح أنك ما فكرت إني عم غازلك" "

لوى مايك شفتيه بحنق وهو يردف :

" ما هذه ( زلمة)  التي كررتيها أكثر من مرة ؟!"

فتحت لوار فمها وهي تستوعب أنها حقًا أكثرت من تلك الكلمة في حديثها كما هي عادتها، لكنها وللمرة التي لا تعلم عددها، لم تخبر مايك بحقيقة تلك الكلمة، رغم عدم احتواء تلك الكلمة على ما يشين، لكنها لا تعلم لما كذبت عليه وهي تخبره :

" اه هذه الكلمة، اممم حسنًا هذه الكلمة يطلقها الاصدقاء على بعضهم البعض، لقب يعني صديقي أو عزيزي "

أنهت حديثها ببسمة غبية، لكن مايك لم ينتبه لها وهو يقول ببسمة غامزًا لها :

" هكذا إذن؟! حسنًا من اليوم وصاعدًا أنتِ الزلمة الخاص بي "

" ماذا ؟!"

تحدث مايك وقد انبهر من تلك الصفة التي الصقته بها لورا، ثم قال وقد قرر أن يستعرض أمامها ما حفظه على يدها سابقًا، يقول باطراء لها وبسمة صغيرة لطيفة  :

" العمى بقلبك لورا "

فتحت لورا فمها ببلاهة وهي تردد :

" ماذا  ؟!"

" هذا إطراء بسيط مني لكِ "

" إطراء ؟! "

" نعم إطراء "

صمتت لورا وهي تشعر أن السحر لم ينقلب فقط على الساحر، بل إنه أطبق على أنفاس الساحر تمامًا .

" أنت... أنت...لا تحتاج لقول ذلك، أعني لا داعي لذلك الاطراء حقًا "

حاولت أن تخبره بشكل غير مباشر ألا يردد تلك الكلمات أمامها، لكنه لم يذعن لها وهو يهز رأسه بنفي :

" لا تخجلي مني رجاءً، أنتِ تستحقينه وأكثر "

صمت ثم قال وهو ينظر للبحر أمامه ببسمة صغيرة :

" شكرًا لكِ "

نظرت له لورا بتعجب لتسمعه يضيف بلطف :

" تلك اللحظات كانت أكثر من لطيفة، شكرًا لكِ، هذه أول مرة اجلس مع أحد خارج إطار عائلتي .."

___________________

خرج ماركوس من مرحاضه وهو يجفف شعره بعدما ارتدى بيجامته، إستعدادّا للنوم، ابتسم وهو يلقي المنشفة جانبًا يحمل هاتفه، يراقب شاشته تلتمع برسالة ما، لكن وقبل أن تمتد أصابعه لرؤية الرسالة وجد الباب الخاص به يُفتح بقوة كبيرة، جعلته ينظر بصدمة له، يراقب كومة القماش المتحركة تلك، حيث كان يبصر أمام عينيه غطاء قماشي يتحرك .

ابتسم بغيظ ملقيًا هاتفه بعنف على الفراش ثم تحرك صوب تلك الكومة من القماش، يجذب المفرش بعنف وهو يعلم الوجه الذي يختفي خلفه، لكن ما لم يعلمه هو أن صاحبة هذا الوجه كانت تتشبث في المفرش بقوة لدرجة جعلتها تسقط فوقه بمجرد جذبه المفرش .

سقط ماركوس للخلف بعنف جعله يطلق صرخة عالية بسبب اصطدام ظهره بحافة الفراش الخاص به وفوقه تقبع فيور التي كانت تفتح فمها بصدمة كبيرة، لا تدري كيف ومتى حدث ذلك، فهي فقط كانت تحمل مفرشها ووسادتها وأتت لتبيت هنا جوار ماركوس خوفًا من النوم وحدها في غرفة في منزل لا تعلم به أحد، لكن فجأة شعرت بشيء يجذبها بعنف وها هي تتسطح فوق ماركوس الذي كان يغمض عينه بقوة وهو يهمس :

" فيور أيتها الحمقاء، كُسر ظهري، يا ويلتي "

أنهى حديثه وهو يطلق تأوهًا عاليًا جعل فيور ترفع رأسها ببطء وهي تردد بخفوت معتذرة :

" آسفة حقًا لم اقصد أن أفعل ذلك، أنت فقط من جذبت المفرش بعنف وهذا ما اسقطني و..."

لم تكمل حديثها بسبب دفع ماركوس لها ببطء حتى تنهض من فوقه، ثم اعتدل يمسك ظهره يضغط على أسنانه محاولًا عدم الصراخ من الوجع، بينما فيور فقط ترمقه بحزن و خوف ...

' ما الذي تفعلينه هنا في غرفتي فيور ؟!"

كانت تلك الهمسة الحانقة خارجة من ماركوس وهو يحاول تمالك غضبه، حتى لا يصبه على رأس فيور، لكنها نهضت من مكانها، ترفع مفرشها من على الأرض تفرشه جوار سريره مرددة بجدية :

" سوف أنام هنا "

" ماذا ؟؟ تنامين أين؟! هل جننتي ؟!"

توقفت فيور عما تفعل وهي تقول بخجل من نظرات ماركوس المستنكرة :

" أنا لا أعلم هنا سواك ماركوس، ولا اريد النوم وحدي، أنا اخاف ذلك؛ لذلك ارجوك ماركوس دعني أنام رفقتك وأقسم أنني لن ازعجك"

ولم يصل لها رد سوى شهقة عالية فزعة، لم يكن مصدرها ماركوس بل كان مايك الذي يقف على باب غرفة ماركوس هو صاحب تلك الشهقة، هز مايك رأسه بخيبة أمل مشيرًا لماركوس :

" حتى أنت يا ماركوس ؟! حتى أنت أيها المريض ؟! تبًا لكم عائلة بلا اخلاق "

فتح ماركوس فمه بصدمة وهو ينهض بسرعة من مكانه يفسر ما حدث قبل أن يفكر مايك في شيء غير الحقيقة، وهو يعلم تفكير اخيه جيدًا :

" حتى انا ماذا مايك !! هي فقط كانت تود النوم في غرفتي لــ "

" اها ها أنت ذا تعترف بنفسك أبها الفاسق أنك تستضيف نساء عندك في غرفتك "

استفز حديث مايك فيور التي أطلقت لـ لسانها العنان وهي تصيح في وجه مايك :

" أنت أيها السيد أنتبه لحديثك هذا أي نساء هؤلاء الذين تتحدث عنهم ؟! "

نظر لها ماركوس بسخرية وكذلك فعل مايك وهو ينظر لها من أعلى لاسفل :

" أولستِ نساء يا فتاة ؟!"

فتحت فيور فمها بصدمة من حديثه، وقد أدركت فجأة ما قالته هي منذ ثواني؛ لذلك اندفعت بقوة صوب مايك تحمل الوسادة ملقية إياها على وجهه بعنف صارخة :

" أيها الحقير هل تحاول التقليل مني أمام نفسي ؟!"

اندفع ماركوس بسرعة يجذب جسد فيور بعيدًا عن أخيه وهو يصرخ بها أن تتوقف، بينما مايك عاد للخلف وهو يردد بسخرية يقيمها :

" اقلل منكِ أمام نفسك؟! وهل نفسك لا تعلم كيف تبدين ؟! يا فتاة أنتِ اقرب لطفلة، انظري لثيابك تلك "

" انظروا من يتحدث، وما شأنك أنت بثيابي، وما ادراك أنت بثياب النساء ؟!"

رفع مايك حاجبه بسخرية ثم قال بعد ثواني من الصمت :

" ربما لأن هذا عملي !! "

كادت فيور تجيبه لولا صرخة ماركوس الحانقة :

" توقفا رجاءً، اخي فيور فقط أتت للمبيت لدي لأنها تشعر بالغربة، وفيور اخي يعمل مصمم ازياء لهذا تحدث بهذه الطريقة، ولا تستمعي له، والآن فقط اصمتا حــ"

توقف عن الحديث وهو يستمع لرنين هاتفه، نظر لهما بحزم يشير لهما ألا يفعلا أي أفعال صبيانية، ثم تحرك صوب هاتفه الذي يقبع على الفراش، وحمله بهدوء، يجيب الاتصال، صمت ثواني يستمع للجانب الآخر لتتغير ملامحه شيئًا فشيء، قبل أن يغلق الاتصال وهو ينظر لفيور قائلًا بجدية :

" هيا فيور سوف نذهب لتناول المثلجات "

رفعت فيور حاجبها بتعجب، بينما ابتسم مايك بخبث وهو ينسحب من الغرفة ببطء تاركًا فيور ترمق أخاه بتعجب وهي تردد :

"نتناول مثلجات ؟!"

" فقط اخرجي حتى ابدل ثيابي فيور رجاءً "

_________________________________

هبط مارسيلو من غرفته وهو يحمل هاتفه بملل يقلبه بين يديه ويبدو أنه يحتاج لتصليح أو ما شابه، لوى مارسيلو شفتيه بحنق وهو يدخل للمطبخ، يتجه مباشرة نحو الثلاجة يتجاهل وجود روز التي كانت تقوم بتنظيف الأواني، فتح الثلاجة يبحث بعينه على الحلوى التي أعدتها روز لليوم، لكن لم يجد شيء .

استدار يقول بتعجب :

" روز أين الحلوى التي صنعتيها اليوم ؟!"

نظرت له روز وقد بدأت ملامح الغيظ ترتسم على وجهها وهي تمسح يدها بلطف ثم اخرجت شيء من جيب ثيابها تمد يدها به لمارسيلو الذي تناوله بعدم فهم، يرمق الورقة التي كانت تحتوي على رسمة كرتونية لشخص يفتح الثلاجة خلسة ثم سرق الحلوى منها واغلق الثلاجة وخرج من المطبخ كـ لص .

" جايك ؟!"

هكذا تحدث مارسيلو يتساءل لتهز روز رأسها بنعم وهي تشير له أنها وجدت تلك الورقة في الثلاجة حينما بحثت عن حلوتها، ويبدو أن السيد جايك أخذ كل ما صنعته وتركها ليخبرها كيف نفذ خطته، ولا تعلم حقًا أين يذهب بكل تلك الحلوى .

زفر مارسيلو بغيظ وهو يهمس :

" ذلك المهووس يغار على قطعة حلوى "

رمقته روز بعدم فهم ليقول مارسيلو وهو يفتح الثلاجة يتناول منها بعض الشوكولاتة والعصير مرددًا بسخرية :

" الغبي جايك لا يتتاول الحلوى من الأساس، لكنه لا يود لأحد أن يتناول الحلوى التي تصنعينها أنتِ، آخر مرة أكلت بعا حلواكِ تشاجر معي ورسم لي رسمة كتلك بها شخص يشبهني وقد كان معلقًا في حبل يخرج لسانه خارج فمه في إشارة منه أنه سيقتلني، تبًا له ولدفتره الغبي الذي يحمله كما يحمل الأب صغيرة، اقسم إن احرقه له "

" حقًا ؟! ارني كيف ستفعلها سيدي المحامي "

استدار روز ومارسيلو على ذلك الصوت الذي أتى من جهة الباب والذي كان يخص جايك، تحرك جايك يحمل بيده طبق حلوى وهو يسير به بكل استفزاز جعل مارسيلو يخرج من فمه صوتًا حانقًا، يصيح وهو يلقي الشوكولاتة من يده :

" اقسم أنني سأريك أيها الاحمق "

واتبع كلماته وهو ينقض على جايك ينتوي أخذ طبق الحلوى منه، بينما جايك استغل طوله الذي يفوق مارسيلو ببعض الشيء، يدفع وجه بعيدًا عنه صارخًا بغضب :

" هذا ملكي أيها الاحمق، ابعد يدك عن حلواي "

تراجع مارسيلو وهو يخرج سلاحه يرفعه في وجه جايك بشكل جعل روز تنتفض للخلف بفزع شديد وهي ترى جنون الاثنين، حيث امسك جايك سكين من المطبخ وهو يقول ببسمة غبية :

" هيا يا مارس اقترب، ارني ما ستفعل "

أنهى حديثه وهو يلوح بالسكين في وجهه يحمل الطبق بكل استفزاز أمام عين مارسيلو الذي جهز سلاحه للاطلاق، وبين تلك الحرب الضاربة دخل انطونيو للمطبخ بكل هدوء وبرود يسحب الطبق من يد جايك وتحت أعين الجميع المصدومة، ثم أخذ ملعقتين ومن بعدها سحب علبة العصير التي اخرجها مارسيلو من الثلاجة واخذ كوبين، ثم تحرك خارج المطبخ بكل هدوء وكأن شيئًا لم يكن، تاركًا يد جايك متسطحة في الهواء وكأنه مايزال يحمل الطبق، ويده الآخر تحمل سكين على مارسيلو الذي يوجه مسدسه لجايك وروز ترمق ما يحدث بفم مفتوح .

تناول انطونيو قطعة من الحلوى وهو يخرج من المطبخ مرددًا بتلذذ :

" لذيذة جدًا، احسنتِ روز، أنتِ تصنعين اشهى حلوى "

أنهى حديثه وهو يتجه صوب الدرج يتفادى ماركوس الذي كان يهبط بسرعة كبيرة ساحبًا خلفه تلك الصغيرة التي احضرها وهو يكاد يسقطها على وجهها بسبب سرعته يردد بصوت عالي يُسمع الجميع :

" سوف أخرج قليلًا مع فيور فهي تحتاج للتنزه "

رددت فيور وهي تحاول ألا تسقط على وجهها :

" لكنني لا احتاج لـ "

" بلى تحتاجين فيور "

هكذا زجرها ماركوس وهو يسحب يدها للخارج تحت نظرات الجميع المتعجبة .

نظر جايك ليده الفارغة بحنق وهو يردد :

" تبًا لكم جميعًا "

أنهى همسته وهو يخرج من المطبخ بعنف وغضب، تاركًا روز تنظر لاثره بحزن لحزنه، بينما مارسيلو حمل قطعة الشيكولاته التي ألقاها ارضًا سابقًا وهو يتناولها بحنق هامسًا :

" نعم، تبًا للجميع هنا "

تحرك مارسيلو صوب الخارج وهو يتمتم بغيظ قبل أن يستمع صوت جايك الحانق وهو يقول بسخرية :

" أي محامي هذا يا فتاة ؟! تقصدين الفاشل مارسيلو ؟! نعم هو بالداخل"

ختم جايك حديثه وهو يشير لداخل المنزل حيث مارسيلو يأكل شيكولاتة بكل بلاهة، ثم تحرك هو صوب مرسمه يفكر في رسمه دموية يخرج بها غضبه، تاركًا راسيل ترمق مارسيلو بصدمة وهي ترى هيئته تلك :

" سيد مارسيلو ؟!"

___________________________________

ابعد فبريانو عينه من على وجه روبين التي كانت مندمجة بشكل كبير مع رفقة في حديث لا يصل له منه شيء، لكن ذلك الشاب شقيق رفقة يجلس معهما ويتحدث معهما بشكل يثير استفزازه وبشدة .

" حسنًا ما رأيك فبريانو ؟!"

استدار فبريانو ينظر لجاكيري بشرود وهو يردد :

" في ماذا ؟!"

زفر جاكيري بغيظ شديد وهو يمسح وجهه :

" ألم تستمع لحديثي ؟! أخبرتك أن تحاول مجددًا مع قائدك ذلك "

" اه مالك ؟! انس الأمر، أنا لن افعلها مجددًا، صدقني هو لا يحبني ولا يطيق حتى سماع اسمي، وإن أخبرته أنا بالأمر سوف يتأكد بنفسه من أن يتم سجن حبيبتك الغبية تلك مدى الحياة "

اغمض جاكيري عينه بغضب شديد يحاول الوصول لحل يخرج له رفقة، فهو من جانب بدأ يبحث حول القضية بطرقه الخاصة، لكنه يحتاج لشخص له نفوذ هنا يسهل لها بعض الأمور، فتح عينه فجأة وهو يقول بسعادة وكأنه اكتشف حل لغز حيّر البشرية لقرون :

" وجدتها، سوف اختطف حفيده "

رفع فبريانو حاجبه وهو يقول بعدم فهم :

" حفيد من ؟!"

" حفيد قائدك، سوف اختطفه واساومه على مساعدتنا مقابل حريته "

تحدث فبريانو ببسمة متعجبة :

" حفيد قائدي ؟! هل تعلم كم عمر حفيده ؟!"

" لا يهمني فبريانو، أنا سوف اختطفه حتى وإن كان مازال في الروضة، ولا تقلق أنا لن اؤذي طفلًا، فقط سنهدد جده به "

" طفل ؟! هل أنت جاد ؟! كم تظن عمر مالك ليكون حفيده طفل ؟!"

فكر جاكيري قليلًا وهو يحاول تذكر اخر مرة قابل بها قائد فبريانو، يردف بتخمين :

" هل هو رضيع ام ماذا ؟! حسنًا أيًا كان، سوف اختطفه "

ضحك فبريانو ضحكة عالية جذبت انتباه روبين التي ابتسمت ابتسامة بلهاء تراقب ضحكاته التي تتسبب في ابهاج قلبها وبشدة .

توقف فبريانو عن الضحك بصعوبة وهو يخرج هاتفه يقول بكل سخرية :

" لا لا داعي للاختطاف، أنا سأحضره لك "

أنهى فبريانو كلماته وهو يضع هاتفه على أذنه ينتظر الرد من الطرف الآخر، يطالع لجاكيري الذي كان يرمقه بترقب كبير حتى وجد فبريانو يتحدث باللغة العربية بضع كلمات لم يفهم منها شيء .

" الو يا زياد اخبارك ؟! ....لا لا متقلقش مفيش حاجة أنا قولت بس اتصل بيك اطمن عليك، لا أنا دلوقتي في مصر اساسًا....أيوة أنا هنا من اسبوع او اكثر تقريبًا المهم أنت اخبارك ايه ؟! ....لا لا سيب الطلعة دي عليا أنا اللي هعزمك على اكلة كفتة وكباب تستاهل بُقك (فمك) طب اشطا نتقابل انهاردة، هبعتلك العنوان واتس متتأخرش بقى... طب تمام هستناك "

أنهى فبريانو حديثه وهو يغلق الهاتف ثم نظر لجاكيري وهو يقول ببسمة صغيرة :

" توليت الأمر، واليوم مساءا سيكون حفيد مالك هنا "

فتح جاكيري فمه بانبهار وهو يردد  :

" هل كان هذا هو الخاطف ؟! هل اتفقت معه ؟!"

ضحك فبريانو وهو يهز رأسه بنعم، لكن أثناء ذلك راقب روبين وهي تنهض من مكانها تتجه صوب المنزل من الداخل، ابتسم وهو ينهض يكاد يلحق بها لولا سماعه لصوت ذلك المستفز وهو يناديها بـ " روبي".

تشنج فبريانو وهو يردد الاسم بسخرية :

" روبي؟! ده أنا نفسي مش بقولها روبي "

أنهى كلمته وهو ينهض بقوة متجهًا صوب اسكندر، يربت على كتفه باصابعه، وما كاد اسكندر يستدير ليرى صاحب تلك الضربات على كتفه، حتى استقبل وجهه لكمة عنيفة أسقطت رأسه على الأريكة وتبعها صوت فبريانو المرعب :

" اسمعك تناديها روبي تاني وانا هخليك تسبق اختك على السجن سامع ؟!"

ختم كلماته وهو يتحرك داخل المنزل حيث روبين ودماءه تغلي من الغضب، ولولا جاكيري وعلاقته بتلك العائلة لكان قتله أمام الجميع .

نظر توفيق لخطوات فبريانو العنيفة لداخل المنزل يردد بصدمة وكأنه انتبه للتو لذلك الأمر :

" هو بيتكلم ازاي كده ؟! ده كان بيتكلم زينا، هو ازاي كده ؟!"

استدار فجأة كالرصاصة صوب سيلين وهو يقول بصدمة :

" أنتِ كمان بتتكلمي كده ؟!"

رمقته سيلين بعدم فهم :

" ماذا تقول ؟!"

" ماذا اقول ايه يا ختي هتعملي فيها أجنبية ولا ايه ما خلاص كله انكشف وبان، طلعتوا أجانب من إمبابة، أنا قولت اشكالك دي تقفيل مصري والله، لا يمكن تكوني تقفيل مستورد، ده أنتِ نوع مضروب "

لم تفهم سيلين حديثه وهي تنهض من جواره تتحرك بحنق بعيدًا عنه :

' أنت يارجل مجنون "

لحقها توفيق وهو يقول بغلظة :

" أيوة أيوة افضلي برطمي( تحدثي ) ايطالي وعيشي الدور علينا، وأنتِ اساسًا اخرك في الايطالي البيتزا السوسيس "

_______________________________

" إن كنتِ أتيتِ لأجل قضية المكتب فأنتِ تتكبدين عناء شيء لن يحدث، أنا لن اترافع عن المكتب، افضل إغلاقه عن الذهاب للحكمة "

ابتسمت راسيل بسمة صغيرة وهي تقول بجدية ساخرة :

" لا سيدي هي ليست قضية المكتب، بل قضيتين "

" ماذا هل أنجبت القضية الأولى قضية أخرى ؟!"

هكذا تحدث مارسيلو بكل جدية وهو يرمقها بعدم فهم، لكن راسيل فتحت عينها بصدمة وهي تقول له تحاول دفعه خارج تلك الفقاعة من اللامبالاة، تجبره على التعامل كأي انسان طبيعي وهي تقول بحنق شديد :

" أحدهم رفع قضية أخرى على المكتب وهذه المرة ليست كالاولى، فذلك الشخص كان أخوه موكلًا لديك لأجل قضية ما، والمحامي الذي ألقيت إليه بتلك القضية تسبب في سجن أخيه لسنوات عديدة، وهذا الرجل لا يمزح سيدي فكما سمعت أنه أحد أخطر الرجال في روسيا "

ضم مارسيلو شفتيه في حركة انبهار وتعجب مصطنع :

" يا ويلتي، هذا يعني أننا الآن في ورطة ؟!"

" نعم كما أن هذه القضية ليست على المكتب فقط، بل يا سيدي هي قضية عليك أنت شخصيًا، وهذا سيضر باسمك كثيرًا "

فتح مارسيلو فمه ثواني ثم اغلفه مجددًا، وبعد صمت قصير اردف بجدية :

" هل اقوم بتغيير اسمي ؟!"

" أو تتحرك وتدافع عن مكتبك وعن نفسك بحق الله، ألا تهتم لشيء في هذه الحياة يارجل مابك؟! سوف تدفعني للجنون "

ختمت راسيل حديثها الذي كانت تصرخ خلاله وهي تتنفس بعنف شديد، تحاول تمالك غضبها حتى لا تنقض عليه وتقتله، لكن مارسيلو هز كتفيه بتفكير :

" لا اعلم حقًا، أظن أن تغيير اسمي اسهل وهكذا لن يضر به، أعني تغيير اسمي لن يستدعي أن أسافر لروسيا، في الحقيقة أنا لا أحب التحرك كثيرًا فأنا ...."

" كسول ؟"

هكذا قاطعت راسيل حديثه ليجيبها هو :

" كنت افضل القول غير مهتم، لكن لا بأس بكسول، نعم أنا كسول "

ابتسمت راسيل وهي تفتح حقيبتها تقول بجدية وبسمة واسعة ترتسم على فمها :

" كنت اعلم، لهذا جهزت كل شيء "

مد مارسيلو رأسه يحاول رؤية ما تعبث به ليراها تخرج بعض الأوراق تمد يدها لها إليه، تناولها بعدم فهم، لكنها لم تدعه في حالة التائهة كثيرًا وهي توضح له :

" هذا كل ما يخص القضية سيدي، وهناك أيضًا تذكرة للسفر إلى روسيا، تجهز سيدي سوف تغادر غدًا "

أنهت حديثها ببسمة جعلته يرفع حاجبه بتهكم :

" هل تعتقدين أنكِ هكذا تجبرينني ؟!"

" لا سيدي، أنا أعمل لأجل مصلحة المكتب، كما أن قضية كتلك لن تضر المكتب أو اسمك فحسب، بل ستطال جميع أفراد عائلتك فأنت في النهاية تحمل لقب عائلة فوستاريكي"

قلب مارسيلو الاوراق بين يديه وهو يردد بعدم اهتمام :

" وكأنني انتمي للعائلة الملكية حتى أخشى أن يُمس اسمهم "

" ماذا ؟! "

رفع مارسيلو نظره لراسيل وهو يتساءل بجدية :

" كيف عرفتي عنوان منزلي ؟!"

" السيدة مانتيو أخبرتني به "

" تلك المرأة أخبرتها ألا تخبر أحد بمكان سكني"

قاطعت راسيل حديثه مع نفسه وهي تردد بجدية :

' إذن سيدي هل ستسافر ؟!"

" سنسافر "

" عفواً؟!"

" استعدي راسيل فلدينا رحلة ممتعة سويًا لروسيا، واحضري ثياب ثقيلة فالشتاء هناك قاسي، أو لا بأس إن لم تحضري "

أنهى حديثه بغمزة مبتسمًا لها مما جعلها تفتح عينها بصدمة وهي تهمس :

" أنت أيها القذر ماذا تقصد ؟!"

" قصدت أن تحجزي في فندق بتدفئة مركزية جيدة يا آنسة، ماذا ظننتِ أنتِ؟؟"

نظرت له راسيل بشك، لينحني هو قليلًا هامسًا ببسمة جانبية :

" أنا لا أحب تلك العلاقات التي تنشأ في العمل آنسة راسيل "

رمقته راسيل بشر وهي تردد :

" وهل تراني افكر في الأمر سيد مارسيلو ؟!"

" فقد أردت أن أخبرك "

ابتسمت له راسيل بسمة صغيرة وهي تبتعد عنه ببطء هامسة :

" شكرًا لك، يوم افكر في انشاء علاقة، فأظن أنني لن افكر في الارتباط بشخص لن يحترك إلا عندما يحترق العالم من حوله "

ابتسم مارسيلو بسمة صغيرة وهو يردد :

" حتى في تلك الحالة سأفكر جيدًا قبل أن اتحرك، وقد لا اتحرك في النهاية "

همست رسيل في وجهه بسخرية :

" عسى أن تحترق جبال جليدك تلك وتغرقك "

أنهت كلماتها وهي تتركه راحلة والغيظ يملئها، بينما مارسيلو ينظر للأوراق في يده يبتسم بسمة خبيثة يراقب رحيلها، قبل أن يعود بخطواته صوب المنزل .

__________________________

دخل انطونيو غرفته وهو يحمل الحلوى التي احضرها من الاسفل وهو يقول ببسمة واسعة :

" روما هيا انظري ماذا أحضرت، الحلوى التي تحبينها و...."

توقف عن الحديث وهو يجد الغرفة فارغة من روما، نظر في أنحاء الغرفة بدقة يحاول البحث عن روما، قبل أن يستمع فجأة لصوت قادم من المرحاض، صوت همسات ضعيفة .

ترك ما بيده وهو يتجه صوب المرحاض يتحدث بخفوت طارقًا الباب :

" روما حبيبتي هل أنتِ في الداخل ؟!"

ولم يصل له إجابة، كل ما وصل له هو صوت اصطدام بالمياه، جعله يضيق عينيه بعدم فهم، وهو يحاول فتح الباب، لكن وجده مغلق من الخارج، مما دفع القلق لقلبه وهو يزيد من عنف طرقاته يصرخ باسم روما :

" روما، هل أنتِ بالداخل؟! روما ؟!"

لكن لم يصل له صوت، كل ما وصل له همهمات وآنات خافتة جعلته يكاد يجن وهو يبتعد عن الباب ضاربًا إياه بقدمه في عنف شديد، وقد جن جنونه، يصرخ باسم روما، حتى تحطم الباب ليشهق بصدمة يجد أن روما مغشي عليها على أرضية المرحاض وفمها يخرج منه دماء كثيفة، جعلته يصيح برعب ...

" يا اللهي، روما ؟! "

ركض صوبها يرفع جسدها برعب لاحضانه وهو يضمها بقوة صارخًا باسمها :

" روما، روما حبيبتي ماذا حدث، لكِ حبيبتي ماذا حدث، روما افيقي ما بكِ؟! "

لم يصل له أي رد منها ولم يشعر بضربات قلبها أسفل يده وهو يفرك جسدها بقوة كردة فعل من جسده، انتفض بفزع وهو يرى يدها قد بدأ لونها يتحول للون الاخضر بشكل جعله يصرخ بجنون، ينهض حاملًا إياها للخارج يخرج من الخزانة الخاصة بها بعض الثياب، لا يعلم ما يفعل، كل ما يفعله هو أنه ألقى بعض الثياب عليها، يحملها ويخرج من غرفته صارخًا بجنون ورعب هز جدران المنزل وخرج على أثره الجميع :

" آدم ... أين ادم ؟! ليساعدني أحدكم، أين ادم ؟! "

كان يصرخ بهذيان وهو ينظر بعجز حوله يشعر بجسد روما ينتفض بين يديه وكأن روحها تخرج منها، وها هو جليد انطونيو يذوب مسببًا فيضانات من الغضب والقهر تطيح بالجميع .

ارتدى مايك ثيابه وهو يخرج من الغرفة مرتعبًا قبل أن يفزع من مظهر روما، ثم تحرك صوب انطونيو يصرخ به أن يتحرك معه صوب السيارة، لكن انطونيو لم يكن يعي ما يحدث وهو يضم روما بقوة صارخًا أن تستيقظ، يتجاهل حديث الجميع حوله، رافضًا تركها أو التحرك، ليقترب منه مارتن لاكمًا إياه بعنف ثم اختطف روما من يده وهو يركض صوب الباب صارخًا لحظة في مارسيلو :

" مارسيلو جهز السيارة بسرعة "

كان جايك يقف وهو يراقب ما يحدث بأعين جاحظة مصدوم من هيئة أخيه الذي كان أشبه بوحش وهو يركض خلف مارتن الذي يبدو كما لو أنه اختطف منه حياته، وصل مارتن السيارة التي صعد بها مارسيلو، وقبل أن يخطو داخلها كان جسد روما يُنتزع من يده بعنف وانطونيو يصعد للسيارة بعدما القى بنظرة مرعبة صوب مارتن .

تجاهل مارتن نظراته وهو يصعد لسيارته التي ركب بها مايك وجايك وروز و جولي معه، ثم تحرك بقوة خلف سيارة مارسيلو والجميع مازال في صدمة مما حدث منذ ثواني، من هدوء تحول المنزل لعاصفة .

في ذلك الوقت كان اليخاندرو على وشك بلوغ بوابة القصر بسيارته، ليرى فجأة تحرك سيارات أحفاده خارج القصر بشكل جنوني جعله يخرج هاتفه برعب وهو يتصل بانطونيو الذي لم يجب عليه؛ لذلك اتصل بأول اسم قابله والذي كان جايك الذي تحدث له عبر الهاتف برعب وهو يصف له ماحدث .

أمر اليخاندرو سائقه أن يتحرك بسرعة صوب المشفى التي اخبره جايك  عنها وهو يخرج اسم سيرينا ( والدة روما ) حتى يخبرها ما حدث ....

____________________________

كانت سارة تركض في الممر وهي تهتف للممرضة جوارها تخبرها التعليمات، بعدما انتهت للتو من التعقيم، تتحرك صوب غرفة العمليات لتجري أول عملية رفقة اندرياس للطفل أيان، فمنذ جاءت به هايز بذلوا كامل جهدهم لتهدئة التشنجات رغم تعجبهم أنه حي بعد توقف جميع أجهزته لساعة تقريبًا، وبعدها قرر الجميع الدفع به لغرفة العمليات .

بكت هايز بقوة وهي ترى الفراش الذي يتحرك صوب غرفة العمليات يحمل جسد صغيرها الحبيب، بينما آدم يجذب هايز له بقوة حتى لا تتركه وتركض خلف فراش ايان.

كان ماركوس يركض في ممرات المشفى وهو يبحث بعينه عن آدم قبل أن تصطدم نظراته بنظرات سارة التي رمقته ثواني بنظرات غامضة، تحرك عينها ببطء لتلك الطفلة التي تتمسك بذراعه في قوة كبيرة .

" سارة هيا ماذا تنتظرين ؟!"

هكذا صاح اندرياس بقوة وهو يخرج سارة من شرودها، حيث توقفت فجأة أمام غرفة العمليات، نظرت سارة لماركوس نظرة أخيرة وهي تتحرك بسرعة صوب اندرياس تهتف بجدية :

" أنا جاهزة اندرياس لنبدأ "

بكت هايز وهي تصرخ بقوة :

" اريد الذهاب معهم، اريد البقاء رفقة أيان، ارجوك ادم دعني اذهب معه"

شدد ادم من ضمها وهو يقبل رأسها بقوة يهتف في اذنها بحنان شديد :

" تماسكي حبيبتي تماسكي لأجل أيان هايز، ولاجلي ارجوكِ، قلبي يؤلمني عليكِ ارجوكِ حبيبتي "

بكت هايز أكثر تنهار ارضًا، و آدم يتحرك معها للأرض حتى يجلس جوار باب العمليات وهو يضمها إليه بقوة شديدة وهو يهمس لها بحب، بينما ماركوس يقف جواره يرمقه بصدمة وهو يتساءل متى وصلت علاقة ادم لهذه النقطة ؟!

شعر ماركوس بيد تضم ذراعه، استدار فجأة ليتذكر وجود فيور، لكنه صدم من وجهها الذي كان ممتلئ بالدموع وهي ترمق هايز تود لو تحتضنها وتربت عليها .

" ماركوس هل سيكون الطفل بخير ؟!"

تساءلت فيور بحزن وهي تمسح دموعها مشفقة على ذلك الصغير الذي لم تره سوى منذ ثواني أثناء دخوله لغرفة العمليات، اشفق ماركوس عليها وهو يجذبها برفق لاحضانه يردد بحنان :

" لا تبكي فيور صغيرتي، سيكون أيان الصغير بخير، سيكون بخير "

أنهى حديثه وهو يراقب آدم الذي كان يدفن وجهه في شعر هايز التي كانت تجلس أمامه مستنده بظهرها على صدره، ورأسها يتوسط كتفها ترمق باب الغرفة بترقب شديد، بينما آدم يهمس لها بحنان :

" سيكون بخير حبيبتي، سيكون بخير "

اغمضت هايز عينها ببطء تسقط لا اراديًا في النوم، ليس نعاسًا ولكن هربًا من ذلك الواقع، بالإضافة لوالدها الذي غرق منذ شهور طويلة في غيبوبة لا تعلم إن كان سيستيقظ منها أم لا، ها هو أيان صغيرها يتركها ويقرر اللحاق بوالدتها .

شعر آدم بارتخاء رأس هايز اكثر؛ لذلك اعتدل في جلسته وهو يجذب رأسها إليه حتى يضعها على كتفه بشكل أكثر راحة لها مقبلًا شعرها بلطف وهو يهمس في اذنها بحب :

" أنا هنا جوارك حبيبتي، فقط ارتاحي قليلًا، كل شيء سيكون بخير "

_______________________

" أي مناسبة تلك ؟!"

نظرت روبين بتردد لعين فبريانو تردد بجدية وحزن :

" بعد اسبوعين تقريبًا هيكون العيد السنوي للمركز،  وفي العيد ده بيكون فيه احتفالات كتير وعروض اكتر، بس اهم عرض فيه بيكون عرض العائلات، واللي بيشارك فيها عائلات الاعضاء، يعني كل عيلة بتعمل عرض خاص بيهم وهكذا "

" وتريدين مني أن أشارك به ؟!"

ابتسمت روبين بسمة صغيرة وهي تهز رأسها بنعم، ليمحو فبريانو بسمتها بحديثه المستنكر :

' لكنني لا استطيع الرقص روبين، كما أنني لا أحبه "

" يعني أنت بتعرف تعمل اي حاجة وجات على الرقص وعطلت ؟! يا اخي مش لازم ترقص هز كتفك وبس، أنا نفسي اوي اشارك فيه يا فبريانو، عمري ما كان ليا حد يشارك فيه "

ضيق فبريانو عينيه وهو يهتف بجدية :

" و لولو ؟؟"

ضحكت روبين ضحكة صغيرة ظهر بها وجعها  وهي تردد  :

" تصدق أنها الوحيدة اللي كانت بتحضر معايا الاحتفال ده، بابا وجاسي من سنين وهما مسافرين، وماما اساسا شايفة هوايتي دي سخافة، مفيش غير لولو اللي كانت بتحضر معايا عشان مزعلش"

أنهت حديثها وهي تحاول كتم دموعها ومنعها من الهبوط :

" لكن طبعًا مكانتش تقدر تقدم عرض لوحدها، لأن من الشروط هو إن العيلة تكون هي لوحدها اللي بتأدي العرض بدون ابنهم أو بنتهم أو أيًا كان اللي مشترك في المركز من عيلتهم "

صمتت ثم أضافت بجدية تمسك يد فبريانو تبتسم بسمة صغيرة مقهورة تنظر في عينه  :

" أنا كنت بهزر معاك يا فبريانو، أنا اساسًا مش بفكر اشترك، ولا بفكر احضر الاحتفال السنوي المرة دي "

أنهت حديثها وهي تترك يده قائلة بجدية ودموعها على وشك الهبوط، فها هي في نفس الوقت من كل سنة تستشعر مرارة الوحدة :

" أنا عايزة أخرج من هنا، ممكن تخرجني ؟!"

جذب فبريانو رأسها له بحنان وهو يقبلها بهدوء ثم تركها وامسك يدها يخرج من المنزل كله، حتى وصل لسيارته، وهو يقول ببسمة واسعة :

" ما رأيك أن نذهب لتناول الطعام ؟!"

ضحكت روبين بخفوت وهي تردد :

" يلا، هو احنا بنلاقي حاجة نعملها في ام العلاقة دي غير الاكل ؟!"

ابتسم لها فبريانو وهو يصعد للسيارة يراقبها تصعد لها بهدوء، لينتبه فجأة لاذنها، يشير لها بجدية مرددًا :

" أين سماعتك ؟!"

تحسست روبين أذنها وهي تقول ببسمة غبية :

" في البيت "

" حقًا ؟! ولِمَ تركتيها في البيت ؟!"

" لا أصل لولو شبطت فيها عشان تكمل المسلسل المكسيكي بتاعها "

رفع فبريانو حاجبه لتكمل هي بسرعة تحاول تبرير الامر له :

" اصل هي من زمان كانت اتفرجت على الجزء الاول منه، وبعدين من قريب سمعت أنه ليه جزء تاني، لكن للاسف مش مترجم معرفش بقى المترجم فقد الشغف ولا ايه، بس هما مترجموش الجزء الثاني، قوم ايه بقى، لولو اول ما سمعت إن أنا معايا السماعة السورية دي ...."

" فورية ؟!"

" أيوة هي دي، صممت بقى تاخدها تتفرج بيها وقالتلي اقولك، بما أنك يا خويا اتشمللت وعملت حاجة عدلة وحيدة في حياتك اللي شبه وشك دي كنت كملت جميلك وجبت كمان سماعة، ولا نقول ايه معفن "

أنهت روبين حديثها وهي تحرك يديها في حركات شعبية تشبه تلك التي كانت تقوم بها جدتها، ثم ضمت يدها لقدمها ابتسم ببراءة موضحة :

" ده كلام لولو، هي قالتلي اقولك كده "

ابتسم فبريانو بسمة مستفزة ثم قال :

" روبين يا حبيبتي قولي لـ لولو إن السماعة دي غلط على كبار السن، قوليلها بتعمل هطل ( جنون) واحنا مش ناقصين، كفاية اللي فيها، ماشي ؟!"

ابتسمت روبين وهي تهز رأسها بحسنًا توعده أنها ستوصل الرسالة لها ثم راقبت الطريق أمامها، وهي تسمع صوت فبريانو يخرج منه بفضول :

"  صحيح روبين، ما حكاية اسم وادي هذا ؟! أعني لم اسمع يومًا بهذا الاسم "

ضحكت روبين بخفوت وهي تقص عليه الأمر ببساطة :

" اه اسم تيتة؟! اصل زمان لما تيتة اتولدت كانت شبه الأجانب بالضبط يعني شعر فاتح وعيون ملونة وبياض "

صمتت وهي تشير له :

" شبهك كده "

" لا ارجوكِ لا تشبهي تلك العجوز بي "

اكملت روبين :

" ما علينا، لما اتولدت اللي سماها اساسًا اجنبي، وقتها حب يسميها اسم مبتكر ويكون مختلف فاختار ليها اسم متاخد من البيئة حواليه، وعشان كده سماها وادي المأخوذ من وادي النيل "

هز فبريانو رأسه وهو يهمس بخفوت :

" اسم غبي يليق بعجوز شمطاء "

" قولت حاجة ؟!"

" لا فقط ابعدي عينيكِ من على وجهي روبين، لا اتحمل نظراتك تلك يكفيني قبحك "

لوت روبين شفتيها وهي تنظر أمامها تقول بسخرية :

" هذا من لطفك سيد فبريانو "

" تبًا لكِ ولفبريانو الذي لا يستطيع قتلك روبين "

__________________________

كان يحملها انطونيو وهو يركض بها في ممرات المشفى وخلفه الجميع، وعلامات الذعر تستوطن وجوه الجميع، صرخ انطونيو برعب يراقب جسد روما الذي بدأ يفقد جميع علامات الحياة :

" طبيب، اريد طبيب، بسرعة ارجوكم "

كان يصرخ بجنون وهو يركض في ممرات المشفى وبين يديه روما وقد بدأ يفقد اتزانه، ركضت صوبه ممرضة وخلفها ممرض آخر يدفع بفراش صوبهما، ضم انطونيو روما له اكثر رافضًا تركها، لولا جايك الذي ربت عليه وهو يهمس :

" دعهم يفحصونها اخي "

نظر له انطونيو برعب وهو يهمس له وكأنه يشتكي له :

" روما يا جايك، لا تجيب علىّ "

ربت جايك عليه بحنان وهو يشير على الفراش ليضعها انطونيو ببطء على الفراش وكأنه ينتزع قلبه من صدره تاركًا إياه بلا حياة،  ابتلع ريقه وهو يرى الطبيب يركض صوبه ينظر لروما بدقة وهو يتحرك مع الممرضين يردد بجدية كبيرة :

" اشتباه في حالة تسمم ويبدو أن السم بدأ يزحف للجسد كله، جهزوا العمليات "

سقط قلب انطونيو وهو يستمع لتلك الكلمات وقد شعر فجأة بالحياة تغادر جسده، بدأ الم شديد يزحف لقلبه وذراعه، يحاول الاستناد على الجدار جواره حتى لا ينهار، يرى المكان من حوله مشوش جميع الوجوه التي ترمقه برعب أضحت كما لو كانت خيال، الاصوات شعر بها تأتي من بعيد وهو ينظر لهم بعدم استيعاب، حتى فجأة شعر بالوجع يزداد بقوة في ذراعه الأيسر وانفاسه بدأت تتقلص .

امتلئت عين جايك بالدموع وهو يركض صوب اخيه يصرخ برعب باسمه يحاول أن يسنده ومن الجانب الآخر كان مايك الذي بكى بقوة وهو يصرخ مناديًا طبيب، بينما اليخاندرو الذي وصل للتو شعر بانهيار عكازه الذي يستند عليه، انهيار انطونيو والذي كان الداعم والسند الأول له حطم شيئًا داخله، رؤية حفيده الذي كان كالجبل ينهار بهذا الشكل جعل قلبه يهوى رعبًا عليه، الرجال أيضًا يتألمون، بل إن المهم احيانًا يكون قاتل، ولحظة سقوطهم ليست بالهينة.

أطلق انطونيو صرخة عالية باسم روما وهو ينهار ارضًا بين ذراعي أخيه ومايك، ومارتن الذي ركض لهم رفقة مارسيلو يحيطون به ويسندونه، يمنعون المارة من مشاهدة انهيار انطونيو، يمنعون أحد أن يبصر ضعف أخيهم .

بكت جولي بقوة في احضان روز التي كانت شبه منهارة وهي ترى كل ما يحدث، منذ ساعة واحدة فقط كان الجميع سعداء، ساعة واحدة فقط انقلبت فيها الحياة رأسها على عقب .

ارتفع صوت صراخ انطونيو وهو يرثي حالته ينادي روما، بينما جايك يضمه بقوة وهو يبكي وجع أخيه والجميع حولهم يحيطون بهم يحاولون التماسك لأجله، لأجل أساس تلك العائلة الذي على وشك الانهيار، فـ سقوط انطونيو، يعني انفراط حباتهم، انطونيو كبيرهم وداعمهم الاول، انكسر الآن لأجل زوجته التي تعاني، وكأنه أبى إلا أن يشاركها الوجع، هكذا فعل الحب باقواهم وأكثرهم ثباتًا، إذًا ماذا سيفعل بالباقيين ؟!

تقدم من الجميع طبيب والذي ارسل اليخاندرو في طلبه منذ رؤيته لتوجع انطونيو يتمسك بقلبه، ساعد الجميع انطونيو على النهوض، ثم سحبوه ببطء خارج الممر شاكرين القدر الذي جعل الممر فارغ في هذا الوقت حتى  لا ينتبه أحد لما حدث، تحرك الطبيب خلف الجميع نحو إحدى الغرف ليفحص انطونيو والذي استسلم تمامًا لكل ما يحدث حوله ويبدو أنه فقد طاقته في الصراخ منذ قليل، ليتسطح على الفراش خلفه وهو يغمض عينه ببطء يشعر بوخزة في ذراعه تبتعها سائل يندفع لاوردته بقوة، يدفعه بقوة للغوص في عالمه الخاص، حيث أحضان عاصمته الغالية وصوتها العاشق يهمس باسمه ......

____________________________________

دخل المكتب الخاص بسيده بسرعة وهو يهتف بلهفة :

" سيدي وصلتنا اخبار من جاسوسنا الآن بأنه نفذ ما أمرت به، وتم إسقاط اول قطعة في جيش اليخاندرو، انطونيو ....  "

ابتسم ذلك الذي يتوسط مقعده الوثير يدور به حول نفسه وهو يقول ببسمة صغيرة :

" اتعلم أن الدماغ ينقسم لعدة اقسام؟! منها المخيخ والذي يتحكم في التوازن داخل الجسم والحركات الارادية واللارادية، وهناك ايضًا المخ وهذا ما يتحكم في التفكير وحل المشكلات، وها نحن يا عزيزي قمنا بشل حركة المخيخ، وعطلنا حركة الجسد وافقدناه توازنه، والآن حان دور المخ "

لاحظ الرجل نظرات مساعده البلهاء وهو يرمقه بعدم فهم، لكنه تجاهله وهو يسأل  :

" أين هي اختي العزيزة روزيلا ؟!"

" لا اعلم سيدي، هي أخذت مساعدها الشخص ورحلت منذ أيام إلى وجهة غير معلومة، لكن ما علمته أنها تلاحق فبريانو فوستاريكي "

نظر الرجل الذي يقف أمامه وهو يرد بتفكير ونبرة مخيفة :

" اممم لا بأس دعها تستمتع مع عزيزنا فبريانو، ونحن سنستمتع مع أخيه الصغير، ماذا كان اسمه ؟! مارتن صحيح ؟! "

___________________________________

خرج من سيارته وهو ينظر للمنزل أمامه ببسمة، ثم تحرك بخطوات قوية صوب الباب يعدل من وضعية ثيابه، يطرق الباب بهدوء ينتظر الرد  .

ثواني حتى أبصر وجه فبريانو يطل له وهناك بسمة واسعة ترتسم عليه، انحنى فبريانو بعيدًا عن الباب وهو يشير له بالدخول .

دخل المنزل وهو ينظر لفبريانو يفتح له أحضانه قائلًا ببسمة واسعة :

" والله وليك وحشة يا فيبو "

ابتسم فبريانو يبادله الاحتضان يردد مربتًا على ظهره :

" وأنت كمان وحشتني يا زياد، تعالى ادخل "

تحرك زياد رفقة فبريانو داخل المنزل يقول بجدية ينظر لانحاء المنزل :

" أنت هتستقر هنا في مصر ولا ايه ؟! سمعت من الحاج أنك هتتجوز مصرية صحيح الكلام ده ؟! هنبقى مسايب ولا ايه ؟!"

ضحك فبريانو وهو يصل للبهو حيث جاكيري الذي كان يجلس وجواره اسكندر وتوفيق، ينتظرون حفيد الرجل الذي سيساعد رفقة، بينما رفقة وروبين في الغرف العلوية للمنزل .

" لا مش  هستقر في مصر، أنا بس هاخد المصرية وارجع بيها ايطاليا "

ابتسم زياد ولم يكد يجيبه حتى ارتفع صوت شاب آخر في المكان وهو يردد :

" من هذا فبريانو ؟! وأين الطفل حفيد قائدك؟! ألم تقل أنه في الطريق ؟!"

ابتسم فبريانو بسمة صغيرة يشير لزياد ببسمة ساخرة :

" هذا هو جاكيري، هذا هو الطفل حفيد مالك "

صمت ثم أضاف بسخرية وبسمة مستفزة :

" طفل في الثانية والثلاثين من عمره تقريبًا "

تشنج فم زياد وهو يرفع طرف شفتيه للأعلى مرددًا بعدم فهم :

" طفل إيه لا مؤاخذة ؟!"

استدار له فبريانو وهو يقول متنهدًا يشير حوله ببسمة صغيرة :

" يؤسفني أبلغك يا زياد يا حبيبي، انك مخطوف......"

_____________________________

وتحسبه انهزامًا، لكنه فقط مجرد تراجع بسيط لجعلك تتوهم الانتصار، حتى تحين الفرصة للانقضاض، فخطوة الاسد للخلف ليست خوفًا، بل استعدادًا لهجوم اكبر وأقوى، وكذلك هم، عودتهم ستكون مؤلمة للكثيرين وشرهم لن تتمكن اقوى السدود من حصره، وما خفي كان اعظم .

وعندما تقرر الدخول لعالمهم احذر " فلا تدري من أي باب قد يأتي جحيمك......"

دمتم سالمين

رحمة نبيل

Fortsæt med at læse

You'll Also Like

17.3M 894K 181
حينما يحاسبنا على الذنب أهل الذنب أنفسهم! قد كان يطمح في حياة هادئة، شاب اقتحم الحياة وفتح ذراعيه لها فلم يجد نفسه إلا شريد لا يعرف أين الطريق و أصب...
579 107 5
_ كان كل منا يبحث عن الآخر، لقد كانت رغبة مشتركه اذاً _ لم أتوقع أن تمثلي انتِ تحديداً خطراً علي حياتي _ عزيزي أنا لا أمثل خطر، بل أنا الخطر بعينه غ...
1.2K 141 6
هذا العمل هو علاج مجاني لجميع أنواع الاكتئاب. بطريقة ما عدت بالزمن إلى القرن السادس عشر، إلى الأردن عندما كانت تحت الحكم العثماني، حيث جدي الأكبر ما...
5.8M 369K 57
وظننت أنني حصين تجاه ما يسمى " الحب " ، لكن اتضح أنني عندما طننت ذلك استثنيتك من الأمر ... آه يا جميلة ارهقتي قلب_ كان كالصخر _ بحبك، لكن لا بأس فأن...