البارت الأول

352 26 0
                                    


بعد مرور أسبوع كامل فى عرض البحر ، أخيرا ستصل السفينة البريطانية إلى السواحل الأمريكية اليوم حاملة على متنها عدد كبير من الأثرياء و التجار ، كانوا جميعهم ينتمون للطبقة المخملية فى المجتمع البريطانى ، و كانوا متلهفين بشدة لرؤية تلك الأرض المكتشفة و سكانها البدائيين .
........................................................................
..................

مضى على اكتشاف الأمريكتين قرن و نصف ، و انتشرت اخبارها فى أنحاء أوروبا ، لم يصدق الناس حينها أن هناك عالم آخر غير عالمهم و أناس آخرين غيرهم يسكنون المعمورة ، بدأ الأوروبيين الأغراب فى التودد أول الأمر للسكان الأصليين و لكن بعد ذلك حدثت اكبر و اشرس إبادة للبشر فى التاريخ !

لم يكن السكان الأصليين بالشعوب المتطورة ، كانت حياتهم كحياة الإنسان القديم فى العصر الحجري ، ادوات بسيطة و صيد حيوانات و تراث اسطورى ، لم يكن لديهم أدنى فكرة عن الأسلحة الحديثة أو استراتيجيات الحروب أو الاختراعات الحديثة !

و لكنهم كانوا طيبون القلب ، بسطاء و شديدى الانتماء لارضهم ، و لكن للاسف لم يصمدوا امام القادمين من الشرق ، فقد كانوا يظنوهم فى البداية المنقذون الذين سيأتون من وراء البحار لكى يساعدوهم حسب الأسطورة المنتشرة بينهم و لكن للاسف فقد كان قدومهم بداية النهاية !

........................................................................

صدر صوت الصافرة التى تشير إلى بدء موعد
الفطور فى الدرجة الأولى من السفينة ، لكى يتجه الركاب الارستقراطيين و التجار الأغنياء إلى قاعات الطعام الراقية ، و على رأسهم مايكل ألكوت تاجر الرقيق المعروف و زوجته هيلين ألكوت ، هذا الثنائى الذى يبدو ناجحا للغاية و لكن ليس كل ما نراه حقيقة !

أتى مايكل فى مهمة محددة و قصيرة ، فقد جلب حوالى مئة عبد زنجى من وسط و غرب أفريقيا ليبيعهم للملاك الجدد للعالم الجديد ، كان مايكل قاسى القلب لا يعرف الرحمة ، يستطيع أن يتقن شخصية الرجل الهادئ المتزن اللبق ، الذى يحاول دائما أن يظهر كم هو رجل محب لزوجته حتى يكسب احترام الناس و ثقتهم ، كان يهيئ نفسه ليصبح رجل ارستقراطى متحضر ساعى للسلطة ممن يترددون على قصور ملوك انكلترا .

هيلين نفسها لم تكن تعلم ما يخطط له مايكل ، لم تكن تعلم أنه يستغلها و يستغل نفوذ والدها الكولونيل جورج والتر من أجل الوصول لهدفه .

كان ما يهمها فقط هو أنها تزوجت ذلك الرجل الذى تتصارع عليه النساء ، فقد كان مايكل وسيم و جذاب و لم يكن للنساء حديث سواه ، كن يتصارعن من أجل نيل إعجابه أو حتى نظرة منه و هو كان يعلم ذلك و كان يتقن فن البرود و اللامبالاة و هذا ما كان يجذبهم أكثر تجاهه !!!

أما بالنسبة إلى هيلين فكانت جميلة ذلك الجمال الارستقراطى التقليدى ، شقراء ذات عيون رصاصية ، كانت مغرورة و متعجرفة و ما زاد غرورها هو زواجها من مايكل ، كانت سيدات المجتمع الراقى يحقدن عليها رغم كونهم متزوجات من أثرياء أيضا ، إلا أن مايكل كان مختلف !!

...................

جلس مايكل و هيلين على مائدة السيد ريتشارد توكر و زوجته ، ذلك الرجل الاقطاعى فاحش الثراء ، فقد ترافقا طويلا فى رحلات الهند و الصين و افريقيا ، و كان مايكل يستمتع بتلك الرفقة بل يسعى إليها أيضا ، فكونه رفيق ريتشارد ، ما يسهل عليه الكثير و يختصر الكثير .

تبادلت هيلين أطراف الحديث مع السيدة آن زوجة ريتشارد بينما ظل الرجلان صامتان ،
ثم تحدث السيد ريتشارد فجأة موجها حديثه ل مايكل قائلا :
لم تخبرنى يا مايكل ، هل ستبيع هؤلاء السود إلى السيد آرثر كالمرة السابقة ؟!

فقال مايكل : لا ، لقد اتفقت مع هارى دان تلك المرة

ريتشارد : هارى دان !! عدوك اللدود

مايكل : و مع ذلك ، لن انكر كونه ذكى جدا ، فقد بسط نفوذه بعيدا عن سيطرة الاسبان و البرتغاليين ، و ذهب إلى أرض جديدة بعيدة عنهم قرب هضبة بيدمونت فى الجنوب و سيطر عليها تماما ، و على ان استغل تلك الفرصة .

ريتشارد : و ماذا فعل بهؤلاء الهمج ؟

مايكل : اتقصد القبائل الموجودة هناك ؟

اومأ ريتشارد ليقول مايكل ساخرا : تعلم يا سيدى أن تلك الصفقة لن تقضى على روح المنافسة بينى و بينه لذا اتفقنا على أن نتنافس من سيقتل اكبر عدد ممكن من هؤلاء الحمقى الحمر

و انفجر الاثنان فى الضحك ، حتى استغربت هيلين و آن ، و سألت هيلين مايكل :
الن تخبرنا يا عزيزى ما سبب ضحككم هذا ؟!

فرد مايكل متكلفا ابتسامة : لا شئ حبيبتى ، أنه أمر خاص بالعمل ، ثم التفت للسيد ريتشارد ليستأنفا الحديث

سأله ريتشارد : هل ستظل معنا بعد انتهاء الصفقة ام سترحل إلى إنجلترا ؟
مايكل : لا ، ساعود للندن فور انتهاء الصفقة ، لا يوجد لدى ما أفعله هنا بعد بيع هؤلاء العبيد .

انتهى الفطور و ذهب الجميع لغرفهم لتجهيز أمتعتهم فذلك اخر صباح لهم على متن السفينة و سوف يصلون بعد ساعتين تقريبا إلى سواحل چورچيا .

...............

كان مايكل يخطط لكل شىء فى حياته بعناية و كان يدرس كل خطوة بعقلانية و ذكاء و كان دائما يصيب ، و لكن تلك المرة لم يكن يعلم ان جميع خططه ستفشل ، لم يكن يعلم ان حياته سوف تنقلب راس على عقب عندما يقع نظره على تلك الجميلة و هى تغنى مع الذئاب

..

يتبع



إبادة عاطفية  .. Passionate Genocideحيث تعيش القصص. اكتشف الآن