الوجه الآخر للمافيا ( أحفاد ا...

By AnaZilzail

5M 344K 173K

قالوا " الحب يصنع المعجزات " وأنا اخبرك أن الحب هنا هو " أحد المعجزات "، لكن لا تنس أننا يا عزيزي في زمن الم... More

المقدمة
موعد الفصل انهاردة
مواعيد الرواية
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
مهم
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
مهم ....
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الثامن عشر
التاسع عشر
العشرون
الواحد والعشرين
الثاني والعشرين
الثالث والعشرين
الرابع والعشرين
الخامس والعشرين
السادس والعشرين
السابع والعشرين
الثامن والعشرين
التاسع والعشرين
الثلاثون
اعتذار
لأهالي اسكندرية والبلاد المجاورة
الواحد والثلاثين
اللي البارت مفتحش عنده
حفلة اسكندرية بكرة
الثاني والثلاثين
الثالث والثلاثين
الرابع والثلاثين
الخامس والثلاثين
السادس والثلاثون ( ما قبل الاخير )
مين موجود ننزل الجزء الاول من الفصل الأخير
الأخير ( الجزء الاول )
الخاتمة
بخصوص الحلقة الخاصة
حلقة خاصة ( الجزء الاول )
الحلقة الخاصة ( قصاصات من دفاتر الأحفاد)
اقتباس من النوفيلا الجديدة
الاقتباس الثاني (نوفيلا زهرة آل فوستاريكي)
رواية معرض القاهرة ٢٠٢٣
الاقتباس الثالث من النوفيلا الجديدة ( زهرة آل فوستاريكي)
اعلان رواية معرض الكتاب
اقتباس من رواية المعرض
مقدمة النوفيلا الجديدة والمواعيد نزلت

الفصل الاول

158K 9.2K 5.1K
By AnaZilzail

* هام قبل القراءة*

( لو أنت اول مرة تقرأ الرواية أو الفصول، فمتخليش فضولك ياخدك أنك تقرأ التعليقات؛ لأن بيكون فيه ناس قرأوا الرواية قبل كده و ممكن يحرقوا عليك تفاصيل مشوقة كتير، فنصيحة لما تيجي تعلق امشي بمبدأ ( علق واجري ) يعني علق براحتك، بس بلاش تقرأ الكومنتات بضمير و كمل الرواية لان متعتها في تشويقها، ومتخليش حد يحرق عليك أي جزء لان كل جزء في الرواية هتعيشه وتتمتع بيه بكل تفصيلة ده وعد مني )

وتاني هقول رجاءً بلاش تحرقوا الأحداث اللي جاية في الفصول الاولى يا جماعة كده انتم بتفسدوا متعة القراءة على البعض، رجاءًا محدش يجي من الفصول الجديدة ويعلق في القديمة باللي هيحصل قدام.

وصدقني اللي جاي هيكون قادر على سحبك لعالم تاني خالص فاترك نفسك للرحلة اللي جاية وعيش 💜

قراءة ممتعة للجميع ...

اصوات الموج تعم المكان بصوت تلاطمها في الصخور وكأنها تصرخ بعنف لإهمال الجميع لها، بسبب حلول الشتاء، تزداد ضرباتها للصخور كسيدة عجوز تردد متذمرة، تأتون إلىّ كلما اشتدت حرارة الشمس فوق رؤوسكم، وعند رحيل تلك الحرارة تنفرون مني بكل صلف .

خرج من المطار بكل هيبة كعادته وهو يرتدي بذلته التي تتكون من بنطال اسود وقميص يماثله باللون يعلوهم معطف باللون الرمادي، يغطي عينه بنظارة سوداء تخفي أسفلها نظرات باردة، ارتسمت بسمة صغيرة وهو ينظر خلفه لباب المطار يراها تخرج منها كفراشة رشيقة ذات ألوان مبهجة، الوان مهلكة لقلبه المسكين .

مدّ يده الحرة ليمسك بيدها في قوة كبيرة يرميها بتلك الابتسامة التي يخصها بها، بينما هي غمزت له وهي تجذب النظارة بعيدًا عن عينه :

" هكذا افضل عزيزي "

أطلق انطونيو ضحكات صاخبة وهو ينحني حتى يصل لطولها الذي لا يقارن بطوله الفارع، فهو اكثر الاحفاد طولًا من بين الجميع ويبدو أنه الوحيد الذي ورث ذلك الطول عن جده، انحنى مقبلًا وجنتها بحنان شديد ثم ابتعد عنها وهو يهمس لها :

" امممم لا بأس دعينا نتحرك فأنا متعب "

ابتسمت له روما وهي تتحرك معه صوب السيارة التي كانت تصطف أمام المطار والتي طلب تأجيرها لتكون رفيقتهم في تلك الرحلة التي ستستغرق اسبوعًا استطاع انطونيو وبصعوبة أن يقتطعه من عمله ورمى بحمله الأكبر على مارتن و مارسيلو و ماركوس فهم فقط من يثق بهم في تلك الحالات.
رحلة لهما هما فقط، هي وهو فقط، رحلة شهر عسلهما، نعم فهما تزوجا البارحة فقط، ليقرر انطونيو أنه حان الوقت لتنفيذ وعده القديم بالهرب بها بعيدًا عن الجميع مع تغيير بسيط، وهي أن الجميع على علم بهروبهما.

صعد انطونيو للسيارة بعدما وضع الحقائب في الخلف وفتح لها الباب بكل لباقة غامزًا لها :

" أنا أحاول التحلي بكل أساليب اللباقة لأجلك جلالة الملكة روما، حتى لا تشقي رأسي بعدم اهتمامي بكِ "

أنهى حديثه وهو يستدير ليستقر خلف مقعده يلاحظ تقوس فمها للاسف بحنق من حديثه :

" تتحدث وكأنني احب التذمر طوني "

ضحك انطونيو و هو ينطلق بسيارته نحو وجهته التي اختارها هو بكل عناية :

" العفو قلب طوني، بل أنا الظالم المستبد "

" نعم أنت كذلك "

" اعتذاري لسموك أميرة روما "

استدارت له روما وهي تقول مربعة يدها لصدرها :

" ها...انظر، ها أنت بعدما ناديتني للتو بالملكة، الآن تناديني أميرة، أنت تقلل من رتبتي يا سيد، أخشى أن أصبح آخر اليوم جارية لسيادتكم "

علت قهقهات انطونيو في السيارة وهو يهز رأسه بيأس عليها :

" نعم أنا بالفعل ظالم روما، لا اعلم كيف ستقضين بقية حياتك رفقة شخص مثلي ؟!"

ابتسمت هي بسمة جانبية تخفي خلفها خبث كبير قبل أن تقول وهي تدير عينها حولها بعدم اهتمام :

" لا بأس سيد انطونيو، إن لم تعجبني الإقامة، سأجمع اشيائي واعود لحياتي واحلامي "

" في احلامك ....."

***************

ركضت في الممر وهي تتخبط في كل من يقابلها يصلها صراخ مديرها الذي يكاد يصم آذان جميع العاملين في المكان، وأثناء ركضها الغبي اصطدمت فجأة بعامل المشروبات لتسقط معه ارضًا وتسقط جميع المشروبات على كليهما.

تحركت عينها ببطء تنظر لثيابها بصدمة وهي ترمش بسرعة و كأنها بحركتها تلك تبعد تلك الصورة التي تعرض لها ثيابها المتسخة من أمامها .

رفع الرجل نظره ببرود لها، ثم نهض يحمل شظايا الزجاج من الأرض مرددًا بحديث جاد وكأنه روتين يومي :

" نعم آنسة لورا، لقد اسقطتي الاكواب عليكِ للمرة الخامسة هذا الأسبوع "

أنهى الرجل حديثه ثم تحرك بكل حنق صوب غرفته حتى ينظف ثيابه في روتين اعتاده يوميًا من تلك الفتاة الخرقاء التي بقيت تجلس ارضًا وهي ترمقه يرحل بهدوء هكذا دون حتى أن يساعدها وكأنه ليس معتاد على الامر، وكادت تستمر في شرودها ذلك قبل أن تنتفض لارتفاع صراخ المدير مجددًا .

نهضت بسرعة تنظر لثيابها التي تعلم جيدًا ردة فعل والدتها عليها، حملت الملفات التي تلوثت بالعصائر من الأرض ثم تحركت صوب المكتب بسرعة تطرق الباب وهي تتنفس حتى تتجهز نفسيًا لـ....

" ادخــــــــــلي لــــــــورا "

انتفضت لصراخ مديرها وهي تفتح الباب بسرعة وكأنها تعلم في الشرطة قائلة بيسمة واسعة واثقة :

" صباح الخير سيدي، كيف حالـ ...."

لم تكمل حديثها بسبب رؤيته لذلك الجسد الممتلئ يتخلى بشكل غريب عن عرشه الملكي الذي لم يكن يترفع سابقًا ويتحرك من أعلاه، حتى أن الجميع كان يظن أنه التصق بمقعده ..

" صباح الخير ؟؟؟؟؟ صباح الخير وأنت تعملين لدىّ؟؟؟ صباح الخير وأنا كل يوم أرى وجهك هذا ؟؟؟"

صدمت لورا من حديثه الجارح لها؛ لذا سريعًا أخرجت المرآة الصغيرة التي تحتفظ بها في حقيبتها تنظر في وجهها وهي تقول بعدم فهم :

" ما به وجهي ؟؟؟؟ سيدي أنا فزت بمسابقة ملكة جمال ايطاليا لـ.."

قاطع حديثها رؤيته وهو يتحرك بصعوبة صوبها بغية الانقضاض عليها، لكنها لم تمنحه الفرصة وهي تركض سريعًا تختبئ خلف ذلك الموظف الذي انتهى للتو من تقريع المدير له ..

" احميني موسى "

صُدم المدعو موسى وهو يراها تتشبث بثيابه، لينتفض وهو يبعدها عنه بعنف هامسًا من بين أسنانه يرى اقتراب المدير منهم بملامح لا تنذر بالخير :

" ومن يحمي موسى ؟؟؟؟ ابتعدي عني، نلت ما يكفيني اليوم لورا "

أنهى حديثه وهو ينتزعها نزعًا من ثيابه التي كانت تتمسك بها كهرة صغيرة تنشب أظافرها في ثياب صاحبها بعدما رفعها من الأرض تخشى السقوط .

نظرت لورا لموسى بشر وهي تتوعد له، لكن قبل التحدث بكلمة شعرت فجأة بهواء ساخن يصطدم بوجهها تبعه صوت غليظ يصرخ في أذنها :

" من أمرك بكتابة ذلك الخبر الاحمق بالعدد الاخير للمجلة ؟؟؟"

عادت لورا للخلف خطوة صغيرة وهي تخرج منديل تمسح وجهها بحنق تحاول الابتسام في وجهه :

" سيد مارشيل، أهدأ ودعني اااااا"

" أهدأ؟؟؟ تطلبين مني أن أهدأ بعد ذلك الخبر الاحمق ؟؟؟ ما دخل متابعين المجلة بمشاكل الباندا مع أشجار البامبو لورا ؟؟؟"

ضحكة عالية لحظية فلتت من ذلك الذي يتابع المحادثة باستمتاع، لولا نظرة لورا له وهي تتوعد له بعقاب مضاعف على السخرية منها أمام مديرها المتغطرس بدلًا من الدفاع عنها، تنحنحت وهي تقول بصوت واثق :

" سيدي أنه لأمر مهم، فالباندا كائن مهدد بالانقراض ومشاكل أشجار البامبو ااااا"

" للجحيم أنتِ و الباندا لورا ..."

صمت قليلًا يراقب تعابيرها الحانقة وتقوس فمها بسخرية وهي تحرك فمها بحركة بطيئة وكأنها تسبه :

" اسمعي آنسة لورا، تلك هي فرصتك الأخيرة، اقسم لكِ إن لم تحضري لي خير يستحق النشر لاطردنك من تلك الجريدة ولن اجعل أي احمق يوظفك، سمعتي ؟؟؟"

هزت لورا رأسها بنعم وهي ترمقه بنظرات مغتاظة تسمع يكمل حديثه :

" امامك اسبوع ....اسبوع واحد لتعودي لي بخبر يستحق النشر بعيدًا عن مشاكل الباندا، و سبب تساقط شعر الكلاب، والآن انصرفي من أمامي "

تحركت لورا للخارج بعنف شديد تتجاهل نداء موسى خلفها وهي تركض صوب المرحاض، مكانها المفضل المعتاد، دخلت له بسرعة ممتنة لعدم تواجد أحد به، تقتحم أحد المراحيض الصغيرة تغلق الباب خلفها وهي تتنفس بعنف تجلس على المرحاض ثواني وهي تنظر بيدها تضغط عليها بقوة قبل أن تخرج شيء من جيب ثيابها تبتلعه بسرعة دون أي مياه، صمتت قليلًا، وهي ما تزال تراقب يدها، قبل أن تنفجر فجأة ودون مقدمات في البكاء.....

***************

كان يجلس على الأريكة بكل برود وهو يراقب الجميع حوله ويراقب ارتفاع صوت مايك الذي كان يقف في منتصف البهو يتخصر بحنق :

" أنت حقير جاكيري، أنا لم أطلب سوى أن تأخذني معك، هل هذا كثير ؟!"

" أنا لست ذاهبًا لرحلة مايك حتى اصطحبك معي "

" بل أنت كذلك بالفعل، ثم أنك ستأخذ سيلين معك "

أنهى مايك حديثه بحنق كطفل يغار من تدليل والده لأخيه ويعامله هو بقسوة، تحولت نظرات جاكيري لسيلين التي كانت تجلس على الأريكة وأمامها حقائب عدة، ترتدي ثياب مليئة بالازهار وقبعة تكاد تبتلع رأسها ونظارة سوداء، وعقد من الورود حول رقبتها بشكل مثير للسخرية .

مسح جاكيري وجهه بحنق وهو يصرخ في سيلين :

" سيلين بحق الله نحن ذاهبون لمصر، وليس هاواي، ما الذي ترتدينه؟!"

لم تجبه سيلين، بل ترفعت بكل كبرياء عن الرد على هكذا احمق _ من وجهة نظرها _ وهي تحمل هاتفها تتصفحه بكل هدوء وتأخذ صور لها .

سمع جاكيري صوت خلفه يقول بمرح :

" هيا لقد تجهزت "

التفت جاكيري ينظر لتوفيق الذي كان يرتدي شورت يتخطى ركبته بالقليل فقط، وفوقه قميص مكون من عدة ألوان يحمل حقائب كثيرة، ما بال هؤلاء القوم؟! يظنون أنهم ذاهبون لإحدى الشواطئ ؟!

" توفيق هل مصر جزيرة خاصة بقضاء العطل الصيفية ؟!"

هز توفيق رأسه بلا لا يفهم سؤال جاكيري له، لكنه اجاب على اي حال :

" لا، لا أعتقد أن مصر جزيرة، ام أنها جزيرة؟!ربما هي شبه جزيرة؟! لا ادري حقًا لكنها تحتوي بحار ومحيطات وترع "

قال توفيق كلمته الأخيرة بالعربية وهو يبتسم بسمة غبية مشعلًا غضب جاكيري أكثر وهو يحاول التحكم في اعصابه، قبل أن يبتسم بكل بساطة يهز كتفيه بعدم اهتمام وهو يفكر أنه سيلقي بهم من الطائرة في أول محيط يقابله .

" ستأخذ ذلك العجوز أيضًا وتتركني؟! أنت حقير كبير اقسم لك "

هكذا أنهى مايك حديثه بحنق شديد قبل أن يسمع الجميع صوت بارد حاد من الخلف :

" احضرهم جميعًا جاكيري وسنلقي بهم في أي بركان أو محيط، علّنا ننتهى من هذا الغباء، ونحد من انتشاره "

استدار جاكيري وهو يضحك بصخب لفبريانو :

" يا رجل هل تقرأ أفكاري ؟!"

ولم يكد فبريانو يجيب حديث جاكيري حتى سمع الجميع صوت يقتحم جلستهم بعدما فتحت روز الباب :

" منزل آل فوستاريكي ؟!"

*****************

الموسيقى تصدح في الغرفة وهي تتحرك عليها بكل تناغم ومرونة كبيرة، تهز خصرها احيانًا، وتحرك كتفيها أحيان أخرى بشكل يتناسب مع الموسيقى التي تصدح وعلى وجهها ترتسم بسمة واسعة، تتسع بسمتها أكثر وأكثر، وهي تتخيل نفسها تتمايل بين ذراعيه وهو يراقصها، اتسعت بسمتها أكثر لتتحول فجأة لضحكة وهي تتخيله يرقص، رباه فبريانو يرقص؟! ستكون تلك ثامن عجائب الدنيا .

توقفت روبين عن الرقص فجأة وهي تستمع لصوت هادئ جوارها :

" اسفة لو بزعجك آنسة روبين بس الاستاذ مالك مستني حضرتك في الجنينة تحت عشان الفطار "

فتحت روبين عينها ببطء، ثم رمت بابتسامة لطيفة للفتاة التي احضرها مالك خصيصًا حتى تهتم بها، هنا في مزرعته والتي علمت منه أثناء إحدى جلساتهم أنها خاصة به هو وزوجته، واحيانًا يحضر عائلته إليها، تقدمت روبين من المرحاض تغتسل قبل أن تنضم في الاسفل لمالك تقترب منه بهدوء شديد تحييه على استحياء :

" صباح الخير عمو مالك "

ضحك مالك وهو يشير على المقعد المقابل لها وهو يردد :

" اتفضلي عشان نفطر "

جلست روبين على المقعد وهي تلاحظ قدوم أحد من خلف مالك، لتجذي نظراتها انتباه مالك وهو يستدير ليبصر ليث ( قائد فبريانو المباشر ) يقترب منهم وهو يبتسم بسمة ساخرة وعينه تمر على روبين التي تعجبت نظراته لها .

وقف ليث أمام الطاولة وهو ينظر لمالك قبل أن يقول بلا مقدمات وهو يسحب أحد المقاعد :

" دراجون على وصول وشكله مش ناوي خير، مش فاهم أنت مخبي البنت هنا ليه ؟!"

لم تفهم روبين شيء وهي توجه نظراتها لمالك الذي تناول الخبز بالمربى في برود تام جعلها تعتقد أنه ليس نفسه ذلك الرجل الحنون الذي احضرها لهنا :

" مرحبًا بيه في أي وقت يا ليث، ينور مصر"

ادعت روبين تناولها الطعام وهي تفكر في ذلك الـ دراجون والذي سمعت اسمه من الرجال الذين جاءوا لإنقاذها ذلك اليوم، لكنها كتمت تساؤلها في داخلها، دون أن تبوح به، لتسمع ضحكة ذلك الرجل المسمى ليث :

" مش هتجبها لبر غير لما واحد فيكم يقتل التاني، صحيح عملت ايه مع نور ؟! "

" ملكش دعوة بنور "

هكذا تحدث مالك وهو يرتشف قهوته بتلذذ وبرود يعود بظهره للخلف وهو يردد مضيفًا على حديثه :

" لسه متولدش اللي يلعب معايا، و فبريانو ده أنا هعلمه ازاي يحترم الكبير، بدل ما هو ماشي يطيح في الكل ومفكر ملوش حد يقف في وشه "

علت ضربات قلب روبين وهي تنظر لوجه مالك تهمس باسم فبريانو، ما دخل فبريانو بهم، وهل هناك عداوة بينه وبين مالك؟!ولم تعلم روبين انها همست اسمه بصوت عالي لينتبه لها الثنائي وكأنهم للتو رأوها .

خجلت روبين من نظرات الاثنين وهي تدفن وجهها في الطعام لتسمع صوت ليث يردد ببسمة جانبية وبلغة لم تفقه ما هي :

" يبدو أنك عملت نقطة ضعفه تلك المرة مالك، لكن احذر فهو أيضًا يعلم نقطة ضعفك، ولا استبعد أن يذهب لخطف نور في المقابل "

ضحك مالك ضحكة عالية رنّ صداها في المكان وهو يقول ببرود ونبرة مخيفة :

" فقط يحاول أن يقترب منها، وقتها سأريه وجهي الآخر "

ارتابت روبين من تلك الضحكات وهي تهمس في نفسها بخوف :

" شكل فبريانو عمل مصيبة للناس دول، أنا عارفة عمره ما عمل حاجة عدلة في حياته الخرابة ده "

********************

توقفت سيارة انطونيو أمام العنوان المطلوب وهو ينظر للفيلا الصغيرة المكون من طابقين وامامها حديقة صغيرة وخلفها بحيرة جميلة، ابتسم وهو يهبط يفتح الباب لروما بلطف جعلها تبادله بسمة تشبه خاصته، ثم تحرك انطونيو يحمل حقائبه، وبعدها تحرك صوب باب المنزل يفتحه وهو ينظر للخلف إلى روما ليراها تلاعب جرو صغير بلطف شديد .

ابتسم وهو يراقب لطفها، لكن سرعان ما انقلبت بسمته فجأة وهو يرى رجل يقترب منها يرمقها بنظرات غريبة لم تفت انطونيو ويبدو من حديثه الذي لم يصل له، واشاراته أنه صاحب الجرو .

ترك انطونيو الحقائب وهو يتحرك بخطوات بطيئة صوب روما ثم وقف أمامها يخفيها تمامًا خلف قامته الطويلة يقول ببسمة باردة زينت محياه :

" مرحبًا "

رفع الرجل نظره لانطونيو والذي كان يفوقه طولًا بكثير يجيبه بكلمات متحمسة :

" مرحبًا، انتم المستأجرين الجدد هنا صحيح ؟!"

هز انطونيو رأسه ولم يرتح لبسمته السمجة تلك وهو يمد يده يصافحه :

" نعم، و ؟!!!"

ترك انطونيو حديثه معلق، ليجيب الرجل بسرعة وهو يشير للمنزل المقابل الخاصة انطونيو يقول ببسمة بشوشة عكس ما يراها انطونيو :

" انا اسكن في المنزل المقابل لكما مع زوجتي، اتينا لقضاء العطلة سويًا، ويبدو أنكما كذلك، صحيح ؟! "

لم يجب عليه انطونيو وهو يقول ببسمة باردة بعض الشيء، وبوقاحة تخطت كل الحدود مشيرًا لمنزله بنفس الشكل الذي قام به الرجل سابقًا :

" لقد وصلنا للتو من سفر طويل ونحتاج للراحة؛ لذا اعذرنا يا سيد "

سارع الرجل في لهفة غريبة يجيب انطونيو، ونظراته تحلق حول روما، وكأنه نحلة تحلق فوق زهرة لأجل التقاط رحيقها حتى آخر رمق :

" ولتر، ادعى ولتر "

" انا لم أسألك عن اسمك "

ابتسم الرجل بحرج كبير مما يفعل معه انطونيو، لكن انطونيو لم يهتم للحقيقة، هو في حياته لم يهتم لأحد سوى عائلته وروما، وهذا ليس من ضمن عائلته، وبالطبع ليس روما؛ لذا للجحيم هو واحراجه .

دخل انطونيو المنزل الصيفي الذي يقبع في إحدى القرى الجبلية التي تزخر بانهار كثيرة، ثم ترك الحقائب جانبًا وهو يحرك رقبته بألم، بسبب طول المسافة من المطار لهنا، لكن صوت روما في الخلف وهي تقول بلوم شديد :

" ألا تظن أنك كنت وقحًا بعض الشيء ؟!"

" لم أكن وقحًا روما، كنت انطونيو "

" ماذا ؟!"

تساءلت روما بتعجب وهي تسير خلفه بينما هو يخلع ثيابه بدون اهتمام يلقيها في أي مكان يقابله يقول بكل هدوء وهو يستدير لها والبسمة تزين وجهه :

" ماذا ماذا روما؟! هذا هو أنا، لا تخبريني أنكِ لا تعلمين كيف اتصرف عادة مع الغرباء ؟! لقد تصرفت معه كأنطونيو، ولا شيء جديد "

" نعم بما أنك ذكرت الأمر، دعني استغل الموقف واخبرك أن عائلتك كلها وقحة "

حرك انطونيو كتفيه للاعلى والأسفل أثناء تصاعد شفتيه في تهكم وكأنه يخبرها " هكذا نحن "، لكن صوت رنين جرس المنزل قاطع ذلك النقاش الغاية في الرومانسية والمناسب للحظات الاولى لهم سويًا في شهر عسلهما، تحركت روما صوب الباب الذي كان الطرق عليه عاليًا بشكل مستفز، قبل أن تجد فجأة امرأة تندفع داخل منزلها بشكل جعلها تسقط في احضان زوجها الذي لم يكن يرتدي ثيابه العلوية .

__________________________

" لو أن انطونيو هنا لكان اجبركم عن أخذي معكم "

هكذا أردف مايك بحنق وتذمر كطفل صغير عوقب من السفر مع عائلته بسبب سوء علاماته المدرسية، يضم ذراعيه لصدره بحنق شديد، لا يقبل ذلك القرار المجحف في حقه بأن يُترك هنا، بينما هم يلهون في مصر، ويرون نساء شرقيات جميلات.

أضاف مايك على حديثه السابق ساخرًا ومتهكمًا على حظه :

" لكنه الآن يستمتع في شهر عسله مع زوجته، ذلك المحظوظ تزوج وذهب لقضاء شهر عسل، بينما أنا اتذلل للذهاب مع احمقين مثلكما "

صمت لينتبه إلى نظرات فبريانو المرعبة؛ لذا تراجع سريعًا :

" احمق، احمق واحد فقط "

توقف وهو يرى مسدس جاكيري الذي أخرجه في التو وقد بدأ يفقد هدوءه بسبب مايك الذي انتفض بفزع وهو يردد :

" أنا الاحمق اقسم لك، أسأل مارسيلو وسيخبرك من الاحمق هنا، مارسيلو من الاحمق هنا ؟! "

كاد مارسيلو يتحدث لولا ذلك الصوت الذي شق الأجواء والذي كان لطفل صغير :

" ابي "

اجاب مايك دون أن يعلم مصدر تلك الكلمة :

" لا ليس ابي الاحمق بل ااااا..."

توقف فجأة وهو يدرك تلك الصرخة ومصدرها، يرى طفل ذو جسد ضعيف نحيل يركض صوب البهو .

بمجرد صدور تلك الصرخة حتى نظر الجميع لمايك باتهام وصدمة ظنًا أن الطفل يركض صوبه، لكن مايك عاد للخلف وهو يشير بأصبعه بلا ورأسه تتحرك سريعًا وهو يقول برعب :

" ليس أنا اقسم، أنا ليس اطفال "

نظر الجميع بتعجب لذلك الطفل الذي توقف في منتصف البهو وخلفه روز التي دخلت بهدوء، فهي من فتحت الباب منذ قليل.

تحركت عين الطفل بين الجميع وكأنه يبحث عن أحد، ليشعر مايك بالخطر وهو يخفي نفسه خلف جاكيري، ينظر للصبي نظرات مريبة وكأنه وحش سينقض عليه، يهمس بجوار جاكيري :

" يا ويلي هل فعلها جدك وأحضر لنا عم جديد ؟! "

ونظرة صغيرة من جاكيري أخبرته جيدًا أن يصمت.

تحرك الصبي بهدوء صوب مارتن الذي كان يحمل حاسوبه على قدمه وهو ينظر للطفل بتعجب، قبل وقوف الطفل أمامه وهو ينظر له بعيون واسعة مستكشفة جعلت عين جولي تتسع بصدمة وهي تهمس :

" مارتن هل تمتلك طفلًا ؟! هل خنتني ؟!"

نظر لها مارتن بصدمة من تخمينها يهز رأسه بلا مشيرًا لنفسه باستنكار :

" اقسم أنني لم أفعل، إنه مايك "

انتفض مايك من خلف جاكيري يدافع عن نفسه بقوة أمام ذلك الاتهام البشع :

" اها، أيها الخائن تذهب لتتسكع مع النساء ثم تنجب منهن اطفالًا وبعدها تلقي الأمر على مايك، عارٌ عليك يا قليل الادب، إنه هو جولي لا تصدقيه، هذا الخائن الكاذب، لا يكفي أنه ليس مافيا وايضًا خائن، كيف تتحملينه بحق الله ؟!"

أنهى مايك حديثه بتشفي وهو يرى نظرات مارتن المصدومة وهو يحاول تبرير موقفه، لولا انتفاضة جولي من جواره وهي تصرخ بصوت مرعب في المكان :

" يا حقير، تخونني أنا، تبًا لك ولعائلتك كلها، يكفي أنني تقبلت كونك شريفًا، لتزيد الأمر بأنك خائن أيضًا، تبًا لك ولعائلتك مرة أخرى "

تحدث جايك وهو يميل على أذن ماركوس :

" هل تمت اهانتنا للتو ؟!"

" اعتقد ذلك، لكن لا بأس هي لم تقل شيئًا خاطئًا "

توقفت جولي في منتصف البهو وهي تبكي تتخيل مارتن يخونها، يا الله هي اعترفت منذ أيام قليلة بحبها له، وضعت امالًا كثيرة عليه، والآن يخونها ؟!

تألم قلب مارتن وهو يرى نظرات جولي الموجوعة؛ لذا ابعد حاسوبه ببطء وهو يتجه لها يسحبها لاحضانه غير مهتمًا باعتراضها، أو بنظرات الجميع يهمس لها بلطف شديد :

" اقسم لكِ أنني لم أمس امرأة يومًا سواكِ، ولم اسمح لقلبي بالخفقان سوى لمحياكِ، أنتِ فقط جولي"

بكت جولي بعنف في أحضان مارتن، تصدقه، ولا تملك سوى ذلك، هي تصدقه وتؤمن أنه يومًا لن يفكر في غيرها.

انتبهت فورًا جولي على اقتراب الطفل من فبريانو وهو يقف أمامه يرزقه بنفس النظرات التي سبق ورمق بها مارتن، ليجذب بذلك اهتمام الجميع .

نظر فبريانو للطفل ببسمة صغيرة جعلت الطفل يبتسم بسمة لطيفة، يرمق ذلك الرجل الوسيم، ذو الملامح اللطيفة والهادئة، لكن صوت فبريانو الذي خرج بكل هدوء وبسمته لم تزل تزين وجهه :

"صدقني أنت لا تود أن تفعل معي كما فعلت مع مارتن "

ابتعد الطفل من فوره من أمام فبريانو ثم استدار في المكان يمرر عينه على الجميع، جاعلًا إياهم في حالة تحفز غريب، جعل ماركوس ينكمش على نفسه وهو يراقب تحرك الطفل صوبه وكأنه قنبلة موقوتة ستنفجر في الجميع، قبل أن يتحرك بهدوء صوب آدم الذي كان يحمل كتابًا يقرأه بهدوء، لكن منذ دخول الطفل وهو تشتت في القراءة، وانتبه لحركاته كما فعل الجميع .

توقف الطفل أمام ادم وهو يضم قدمه بحب يردد مسندًا رأسه على قدمه :

" ابي "

تيبست يد آدم في الهواء وهو يفتح عينه بصدمة مما يرى، وفمه مفتوح بشكل مضحك، ينظر في الوجوه بعدم فهم، من بين الجميع اختاره هو ليناديه بابي ؟! حقًا ؟!

وأثناء صدمة ادم انتبه فجأة لوقوف هايز خلف روز، ويبدو أن لا أحد انتبه لوجودها من الأساس، وبسرعة نظر لها باتهام، أنها هي من تفعل ذلك لتوريطه أو لشيء في رأسها لا يدركه هو، لكن أيًا كان ذلك الشيء، يقسم أن يريها الويل بسبب ما تفعله به .

_________________

تفاجئ انطونيو لثواني بسبب اصطدام جسد السيدة به، و لم تكتف بذلك، بل أمسكت كتفه برعب وهي تشير نحو الخارج :

" انقذنا ارجوك، زوجي وحده في المنزل "

ولم يستمع لها انطونيو، أو ينتبه لما تقول وهو يشعر بالاشمئزاز من لمستها، و انتفاض جسده أسفل يدها بشكل ملحوظ فسرته هي تأثرًا بلمستها، لكن انطونيو كان بعيد كل البعد عن تفسيرها، حيث شعر باندفاع شعور تقزز داخله بشكل جعله يدفع السيدة عنه بسرعة كالملسوع وهو يغمض عينه بشكل ارعب روما والسيدة التي لم تفهم ما الأمر، لكن انطونيو لم يهتم لها وهو يرمقها بنظرة مخيفة، لتسارع هي بتبرير ذلك الموقف السخيف الذي تعرضت له :

" لقد هجمت بعض القردة البرية على منزلنا ودمروا كل شيء، وزوجي وحده هناك "

ضغط انطونيو على أسنانه وهو يهمس :

" للجحيم أنتِ وزوجك، أنا لا اهتم "

وبمجرد انتهاءه من كلمته حتى وجد ثيابه التي خلعها للتو تندفع أمام عينه، وصوت روما الحانق يصدح وهو يقول :

" ارتدي هذا حبيبي؛ حتى لا تصاب بالبرد "

نظر لها انطونيو ومازال الاشمئزاز يظهر في نظراته، ينتزع الثياب من يد روما، ثم ارتداه وهو يشعر كما لو أن يديها التي لمستها للتو كانت جمرًا، هو حتى الآن لم يستطع معالجة ذاته، هو حتى لا يعلم علته، سوى أنه يشمئز أي لمسة من أي انثى، غير تلك الأنثى التي تقف جوراه وترمق السيدة كنمرة على وشك الفتك بفريستها .

تحدثت السيدة مجددًا باستجداء لا تفهم شيء من نظرات الاثنين، تشير صوب الخارج وهي تكرر كلماتها معتقدة أنهم لم يستمعوا لها :

" زوجي في المنزل و...."

" اخرجي الآن من منزلي، أنا لا اهتم بكِ او بزوجك "

تفاجأت السيدة من حديثه الذي لم تتوقعه يومًا من أحد سابقًا في موقف استجداء كهذا، لتتساءل بتعجب عن ذلك الرجل العجيب .

" يا سيد هذه وقاحة "

" نعم اعرف "

فتحت السيدة فمها لترد عليه بحديث لاذع توقفه عن بروده ووقاحته تلك، لولا صوت زوجها الذي اخترق الاجواء بضحكته المستفزة _ لانطونيو _ يتحرك داخل المنزل وهو يقول لزوجته ببسمة واسعة :

" لا تقلقي عزيزتي، لقد تخلصت منهم جميعًا، لا داعي لازعاج الجيران الجدد "

أنهى حديثه ينظر لانطونيو وهو يقول ببسمة :

" لا تزعج نفسك يا سيد لقد .... "

" لم أكن لافعل "

وبهذه الجملة الوقحة قاطع انطونيو حديث الرجل معلنًا بكل تبجح رغبته في رحيل الاثنين من منزله .

وقح؟!
نعم، ولا يهتم بذلك، هو لم يعتد أن يصطنع اللطف أمام أحد، ولم يعتد أن يدعي شيئًا ليس به لأجل أحد، هكذا اعتاد أن يتصرف مع أي أحد خارج إطار عائلته، وهكذا سيظل حتى يموت، غير أن هذا الرجل لا يستريح لبسمته المستفزة السمجة، ولمسات زوجته له تكاد تحرق بشرته ، وشعور بالتقزز يندفع من جوفه حتى وصل لحلقه .

وعند تلك الفكرة رفع عينه لروما التي اغلقت الباب وهي تنهي اللقاء ببسمة حاولت قدر الإمكان صبغها باللطف لتداري فعلة انطونيو، نفخت روما بضيق وهي تستند بجبينها بحنق على الباب بعدما اغلقته، ولم تكد تستدير حتى شعرت بيد تضمها بقوة شديدة من الخلف وصوت انطونيو يهمس لها بنبرة شعرتها خارجة من طفل صغير يستجدي حنان والدته، يود نسيان شعوره بيد تلك المرأة عليه :

" عانقيني روما ......"

_________________________

"ماذا؟! ابن آدم ؟! "

انتهى مايك من همسته المصدومة وهو يدور بعينه في الوجوه على أمل أن ينفي أحدهم حديثه، لكن الجميع وقتها كان في عالمه الخاص وهم يرمقون تلك الطبيبة التي تمسك بيد مراهق ضعيف البنية، أبيض البشرة مع شعر اسود ناعم و عيون زرقاء واسعة .

تحرك مايك للاريكة ببطء وهو يمسك جهة قلبه بتألم :

" الأمر يزداد سوءًا، حتى الصغير آدم أحب، بل وأنجب طفلًا أيضًا ."

اقترب ماركوس من الطفل وهو يحمله قائلًا بحنان شديد :

" اه ابن أخي العزيز، كيف تخلى عنك والدك الحقير يا صغيري؟! اه انظروا إليه يشبه آدم في طفولته ."

فتح ادم فمه بصدمة وهو يمرر نظره على الجميع يحاول الحديث، لكن لم يستطع، يبتسم بعدم تصديق وهو يرمق هايز بنظرات غير مستوعبة لما يحدث .

تحدث ماركوس وهو يشير لمارتن:

" هيييه مارتن تعال وانظر لابن أخيك يا رجل، لن نقسو عليه نحن أيضًا يكفي والده "

أنهى حديثه وهو يزجر ادم بنظراته، ثم نظر لفبريانو الذي كان يجلس على الأريكة وهو ينظر للجميع ببرود وملل :

" تعال وانظر لابن أخيك فبريانو ."

" إن جئت إليك سأقتلك أنت واخي؛ لذا دعني كما أنا ماركوس، فلن يسرك مجيئي ."

"حسنًا لا تتعب نفسك أنا سأعتني به، صحيح كم عمره ؟! "

أنهى ماركوس حديثه وهو ينظر لهايز بتساؤل، لتجيب هايز عليه وهي تحاول تجنب نظرات آدم الحارقة التي يدرك لعبتها تلك، تجلي حلقها راسمة بسمة عملية على فمها :

"هو في الثانية عشر ."

ربت ماركوس على شعر الصبي بحنان شديد، يدرك جيدًا ما يحدث، لكن بشكلٍ ما الأمر يعجبه، يعجبه وبشدة تلك النظرات المصعوقة من جهة ادم، و الحسرة التي تنبثق من عين مايك، و التعجب الذي ساد الأجواء، لكنه لم يكمل حديثه بسبب ما سمعه من هايز :

" يا مسكين في الثانية عشر ولم .....مهلًا ماذا ؟! "

تحدث مايك وهو يولول كسيدة عجوز فقدت وحيدها الذي كان يعينها على مآسي الدنيا، لتجلس على قارعة الطريق تجذب ثيابها بحسرة، يفكر في عمر آدم الذي بالكاد تجاوز الخامسة والعشرين، وها هو يملك طفلًا في الثانية عشر من عمره، وهو المسكين في هذه العائلة :

"يا ويلتي، ادم انجب طفلًا وهو في الثالثة عشر من عمره، وها أنا أوشكت على بلوغ التاسعة والعشرون ولم اقبل امرأة يومًا، يا حسرتي على شبابي الذي ضاع سدى، حسرتي على نفسي التي زهدت النساء، حتى لا أقحم عائلتي في الخطايا، والصغير ادم لوث شرف العائلة وهو مراهق لم ينبت شعر شنبه حتى ."

صمت ثم نظر لمارسيلو الذي كعادته كان يرمق الجميع بلا مبالاة وكأن ما يحدث اخر همه، لكن فجأة شعر بشخص يلتصق به في الحاح، ورأس ترتمي على كتفه، ثم صدح صوت مايك وهو يقول في لهفة شديدة :

"لم يتبقى لي سواك في هذه العائلة يا اخي، إياك أن تنظر لفتاة حتى أجد أنا من تشاركني حياتي البائسة ."

رمقه مارسيلو بسخرية وهو يبعده عنه مرددًا :

_"وكأنني اهتم ."

توقف الجميع عما يفعل بسبب الصرخة التي صدحت القصر :

" حسنًا تبًا لكم جميعًا، توقفوا عن هذا الهراء."

نظر الجميع لادم الذي اشتعلت عيناه بشر ذكرهم بفبريانو، وإن كان غضب ادم اسوء من حالة فبريانو المعتادة، إلا أنه كان مرعبًا بحق وهو يتحرك بعنف صوب هايز التي ركضت لاول جسد قابلها والذي لم يكن سوى مايك، الذي ضمها وهو يستغل الموقف :

" لا تخافي من ذلك الادم، أنتِ هنا بين احضان مايك حيث لا خوف ولا ..."

صمت ثواني وهو يراقب تحركات ادم العنيفة ونظراته التي ازدادت اشتعالًا وهي تتسقر على يده التي يضم بها هايز قبل أن تصدح صرخته في القصر كله :

" مايـــــــك "

" ماذا هي من ألقت بنفسها في أحضاني، توقف عن الصراخ بي انا الكبير هنا ادم، هذا ما ينقصني، حتى اصغرنا يصرخ في وجهي "

أنهى حديثه بسخرية وحنق قبل أن يصدح في المكان صوت آخر ينهي ذلك الجدال :

" اقسم أن انهض الآن واقتلكم جميعًا، إن لم تصمتوا"

استدار ادم بعنف صوب الصوت، قبل أن تلين نظراته بسرعة وهو يرى المتحدث الذي لم يميز صوته في غمرة غضبه والذي لم يكن سوى فبريانو الذي نظر نظرة جانبية للطفل يأمره بعينه أن يتوارى عن الأنظار، وكذلك فعل الطفل وهو يركض يختفي خلف هايز التي ابتعدت من فورها عن مايك وهي تضم الصغير، قبل أن يخرج فبريانو سلاحه وهو يلوح به في الآفاق قائلًا بملل :

" لقد سمئت من غباء تلك العائلة اقسم، إن لم تخبروني خلال ثواني ما حدث، سوف اقتلنكم جميعًا، واقوم بتربية ذلك الصغير الذي يزعج الجميع واجعله مجرمًا "

فتحت هايز عينها بصدمه وهي تضم الصغير لها تغلق أذنيه حتى لا يصل لها ذلك الحديث المجنون، تتساءل مع أي عائلة سقطت؟!

لم يتحدث أحد، والجميع ينظر لبعضهم البعض بهدوء شديد، وكأن تلك الأصوات التي كانت تصدر منذ ثواني تكاد تصم جميع قانطي المنزل كانت محض خيال ليس إلا.

" حقًا؟! الآن صمت الجميع ؟! "

هكذا ردد فبريانو بنبرة ساخرة وبسمته ترتسم على فمه بشكل مرعب، جعل هايز تعود للخلف وهي تقول :

" هو ليس ابن آدم "

رفع فبريانو حاجبه بسخرية كبيرة وهو يردد مشيرًا لأفراد عائلته :

" حسنًا هم حمقى ولكن ليس لدرجة أن يصدقوا حديثك، جمليتي لا احد هنا يصدق أن الصغير ابن آدم، فهو لن ينجب طفلًا في عمر الثالثة عشر وايضًا وقتها كان آدم مسافرًا لإحدى الدول ويدرس بها؛ لذا رجاءً دعينا من هذا الهراء واخبرينا ما تريدين قبل أن ينفذ صبري واجعل رأسك تتدحرج امامك "

أنهى كلماته بحدة جعلتها تنتفض وهي تبكي دون وعي، ذلك الرجل مخيف، مخيف وبشدة، لدرجة جعلتها تود الهرب من هذا المكان، يالله تصرفاته لا تلائم مظهره الوسيم ولا لطافة ملامحه تلك .

نظر آدم لهايز بحزن وهو يتحدث بهدوء شديد، وقد عاد لما كان عليه قبل حدوث تلك العاصفة :

" اخي ارجوك ليس أمام الطفل "

" ليس أمام الطفل، أم والدة الطفل ادم ؟!"

صمت فبريانو وهو يضيف بسخرية :

" هذا إن كانت هي أيضًا والدته "

تحدثت هايز بارتجاف وهي تضم الطفل إليها أكثر لا تعلم إن كانت تحميه، ام تتحامى به، قبل أن تلتفت حولها تبحث عن دعم حتى وجدت روز تقف على مقربة منها لتقول برجاء :

" رجاءً هل يمكنك أخذه بعيدًا؟! لا أود أن يستمع لشيء "

نظرت روز للطفل بلطف وهي تهز رأسها ببساطة تنحني وهي تقترب من الصغير مبتسمة بحنان وهي تربت على شعره قبل أن تتحرك معه للخارج، تحت نظرات جايك الذي تململ في جلسته بضيق لخروجها من المكان، وكأن الجلسة أصبحت كئيبة فور رحيلها، ولم يعي سوى في تلك اللحظة أنه كان يراقبها هي فقط طوال الجلسة؛ لذا خروجها اشعره بالملل وهو ينهض هامسًا في أذنه مايك :

" أخبرني بالتطورات حين اعود "

أنهى كلماته وهو يتحرك للخارج بسرعة يلحق بهايز والصغير تحت تمتمات مايك الساخرة :

" نعم نعم اركض خلف الصهباء، أخبرتك سابقًا ايها اللئيم أنك ستسقط لها"

حركت هايز عينها على الجميع تتجنب النظر لادم الذي شعرت أن نظراته تكاد تحرقها من كثرة تحديقه بها، لا تصدق أنها تجرأت وحصلت على عنوانه من المشفى وجاءت إليه .

" هذا الطفل يتيم منذ طفولته، وامي من تولت أمر الاعتناء به "

صمتت وهي تبتلع ريقها مكملة :

" كنت وقتها في الثانية عشر حينما احضرته امي من الميتم، لأن أبي كان يود الحصول على طفل ذكر، وامي لم تستطع بسبب إزالة الرحم الخاص بها، وبعد سنوات قليلة توفيت امي بسبب إصابتها بمرض خطير، وانا من توليت رعايته، حتى اكتشفنا منذ عام تقريبًا أنه مصاب بمرض خطير؛ لذا تم حجزه في المشفى لحين إتمام شفاءه، لكن ..."

صمتت قليلًا وهي تنفجر في البكاء مرددة بعجز شديد :

" لم ...لم نجد له متبرع مناسب فهو يجري العديد من العمليات الجراحية ويحتاج لنقل الدم باستمرار، فصيلة دمه نادرة للغاية، لكن المشفى تدبرت أمر الدماء لشهور، حتى عجزت فيما بعد عن مده بالدم الذي يحتاجه؛ لذا كنت ابحث له عن متبرع عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ولم اجد للاسف، حتى ..."

" وجدتي اخي ؟!"

هكذا قاطع مارتن حديث هايز، هو يعلم امر فصيلة دماء أخيه، ذلك الامر الذي يزيد رعبهم على آدم تحديدًا، أنه إن اصيب بشيء خطير ففرصة حصوله على متبرع مناسب ضعيفة، بل تكاد تكون منعدمة .

هزت هايز رأسها وهي تنظر له برجاء :

" انا فقط اود مساعدته هو صغير للغاية على تلك المعاناة "

" و ما علاقة ادم به ليناديه ابي؟! أم أنكِ أنتِ من طلبتي منه نداءه بذلك ؟!"

رفعت هايز كالرصاص وهي ترمق ذلك المرعب فبريانو برفض واستنكار تهتف بصوت ارتفع قليلًا :

" مهلًا يا سيد أنا لست من تظنني، لقد اعتاد ايان مناداتي امي لأنني من ربيته تقريبًا، وعندما أخبرته أننا سنذهب لشخص سيساعده لم أتوقع أن يفعل ذلك "

صمتت ولم تخبرهم بالطبع باقي الحكاية التي احتفظت بها لنفسها لتنقذ ما تبقى من ماء وجهها، لم تخبرهم بالطبع أن ايان وجد صورة ادم لديها و ما أخبرته به وقتها عن علاقتها بـ آدم، التي لا يعلم ادم نفسه شيئًا عنها.

نهض فبريانو وهو يقول منهيًا الأمر بسبب تأخرهم على الطائرة :

" حسنًا يا فتاة أنا ليس لدي الوقت لكل تلك التفاهات، سأترك الأمر لادم فهو الوحيد الذي يحق له أخذ القرار، لكن قبل أن ارحل سأخبرك بشيء واحد "

صمت وهو ينظر بعينها نظرة ارعبتها مضيفًا :

" اخي بعائلتك كلها، إن مسه ضرر لن يكفيني قتل عائلتك في المقابل، بل سأمحو اثركم من الدنيا وكأنكم لم تكونوا يومًا "

أنهى حديثه وهو يخرج متحدثًا :

" لنذهب جاكيري "

راقب الجميع رحيل فبريانو بصدمة، بينما هايز همست برعب :

" كيف .....كيف يهددني بهذا الشكل؟! هل يعتقد أنه سيخيفني ؟! "

تحدث مارسيلو بسخرية وبسمة لا مبالية ترتسم على فمه :

" للاسف يا صغيرة هو لا يهدد، ثم نعم يجب أن تخافيه، الجميع هنا يخافه، وأنتِ لستِ استثناء "

ابتلعت هايز ريقها وهي تمسد جبينها مردده :

" أنه مرعب بحق "

تحدثت رفقة التي انضمت لهم منذ قليل فقط بعدما كانت تتجهز :

" نعم الجميع يراه مرعبًا، عدا فتاة حمقاء تراه في قمة اللطف "

نظرت لها هايز بسخرية لاذعة مشيرة للمكان الذي اختفى فيه فبريانو وهي تردد مستنكرة :

" لطيف؟! هذا ؟! بحق الله لا تمزحي معي، يكفي النظر لوجهه حتى تعلمين أي مجرم هو "

ضحكت رفقة بصوت عالي جذب انتباه جاكيري لها وهو يبتسم بدوره :

" لا عزيزتي هناك من يراه رقيقًا مراعيًا لطيفًا، صدقي أو لا تصدقي "

أنهت حديثها وهي تقف جوار جاكيري تقول له بهدوء :

" لقد انتهيت، هل نذهب ؟!"

ابتسم لها جاكيري بلطف وهو يربت على شعرها بلطف :

" نعم لنذهب "

قال وهو يحمل الحقائب دون أن يبعد نظره عن رفقة :

" هيا سيلين لنذهب "

تعجب ماركوس الذي كان يتابع كل ما يحدث بصمت وهو يستدير في البهو مستنكرًا وجود سيلين أثناء تلك المعركة وعدم تعليقها على شيء :

" سيلين هنا ؟! "

استدار جاكيري حيث تجلس سيلين ليجدها تضع سماعة أذنه وهي تحرك يديها في تأثر واضح لما تسمعه مغمضة العين لم تعي بالمعركة حولها وكأنها انفصلت عن عالمهم، وجوارها يقبع توفيق الذي غفى كطفل صهر ليلته سعيدًا بالرحلة، ثم نام أثناء الطريق .

زفر جاكيري بعنف :

" لقد حُسم الأمر، سوف ألقي بهما في أول بركان يقابلني "

___________________________

كان يقف بعيدًا يحمل دفتره الذي ركض لاحضاره بمجرد أن لمح ذلك المشهد الذي استفز اصابعه لتخليده، يجلس على الأرض بعيد قليلًا عن مكان روز التي كانت تلاعب الطفل، أو المراهق الذي ينكر الجميع عمره بسبب بنيته الضعيفة التي تجعله يبدو كطفل في السادسة، ابتسم وهو يراها تبتسم للصغير.

همس وهو يرسم عينها بدقة شديد يتذكرها جيدًا بسبب قربه منها مرات قليلة :

" مهلكة "

ولم يعي جايك لما يحدث سوى وهو يشعر بدفتره يُختطف من بين يديه، رفع عينه بسرعة لذلك الـ .... توقف عن السب في رأسه وهو يرى أن ذلك " الـ " هو روز، التي كانت ترمقه بنظرات حارقة، ظنتها بكل غباء مخيفة، ولم تدرك انها كانت في أعينه مثيرة .

ابتسم جايك وهو ينهض حتى يقابلها، وهو ينظر لها من علياه بسبب طوله الفاره الذي يشبه طول انطونيو لكن أقل بالطبع، ثم ودون أن تشعر اختطف دفتره وهو يقول بخبث :

" ألم اخبرك من قبل ألا تلمسي شيئًا لا يخصك ؟!"

رمته روز بنظرة حارقة وهي تحاول اختطاف الدفتر منه لولا يد جايك التي ارتفعت وهو يردد بشر، يرفض فكرة أن تأخذ منه دفتره حتى وإن كانت جميع رسوماته بها تخصها هي :

" توقفي عن هذا هو ملكي "

ومجددًا تلك النظرة التي يعشقها، يا فتاة توقفي فقلبي لا يحتمل كل هذا اللطف، إن ظننتي بغباء أنكِ هكذا تخيفنني فانتِ اكبر بلهاء رأيتها في حياتي .

خرج جايك من حديثه مع نفسه على ضربة عنيف وصلت له، لينظر حوله بتعجب وهو يبحث عن مصدر تلك الضربة، ليشعر بضربة أخرى تصطدم في صدره، هذا المرة كانت الضربة اقوى، نظر حيث مصدر الضربات ليصدم بروز التي كانت تحمل بعض الحجارة الصغيرة وتلقيها عليه .

" ايتها المجنونة ماذا تفعلين ؟!"

ارتعبت روز من صرخاته وهي تركض بسرعة مبتعدة عنه صوب الصغير الذي كان مندمجًا في اللعب بالازهار، وكأنها تحتمي بالصغير منه .

همس جايك بعنف من بين أسنانه :

" ايتها اللعينة الصغيرة، سأريكِ روز "

____________________________________

كان فبريانو يقود سيارته صوب مهبط الطائرات الخاص بهم، وخلفه سيارة جاكيري التي تحمله هو ورفقة وسيلين وتوفيق، بعدما رفض هو رفضًا تامًا أن يأخذ أحد معه .

أخرج هاتفه النقال وهو يضغط بعض الأرقام قبل أن يضعه أمامه ويضغط على سماعه الاذن التي يرتديها وهو يقول :

" مرحبًا "

" من ؟!"

عض فبريانو على شفتيه وهو يستمع لصوت مالك البارد، يحاول كبت الرد التلقائي الذي يخرج في تلك الحالات، فهو يعلم مالك وغضبه :

" أنه أنا يا عزيزي "

" لا اعلم أحدًا يُسمى ( أنا) الرقم خاطئ "

وبهذه الكلمات المستفزة اغلق مالك الخط، لكن إن كان هو مستفز، فـ فبريانو سيد الاستفزاز؛ لذا أجرى فبريانو مكالمة أخرى وهو ينتظر الرد، حتى أتاه صوت مالك يقول بنفس البرود والاستفزاز :

" مَنْ ؟!"

" اعتقد من الأفضل أن تسجل الرقم باسمي حتى لا تتساءل كل مرة عن هويتي "

" ومن أنت؟!"

" حسنًا في المرة الأولى منعت نفسي بصعوبة من الرد عليك بشكل قد يجعلك تكرهني طوال حياتك، لذا لا تكرر ذلك السؤال مجددًا، فصدقني لن يعجبك ردي "

" وكأنني احبك حتى، ثم أنك تتواقح بشكل لن يفيدك "

وصلت لمالك ضحكة فبريانو العالية وهو يقول بجدية :

" وكأنني اود اكتساب رضاك مالك، والآن أخبرني أين أنت؟!"

" في المزرعة الخاصة بي "

بهذه السهولة تحدث مالك حتى جعل فبريانو يفتح عينه بعدم تصديق، وهو يردد بسخرية لاذعة :

" ما هذه الصراحة مالك ؟! يا رجل هكذا ستجعلني أحبك وانا لا أود ذلك"

" لا تفكر حتى في هذا الأمر المثير للأشمئزاز، إن انتهيت من هرائك هل تريد شيئًا آخر؟! "

" نعم، اريد التحدث مع روبين "

صمت هو كل ما وصل له من الجهة الأخرى حتى ظن فبريانو أن مالك فعلها مجددًا واغلق الاتصال في وجهه، لكن بالنظر للهاتف، مازالت المكالمة جارية، ثواني فقط حتى وصل له صوت جعل ضربات قلبه تتقافز مهللة، صوت اشتاقه كثيرًا حتى شعر أنه يود القفز عبر اسلاك الهاتف :

" مرحبًا "

" مرحبًا بالقبيحة الاجمل في حياتي "

____________________________

توقف جاكيري على جانب الطريق وهو يصرخ بعنف شديد في سيلين وتوفيق اللذان يقبعان في الخلف :

" اصمتا، فقط اصمتا "

نظر كلًا من سيلين وتوفيق لبعضهما البعض ثواني قبل أن يندفعا في الصراخ والتبرير والدفاع عن النفس قبل الطرف الآخر، وهما يكيلان الاتهامات لبعضها البعض بكل غضب ..

ارتفع صوت سيلين أكثر حتى تبرر نفسها أمام جاكيري :

" أخبرتك أن تدعني أنا اختر الموسيقى، لكن لا جاكيري العزيز يفضل عجوز غريب علىّ "

ولم يصمت توفيق بل اندفع بجيبها:

" هي الكركوبة دي بتتكلم بثقة كده ليه؟! هي مش شايفة نفسها عاملة ازاي؟! والله لولا أنك قد أمي أنا كان ليا كلام تاني معاكِ "

صمت وهو يعود للخلف قليلًا يضرب كفيه في بعضها البعض بحنق مرددًا :

" بعدين موسيقى مين يا ام موسيقى، أنتِ مسمية القرف اللي سمعناه ده موسيقى؟! طبعًا معذورة ما أنتِ مسمعتيش اسلام ساسو ولا موسيقى عبدالسلام، كنتِ عرفتي يعني ايه موسيقى وتوزيع على حق "

نظرت له رفقة بصدمة من حديثه وهي تحاول معرفة هل ما وصل لمسامعها حقيقة أم لا ؟!

" عبدالسلام واسلام ساسو ؟! بالنسبة لموسيقى عمر خيرت ؟! "

رد عليها توفيق بتعجب :

" مين عمر خيرت ده ؟! "

تدخلت سيلين في الحوار بحنق شديد :

" تحدثوا بلغة افهمها، ولا تستغلوا جهلي تجاه لغتكم، وابعدوا هذا العجوز عني "

اشتد غضب توفيق وهو يصرخ بغيظ :

" انا اللي مش عايز يقعد جنب الكركوبة دي، نزلوني اركب قدام ولا في في صندوق العربية، اي حتة بعيد عــ...."

توقف صراخ الجميع وهم يستمعون لصوت انفجار عالي، اتجهت جميع الأنظار صوب الانفجار ليروا أنه كان مسجل الصوت بعدما أطلق عليه جاكيري رصاصة من مسدسه يصرخ في غضب :

" سعداء الان؟! لا أود سماع كلمة حتى نهاية هذه الرحلة المقيتة "

أنهى حديثه وهو يتحرك بسيارته في سرعة مخيفة والجميع فقط يحدق به في صدمة ورعب، بينما رفقة نظرت للمسجل وهي تقول :

" جايك لن يعجبه ما فعلت بمسجل الصوت خاصته "

نظر لها وهو يجيب بسخرية :

" ليست اول مرة افعل به هذا، وليشكر ربه أن السيارة ستعود له قطعة واحدة "

______________________________

كان يستند على سيارته امام مهبط الطائرات وهو مازال يتحدث معها :

" إذًا هل تأكلين بشكل جيد، أم أن ذلك العجوز لا يطعمك ؟!"

" لا تقلق فبريانو انا أكل بشكل جيد، خاصة أن لا أحد هنا يأكل طعامي "

أنهت روبين كلماتها بسخرية مبطنة، لكنه لم يهتم وهو يقول بكل جدية وهو ينظر أمامه يتخيلها واقفة تبتسم له بحنق بسبب تناول طعامها، اه لكم يشتاق لها وبشدة، يشتاقها بشكل أضحى مؤلمًا لقلبه:

" اشتقت لتناول الطعام معك "

" حقًا فبريانو ؟! معي ؟! ام طعامي ؟!"

" هل يزعجك تناولي لطعامك ؟!"

وأجابت روبين دون لحظة تردد :

" نعم "

تنهد فبريانو وهو ينظر لسيارة جاكيري التي توقفت أمامه يقول ببسمة صغيرة :

" لا بأس، ساستمر في تناوله، فأنا لم اعد استطيع اتذوق طعامًا منذ رحلتي "

ضحكت روبين بخفوت وهي تردد :

" سأعتبر تلك مغازلة لطيفة منك "

" تريدينني أن اغازلك ؟!"

"يا ليت، حلمي أن اسمعك تقول كلمة واحدة لطيفة ؟!"

ابتسم فبريانو بسمة صغيرة، وهو يراقب جاكيري يصعد للطائرة وخلفه الجميع، يحمل الحقائب وصوت صراخه يعلو، لكنه لم يهتم وهو يردد بنبرة حنونة :

" أنا لستُ من ذلك النوع الرومانسي روبين، لكن كل ما استطيع قوله أنني الآن في حالة يرثى لها بعيدًا عنك، كطفل شريد ألقي على قارعة الطريق، ينتظر عودته لوالدته "

شعرت روبين بقشعريرة تسير في جسدها وهي تغمض عينها مرددة بحب :

" وحشتني اوي، وأنت دبش حتى وحشتني "

" وانا أيضًا احبك روبين، اعتني بنفسك قبيحتي الغالية "

سمع ضحكة خافتة تصل له :

" ألا يمكنك أن تكمل جملتك دون حديثك الفظ ذاك؟! "

" أي حديث فظ هذا؟! لقد غازلتك للتو، أنتِ لا تقدرين مجهودي الذي بذلته لنطق تلك الكلماتؤ والتي إن علم أحد أنني قلتها سأقتلك روبين "

" بل اقدر فبريانو، اقدر لطفك "

" تبًا لكِ ولي روبين، وتبًا لحبي الذي يمنعني من قتلك لقول تلك الكلمة "

وصلت له ضحكة روبين العالية يتبعها صوت مالك وهو يقول جوارها بصوته المستفز لكل خلايا فبريانو :

" لسه بتكلمي الاهبل ده ؟!"

اغمض فبريانو عينه بغضب :

" اقفلي يا روبين وارمي التليفون في وشه، أنا خلاص جاي، كركوب بينه وبين القبر خطوة ونص وماشي يخبط في الناس، بدل ما يقعد في بيته ويتبط "

صدمت روبين من حديث فبريانو السوقي، وكأنها نست لثواني أنه يتحدث لغتها، بل ويتقنها وكأنه أحد سكان مصر :

" يتبط؟! أنت متأكد انك مش من امبابة ؟!"

ضحك فبريانو بصوت مرتفع وهو يتحرك داخل الطائرة بعدما انتبه لإشارة جاكيري التي تخبره أنهم على وشك الاقلاع :

" لأجلك سأكون إن اردتِ، من اجلك سأكون أي شيء، والآن اعتني بنفسك ارنبي الوردي "

أنهى فبريانو كلماته وهو يجلس في الطائرة يرمق الهاتف بشوق، ثم دسه في ثيابه قبل أن يربط حزام الامان يسمع جواره صوت رفقة التي قالت بهيام غبي وقد نست أنه يفهم حديثها :

" حبيبي طيار قمور "

خرج صوتًا ساخرًا من فبريانو وهو يشير بعينه لمقعدها :

" طب اربطي الحزام بس؛ عشان الطيار القمور ده هياخدنا رحلة سعيدة للاخرة "

أنهى حديثه تزامنًا مع ارتفاع الطائرة بكل مهارة ثم بعدها بدأت تسير في مسارها المحدد، ليصفق توفيق وهو يحي جاكيري :

" والله الواد ده برنس "

ضحكت رفقة وهي تنظر لجاكيري بحب قبل أن تنتبه لغمزته لها وهو يبادلها البسمة بأخرى حنونة لطيفة، وهو يشير لها أن تقترب منه بعدما استقرت الطائرة في الجو، وكذلك فعلت رفقة فأخذت تفك حزام مقعدها وهي تسير جواره وعينها لا ترتفع عن خاصته، ثم جلست على المقعد المجاور لمقعده وهي تستمع لهمسته الحنونة :

" ها نحن نبدأ فصل جديد حبيبتي، واعدك أن كل شيء سيكون بخير "

نظرت له رفقة بحب وهي تردد :

" طالما أنت جواري جاكيري، سيكون كذلك، أنا اثق بك "

" وهذا كل ما أريده يا ذات الشعر المجعد "

ربتت رفقة على شعرها بلطف وهي تضحك لها، متجاهلة هي وجاكيري الحديث الدائر بين سيلين وتوفيق في الخلف، ويبدو أن الاثنين أخيرًا وجدوا شيء مشترك بينهما يشغلهمها عن الشجار .

ابعد فبريانو عينه عن الجميع وهو يعود برأسه للخلف ينظر للنافذة جواره بشرود كبير قبل أن يغمض عينه ببطء وهو يهمس بحنين شديد :

" ها قد اقترب لقائنا ارنبي الوردي، وعندها على جثتي أن ادعك تغيب عن عينىّ لحظة واحدة "

____________________________

لم تكن تلك سوى بداية صغيرة لما هو قادم، وتمهيد لما نحن على وشك عيشه، رفقة تلك العائلة .

اتمنى أن يكون الفصل نال اعجابكم، وانتظروا القادم .

دمتم سالمين
رحمة نبيل .

Continue Reading

You'll Also Like

2.4M 169K 70
النبذه :- فَي ذَلك المَنزل الدافئ ، المَملوء بالمشاعرِ يحتضن أسفل سَقفهِ و بين جُدرانه تِلك الطفلةُ الَتي كَبُرَت قَبل أونها نُسخة والدها الصغيرة ...
سكون -مكتملة- By .

Mystery / Thriller

1.4K 202 14
دق على الباب و هو يتصفح روايته ،لعل -اوركيدة-تفتح له،لكنها لم تفتح،فأخذ مفتاحه و فتح الباب قائلا : ما دام مش هتفتحي بتقوليلي ليه من الأول ما فتحش غير...
8.1K 558 19
حياتها كطبيبة في إحدي المصحات النفسية الكبرى كانت ناجحة و مستقرة، بخلاف تعاطيها للمخدرات بشكل إدماني في الخفاء بعيدا عن الأنظار!! هو ليس الشخص الذي ك...
451K 48.9K 11
مَن اراد عالمنا فـ ليدخُل اليه حتى كتابنا لم يُفهم من عنوانهُ