عريس 1

3.7K 161 5
                                    

الفصل السابع

بعد مرور اربع سنوات ...

وقفت تتطلع لانعكاس صورتها في المراه و هي  تلف الخمار (الحجاب شرعيه) حول وجهها باحكام كي لا تظهر خصلاتها الناعمة ، مع ملابسها الواسعة المحتشمة ، هكذا اصبح ما ترتدي في السنوات الاخيرة من عمرها ، علي عكس السنوات الماضيه ، غيرت كثيرا من نفسها للاحسن من استايل ملابسها ، و لكن لم يكن التغير من الخارج فقط بل اصبح من الداخل ايضا

-يلا يا سميره هتتاخري علي الجامعه عشان الحق اوصلك في سكتي
هتف والدها بتعجل من الخارج لتسرع من
نفسها
ابتسمت سميره وهي ترد :
- حاضر يا بابا جايه اهو 
انتهت من وضع اللمسات الاخيرة من حجابها لتنظر لنفسها برضا و لتخرج
***

كانت تضع سعاد بعض اللقمات من الطعام في فمها و تهتف باسقاط :
- ما تقعد تفطر يا كمال ، هو ذنب عليك كل يوم لازم توصلها
زفر كامل بضيق وهو يردد باصرار :
- اه لازم خليكي في حالك بقي ، اصلك متعرفيش ببقي فرحان بيها اد ايه لما بوصلها الجامعه
سعاد بتهكم :
- يا سلام
ابتسم يستطرد حديثه بسعادة من الذي وصلته ابنته :
- ايوه ، ولا لما حد يوقفها من شارعنا و يسالها عن حاجه بتوجعه و هي ترد عليه و توصف له العلاج، ياااه باابقي فخور بيها اد ايه، كفايه بس لما حد ينده عليها و يقولها يا دكتوره سميره 
اكمل و هو ينظر لها بتحدي :
- طب بذمتك مش فرحانه بيها
ردت بعدم اهتمام :
-انا فرحتي بيها لما اشوفها في بيت جوزها و بتربي عيالها ، هي امتي البت دي دماغك تلين و توافق علي عريس من اللي بيتقدم ليها بعد كده مش هتلاقي حد يعبرها ، اخواتها الاتنين اتجوزوا وهي اللي فاضله.

قال كمال بتوضيح :
-عشان دماغها في مذكراتها و الكليه دلوقتي مش في دماغها الكلام ده لسه بدري عليه
صاحت بغيظ قائله :
- بدري ، ايوه يا خويا اقعد انت بس دلع فيها
و قبل ان ينطق والدها تخرج سميره من غرفتها قائله :
- انا خلصت يا بابا خلاص
حدق فيها بفخر من هيئتها و قال :
- طب يلا يا حبيبتي عشان منتاخرش
***

في كليه طب كانت تجلس سميره وهي تنظر للمعيد وهو يشرح باهتمام ، حتي بعد مده انتهي من الشرح و يقول المعيد للطلاب بانتهاء الدرس و يمكن الخروج ، لتهم سميره بلم حاجاتها و لتخرج
-انسه سميره ممكن لحظه من فضلك
هتف الدكتور احمد الذي كان يشرح الدرس
وافقت تتطلع في باستغراب :
- في حاجه يا دكتور
رد احمد بتردد :
- ثواني بس مش هعطلك عن حاجه
اقترب منها وهي بتعجب و هي تضم كتبها لصدرها قائله :
- انا عملت حاجه ضيقت حضرتك مني
ابتسم وهي يردد :
- انت لا خالص يا سميره ، انت من اشطر الطلاب عندي ، ده غير ادبك و اخلاقك اللي ما شفتهمش في بنت زيك
-ااا ش شكرا ، بس برده ما فهمتش حضرتك عاوز ايه مني

احمد بجدية :
- بصي يا سميره انا هكون صريح معاكي ، انا من ساعه ما شوفتك وانتي ما غبتيش عن بالي لحظه
انصدمت سميره من صراحته و جرئته و هتفت بتوتر :
- دكتور احمد حضرتك بتقول ايه ما يصحش كده انا المفروض تلميذه عندك
قاطعها اكمل وهي يسطرد حديثه قائلا :
- انا معجب بيكي و يشرفني اني اتقدم ليكي
تجمدت من طلبه و ابتلعت لعابها بصعوبه قائله بخفوت :
- نعم حضرتك بتقول ايه
احمد :
- عارف اني فاجئتك بطلبي ، بس انا مش بطلب حاجه عيب ولا حرام لا سامح الله انا نف...
قالت بالااضطراب :
- لااا
احمد باستغراب :
- لا ايه
لترد بقوه مصتنعه :
- لاا مش موافقه على طلبك انا اسفه يا دكتور احمد بس انا مش بفكر في الموضوع ده دلوقتي خالص
هدر احمد مسرعا حتي يوضح لها شئ :
- ما انا مش مستعجل علي الموضوع ، و دراستك كمان هتكمليها اوعي تكوني فكراني هتجوزك عشان اقعدك في البيت، هو ممكن بس خطوبه و كتب الكتاب بعدين
سميره وقد شعرت بضيق :
- ولا بعدين حتي ، انا قلت لي حضرتك ردي  وانا مش موافق

احمد بتعجب من اصرارها من الرفض :
- في ايه يا سميره ، هو انت يعني مش هتتجوزي خالص ، ما ندي لي نفسنا فرصه ولو لقيتي
نفسك مش مرتاحه معايا خلاص نفضها سيره ،
لكن لا وخلاص من غير سبب حتي للرفض
سميره بحده لتنهي الامر :
-اظن دي حاجه تخصني انا لوحدي وانا حره ارفض ولا اقبل شئ ما يخصش حد غيري ، هو مش بالعافيه حضرتك
احمد باخراج :
- انا ما قلتش كده انا بس
قاطعته سميره وهي تهم بالرحيل :
- انا اسفة لحضرتك بس انا قلت ردي وخلاص عند اذنك
***

انهت سميره وردها الليليّ وانتهت من اذكارها قبل ان تستلقي على سريرها ميمّنة جسدها، واسدلت عينيها تتمنّى لنفسها ليلة هانئة ، ولكن هيهات، فانّى لها ذلك وتلك العينان التي تحمل الالم رفيقتاها منذ ما يقرب الاربع سنوات، بالفعل لقد مرت الاربعة سنوات ، اربع سنوات فيها تحاول ان تفتح صفحه جديده من حياتها ، صفحه جديده تحاول ان تنسي ذلك الحادث البشع الذي حدث لها وهي في عمر الخمس عشر ، اصبح الان عمرها التاسعه عشر ، لقد نضجت وكبرت عقلها وجسمها ايضا ، لكن خلال هذه المدة ما زالت عينان فيهما من قسوة بقدر ما فيهما من ازدراء، بينهما حياتها، تحمل ذنب كبير في حق نفسها واهلها ، عندما ياتي يوم و تكشف هذا السر ، كم صعب هذا الاحساس عندما تتخيل كم من الخذلان الذي سوف تراه في عين اهلها ، تعترف بانها اخطات كانت صغيره ليس لديها الوعي الكافي ، لكن هل هذا مبرر سوف يتقبله من حولها ، حاولت كثير التقرب من الله فكم كان القرب منه امر جميل و رائع بالنسبة لها ، و هي كل يوم تقف امامه و تحكي كل ما بداخلها ، و تتسال كل يوم ربها هل تُقبل توبتي؟!!. كم تتمنى ان تجد رد ؟!!.
وظللت في ذلك القلق حتي غلبني النوم
***

في الصباح ، خرجت سميره من غرفتها  بعد  الانتهاء من ارتداء ملابسها المحتشمه ،
نظرت سعاد لها باستغراب :
- انتي رايحه فين كده ، مش النهارده الجمعه اجازه
اومات سميره براسها بالايجاب و هي تردد :
-ايوه ما انا مش رايحه الجامعة ، انا رايحه اصلي في الجامع و احتمال ادرس كمان هناك
سعاد بضيق :
- يادي الجامع اللي طلعلي فيه ، ما تصلي و تذكري هنا
تقدمت منها لتقبل خدها وهي تهتف برجاء :
-معلش يا ماما اصل برتاح هناك و بعرف اذاكر كويس
**
كانت تقف في وسط الشارع سيده في الاربعين من عمرها و يبدو عليها الارهاق الشديد و التعب ، تلمحها سميره من بعيد لتقترب منها تسالها :
- محتاجه حاجه حضرتك كويسه
ترد السيده بصعوبه من التعب :
- ايوه يا بنتي ربنا يباركلك تعالي اسندني و طلعني علي اول الشارع
قالت سميره وهي تقترب منها بلهفه :
- شكلك تعبانه اوي ، تحبي اوديكي مستشفى
ترد باعياء :
- لاا مش محتاجه انا بس اخد الدواء السكر بتاعي و هبقي كويسه
سميره  :
-طب اسم الدوا بتاع حضرتك ايه وانا اجبهولك
- لاا يا بنتي وصليني بس علي اول الشارع وانا بيتي قريب
نظرت لها سميره باشفاق عليها :
- مش هتقدري حضرتك ، ممكن تقعي في الشارع

قال السيده بخجل منها :
- يا بنتي اصلي نسيت محفظتي فيه البيت طلعيني على اول الشارع وانا احاول اتحمل على نفسي وامشي انا كده كده قريب
ابتسمت سميره بهدوء :
- طب ولا يهم حضرتك قوليلي اسم الدواء وانا هاروح اجيبها لك اي صيدليه بسرعه.
السيده بارهاق :
- تشكري يا بنتي مش ملزومه ممكن بس
قاطعتها باصرار :
- هوديكي المطرح اللي انتي عاوزاه بس قولي لي الاول اسم الدواء بتاعك
ابتسمت السيدة رغم تعبها :
- مش عارفه بس يا بنتي كثر خيرك اوي ، انا بقى لي نصف ساعه والناس رايحه جايه و وما حدش عبرني
بادلتها الابتسامه قائله :
- معلش تلاقيهم ما خدوش بالهم قولي لي بقي اسم الدواء وبعد كده اوقف ليكي تاكسي وتروحي .

** ** **

يتبع.

مذكرات خائنة (كامله) لــ خديجه السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن