One Night

By dev_lana

1M 35.1K 6.9K

كان يجب أن يكون العمل هو كل ما جمع أشهر عارضة أزياء و أحد رجال الأعمال في إيطاليا لكن الامور أخذت مجرى آخ... More

1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
الأخير 22

21

40.5K 1.5K 288
By dev_lana

بعد تفوهها بتلك الكلمات لم تشعر الا بجسدها يرفع و شخص يدور بها في الهواء، كان أخاها الذي فرح بالأمر ربما أكثر منها، ربما لأن ضميره مازال يعذبه كل يوم على خسارتها لطفلها الاول بسبب الشخص الذي كان يعتبره زعيمه، صحيح أنه كان يجهل بأنها شقيقته حينها لكن مجرد التفكير في أنه كان على علم بما سيحصل لها و لم يفعل أي شيء يجعله يشمئز من نفسه مئة مرة

عندما شعر بها تكاد تفقد وعيها وضعها على الارض بحذر ثم كوب وجهها بين يديه ليمسح الدموع التي نزلت من عينيها و ضمها الى صدره بقوة و كأنه يريد إخفاؤها بين أضلعه، تعويضها و جعلها سعيدة و مرتاحة هو كل ما يهمه الان، لم يكن معها سابقا لكنه على علم تام بأنها أخذت قدر كافي من الألم في حياتها، و وجودها هنا و تلقيها للعلاج النفسي أكبر دليل على الخراب الذي يحدث داخلها

شق طريقه نحو الأريكة ليجعلها تجلس بجانب أوليڤيا التي مازالت تنظر الى جهاز اختبار الحمل بعدم تصديق، رمشت لثواني و كأنها تحاول استعاب ما يحدث ثم انتفضت من مكانها دون أي مقدمات و أردفت بتوتر: ماذا ان علم بالأمر و حدث مثل المرة السابقة، ماذا ان حاول أخذك قسرا .... اللعنة أشعر و كأن الماضي سيعاد الان ...

ابتعلت باقي كلماتها بعدما رمقها إيكون بنظرة تحذير و حينها فقط أدركت أن ما تفوهت به أثر على فايا كثيرا لدرجة أنها شردت بعيدا و أخذت تفكر بعمق في كل كلمة قالتها

قربها أخاها اليه أكثر و فرك ذراعها بلطف متمتما: لا تخافي، أنت لست وحيدة پاندتي أنا معك، لا أحد يستطيع إجبارك على فعل شيء لا تريدينه ..... لا أحد يعني لا أحد أنا أعني ما أقوله، حمايتك و سعادتك أنت و طفلك ستكون مسؤوليتي من بعد اليوم

لا تنكر أن كلماته خففت عنها كثيرا و جعلت جزء منها مرتاحا، لكن الجزء الآخر أصبح الان خائف على شقيقها، ما قاله الان كان بمثابتة وعد لها و كمية الاصرار في حديثه جعلتها تدرك أنه على استعداد تام للعبث مع ألكس و هذا ما لا تريده، هو قادر على قتله برصاصة واحدة أجل، لكنه الكاپو ألكساندر بيانيتشي غراي، كما لديه أعداء لديه أحلاف سينتقمون بأبشع الطرق لمقتله

بعد تفكير رفعت رأسها عن صدره و أمسكت يده لتردف بنبرة حزينة: هو لن يؤذيني من بعد الان إيكون، لقد وصلنا لنقطة لم يعد بإمكان أي طرف منا إيلام الآخر لذا أريدك أن تعدني بشيء الان

تركت تنهيدة تخرج من شفتيها ثم استرسلت كلامها: ان حدث و جاء ألكس الى هنا .... أنت لن تدخل معه في صراع و لن تحاول أذيته مهما حدث

حاول أن يعبر لها عن رأيه لكنها قاطعته بحدة: إن أذيته ستؤذي نفسك و تؤذيني ..... أنا لست مستعدة لخسارة شخصين مهمين في حياتي، أعلم أنك تحبني و تريد سعادتي ..... لكنني أيضا لا أستطيع التفريط بك بهذه السهولة إن كانت حياتك لا تهمك من أجلي فأنا تهمني، و لن أكون أنانية مرة أخرى و أتسبب في مقتل شخص بسببي خاصة إن كانت أنت، أنا بحاجتك معي

رأت ملامحه تلين قليلا بعد ما قالته و كأنه قد بدأ يقتنع بكلامها و الأمر حقا جعلها مرتاحة، عقد الجرائم الملتف حول رقبتها أصبح يخنقها كل ليلة، و ان تسببت الان في مقتل شخص آخر ستفقد عقلها حرفيا، خاصة إن كان هذا الشخص أخاها أو الرجل الذي أحبته و مازالت تحبه

قاطع جملة تفكيرها أوليڤيا التي تحدثت بتردد واضح: بايبي ما رأيك بزيارة الطبيبة غدا للتأكد من الأمر .... يعني أحيانا نتائج هذا الاختبار تكون كاذبة، أنظري أنا لا أقصد ازعاجك فقط لنتأكد و منها تطمأنين على صحة الجنين

كلامها كان منطقيا و هذا ما جعلها توافق عليه, مع ذلك استطاعت استنتاج الخوف و التوتر من نبرتها ربما لو لم تكن تخاف على مشاعرها لتمنت أن تكون نتيجة الاختبار سلبية، حسنا هي حقا لا تلومها على هذا ما عاشته بسببها لحد الأن من خوف و تهديد جعلها تهاب ألكس و كل ما يخصه حتى و ان كان الامر يرتبط بها أيضا

غيرت الموضوع لتشغل تفكيرهما و ناقشت مع أوليڤيا جدول أعمالها الذي وجدته أكثر كثافة مما توقعت، الأمر لم يبدو غريب جدا بالنسبة لها لأن هذا ما تكون عليه في بداية فصول الشتاء دائما، أسبوع الموضة يناديها بداية في نيويورك ثم باريس و ختامه في إيطاليا دون ذكر جلسات التصوير و المقابلات الصحفية و كذلك الحفالات

وقعت على بعض الأوراق التي تخص أعمالها القادمة و رفضت كل ما يتعلق بالسفر الى إيطاليا لأن العودة الى هناك آخر شيء تريده، بعد آخر عرض أدته في فلورنسا و الذي كان بعد أسبوع من ابتعادها عنه أقسمت بعدم الرجوع الى هناك مرة أخرى الى أن ترتاح كليا، لولا توقيعها على العقد لما عادت و أدت العرض من الأصل، لقد لازمها يومها التوترفي كل خطوة، كانت تنتظر حركة منه في أي لحظة، لكنه حطم كل توقعاتها بعدم ظهور طيفه حولها، هي من أرادت هذا، هي من طلبت منه الابتعاد أجل، لكن عدم ظهوره يومها جعل عاصفة من الحزن تهز كيانها خاصة و أنها متأكدة بأن خبر تواجدها في إيطاليا لا يخفى عنه

عادت الى واقعها على صوت أوليڤيا تحدثها بينما تفرك ذراعها بلطف: أنت متعبة الان اذهبي الى النوم و غدا سنناقش الباقي أنا سأتواصل من المحامي و الوكالات

اومأت لها بامتنان ثم وزعت نظراتها بينها و بين إيكون الذي كان مندمج كليا مع هاتفه و أردفت: ليلة سعيدة لكما

رد عليها الاثنان في وقت واحد لتستقيم بعدها و صعدت عبر السلالم الزجاجية الى غرفتها تاركة إياهما خلفها يتناقشان حول أمرها حتى أنها استطاعت سماع إيكون بوضوح يوبخ أوليڤيا عما قالته بخصوص حملها

تجاهلت حديثهما و بحثت عن كلبها أولا حتى وجدته في غرفة أوليڤيا يطل من شرفتها، الشكر للرب أنها لم تأتي الى هنا لأنها لو رأت هذا المنظر لأيقظت الأموات من قبورهم بصراخها

دون أن تعطيه أي إشارة اتبع خطواتها بهدوء حتى وصلت الى غرفتها، فور ما أغلقت الباب تبدلت ملامحها و غرقت عيناها بالدموع ككل ليلة، قرار الابتعاد كان قرارها و هي حقا ليست نادمة عليه لكنها غير قادرة على تجاوز شعور الفراغ الذي يغزو داخلها، لقد تعلقت به قبل أن تحبه حتى، و هذا ما جعل تأقلمها هنا بعيدا عما يخصه صعب، شقت طريقها نحو الشرفة حيث كروس الذي كان ينظر للخارج بتركيز و عيناه تتابع بدقة تحركات الناس حول برج إيفل، المنظر كان خاطف للأنفاس خاصة مع الثلوج التي تغطي المكان، وضعت يدها على حافة الزجاج الذي يحميها من السقوط أسفلا بينما أخذت يدها الاخرى طريقها الى بطنها، حدقت بشرود في الأضواء الملونة المعلقة خارجا في كل مكان حول الشجيرات و المتاجر بمناسبة حلول السنة الجديدة غدا، الامر حرفيا كان غير مهم بالنسبة لها، تأكيد حملها هو كل ما يشغل بالها، لقد عدت الأيام و الساعات فقط في انتظار تشكل ثمرة منهما داخل رحمها، هذا الطفل هو الوحيد القادر على جعل جروحها تشفى بشكل تام لتفتح صفحة جديدة بعيدا عن كل ما حدث في الماضي، لساعات ظلت على نفس وضعيتها، النوم رفض أن يزورها بسبب التفكير في الحاضر و المستقبل، من قال أن تفكير شخص بك يمنعك من النوم كان على حق لأنه أيضا لم يكن أفضل حال منها، رئتاه تكاد تحترق بسبب السجائر التي يدخنها منذ ساعتين واحدة تلو الأخرى، المكان حوله كان قد بدأ يهدأ قليلا بعد موجات من الصخب التي احتوت على الرقص، الغناء، التعاطي، الشرب، المضاجعة
كان يراقب كل شيء من مكانه، العالم كان سيء جدا من زاوية رؤيته، جميعهم كانوا يبدون كحثالة مضيعين للوقت و هو منهم!!، كمراهق لعين جلس هنا يتعاطى الهيرووين و يدخن بشراهة محاولا قدر المستطاع إبعاد فكرة الذهاب اليها و حملها و إعادتها الى دائرة هوسه لكن كل حواسه رفضت مساندته في الأمر و طالبت بها بشدة

قاطع جورج تفكيره بكلامه و هو يقدم له أوراق تخص العمل بارتباك: زعيم، الوفد الفرنسي ينتظر زيارتك للأرض في باريس بعد يومين للشروع في إنشاء الفرع المزدوج

