١٦) أشبـاح.

Mulai dari awal
                                    

أردتُ التماس القوة والشجاعة اللتين أفتقر لهما، كانت مطالبي أنانية، أخذتُ الكثير منه، ولم أُعطِه أي شيء.

تركته في ذهوله ودلفتُ للغرفة.

كانت كبقية المشفى، بيضاء تُبهر الأبصار، يتوسطها سرير بأغطيةٍ لا تقل بياضًا عن الحوائط، كان مستلقٍ عليه وأنظاره غارقةٌ في السقف، وامتد أنبوب رفيعٌ من المغذية إلى يده لتبث السائل لجسده.

رآني وابتسم بتعب، جلستُ بجانبه باحثًا عن كلامٍ أعتذر فيه إليه لأنني لم أكن بجانبه حين احتاجني.

"آسف.. ".

باغتني اعتذاره.

أردف بأسى وهو ينظر للحقنة المغروزة بكفه:

"بعد كل الكلام الذي قلتُه لك.. لستُ سوى عاجز.. لن أستطيع مواكبتك وأنا بهذه الحال.. ".

ضغطتُ على كفه برفق وقلتُ مُستعيرًا الحنان الذي أورثه لي أبي:

"ستُشفى وتعود للبيت، وسوف تخوض الامتحان وتنجح فيه كما وعدت، أنا أؤمن بك.. ".

ابتسم بحزن وأومأ بصعوبة، ثم أطبق جفنيه المُتعبين ليعاود النوم.

..

"تستطيعان العودة، سأبقى هُنا لحين خروجه.. ".

قلتُ لياسر وفراس فلم يُجادلاني، سبق ياسر فراس للخارج، وبقي الأخير وهو يتوعدني لو لم أصارحه بأي جديد يطرأ.

ابتعد وهو يلوح لي، بالابتسامة التي لا تُفارقه، مضى موليًّا بمنكبيه اللذين يتسعان للعالم رغم نحالته، ورغم ما يُكابد في حياته، تجده يُقدم مساندة أصدقاءه على نفسه، هل هذه هي الصداقة؟

سُمِح لأمجد بالمغادرة في اليوم التالي.

استنشقتُ الهواء المنعش حين خرجنا، بعد أن امتلأت رئتيّ بروائح المعقمات والأدوية التي يفيض بها المشفى.

اصطحبنا ياسر بسيارته وشكرته على كل ما فعله من أجلنا، عاتبني وهو يقول بأننا مثل أخويه الصغيرين، كان في سنته الأخيرة في الجامعة، قال بأنه ما إن يتخرج سيعمل في مشفى يملكه والده في مدينةٍ أخرى.

"ألا توجد جامعاتٌ في مدينتك؟ ".

أجاب وهو يبتسم ويعدل نظارته بيده النحيلة:

"هذه الجامعة هي الأعرق في البلاد، يأتي الطموحون من شتى المدن للدراسة بها، إنها ليست بعيدةً عن حيّنا السكني أتريد أن تراها؟.. ".

أشِقّاءTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang