الإلحاد - الإيمان مرساةُ القلوب

Start from the beginning
                                    

ومن هذا المنطلق نسألك -عزيزنا القارئ-، كيف نستطيع أن نعالج هذه المشكلة؟ وكيف نستطيع أن نساعد نحن أفراد المجتمع في تعزيز وترسيخ فكرة البحث والسعي للحصول على الأجوبة؟ وما دور كبار الدين في ذلك؟

وعلى غرار السبب الأساسي، تأتي الأسباب الاجتماعية والنفسية لتساعد وتطوّر من الشكوك وترسخها أكثر في النفس، قد تبدو مساهمة الخلفية والبيئة الاجتماعية في ترسيخ الإلحاد شيئًا غير ممكن ما إذا نظرنا للأمر بسطحية.

لكن تلعب الخليفة الاجتماعية دورًا هامًّا في ذلك، فمثلًا لوجود الأب في فترة الطفولة والمراهقة أهمية كبيرة، وكذلك تعامله الصحي الخالي من العنف الجسدي واللفظي، إذ أن المعاملة السيئة للآباء أو فقدانهم في سن صغير ينعكس على علاقة الابن مع الدين والإله؛ نظرًا إلى نوعية العلاقة المتشابهة إلى حدٍ ما بين الأب والإله من ناحية السلطة والعقاب والقوة ونحوه، «فحسب إحصائيات جمعية علم النفس الأميريكة فإن نصف من ألحدوا دون سن العشرين قد فقدوا أحد أبويهم أو كليهما، مع مرور أكثرهم بتجارب صادمة ومؤلمة في الطفولة والمراهقة».

والأمر لا يقتصر على علاقة الأب وحدها، فالحروب والفقر والمعاناة وغيرها، جميعها أسباب اجتماعية قد تؤثر على إيمان الشخص.

المشكلة الأساسية والتي نهدف إلى حلها لا تكمن في البؤس الموجود في حياة الناس، وليس بمعاناتهم، وإنما بالانعكاس السلبي للمعاناة على نظرتهم للإله وإلحادهم، بالطبع هذا لا يعني ألّا نقضي على العنف الأسري ونوّجه الآباء ونضع عقوبات صارمة للأفعال اللاإنسانية المتعلقة بهذا الجانب، لكن قد تكون هذه الحوادث قد حدثت بالفعل، وربما عُنّف الملحد في طفولته، فهل نستطيع تغيير الماضي؟ كلا، كل ما لدينا هو التعامل مع الحاضر ومحاولة تصحيح الانعكاس السلبي.

فكيف نستطيع فعل ذلك؟ إن كان أمامك ملحد ألحد بسبب التجارب المؤلمة التي خاضها في الماضي والتي جعلته يشكك بوجود إله رحيم يحكم هذا الكون، فكيف ستحاول إقناعه بأن هذه الفكرة فكرة خاطئة؟

من مدة وقد كان هذا بعد رمضان، كنت أتجول في مواقع التواصل الاجتماعي، صادفني سؤال من ملحد يسأل الملحدين: «هل تصومون في رمضان؟»

تنوعت الإجابات وأغلبها كان الرفض، لكن ما شدني هو جواب أحدهم: «من ثلاث سنوات كنت آكل خفيةً عن أهلي، ولكنهم رأوني مرةً وكادوا يقتلونني ضربًا، من بعدها أصبحت آخذ زجاجات ماء وأخبئها تحت سريري، فأشرب ولا آكل حتى أذان المغرب».

هذا الموقف يختصر الكثير، أعزاءنا كيف ترون وظيفة الأهل في المحافظة على إيمان أبنائهم؟ هل هي من تعليم الصلاة أو حفظ القرآن والأحاديث عن ظهر قلب؟ أو هل هي في العنف والترهيب وإظهار الله كإله تعذيب وقهر؟ ما دور الأهل في تفهيم الإسلام لأبنائهم واتخاذه دينًا يؤخذ بالعقل لا بالحفظ؟

أسوة ٢٠٢٠Where stories live. Discover now