ارتفعت زاوية شفتيه بشبح ابتسامة للعبة القدر التي تدور بينهما، رغم معرفته بمكانها و قبل دقيقة من الان كان يمنع نفسه من الذهاب اليها لكن هاهو القدر يقوده اليها، رمى آخر سيجارة له أرضا بإهمال ثم استقام من مكانه و قام بإطفاءها بحذائه قبل أن يشق طريقه ناحية السلالم بخطوات ثقيلة، اكتفى بإعطاء إشارة واحدة لرجاله بعيناه ليهرولوا بسرعة حيث كان يجلس قصد تنظيف المكان من الجثة التي خلفها، لحقه جورج بسرعة لأن حالته هذه لا يمكن الوثوق بها، آخر مرة رآها هكذا قام بذبح رجل وسط الشارع من الوريد الى الوريد فقط لأنه اصطدم به من غير قصد، لولا نفوذه و تغطيته للأمر بشكل متقن لكان الان مازال في السجن هذا إن لم ينفذ عليه حكم الإعدام

فتح له باب السيارة ليسند يده على حافتها و أردف بثقل و عيونه تكاد تغلق: أخبر الربان أن يكون جاهز .... خلال نصف ساعة ... سنسافر الى فرنسا
أومأ له و أغلق الباب بعد ركوبه و هو يلعن نفسه لأنه كان سيطلب منه تأجيل السفر الى الصباح بسبب حالته هذه و الشكر للرب أنه ابتلع ألفاظه في آخر لحظة و الا ربما كان لسانه الان في مكان آخر

قاد السيارة مباشرة الى المطار الخاص بينما يده تحاول كتابة رسالة الى تولين ليخبرها بأنه بخير للمرة العاشرة، لكنها على حق في قلقها، منذ ذهاب زوجته أصبحت لا تراه في البيت، يأتي مرة أو مرتين في الأسبوع يأخذ ما يحتاجه أو يجلس في مكتبه قليلا ثم يخرج مرة أخرى و لا تراه الا في صباح أسبوع آخر جديد، كل مرة تحاول أن تتحدث أو تطمأن عليه يكتفي بقول أنه بخير رغم أن كل شيء به كان يظهر لها عكس ذلك، قضت سنين و هي تعمل كطبيبة نفسية، اكتشاف حالته هذا أسهل أمر بالنسبة لها لكن حتى هذا غير مهم لأنها مهما حاولت أن تجري نقاش معه حول موضوع فايا قصد جعله يرى أمر ابتعادها من زاوية أخرى كان يقابلها بالرفض التام

توقفت السيارة أمام طائرته الخاصة تماما بعد مرور حوالي نصف ساعة، نزل جورج أولا و فتح الباب لزعيمه الذي كان غائب كليا عن هذا العالم مع ذلك لم يتجرأ على سؤاله أو حتى الاقتراب منه اكتفى فقط بتتبع خطواته التي كانت تسير ناحية السلالم حيث تنتظرهما المظيفة بإبتسامة مشرقة ليس و كأنه تم إيقاظها من نومها على الساعة الثانية صباحا في هذه الأجواء الباردة

تجاوزها الاثنان بعدم إكتراث لترحيبها بهما، اتخذ ألكس مقعده المريح على الفور و ضغط على الزر بجانبه ليتوسع أكثر حتى أصبح أشبه بسرير، فتح أزرار قميصه بإهمال و مدد قدماه معيدا رأسه الى الخلف

منظره المبعثر جعل حرارة تلك المتسمرة خلف الستائر ترتفع بشدة، عيناها فحصت كل إنش من جسده، وجهه، عضلاته الصلبة، وشومه الغير مفهومة التي تغطي جلده بداية من رقبته، عضت شفتيها بقوة عندما سقطت عيناها على على انتصابه، لم يكن عليها التفكير بالأمر أو الاقتراب مع ذلك فعلت بكل سذاجة ظنا منها أن مضاجعة امرأة هو كل مبتغاه الان
وضعت الصينية الفولاذية التي كانت تحمل زجاجة المشروب و الكؤوس مع قطع من الثلج و قامت بفتح الأزرار العلوية من قميصها الأبيض و جعلت صدرها يبدو ظاهرا بوضوح ثم أزالت ربطة شعرها الطويل لتعدله و وضعت القبعة الخاصة بعملها كمظيفة

حملت الصينية مرة أخرى بعدما قامت بتعديل مكياجها و أزالت الستائر لتقاطع خلوته مردفة بصوت أنثوي رقيق: سيدي، لقد أحضرت لك المشروب

تحطمت كل آمالها عندما أشار لها بيده كي تضعه على الطاولة دون أن يكلف نفسه حتى عناء فتح حدقتيه و النظر لها، نفذت أمره ثم اقتربت منه بتردد و نادته بصوت خافت: سيدي ... يجب أن تضع حزام الأمان الربان أعلن عن الإقلاع

رأته يفتح عيناه بإنزعاج هذه المرة لكن بصره ظل معلق على ظلام الليل الذي يظهر من خلف النافذة الصغيرة، تدريجيا بدأ يلتفت لها بعدما شعر بيديها تحاولان ربط حزام الأمان حول خصره لكن حركاتها، نظراتها، لمساتها، صدرها الظاهر من قميصها الذي تحاول أن تلفت انتباهه من خلاله، كل شيء كان واضح بالنسبة له مع ذلك لم يقل شيء و اكتفى فقط بالنظر اليها بتخدر، الأمر جعلها تحلق في السماء من السعاد، فقط لو تعلم أنه يرى امرأته فقط وجهها لا يفارق خياله حتى و هو صاح، فما بالك ان كان منتشي كليا كالآن

انهت ما كانت تفعله و ابتعدت عنه بهدوء لتردف بخيبة : أ تريد شيء آخر سيدي

رأته يفتح الحزام الذي ربطته قبل أن يشير لها بأصابعه كي تقترب و على الفور عادت أدراجها و هي تجهز نفسها لقضاء ليلة جامحة تطفأ نيرانها

كان جورج يتفقد تجهيزات السفر لآخر مرة قبل الإقلاع عندما سمع صوت صراخ عال لفتاة و دون أي تفكير ركض مباشرة الى الجناح الخاص بزعيمه و كما توقع الليلة لن تكتمل دون ارتكابه لجريمة، بكل برودة دم كان لا يزال جالس على مقعده يده الأولى تبثت تلك المظيفة من شعرها لتقربها منه و يده الأخرى تقوم بشق صدرها الى نصفين بواسطة السكين، لدقائق ظلت تتحرك بعنف من الألم و هي تحاول النجاة بحياتها لكن هيهات، مزق لحمها و قام بقطع أثدائها دون رحمة الى أن فقدت قوتها و أنفاسها هنا فقط حررها من قبضته لتسقط أرضا أمام قدمي جورج بعيون مفتوحة على مصرعيها، انحنى قليلا ليضع السكين على الطاولة و أخذ صندوق المناديل ليباشر بتنظيف دماءها التي لوثت يداه ثم بكل هدود مدد جسده مرة أخرى و اكتفى بالإشارة بسبابته الى جورج ليفهم ما يريده، بصمت تام انحنى و جمع جثتها و أخرجها من هناك لينظف الجريمة كما لو أنها لم تحدث إطلاقا

مرت ساعات الليل و حل النهار و كانت طائرته قد حطت بالفعل في الأراضي الفرنسية بينما تحديدا في باريس أو كما تسمى مدينة العشاق كانت زوجته تقود سيارتها الى عيادة الطبيبة رغم أن الوقت مازال مبكرا جدا لكن ما عساها أن تفعل و هي تفكر بالأمر طوال الليل، رن هاتفها باتصال من أخاها و الذي علمت أنه استيقظ للتو فقط و أدرك عدم تواجدها، ردت على اتصاله لتسمع صوته الناعس من خلال السماعات التي كانت تضعها: أين أنت الوقت مازال مبكرا و لما خرجت دون سائق و حراسة

أرادت حقا أن تشتمه في هذه اللحظة، صيغته في الكلام تشبه الى حد ما صيغة ألكس، الاستجواب، الأمر، كل هذا يبدو أنها لن تنتهي منه،أوقفت السيارة بسبب ضوء الإشارة الأحمر و أجابته و هي تنزل أصابعها على المقود واحد تلو الآخر بنفاذ صبر من عرقلة السير: أنا في طريقي الى الطبيبة هذا أنسب وقت للخروج بالنسبة لي سيكون المكان خال من الصحافة و المصورين

همهم لها و ظل صامت لفترة حتى نادته ظنا منها أنه عاد للنوم، لكنها لا تعلم بأنه فقط مشغول بمن يحاول العبث في موقعه، حاسوبه كان يرسل إشعارات إنذار كثيرة تخبره بمحاولة شخص لإختراق حسابه في الانترنت المظلم، بنبرة هادئة أجاب فايا رغم الغضب الذي بدأ يظهر على ملامحه: پاندتي اعتني بنفسك جيدا، سأبعث الحراس الى موقعك خلال دقائق لا تغيبي عن ناظرهم و أخبريني بكل ما يحدث معك اتفقنا

شقت ابتسامة سعيدة شفتيها قبل أن تردف: اتفقنا سأفعل لكن لا ترسل جيش من الرجال فقط واحد أو اثنين لا أريد أن تكوني العيون كثيرة علي

همهم لها بشرود للمرة الثانية ثم ودعها و إنشغل بعمله بعدما قام بإرسال جيش الى مكانها لكنه أعطاهم تعليمات صارمة بالبقاء بعيدين عنها ما عدا إثنين كما طلبت بالفعل

نظرت بدورها الى الإشارة التي تحولت من اللون الأحمر الى الأخضر و على الفور حركت سيارتها مرة أخرى مكملة وجهتها و ما هي الى ربع ساعة حتى وجدت نفسها في المرآب الخاص بالعيادة، أوقفت سيارتها ثم أزالت السماعات عن أذنها و أخذت هاتفها و حقيبتها لتنزل و هي تحاول إخفاء وجهها عن المتواجدون هناك من عمال قدر المستطاع تفاديا لإيصال الخبر الى الصحافة

استقبلتها الممرضة باحترام فور دخولها و قادتها الى غرفة الطبيبة مباشرة و التي رحبت بها بنفس القدر من الاحترام و السعادة، جلست على المقعد أمام مكتبها أولا لتسمح لها بتسجيل معلوماتها و حالتها الصحية ثم شقت طريقها نحو السرير بعدما طلبت منها أن تستلقي هناك و ترفع قميصها و هذا ما فعلته بالضبط

وضعت الطبيبة مادة لزجة على بطنها ثم أخذت تمرر الجهاز الكاشف فوق جلدها ببطئ و هي تتابع الصورة الرمادية التي تنعكس في الشاشة بتركيز مثل ما كانت تفعل فايا تماما عيناها لم ترمش و لا لحظة، خفق قلبها بسرعة عندما أوقفت الطبيبة الجهاز في مكان محدد على بطنها ثم رفعت يدها لتؤشر لها بسبابتها في الشاشة على كائن صغير شكله غير واضح متحدثة بلهجة فرنسية مطلقة: انظري، هذا هو الجنين، إنه جد صغير و يبدو غير واضح لأنك في الأسابيع الأولى

تنفست براحة و غمرت السعادة داخلها لدرجة لا توصف، عيناها لمعت بالدموع و هي تحدق في صغيرها الذي يتربع في أحشائها، هذا أقل شيء كانت تستحتقه بعدما كل ما عاشته، هذا الطفل الذي لم ير النور بعد استطاع أن يمد والدته يد العون للخروج من المستنقع المظلم الذي كان يبتلع روحها، في هذه اللحظة فقط شعرت بأنها ولدت من جديد لتعيش الحياة التي تستحقها و تريدها بعيدا عن كل ما يؤذيها، لكن السؤال المطروح هو إن كانت حقا ستتمكن من المضي في الطريق المستقيم و هي تعيش مع أخ قاتل من جهة و من جهة أخرى تهيم في عشق رجل مريض يحاصرها بهوسه

أبعدت كل ما هو سلبي عن تفكيرها عندما شعرت بالطبيبة تمسح على بطنها بواسطة مناديل لتنظيف تلك المادة اللزجة التي وضعتها سابقا ثم تركتها تعدل قميصها بينما شقت هي طريقها الى مكتبها لتجلس على المقعد موجهة لها الكلام: بما أنك عارضة أزياء فأنا متأكدة من أنك تتبعين برنامجا محددا للأكل لذا لن أعطيك أي برنامج آخر الا إذا أنتِ أردت التغيير

حركت رأسها نفيا و تقدمت منها مجيبة إياها: أفضل أن أبقى على نفس البرنامج حاليا

اومأت لها بتفهم لتسجل بعدها رقمها كي تبقى على تواصل دائم معها عسى أن تكون مرتاحة لأن جزء خفي منها بدى خائفا بسبب التفكير في ما حدث سابقا

أخذت حقيبتها و غطت نصف وجهها بالقلسونة الملتصقة بسترتها و خرجت من الغرفة لتقابل عدد من النساء يجلسن على مقاعد الانتظار و كم ارتاحت لأنها فضلت أن تأتي في وقت مبكر تفاديا للوقوع في هذا الموقف، قبل أن تخرج من العيادة كليا سمعت صوت الممرضة تناديها بينما تركض نحوها و كم لعنت حظها خاصة بعدما قدمت لها دفتر صغير باللون الأحمر و أردفت بلكنة إيطالية ثقيلة: أنا معجبة بك كثيرا، هل يمكنني الحصول على توقيعك

ابتسمت لها بلطف و أخذ منها قلم لتوقع لها بسرعة و هي تحاول إخفاء وجهها قدر المستطاع ممن يحاولون التعرف عليها و البعض كان قد بدأ حقا بإلتقاط الصور، خرجت مسرعة لتقابل رجلين يقفان أمام سيارتها يبدو أن أخاها نفذ كلامها، فتح لها أحدهم باب المقعد الخلفي لتركب على الفور تزامنا مع رنين هاتفها معلنا عن وصول رسالة، فتحته و قرأت ما بعثته أوليڤيا، كانت تطلب منها القدوم الى الكافتيريا بسرعة، أعطت العنوان الى السائق و على الفور إنطلق آخذا إياها الى وجهتها

الطريق أخذ منها حوالي ربع ساعة قبل أن تتوقف السيارة، فتح لها السائق الباب لتنزل و هي تحاول إخفاء وجهها بينما حراسها يقومون بتغطيتها قدر المستطاع دون إثارة الجدل، دلفت الى المحل من الباب الزجاجي لتضرب أنفاسها رائحة الكرواسون الطيبة التي تحبها، في تلك اللحظة كادت أن تنسى أوليڤيا كليا، ببدو أن جنينها بدأ يعطي تأثيره عليها بمطالبتها بالأكل، تقدمت منها النادلة بابتسامة مشرقة و هي ترتدي بدلة عملها المكونة من تنورة سوداء ضيقة و قميص أبيض بينما تضع فوق رأسها قبعة بيضاء مدون عليها اسم المحل، رحبت بها و أشارت لها على الطاولة حيث كانت تجلس أوليڤيا، في الأصل المحل لم يكن فيه غيرها و هذا جعل فايا تستغرب نوعا ما لأن عادة المكان هنا لا تجد فيه مقعد لتجلس عليه خاصة في الصباح

شقت طريقها ناحية الطاولة و كلما اقتربت أكثر كانت تكتشف أنها لا تجلس لوحدها الأريكة العملاقة فقط كانت تغطي الشخص الذي يجلس مقابل لها، رأت ملامحه بوضوح كان رجل أربعيني ذو بشرة حنطية و شعر كستنائي مسرح على الطريقة العصرية، بدلته الرسمية و جلسته لا تدل على أنه مجرد حارس أو مساعد بل القائد بنفسه، نقل بصره من أوليڤيا و نظر لها بأعين زرقاء لامعة ذكرتها بشخص تحاول إبعاده عن تفكيرها كل دقيقة و كل ثانية، ابتسم لها بلطف و استقام من مكانه ليمد لها يده باحترام متحدثا بلهجة إيطالية ثقيلة: سررت جدا بمقابلتك وجها لوجه سنيورة، أنا كاسبر فلانتين

تنهدت داخلها بملل و صافحت يده و هي تبتسم بتكلف، ثم جلست بجانب أوليڤيا و هي تتوعدها بنظراتها على الموقف الذي وضعتها فيه اليوم، الرجل دعاها الى حفلته و هي رفضت دعوته بكل احترام و وضعت ألف حجة هذا الاجتماع المحرج حرفيا كان آخر شيء تريده

جلس هو مكانه أيضا مقابل لهما و استدار قليلا لينادي أحد الموظفين و على الفور استغلت فايا الفرصة لتهمس لأوليڤيا: سأطحن جسدك بين يدي الليلة كوني جاهزة

سمع شيء من همسها مع ذلك لم يفهم ما قالته لأنها كانت سريعة في كلماتها و صوتها خافت، نظر لهما بطرف عينه لتبسم أوليڤيا بغباء متمتة بين أسنانها: هزيم الرعد نقل لك عنفه و بجدارة، أهنئه

صمت عندما لم تتلقى أي جواب ثم همست لها مرة أخرى: ماذا قالت الطبيبة

لم تستطع فايا أن تجيبها لأن نظره و تركيزه كليا أصبح معلق عليهما لذا اكتفت برسم علامة إيجاب بسبابتها على ركبتها، طلبت من النادل أن يحضر لها عصير الموز مع الكرواسون بالشوكولاطة و المكسرات مما جعل كاسبر يعلق باستغراب: ظننتك تتجنبين كل هذه المأكولات، يعني بما أنك عارضة

هرومانتها المتقلبة كانت ستجعلها تجيبه بعصبية لولا أوليڤيا التي ضغطت على فخذها لتعود الى وعيها، حممت منظفة حلقها ثم أجابته بنبرة هادئة: أحيانا أحتاج الى التخلي عن مهنتي و التصرف بحرية

اومأ لها بتفهم و هو يتابع حركة شفتيها بطريقة جعلتها تحبسهما، قاطع لحظتهم وصول النادلة و هي تحمل بين يديها طلبية كل واحد منهم، وضعت القهوة أمام كاسبر و عصير الأناناس أمام أوليڤيا ثم رتبت لفايا ما طلبته أمامها لتباشر على الفور بالأكل و هي تتلذذ بكل لقمة غير آبهة بالأعين التي تنظر لها

ارتشف كاسبر من قهوته قليلا ثم وضع كوبه على الطاولة ليشابك أصابعه قائلا: إذن، منذ أيام وصلني رفض منك لحضور الحفلة، و لأكون صريحا أنا حقا مستاء من الأمر و هذا ما قادني الى طلب الاجتماع بك اليوم

أخذت فايا منديل أبيض و نظفت به شفتيها قبل أن تجيبه برسمية: سيد فلانتين أشكرك كثيرا على دعوتك لي، لكنني لا أظن أنني سأكون قادرة على حضور حفلة في الوقت الراهن

اومأ لها بتفهم و ارتشف القليل من قهوته ثم واصل حديثه: بالطبع لكل واحد منا ظروفه، مع ذلك مازال عندي أمل أخير في موافقتك، لقد كنت أتابعك منذ مدة و عندما علمت بأنك في فرنسا أردت تنظيم حفل على شرفك، إنها أول مرة نتقابل و سأكون مسرورا جدا إن افتتحنا سنة جديدة مع بعضنا البعض الليلة و منها نتعرف أكثر

ابتسمت أوليڤيا بحماس كبير و كأن الكلام موجه اليها بعكس فايا تماما التي بدت مترددة كثيرا، الرجل كانت تسمع اسمه من بعيد، رجل أعمال و سياسة ذو نفوذ و قوة لما قد يترك كل أعماله و يأتي الى هنا فقط كي يطلب منها شخصيا الحضور لحفلة، الفكرة بدت لها غريبة الى حد جعل الشكوك تتراود الى عقلها، مع ذلك كان من المحرج بالنسبة لها أن ترفض بعد كل هذا، ابتسمت له بزيف و أردفت: أنا حقا أشكرك عن كل هذا،أظنني غير قادرة على الرفض بعد الان سيد فلانتين

اتسعت ابتسامته و أجابها مصححا كلامها: كاسبر، ناديني كاسبر

زمت شفتيها و رمشت بنفاذ الصبر و الشكر للشخص الذي اتصل به في هذه اللحظة و جعله يستقيم و الا كانت حقا ستفجر ما كانت تحبسه داخلها من غضب و عصبية رغم أن الرجل حقا لم يفعل لها شيء لكن هرموناتها جعلتها تراه مستفز

عاد اليها بعد دقائق و أردف باستعجال: أنا حقا أعتذر لقد ورد لي عمل طارئ و يجب أن أذهب، أراكما مساءا في الحفل سيداتي الجميلات

اومأت له فايا بابتسامة مزيفة و هي تنتظر اللحظة التي سيخرج فيها من هنا بفارغ الصبر، أخذ سترته و هاتفه ليودعهما لآخر لحظة، حدقت به و هو يبتعد عن ناظرها حتى اختفى كليا و دون إضاعة ثانية أخرى التفتت الى أوليڤيا و همست لها: فلنذهب للسيارة هناك مصور خارجا دعيني لا أرتكب جريمة أمامه

نظرت خلفها من الزجاج لترى فعلا رجلا يحمل الكاميرا و يقوم بالتقاط صور لهما، لعنته في سرها و استقامت من مكانها تلحق بها و فور خروجهما استقبلهما وفد من الصحافة الفرنسية بأضواء كاميراتهم المزعجة، تدخل حراسها على الفور و الذين الان فقط اكتشفت أن عددهم لم يكن فقط اثنين كما رأت لكنها حقا ممتمة لإيكون على هذا، حاوطوها من كل مكان حتى ركبت السيارة مع أوليڤيا التي لم تسلم أيضا من أسألتهم الغير عقلانية، تنفست الصعداء و كانت ستتنهد براحة لولا اليد التي قبضت على شعرها بعنف، حرفيا فقدت كل أعصابها لدرجة أنها أصبحت تدفعها و تعيدها اليها و هي تصرخ بغضب: كيف تضعين لعنتي في هذا الموقف عليك اللعنة، لقد أخبرت الرجل بأنني سأسافر و لا أستطيع حضور الحفل، تبا لك أنت عدوة أم ماذا أوليڤيا

أمسكت الاخرى شعرها أيضا عسى أن تستسلم و تتركها بينما تجيبها بصعوبة بسبب الألم: عليك اللعنة، لقد فعلت هذا من أجلك، الرجل قادر على جعلك وزيرة و أنا يدك اليمنى

فايا: من أخبر لعنتك بأنني أريد أن أكون وزيرة، أتركي شعري الان بسرعة

أوليڤيا: أتركي أترك

فايا: ستتركين أولا لأنني الحامل هنا

حرفيا كلاهما أصبحا كالأطفال حتى السائق كان مصدوم منهما، فايا لديها هرمونات الحمل كعذر أما أوليڤيا فيبدو أن العدوى انتقلت لها فقط، بعد صراع طويل تركت الاثنتان بعضهما البعض لتجلس كل واحدة في زاويتها تعدل شعرها بغضب، عادت فايا الى طبيعتها و وجهت كلامها للسائق بكل رواء و كأن شيء لم يحدث: خذني الى متجر ديور أريد أن أتسوق

قبل أن يمد يديه الى المفاتيح لتحريك السيارة ورده أمر صارم من أوليڤيا التي مازالت تبدو غاصبة: خذني الى البيت

نظرت لها فايا بطرف عينها ثم أمرت السائق بالإنطلاق على الفور الى المحل، هدفها لم يكن إزعاجها أو معارضتها عمدا هي فقط لا تحب التسوق بدونها إضافة الى ذلك لا تستطيع تركها غاضبة

بعد مدة قصيرة شعرت بالسيارة تتوقف، ترك السائق مكانه و نزل على الفور ليفتح لها الباب أولا ثم لأوليڤيا، تسارع الحراس اليهما على الفور بالمظلات نظرا لسقوط الثلوج، عند الوصول الى المحل أشارت لهم فايا بالتوقف و الانتظار خارجا لأنها على علم تام بأن هذا المكان لن تجد فيه أي كان من الناس، فقط الشخصيات المشهورة أو أفراد الطبقة المخملية من يبتاعون أغراضا من هنا

فتح لهما موظف الاستقبال الباب الزجاجي بابتسامة لطيفة و أشار لهما بيده مرحبا بهما في المحل الذي كان يطغى عليه الطراز العصري بمزيج من الألوان الداكنة كالبني و الأسود و ألوان فاتحة كالأبيض و البيج

تقدم منهما رجل في بداية الخمسينات ببدلة بيضاء رسمية استطاع كلاهما تمييزه على انه مدير المحل كما تعرف هو عليهما ببساطة نظرا لتداول اسميهما في فرنسا كثيرا، صافحهما باحترام ثم قادهما الى غرفة الجلوس في الطابق الثاني حيث قام الموظفات بعرض المجموعات الأخيرة من الفساتين الراقية، البدلات، الأحذية و الإكسسوارات إضافة الى العطور الفرنسية التي تم تقديم الكثير منها لهما كهدايا

بعد مرور أكثر من ساعة خرجت كلتاهما من المحل ليأخذ الحراس منهما مشترياتهما و فتح لهما السائق الباب ليدخلا على الفور

نظرت فايا لأوليڤيا التي عادت الى تكبرها ليس و كأنها نفس المرأة التي جعلتها تجرب كل فساتين المحل منذ قليل، اقتربت منها بهدوء لتهمس لها: هيا يا صغيرة لما تكابرين كثيرا

فتحت عينيها و أدارت رأسها اليها متمتة بتعجب: يا صغيرة !!، سحقا لقد جعلتينني أتذكر هزيم الرعد خاصتك، أين الصغيرة، هل نامت الصغيرة، تلك الصغيرة ملكي

عقدت حاجبيها باستغراب لتسألها: متى كان كل هذا

ترددت قليلا ثم أجابتها: في الفترة التي سافرنا فيها الى كندا بعدما فقدت طفلك

قبل أن تسمح لها بالغوص في ذكرياتها المؤلمة واصلت كلامها بسخرية: حقا جعلني أشعرر و كأنني مربية طفلته

بهدوء وضعت فايا رأسها على كتفها و ابتسمت في الخفاء بينما تتحس بطنها بحب، هرمون السعادة تدفق داخلها لمجرد سماع بضع كلمات عصفت بها الى لحظات جميلة كانت بينهما و لوهلة أضعفها قلبها مرة أخرى و جعلها تشتاق له بشدة لدرجة الرغبة في العودة و انتشاق الهواء من نفس محيطه

لكن ماذا لو كانت الان بالفعل تسنشق الهواء من نفس محيطه !

في إحدى أفخم فنادق باربس و بالتحديد فندق بولغاري (bulgari) كان في غرفته التي قام بحجزها يجلس على الأريكة العملاقة المصنوعة من الجلد يضع حاسوبه فوق ركبيته بينما أنامله تتحرك بسرعة على الازرار، رحلته الى هنا استغرقت حوالي ساعتين و منذ وصوله و هو يحاول إشغال نفسه قدر المستطاع بأعماله كي لا ينصت الى ما تطالب به روحه

طرق خفيف على الباب قاطع تركيزه مع ذلك واصل ما كان يفعله و لم يتحرك من مكانه إلا بعدما تأكد من إرسال الإيمايل لعملاءه في إيطاليا

أدخل البطاقة ليفتح الباب و دخل منه جورج حاملا بعض الأكياس و العلب الذي كان هو قد طلبها سابقا من بدلات و أحذية لأنه لم يحضر أي شيء أثناء سفره، رتبهم على الطاولة التي تتوسط الغرفة بينما جلس ألكس مرة أخرى على الأريكة و سحب حاسوبه مرة أخرى مردفا: وصل المهندس المعماري أم ليس بعد

جورج: سيكون في المكان خلال ربع ساعة و الوفد الفرنسي أيضا

ألكس: جيد، جهز السيارة أنا قادم

عاد الى عمله دون أن يتفوه بكلمة أخرى بينما جورج ظل يقف هناك ينتظر أي أمر منه بخصوص زوجته لكن لا شيء، عندما سافروا في تلك الساعة من الليل ظن أن الأمر يتعلق بها أكثر شيء لكن برودة أعصابه و جفافه هذا حطم كل توقعاته

خرج من أفكاره عندما أبعد بصره عن الحاسوب و رمقه بنظرة متسائلة، طأطأ رأسه باحترام و استدار على الفور ليشق طريقه الى خارج الغرفة قصد إخراج السيارة من المرآب و انتظاره

دقائق فقط و نزل بالفعل بعدما قام بتغيير ثيابه الى بدلة رسمية باللون الأسود، يده اليمنى كانت تمسك بعض الملفات و التصميمات الخاصة بمشروعه و أما يده الأخرى كان يعلق عليها سترته ليرتديها لاحقا، شق طريقه الى خارج الفندق حيث كان جورج ينتظره أمام السيارة و فور وصوله فتح له باب المقعد الخلفي ليجلس مكانه ثم اتجه هو بدوره الى مقعد السائق ليقود السيارة الى المكان المحدد و الذي كان يبعد عن الفندق بما يتجاوز النصف ساعة بدقائق

انشغل لما يقارب 3 ساعات في مناقشة تصميم المنتجع مع الهندسين و فريق العمل الفرنسي التابع له، عندما أنهى دراستة كل النقاط كان قد حل المساء بالفعل و الجو أصبح أكثر برودة، تفرق الجميع و ذهب كل واحد الى وجهته لم يبقى فيه سواه، وقف هناك وسط الأرض الخالية يحدق بشرود في مياه النهر العذبة و بين شفتيه سيجارة تدفأ أنفاسه، نفث الدخان من فمه ليختلط مع نسمة الثلج الباردة ثم نطق بجفاف: أخبر الربان أن يكون جاهز خلال نصف ساعة، سنعود لإيطاليا

و لمرة أخرى حطم توقعاته، من جهة كان يحضر كل امرأة تشببها حتى لو كانت في آخر بقعة على وجه الأرض فقط كي ينظر لها لدقائق ثم يقتلها لأنها ببساطة ليست هي ، و من جهة أخرى عندما أصبح هنا قريب منها لم يحاول حتى رؤيتها، حرفيا لا أحد قادر على تخمين الطريقة التي يفكر بها، نفذ طلبه دون مناقشة و راح يكلم الربان على الهاتف في حين ترك ألكس سيجارته و شق طريقه نحو السيارة، ثواني فقط و لحقه الآخر لينطلق عائدا مباشرة الى الفندق

عند وصولهما توجه كل واحد منهما الى غرفته لجمع أغراضه، أغلق ألكس الباب و أدخل البطاقة في الفراغ الموجود في المقبض لتشتعل أضواء الغرفة تلقائيا، استدار ليواجه ذلك الجالس على أريكته يدخن بكل أريحية و عيناه تطلق الشرارة نحوه، تنهد يخفف من أعصابه التي بدأت تعبث بعقله و شق طريقه اليه بخطوات بطيئة مردفا بنبرة هادئة مميتة: إذن أنت تتعقبني

حرك رأسه بإيماءة متوعدة ثم جلس على الأريكة المقابلة له، مد يده الى خصره و أخرج سلاحه ليتفقد مخزون الرصاص بتركيز مواصلا حديثه بنبرة تهديد واضحة: كونك أخ زوجتي لا يعطيك الحق في تعقب مكاني و التسلل الى غرفتي، لا تختبر صبري إيكون لأن أختك لن تكون حاجز وقاية بيننا

ارتفعت زوايا شفتيه بابتسامة ساخرة ثم انمحت في لحظة واحدة و تم استبدالها بغضب جعله يجيبه بعدم إكتراث لتهديداته الصريحة: ما الذي تفعله هنا

ألكس: هل علي أخذ الإذن منك لأسافر !!

إيكون: أنت تعلم جيدا ما أقصده بسؤالي، لقد وضعنا اتفاق ان كنت تذكر

اومأ له بسخرية دلالة على تذكره للاتفاق الذي جرى بينهما بعد أسبوع فقط من سفرها حين عادت لإيطاليا من أجل عملها و الذي كان ينص على أن يحترم ألكس رغبتها في الابتعاد و عدم الاقتراب منها بأي شكل من الاشكال، و مقابل هذا إيكون سيتولى أمر إبعاد الجنس الذكري عنها كل البعد

أخرج سيجارة و وضعها بين شفتيه و قام بإشعالها من خلال ولاعته الذهبية ثم أجابه: و أنا مازلت عند وعدي

قبل أن يجيبه إيكون رن هاتفه مقاطعا إياه ليسحبه من جيبه و للصدفة كانت شقيقته، نظر لألكس و وضع سبابته على شفتيه كإشارة كي لا يحدث أي صوت قبل أن يرد عليها: مرحبا پاندتي، كل شيء بخير؟

فايا: أجل ظننتك لم تقرأ رسالتي لذا اتصلت كي اخبرك بأن نتيجة الفحص إيجابية

رفع بصره لألكس الذي كان يطلب منه أن يفتح مكبر الصوت لسماعها، الأمر الذي جعله عاجزا عن التعبير لذا نفذ طلبه و تحدث مغيرا الموضوع على الفور قبل أن تقول شيء آخر: ما هذا الضجيج حولك

فايا: أنا الان في مركز التجميل سأذهب لحفلة كاسبر فلانتين مساءا، لقد قابلني اليوم شخصيا و أصر على حضوري لم أستطع الرفض

كل شيء كان بخير، لوهلة كان سيستمتع بسماع صوتها الأنثوي بعد هذا الغياب لكن ما تفوهت به جعل شياطينه تستيقظ

لدقائق ظل يتبادل النظرات مع إيكون الذي علم من الان أن اليوم لن يمر بسلام، بارتباك واضح ودعها و أنهى المكالمة ليستقيم من مكانه قائلا: انت يجب أن تعود الى ايطاليا، لا تحاول الاقتراب منها هي بالكاد تحاول الصمود حتى تستعيد نفسها دعها تعيش حياتها كما تريد

سحب جرعة من النيكوتين السام يخفف بها غضبه ثم أجابه ببرود: أي حياة ! أترك كل مخنث لعين يقترب من امرأتي كما يحلو له !

إيكون: لا يمكنك استعمال القوة معها، ان أرادت أن تبدأ حياة جديدة مع رجل آخر

رصاصة خرجت من مسدسه جعلته يصمت و ينخفض بسرعة البرق لتخترق الجدران بدل رأسه، كونه قاتل مأجور يفيده كثيرا في دراسة الخطوة القادمة لأي مجرم مثله، و ما فعله ألكس كان متوقع خاصة بعد كلمات فايا

ابتسامة ساخرة شقت وجهه بينما الآخر وضع مسدسه على الطاولة بهدوء ثم استقام من مكانه يطوي أكمام قميصه الى الأعلى لتكشف وشومه و عروقه التي أصبحت أكثر بروزا من الغضب، حدق به بعيون محمرة من الغضب و أردف بعصبية: باللطف أو القوة تلك الصغيرة صغيرتي، ملكي لوحدي لم تلده عاهرة من سيشاركني فيها أنا بالكاد اتحملك أنت

كلماته لم تشكل له أي صدمة هو فقط الان يعيش لحظة إدراك ما كانت تعيشه شقيقته من تملك و هوس مع شيطان لا تهمه سعادتها بقدر ما يهمه أنها في قبضته

تنهد بقلة حيلة ليجيبه و هو ينسحب للخروج من هنا: للأسف ستتحملني برغبتك أو بدونها هذا أولا، ثانيا لا تفتعل أي مشكلة أنا سأحل أمر الحفلة

لوهلة صمت و فكر في اتخاذ حملها كذريعة لكنه تردد خاصة و هو يرى أن ألكس يبحث عن أصغر حجة كي ينتشلها من مكانها و يعود بها الى محيطه

طرق خفيف على الباب قاطع لحظتهما، فتح ألكس الباب ليظهر خلفه جورج كما توقع تجاوزه إيكون دون إكتراث و التفت قبل ابتعاده ليوجه آخر كلماته لألكس: ابقى على اتفاقنا

خرج بعدها و تركه يحدق في الفراغ و الغضب يشع من عينيه الزرقاء، تقدم منه جورج بتردد و أردف: زعيم الطائرة جاهزة و الربان....

أبنس بشيء واحد مقاطعا جملته: ألغ الرحلة

مرت ساعات المساء بسرعة كبيرة بالنسبة لهم لأن كل واحد كان مشغول بما يهمه، أحدهم أعصابه تحترق و هو يلحق السيارة التي تأخذ شقيقته الى الحفل، و الاخر يجهز نفسه لتنفيذ ما تصرخ به شياطينه، و وسط كل هذا كانت الأميرتان جالستان في السيارة برواء و كل واحدة منهما سعيدة بالتغير الذي أحدثته على نفسها من قصة شعر و لون جديد

توقف السيارة أمام أحد أفخم القصور في باريس حيث ستقام الحفلة، و من خلال الزجاج الاسود استطاعت فايا رؤية كم هائل من الصحافة في انتظارهما، عندما فتح السائق الباب من طرفها حملت حقيبة يدها الصغيرة الفضية و أخرجت قدمها ليطرق كعبها الاسود البساط الأحمر المفروش الى باب الدخول، تسلطت أضواء الكاميرات على وجهها بقوة فور نزولها و ارتفعت الهتافات باسمها، اعتدلت في وقفتها و زينت وجهها بابتسامة صغيرة سامحة لهم بتصويرها من كل الزوايا، وجه لها أحدهم مكبر الصوت قائلا: فايا من أين إطلالتك

اقتربت منه قليلا لتجيبه بينهما كاميراتهم تلتقط صور لها عن قرب: التنورة و القميص من ديور و الكعب من ڤيرساتشي

الصحفي: ماذا عن شعرك و مكياجك

فايا:مركز Princesse d'or

الصحفي: فايا هل سنراك في أسبوع الموضة هذا العام

قبل أن تتمكن من إجابته دفعه صحفي آخر بعنف و قرب مكبر الصوت الى وجهها مردفا: فايا ما صحة إشاعات انفصالك عن رجل الأعمال ألكساندر غراي

نظرت له باشمئزاز لاحظه الجميع لأنها على علم بأن هذا الصحفي مهمته الوحيدة هي التطفل في حياة المشاهير و نشر أخبارهم و حتى اشاعات عنهم

في هذه اللحظة كان عليها أن تكون هادئة قدر المستطاع لأن أقل تعبير سترسمه على وجهها سيسعادهم في انتهاك حياتها الشخصية، أخذت نفسا طويلا ثم اقتربت من مكبر الصوت و أجابته: هل أسألك في المقابل عن صحة إشاعات خيانتك لزوجتك مع والدتها !

سمع الجميع ما قالته و أصبحت الأسئلة موجهة لها بقوة عن الأمر لكنها ببساطة تجاهلتهم بعدما رمت قنبلتها، نظرت خلفها الى أوليڤيا التي كانت تستمتع بشرح للصحافة عن سر مظهرها الذي كان من خارج هذا العالم كعادتها، وقعت فايا لبعض ممن قدموا لها دفاترهم ثم شقت طريقها مع أوليڤيا بعدما التقطت لهما مجموعة من الصور معا

فتح لهما رجلين ضخام البنية الباب الزجاجي و دخل كلاهما منه ليقابلهما خلفه سلالم طويلة مفروشة ببساط أبيض ناعم، قصره كان يغلب عليه طراز كلاسيكي هادئ، لوحات أشهر الفنانين معلقة على الجدران مع عرض بعض من الأثار التاريخية كأسلحة تعود الى الحرب العالمية الثانية

المكان حرفيا كان أشبه بتمحف لا منزل، الأمر الذي جعلها تشعر أخيرا بالحماس لهذا الحفل، رأت كاسبر قادم اتجاههم ببدلة باللون الأخضر الغامق تصرخ بالثراء كقصره بالضبط، وقف أمامهما في نهاية السلالم و ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهه و هو يحدق في فايا بتمعن، وضع يده اليسرى خلف ظهره بينهما الأخرى التقطت يدها ليطبع عليها قبلة خفيفة متمتما: تبدين فاتنة ككل مرة

ابتسمت له بامتنان لينتقل الى أوليڤيا التي أعادت شعرها الى الخلف بغرور عندما نظر لها بافتتان كما كان يفعل كل من في القاعة، التقط يدها و قبلها من فوق القفازات الوردية الشفافة التي كانت تضعها ثم أردف: أ يعقل أن كل هذا الجمال مزال لم يرتبط بعد

اقتربت منه قليلا لتهمس له بصوت خافت: أنا لم أجد بعد رجل يستحق أن أكون وفية من أجله

انفجر كلاهما بالضحك لدقائق ثم استدار كاسبر و مد لهما ذراعيه قائلا: هلا ترافقانني لأريكما بيتي المتواضع

شابكت كل واحدة منهما ذراعه مع خاصته و راحوا يتعرفون على أجزاء قصره الذي أقل ما يقال عنه فخم، كل شيء كان ثمين حتى أصغر مزهرية هنا ربما تساوي راتب موظف بأكمله، عرفهما على بعض رفقائه من رجال أعمال كبار و أعضاء في الدولة ذو مكانة مرموقة كما قص عليهما حكاية كل لوحة معلقة على جدرانه البيضاء، لم تكن فايا مهتمة بالأمر كثيرا بحكم أنها تكره اللوحات و لا تثير أي من فضولها بعكس القطع الأثرية التي جعلتها تنسجم معه في الحديث كثيرا لدرجة الوصول الى التحدث حول الأعمال و التجارة

توقف ثلاثتهم أمام إحدى الطاولات الزجاجية المستديرة حيث توضع أنواع من الحلوى الفرنسية مع الشامبانيا الفاخرة، فتح كاسبر الزجاجة و أفرغ في الكؤوس ليقدمها لهما مواصلا حديثه مع فايا: أنت ذات خبرة جيدة في إدارة الاعمال، هل عملت من قبل في أي شركة

رفضت المشروب و أخذت عصيرا بداله ثم أجابته: ليس بشكل رسمي لقد استلمت أعمال زوجي في فترة ماضية

اومأ لها بتفهم ثم ارتشف من كوبه قليلا قبل أن يتمتم بشرود: ألكساندر غراي

عندما لاحظ نظراتها المتسائلة واصل حديثه باستمتاع: إنه رجل شرس جدا، اعترف لقد جعلني أخسر مناقصتين

ارتفعت زوايا شفتيها بابتسامة ثم أجابته و كأنها تحدث نفسها: أجل إنه كذلك

حمحم ليعيدها الى أرض الواقع بعدما بدت له تائهة في أفكارها ثم سألها بفضول: لا أقصد التدخل في حياتك الشخصية لكن هناك إشاعات تقول أنكما انفصلتما عن بعض

فايا: دعنا لا نسميه انفصال بالضبط

رأت الظلام يمر من عينيه قبل أن يشرب كأسه دفعة واحدة، تركهما بحجة استقبال باقي الضيوف، انشغلت بالحديث مع أوليڤيا و مجموعة من النساء اللواتي تقدمت اليها دون ان تشعر حتى بتلك الأعين التي تفترسها

بصره وقع عليها كأول شخص فور دخوله رغم وضعها للقناع و تغييرها لقصة شعرها عرفها، فحص مظهرها من رأسها الى أخفض قدميها و تمتم بسخط من بين أسنانه: أصحبت أكثر فتنة يا صغيرة

كانت ترتدي تنورة طويلة ضيقة باللون الأزرق الغامق و معها قميص بنفس اللون ذو أكمام طويلة يكشف جزء من بطنها المزين بعقد رقيق من الذهب الذي كان يجذب الأنظار اليها و هذا حرفيا جعله غاضب خاصة بسبب الأعين التي كانت تنظر لها بجوع و لوهلة بدأ يفكر في تغيير خطته الى خطفها و تفجير المكان بمن فيه

خرج من تفكيره عندما نطق جورج بتذمر من ثيابه: زعيم أبدو شاذا جنسيا بهذه الثياب

ألكس: و أنا أبدو زوجك بهذه النظارات الغبية

نظاراته السوداء المستطيلة جعلته حرفيا يبدو كمؤثري التيك توك الذين لا تأثير لهم ولا عمل الا الكلام الفارغ و جورج لم يكن أقل منه، الرجل الذي لم يرتدي الا الأسود منذ أن كان طفلا ها هو الان يلبس بدلة ملونة واسعة دفنت هيئته المرعبة، انتحال شخصية أخرى للدخول الى الحفل كان أصعب مما توقع الاثنين

تقدم كلاهما الى الداخل تزامنا مع قدوم كاسبر الذي كان ينظر لهما باستغراب في الأول بسبب أقنعة السارقين التي كانت تغطي وجوههم و لولا بطاقة الهوية المعلقة على ثيابهما لشعر بالخطر

عانق ألكس عناقا رجوليا متحدثا بسعادة: يا رجل أخبرتني أنك لن تستطيع القدوم ألن تكف عن هذه الاعيب

قلب عيناه بملل من أسفل النظارات و كم أراد دفعه و تحطيم وجهه في هذه اللحظة، بقي صامتا في حين ابتعد عنه الاخر و نظر له من رأسه الى أخفض قدمه بتفحص ثم أردف: هل أصبحت تمارس رياضة كمال الاجسام

اكتفى بإيماءة موافقة ليعطيه نظرة استغراب أخيرة بسبب سكوته قبل أن يتجه الى جورج الذي لم يتفوه بأي كلمة أيضا

اجتمعوا مع بعض الرجال لدقائق و التزم كلاهما الصمت طوال الوقت حتى انسحب كاسبر من بينهم و ذهب الى فايا التي لم تكف عن النظر اليهم، كان سعيد بالأمر ظنا أنها تحدق به لكنه لا يعلم بأن ذلك الذي يقف بجانبه سيطر على عقلها منذ أن نزل آخر درجة من السلالم جسده الضخم، طريقة وقوفه، حركات أصابعه على الطاولة تقريبا كل شيء كان يقودها الى التفكير بشخص واحد، شخص أصبحت تخاف من مواجته

وقف أمامها و مع ذلك مازال بصرها معلق على مكانه السابق لدرجة أنها لم تشعر حتى بوجوده و هذا ما جعله يلمس ذراعها بلطف قائلا: كل شيء على ما يرام ؟

اومأت له بشرود ثم سألته دون وعي: من ذلك الشخص المقنع الذي يقف هناك

كاسبر: إنه مصمم الأزياء كيڤن بروكسان، أظنك تعرفينه

تنهدت براحة و أشاحت بنظرها عنه مجيبة إياه: أجل أجل، لقد عملنا معا في وقت مضى، لقد تغير كثيرا منذ آخر مرة التقينا

كاسبر: أجل إنه يمارس رياضة كمال الأجسام ليلفت انتباه العارضات مثلك لذا كوني حذرة

ضحكت و واصلت الحديث معه و الابتسامة لا تفارق وجهها غير عالمة بالجحيم الذي يحدق بهما، الغضب أصبح ينهش داخله بشكل واضح، بنفاذ صبر كاد يتقدم اليهم و ينفذ ما يدور في عقله من أفكار سوداوية لكن رنين هاتفه أوقفه في آخر لحظة، نظر الى اسم المتصل ثم أجابه بنفاذ بعصبية: ماذا تريد

إيكون:هناك شيء يخصك أنت و فايا يجب أن تعلمه

ألكس: فلتقل إذن

إيكون: ليس على الهاتف دعنا نلتقي في نادي الفندق

كان هذا آخر حل أمامه ليمنعه من فعل أي شيء متهور، حتى مراقبته لم تجدي نفعا و تمكن من خداعه بطريقة لا يعلم كيف، لدقائق انتظر رده بفارغ الصبر لكنه في ثانية حطم كل آماله بتأجيله للأمر و فوق كل هذا أنهى المكالمة مباشرة رافضا سماع أي كلمة أخرى قد تجعله يغير رأيه

شرب كأسه دفعة واحدة ثم حطمه بين يديه الى أشلاء و هو يحدق في زوجته ترقص مع رجل آخر بسعادة، هدفه من القدوم الى الحفلة كان مراقبتها من بعيد فقط لكن يبدو أنه سيضطر الى اللجوء الى الاحتمال الثاني و هو تخريب الحفلة بأكملها، التفت لينظر الى جورج الذي كان بالفعل في انتظار إشارته بعد الكأس الذي حطمه، إشارة واحدة منه بأصابعه كانت كفيلة لجعله ينسحب من مكانه وسط إنشغال الجميع بالشرب و الرقص على الأغاني الفرنسية الهادئة التي كانت تتحول الى أخرى صاخبة مع مرور كل دقيقة

اتجه جورج مباشرة الى الأسلاك الموصولة بكاميرات المراقبة و قام بقطعها بطريقة محترفة دون إثارة أي شبوهات نحوه، ثم ببطئ شديد انسحب الى الحمام حيث سينجز آخر خطوة من الخطة، حافظ على قناعه الى أن أغلق الباب رفعه عن وجهه محررا أنفاسه، حدق في إنعكاسه على المرآة لثواني و كم كره نفسه بسبب الثياب الوردية التي جعلته يبدو كالأبله، لوهلة تذكر أوليڤيا كان يشبهها حقا حتى هي كانت ترتدي بدلة تشبه خاصته لو قام بصبغ شعره باللون البنفسجي كما فعلت لكان اليوم نسخة عنها

ترك أفكاره بعيدا و أخرج الصناديق الحديدية التي كان قد خزنها سابقا أثناء دخوله مع طاقم تجهيز الحفل أسفل بلاط الأرض حيث لا تصل يد الأشباح اليها، انشغل بإعادة ترتيب المكان حتى سمع مقبض الباب يدور مد يده الى أسفل قميصه ببطئ و هو يلعن اللحظة التي نسي فيها وضع القفل، وقف و استدار في استعداد كامل لقتل من يقف خلفه لكن الصدمة التي احتلته عند رؤية أوليڤيا جعلته يخبأ سلاحه خلف ظهره بعيدا عن ناظرها، كانت تنظر اليه و هي ترمش بخمول تحاول تذكر من يكون لأنها حرفيا شبه واعية بسبب المشروب

كلاهما ظل مستمر مكانه يناظر الآخر في صمت حتى بادرت هي بالحديث بنبرة ثقيلة: أنا .... هل أعرفك ؟؟

فتحت حدقتيها جيدا و نظرت له بتفحص لثواني قبل أن تتوسع بؤبؤة عيناها: بحق خالق الجحيم أنت شبح أم حقيقي

فركتهما بسرعة و صفعت وجهها عسى أن يختفي بعد ذلك لكن آمالها باءت بالفشل بعدما رأته يحدق بها بنفاذ صبر، سقط بصرها على الصناديق الموضوعة خلفه و هذا ما جعلها تصرخ بذعر و هي تتراجع الى الخلف بغية الخروج: قنبلة، يا عالم هناك قنبلة

امسك بها فور ما حاولت فتح الباب و أغلق فمها بيده بينما هي تتخبط بعنف، أدارها اليه و رفعها ليضعها فوق الرخام صارخا بغضب: اصمتي

زمت شفتيها و هي تنظر اليه برعب و حرفيا كادت تفقد وعيها خاصة عندما حاصرها مع بذراعيه مع المرآة خلفها و أنبس بتحذير: إياك أن تفتحي فمك بكلمة واحدة بما رأيتيه الان تعلمين ما يمكنني فعله بك

حركت رأسها بإيماءة سريعة متمتة بخوف: لن أخبر أحد وعد فقط دعني أذهب و لن أفتح فمي بكلمة

حدق في وجهها عن قرب لثواني ثم أردف بعد تفكير: الان اجلسي هنا كفتاة عاقلة و دعيني أنهي عملي عندما تستعدين كامل وعيك ستخرجين من هنا

قاطع لحظتهم صوت فايا التي كانت تناديها من خلف الباب: أوليڤ، أنت بخير هل أدخل؟

أغلق فمها بيده مرة أخرى قبل أن ترفع صوتها و مد يده بهدوء الى القفل ليديره، نظر لها مرة أخرى و همس في أذنها بصوت خافت: سأبعد يدي الآن و ستقولين أن كل شيء بخير و ستأتين بعد قليل، ان فعلت عكس هذا.....

لم يكن بحاجة لشرح ما سيفعله لأن مسدسه الذي ثبت فوهته فوق فخذها كان تهديد مباشر لها، حمحمت تعدل نبرة صوتها ثم ردت على فايا: أنا بخير، عودي أنت الى الحفل سألحقك بعد قليل

رفضت فايا الذهاب قبل رؤيتها و هذا ما جعل جورج يهمس لها بشيء آخر: ان علمت أنك تضاجعين شخص ستذهب أريني مهارة صوتك العذب

فهمت ما يقصده و دون أي تفكير رفضت رفضا قطعيا حتى فعل بها شيء جعلتها تفتح عيناها على مصرعيها، تسللت أنامله الى ما بين فخذيها من أسفل بنطالها و همس في أذنها: أطلقي العنان لصوتك الان يا جميلة

حاولت أن تبعد يده عنها بقوة لكن شعور المتعة كان أقوى، منظرها و هي تلهث تتوق للحصول على النشوة كان ممتع لدرجة أنه نسي كل ما حدث قبل دقائق و ركز فقط على ملامح وجهها

ملأ صوت تأوهاتها المكان بالفعل حتى وصل الى مسامع فايا، في تلك اللحظة ركلت الباب و لعنتها قبل أن تعود الى الحفل، وجدت الجميع غائبون عن هذا العالم في ساحة الرقص، تقدم منها كاسبر الذي كان في انتظارها و سألها بقلق: هي بخير؟

فايا: أجل، ستعدل مكياجها فقط و تأتي

كاسبر: حسنا، تعالي فلنواصل الرقص

أمسك يدها و أخذها مرة أخرى الى ساحة الرقص حيث كانوا سابقا، واصلت الرقص معه بجانب باقي الثنائيات في شكل حلقة دائرية سمحت لهم بتبادل النساء بحركة سريعة، وقعت فايا في يد قاسية قبضت على خصرها العاري بعنف و تملك لم يعطيها أي فرصة للتعليق عن الأمر لأنه على الفور باشر بتحريك جسدها كالدمية بين يديه لدرجة أنها لم تعد قادرة على مواكبة حركاته السريعة، هو لم يكن يرقص كان فقط يجعلها ترقص بطريقة تكاد تفقدها توازنها خاصة مع كعبها العالي لكنه بالفعل كان يلتقطها في كل مرة تكاد تفعل ذلك

أدارها في الهواء لأكثر من مرة حتى كادت تفقد وعيها ثم سحب جسدها اليه و انخفض بها لتمسك حواف قميصه بكلتا يديها مغمضة عيناها بشدة، تنفست الصعداء قليلا و هي على نفس وضعيها ثم أردفت دون تفكير: سيد كيڤن توقف رجاءا، أنا حامل لا يمكنني الرقص بهذه الطريقة

رفعها ببطئ شديد حتى ظنت أنه اقتنع و سيتوقف لكن و بحركة سريعة منه أمسك يدها و أدارها مرة واحدة في الهواء ليصبح ظهرها مقابل لصدره، مرر أنامله ببطئ شديد على بطنها العاري جاعلا من أنفاسها تنقطع و دقات قلبها ترتفع بصخب حتى تجاوزت المعدل الطبيعي

انتزع منها العقد الذي كان يزين بطنها و سار عائدا الى طاولته بينما يقوم بوضعه في جيبه تاركا إياها تسترجع أنفاسها و هي تحدق في ظهره ما حدث الان حرفيا كان عقوبة لا رقص، جلست على مقعدها ترتشف كوب ماء تنتظر أوليڤيا بفارغ الصبر لتخبرها بما حدث عسى أن تجعلها تهدأ قليلا لكن حتى هي لم تكن أفضل حال منها بعدما تركها جورج في منتصف طريق الوصول الى ذروتها، بدت عاجزة أمامه بالفعل ليس و كأنها من حاولت جاهدة أن تبعده عنها في بداية الأمر

حركت قدميها في الهواء و رمقته بنظرة غاضبة متناسية كل خوفها السابق بينما هو يقوم بدفع تلك الصناديق الى الباب، عندما حول انتباهه اليها أخيرا رفعت يدها أمام وجهه و حركت أصابعها دون وعي متمتمة بتقطع: انظر .... واحد اثنان ..... ثلاثة، أربعة، خمسة ... لدي خمسة أصابع يمكنها تعويض حتى ما بين ساقيك

قفزت من فوق الرخام و كادت تفقد توازنها لولا ذراعه التي ثبتتها، رفعت سبابتها أمامه و واصلت كلامه: لذا لا تشعر بالانتصار ... على ما فعلته

ابتسم بخبث و دفع شعرها الى الخلف ليهمس في أذنها بصوت رجولي ضرب صميمها: إذن لما أنت غاضبة

تركها تصارع نفسها و أخرج جهاز تحكم ثم فتح الباب تزامنا مع ضغطه على زر أخضر فتحت من خلاله الصناديق تلقائيا ليخرج منها كم هائل من الفئران بطريقة همجية

قفزت أوليڤيا من مكانها تشبثت بعنقه و لفت ساقيها حول خصره بإحكام صارخة بصدمة: يا الهي ما هذا القرف أخرجني من هنا بسرعة

رمقها بنظرة استنكار و حاول إنزالها مجيبا إياها: أولست تملكين خمسة أصابع، دعيها تساعدك

تعلقت به بقوة أكبر و أخفت وجهها في رقبته متمتة: أتراجع أتراجع عن كل ما قلته .... فقط أخرجني أرجوك إنها تهجم علينا لا أريد أن أبدأ سنة جديدة بعضة فأر

ضحك و لف ذراعه حول خصرها ليثبتها بينما يده الحرة كانت تقوم بجمع الصناديق بعدما فرغت كليا، أشار لها على القناع الموضوع فوق الرخام لتأخذه و غطت به وجهه كما طلب بالفعل لأن كلتا يديه كانتا مقيدتين بشيء، خرج من الحمام بخطوات سريعة كانت أضواء القاعة منطفأة لا يظهر سوى ضوء الشاشة العملاقة التي تعرض العد التنازلي من 10 للدخول الى السنة الجديدة، الجميع كانوا يتجمعون في مكان واحد يحسبون الثواني بفارغ الصبر ما عدا ألكس الذي كان في انتظار هديته المميزة لزوجته و بالفعل في آخر ثلاث ثواني تحولت هتافاتهم السعيدة الى صراخ بعدما تسللت الحيوانات الصغيرة بين أقدامهم، تداخلت الأجساد في بعضها و أصبح الجميع يركض هنا و هناك للوصول الى المخرج الذي يكاد ينفجر من الناس منهم من يحاول الخروج و منهم من يحاول الدخول بعدما وصل صوت الصراخ الى الخارج، وسط كل هذه الفوضى التي أحدثها كانت عيناه تبحث عنها لإخراجها من هنا قبل أن تفقد صوابها لأنه على علم بأنها تكره الفئران الى أبعد حد، و كما توقع بالفعل كانت تخدش رقبتها بأظافرها و حتى ذراعيها و هي تتمتم بشيء واحد و هو أنها أصبحت قذرة، أمسك كاسبر يديها كمحاولة لتهدأتها و كان سيحملها لولا تدخل إيكون الذي لكمه بقوة حتى أسقطه أرضا دون أي تفكير و انتشلها بسرعة من مكانها وسط أنظار زوجها الذي أصبح أكثر سعادة بعد اللكمة التي سددها إيكون الى كاسبر، هذا ما كان سيحدث في كلتا الحالتين لو لم يفعلها إيكون لفعلها ألكس

انتظر حتى بدأ يهدأ المكان هو بكل برود شق طريقه الى المخرج، اتجه مباشرة الى سيارته و ركب في المقعد الأمامي بجانب جورج الذي كان يدخن في صمت، خلع ألكس قناعه و نظاراته و رماهم في المقعد الخلفي حتى سمع صوت أنثوي يلعن التفت الى الخلف ليرى أوليڤيا تستلقي براحة عيناها شبه مفتوحتين و أخذت تتمتم بأشياء غير مفهومة حول بصره تلقائيا الى جورج مطالبا إياه بتفسير ليتحدث على الفور: لقد رأتني بلا قناع عندما كنت أنفذ الخطة، إنها ثملة لو تركتها ربما كانت ستهذي بكل شيء

اومأ له بتفهم ثم شغل محرك السيارة انطلق متجها مباشرة الى الفندق، طوال الطريق ظل يصغي لما كانت تقوله أوليڤيا خاصة عندما تتعلق ألفاظها بفايا و التي أغلبها كانت لوم و شتائم موجهة له لأنه جعل صديقتها تلجأ الى الطبيب النفسي، لم يتأثر بكلامها لأنه يعلم أن ما حدث بينهما لم يكن السبب الوحيد الذي أوصلها لما هي عليه، لطالما كانت شخص كتوم يخفي مشاعره خلف قناع القوة و الصمود لكن الأمر من المستحيل أن يسير على هذا النحو طوال الحياة عاجلا أم آجلا كانت ستصل الى نقطة تقلب كل ما خبأته داخلها من حزن و ألم الى حقد و سواد يجعلها تكره نفسها الجديدة بعد كل إثم ترتكبه

بعد مدة أوقف السيارة أمام الفندق و ترك جورج ينزل أولا و الذي فتح باب المقعد الخلفي قصد اخراج أوليڤيا، سحبها اليه ثم وضع إحدى يداه خلف ظهرها و الأخرى أسفل فخذيها ليقوم بحملها تزامنا مع تحدثها بصوت عال: اللعنة عليك يا هزيم الرعد

شق طريقه الى الداخل بسرعة و هو يحاول إغلاق فمها الذي كاد يفضح هويتهما، دخل الى غرفته بعدما كاد يفقد أعصابه بسببها في المصعد و وضعها على السرير مردفا بغضب: أي بلاء أنت ألم تجدي أي شيء تتحدثين عنه غير المافيا

تجمد مكانه من الصدمة حين رفعت قميصها و أخرجته من رأسها متمتمة بحنق: تبا الجو الحار هنا

رمت قميصها في وجهه و أجابته عما قاله و هي تبتسم بشر: هل كنت خائف ..... القانون .... هنا صارم ... صارم جدا لكنك تستحق ذلك عما فعلته بي سابقا ... أنا لم أنسى

جسده كان متصلبا أمامها و حركاتها لم تكن تساعده أبدا على استعادة وعيه الذي فقده منذ اللحظة التي بقيت فيها أمامه بحمالة صدرها

حدق في جسدها بخبث مجيبا إياها: أنا مدين لك إذن هل تريدين تصفية الحساب بما أنها آخر ليلة لي في فرنسا

أوليڤيا: انظر الي، أنا أوليڤيا صاحبة أفضل ماركة مواد تجميل في إيطاليا و مديرة أعمال أشهر عارضة أزياء في هذا العالم .... لدي سمعة نظيفة حتى في سجل علاقاتي.... أنت و هزيم الرعد ضاجعتم حياتي و الان تريد جسدي

رفع قميصه هو الاخر و رماه في وجهها بنفس الطريقة لتضرب أنفاسها رائحة عطر رجولي مختلط بالسجائر، نظرت لعضلاته الصلبة التي تغطيها الكثير من الوشوم و علقت دون وعي: لكن لما أنتم المجرمون مثيرون الى هذا الحد بحق الجحيم

وقفت من مكانها و شقت طريقها اليه بخطوات ثقيلة حتى أصبحت تقف أمامه لا يفصلهما سوى مسافة إنش واحد، بكل جرأة لمست عضلات بطنه بأناملها وصولا الى صدره ثم لفت يديها حول رقبته و ارتفعت على أصابع قدميها لتهمس في أذنه: لا حرج في تجربة الأمر إذا رميت سلاحك من الشرفة الان

كلماتها كانت كالتعويذة التي تجر صاحبها الى الهلاك دون إضاعة ثانية أخرى التهم شفتيها بجوع و هو يقوم بإخراج مسدسه و دون أن يفصل القبلة ثبتها من خصرها و مشىى بها الى الخلف حيث السرير و في طريقه رمى سلاحه من النافذة كما طلبت بالفعل

مر وقت طويل و ألكس مازال يجلس في السيارة يفكر بعمق لكن هذه المرة لم يكن أمام الفندق كان أمام بيتها بالضبط، لم يكن واع عندما قاد سيارته الى هنا لكنه و لأول مرة اتبع مشاعره، فتح الباب و نزل وسط السكون التام المخيم على الشارع لا يسمع سوى بعض الضوضاء التي تأتي من الاحتلافات القريبة، أخرج هاتفه و أتصل بإيكون ليطلب منه النزول و بالفعل ثواني فقط و خرج من الباب بوجه محتقن كما توقع و تحدث في وجهه بغضب: بحق السماء ما الذي تفعله هنا، ألا يكفي ما حدث منذ قليل، ان كنت هنا لسؤالي عما كنت أود أن أخبرك فالأمر انتهى بما أنك نفذت ما تريده

أخرج نفسا من سيجارته و أجابه بكل برودة أعصاب: أعلم أنها حامل لم آتي لسؤالك أريد رؤيتها

لدقائق ظل يحدق به بصدمة لم يتمكن حتى من سؤاله كيف علم بالأمر، ضحك بعدها بسخرية و أجابه بعدم تصديق: أنت حقا جننت، انظر بالنسبة لما حدث هي بخير كانت فقط نوبة هلع

قاطعه بنفاذ صبر قبل أن يكمل كلامه: أعرف، أريد رؤيتها حالا

تنهد بقلة حيلة و مع اصرار ألكس أكثر سمح له بالدخول و قاده الى غرفتها و نطق: دعني أتأكد ان كانت نائمة أولا

أومأ له بتفهم و تركه يتفقدها أولا حتى عاد اليه بعد دقيقتين و أردف: لا تحدث أي صوت إن استيقظت سأكون في ورطة معها قبلك

تجاهله و دخل الى غرفتها التي كانت مليئة برائحة الفراولة الحلوة، اقترب منها حيث كانت تنكمش كالرضيع في طرف السرير الواسع و ضوء القمر ينعكس على وجهها ليضيئه

ركع على ركبتيه أمامها و لف خصلة من شعرها القصير حول سبابته محدقا في تفاصيلها بتركيز و كأنه أول مرة يراها، بهدوء اقترب منها و ترك قبلة سطحية على شفتيها ثم همس لها بصوت خافت و هو يتحسس بطنها بيده: سأحترم رغبتك يا صغيرة، لكن عاجلا أم آجلا سنجتمع نحن الثلاثة

*********

بعد مرور عامين

فايا:

أشعر أنني بخير، إنني أحب حياتي كل يوم، هذا الصغير ملأني بالحب و الأمل رغم أنني أتذكر والده كلما نظرت الى وجهه، إنه يشبهه كثيرا أعين زرقاء كالمحيط و شعر أسود فحمي مع غمازة تحفر بجانب شفتيه كلما ضحك لي، لأكون صريحة لقد أكملت علاجي منذ فترة أعتقد أنها بعد شهرين من ولادة ملاكي الصغير ألبرت مع ذلك مازلت عاجزة عن طرق باب الماضي مرة أخرى، أنا خائفة من أن أجد نفسي أعود الى نقطة الصفر، لو كنت وحيدة أتحمل الأمر عادي مثل ما فعلت سابقا، لكنني الان أم لا يمكنني المجازفة بجعل طفلي يعيش طفولة تعيسة، أنا و ألكس كنا على خلاف في الكثير من الأحيان و هذا ما يخيفني الى اليوم، أريد أن ينام طفلي كل يوم على صوتي و أنا أغني له تغريدة و يستيقظ على صوت زقزقة العصافير لا أصوات صراخ والديه و هما يتشاجران، لا تلومنني الحقيقة أنني أصبحت حساسة بشكل مفرط منذ أن كنت حامل ظننت في الأول أن الأمر يتعلق بهرموناتي و سينتهي بعد ولادتي لكن عكس ذلك أصبحت أكثر حساسية لدرجة أنني أبكي حتى على لقطة في فيلم خيالي لا أساس له في الواقع و ربما هذا ليس سوى عذر كاذب أخفي به السبب الحقيقي لحزني، أنا أشتاق له كل يوم كل دقيقة و كل ثانية، فترة حملي كانت صعبة لهذا السبب، لقد أردته بشدة معي أردت ان اشتم رائحته كل يوم لدرجة أنني كنت أجعل أخي يضع من نفس عطره بعدما يدخن فقط لأحصل على ذلك المزيج اللذيذ و مع كل هذا لم أكن راضية لدرجة أنني في أكثر من ليلة كنت أفكر في التخلي عن نفسي و العودة للإرتماء بين ذراعيه لكن عندما أصحى صباحا أتلقى صفعة من عقلي الى قلبي على تفكيري الساذج، لحد اليوم أنا لم أتطلع الى أخباره بأي طريقة كانت رغم أنني تراجعت عن قراري و ذهبت الى إيطاليا من أجل عملي لأكثر من مرة، سابقا كنت أمنع نفسي فقط كي لا ألين الى مشاعري لكنني الان خائفة من أن أعرف شيء يكسرني مثل أن يكون قد تزوج مرة أخرى أو بدأ حياة جديدة، هذه الفكرة أصبحت تحرمني من النوم ليلا، أنا التي هجرته بإرادتي و طلبت منه أن يبقى بعيد عني حتى أعود بنفسي و تنفيذه للأمر يقتلني خاصة و أن أخبار حملي انتشرت و ظهرت في العديد من الحفلات و جلسات التصوير ببطن منتفخ حتى ألبرت ظهر معي بعد ولادته لكن ليس كثيرا لقد حدث الأمر منذ شهرين فقط حيث قام صحافة متنكرون بإلتقاط صور لنا أثناء تواجدي لمشاهدة سباق الخيول في أمريكا و أحيانا أنشر صوري معه في صفحاتي و كذلك أوليڤيا تفعل، لا حقيقة إنها تفعل أكثر مني لدرجة أن صفحتها على الانستغرام أصبحت مليئة به و بكل ما يخصه سواء ثيابه ألعابه، إنها تحبه كثيرا لا تعود من الخارج الا بيدها شيء له و حتى إيكون لا يكف عن حمله و إخراجه طوال اليوم لدرجة أن ألبرت يتخبط بحماس على الفور فور رؤيته، أ تساءل أحيانا كيف كان سيحبه ألكس، كم مرة سيقبل فيها خدوده الطرية المنتفخة في اليوم، ماذا سيكون شعوره لو كان هنا و سمع أنه بدأ يقول بابا، أجل أنا حملته تسعة أشهر و سهرت من أجله ثم جاء يشبه والده و فوق هذا قال بابا أول شيء أوليس ظلما في حقي، قرأت في الكتب الخاصة بالأطفال أنه أمر جد شائع و عادي لأن معظم الأطفال يسهل عليهم نطق حرف الباء بعكس حرف الميم لذا ينادون بابا قبل ماما و هذه حقيقة لأن ألبرت الى الان مازال لم يقل ماما إنه يناديني يايا أظنه يقصد فايا، حسنا الأمر مقبول خاصة و أنه يجعلني أضحك في كل مرة اسمعه يناديني بهذه الطريقة، أنا حقا لا أصدق متى سأنهي عملي و أعود لرؤيته أريد أن أقبله كثيرا رغم أنني فعلت قبل مجيئي الى إيطاليا لكنني لا أكتفي يومين فقط بعيدة عنه أشعر بها و كأنها سنتين، أعلم أنه يمكنني إحضاره الى هنا لكنه مازال صغير عن التعرض لأضواء الصحافة عمره فقط سنة و بضعة أشهر، ربما هذا ليس السبب الحقيقي ربما أنا خائفة فقط من أن يقابل والده رغم أنه حقه بالفعل

Continue Reading

You'll Also Like

536K 36.4K 63
حـقـيقيـة ٪100 أَرْبَعَةٌ لِبَوَاتِ يَدُورُ حَوْلَهُنَّ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الذِّئَابِ لَڪُلِ مِنْهُمَ غَايَةِ.... _متجبرات _قَوِيَّاتِ _شَامِخَاتٌ ...
146K 10.1K 19
عائلة دافئة فتاة تتمنى ان تعيش بسلام مع والديها واختها وسط حبهم وحنانهم وتحقيق امنياتها واسعادهم ولاكن هناك من يخالف هاذا الرئي .......
835K 62.5K 19
عَالم مظلم مغمور بالغموض حكاية خطت ورُسمت بالوان الغموض والخفية سَنشاهد التقاء روحين للتصدي للماضي الأليم والمواجهة مع التحديات الجادية هل ستجد ال...
151K 5.5K 18
همس في اذنها بأعين ذابله وانفاس ثقيله :أوه إنجل ...إنجل إنجل ذلك الاسم اللعين يثيرني كي أُدنسه بالخطايا .....ثوب الراهبات لا يليق بك دعيني امزقه عنك...