التربية - ثمرة البذرة الطيّبة

1K 102 25
                                    

نعيش في فجوةٍ بين الماضي والحاضر، بين الواقع والمُتوقّع، تحيطنا كل هذه التغييرات والتحديثات بسرعةٍ غير معقولة، تسحبُ أقدامنا نحو جُرفٍ مجهول فيه شرخٌ مجتمعيّ عميق

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

نعيش في فجوةٍ بين الماضي والحاضر، بين الواقع والمُتوقّع، تحيطنا كل هذه التغييرات والتحديثات بسرعةٍ غير معقولة، تسحبُ أقدامنا نحو جُرفٍ مجهول فيه شرخٌ مجتمعيّ عميق.

لم يكن مشروع الربيع العربي إلّا بوابةً تربطُ الشباب وأحلامهم بأرض الواقع وبمعاناة المجتمع، مشروعنا الثقافي هو مرساةٌ للتعرف على مجتمعاتنا، معاينتها، فهمها، تحليلها وعيشها بأملٍ كبير رافعينَ قول إبراهيم طوقان "الشبابُ لن يكلّ همّه أن يستقلّ أو يبيد..." ها نحن هنا في منصّةٍ ثقافيةٍ تليق بكم وتحترم عقول الشباب وقدراتهم، تستقطب المواهب وتجذب الأفكار وهي فرصة لا تعوّض أن تكون مسابقة أسوة منارةً لقضايانا.

مع دوّامة التغييرات الكثيرة، قرّرنا أن تحمل أسوة في كل عام مفهومًا جديدًا، نلتزم فيه بطرحنا وفعالياتنا ونشاطاتنا، ولأننا من رحمٍ عربي ومن أيقونةٍ ثقافيّة اخترنا أن يكون مفهومنا هذا العام عبارة عن  مناقشات ومحاورات حولَ قضايا مجتمعيّة مهمّة وضروريّة، نُمعن النظر فيها ونتشارك الآراء حولها. إذًا وباختصار شديد هذه الأفكار والآراء التي نطرحها عليكم في كتابنا هذا العام هي أطروحات وُجدت كي نناقشها، نتفق معها أو نعارضها ونبني حججًا واضحةٌ تفتح عقولنا على معطيات كثيرة وتدفعنا نحو التفكير، فالتفكير السليم هو أنجع وسيلة لبناء غدٍ يليق بحجم أحلامنا.

في فصلنا الثاني والنبضة المجتمعيّة الثانية، سنطرح موضوعًا جوهريًا، نعايشه ونعيشه، يفسّر الفجوة بين جيل الآباء والأمهات وجيلنا نحن أبناء هذا العصر وأعمدته المستقبليّة، بين جيلٍ كان يظن أن وجود وسيلة للتواصل عن بعد، شبه مستحيلة بل أقرب أن تكون خزعبلات من قصص الفانتازيا البعيدة وبين آخر لا يمضي يومه دون استخدام الهاتف بشتّى الأساليب ولمختلف الأغراض.

صارَ لِزامًا علينا أن نطرح قضيّتنا ونسمع آراءكم، فهل تظنّون حقًا أن هناك فجوة بين الكبار والشباب؟ وأن هذه الفجوة تستحق أن توضع على المنصة ونسلّط الضوء عليها؟

كما قلنا سابقًا فإن التغييرات السريعة التي تطرأ على الحياة قد تزيد الأمر تعقيدًا في مرحلة معينة، فما هي أكثر التغييرات التكنولوجية أو المجتمعية التي ترى أن لها دورًا كبيرًا بخلق اختلاف وجهات النظر والمواقف التي يتبناها الآباء والأبناء؟

ولعلَّ الركيزة الأساسية في أي نقاش يُطرح سواء كان نقاشًا دينيًّا أم لم يكن؛ هي أهميّة التربية، هناك من يدّعي أن الشخص نتاجُ تربية والديه، فإن كان ماءُ الريَ فاسدًا فسد المحصول، وإن كانت العناية مثاليّة نتجَ محصولٌ مثالي، بينما يجادل الآخرون أن هذا ليسَ صحيحًا كليًّا بل إن تأثير المجتمع، البيئة، الأصدقاء وغيرها أقوى بكثير من تأثير التربية وهو الطابع الغالب الذي يظهر على الشخص، ماذا عنك؟ أي وجهة نظر تتبنى؟ ولماذا؟

تكملةً لسؤالنا السابق فسواء كنت ترى التربية هي الأساس أم لم تكن، لن نستطيع أن ننكر دور التربية في تنشئة الأجيال الصاعدة وفي تذويت الكثير من المفاهيم، فما هو رأيك بالتربية وأساليب التربية الحاليّة المُستخدمة من قبل الأهالي؟ هل تظن أنها كافية وتلبّي الغرض؟ أم تعتقد أنها لا تناسب متطلبات هذا الجيل؟ وكيف تبرّر رأيك؟

بعد أن أخبرتنا رأيك بأساليب التربية المعتمدة حاليًا، سنخصّص لك السؤال أكثر، المعضلة الأزلية بين التحفيز والردع، بين الدعم المعنوي والصرامة المثبطة، فهناك من يرى الحزم سلاحًا يردع الأطفال من تكرار الخطأ وهناك من يقول أن الحزم يزيدهم عنادًا بل يسبب أضرارًا أبعد من ذلك، مقابل آخرين يرون الليّن الحل الأمثل والرقة مفتاح التعامل بينما يرد عليهم المعارضون بأن هذا الأسلوب اللطيف لا يترك للطفل مجالًا لإدراك خطئه، في أي صف تقف؟ أترى أن اللين والرفق هو فعلًا الحل الأمثل ؟ أم أن الصرامة ضروريّة في تربية الأطفال لوضع حدود واضحة لتصرفاتهم؟ وعلى ماذا تستند في طرحك؟

شخصيًّا، كنتُ أشعر بالاختناق الشديد في أحيانٍ لا تعدّ، أشعر بالهموم تخترق جسدي، فأشكو لصديقتي وإذ بها تحتاج المواساة أكثر مني، لوهلةٍ فقط خلتُ أن هذه المشاكل المعقّدة في التفاهم بيننا وبين آبائنا تحوّلت إلى مرض معدٍ، وهذا لا ينفي طبعًا مدى حبنا واحترامنا واعتزازنا بهم ولكننا في كثير من اللحظات نضعف أمامهم فنمتنع عن الرد لأن قوانا خارت وأفكارنا تبعثرت، لأننا نشعر بوجود حاجز غير مرئي بيننا لا يمكن اختراقه وأن لا فائدة من المقاومة، أشعرتَ مرّةً أن الكبار لا يفهمونك أو يسمعونك ولا يقدّرون احتياجاتك أو مشاعرك؟ كيف تصرّفت حينها؟

مع فهمنا العميق لكل ما سبق، علينا وضع النقاط على الحروف وتحديد موقع الخلل بشكل دقيق، لنستطيع بعدها أن نتعامل معها بمنطقية أكثر وواقعية أكثر، ما هي أهم المشاكل والمعوقات التي تحصل بين الآباء والأبناء؟

لكل نتيجة سبب، لكل مكان جذور راسخة ولكل فكرة أصلُ وأساس، ما هي برأيك الأسباب الرئيسة التي أدّت لتشكل هذه العقبات والمشاكل؟ وهل تظن أن الأبناء لهم دورٌ كبير كذلك في تشكّلها؟

الأمّة التي نريد أن تنشأ هي أمة قادرة على تحديد الخلل ومن ثم تصويبه، معرفة الهفوات والتعلّم منها، لا بأس أن نخطئ ما دمنا سنتدارك هذا الخطأ لنتجاوزه في مرات قادمة، وهنا  يأتي دوركم، ما هي الحلول التي تقترحونها وتقدمونها لأجل تضييق الشرخ بين الأجيال وتقريبها من بعضها البعض؟ ما هي الطرق العمليّة والمنطقية التي ستقود نحو تفاهم وتشابك بيننا؟

أخيرًا... بعد سنين طويلة أو أقل من ذلك، ستجد نفسك في موقع المسؤولية، الزواج ميثاقٌ مقدّس لا يعني فقط أنك مسؤول أمام زوجك بل يعني أيضًا أنك صرت مشروعَ أم أو أب مستقبلي، كيف تفكّر أن تربي أبناءك؟ ما هي أهم المبادئ التي ستعمل على تذويتها لديهم؟ وما هي الأساليب الأفضل التي تخطط لاستعمالها سواء لردعهم أو تشجيعهم؟

ختامًا، نؤكد على مودتنا وحبنا تجاه كل والدٍ ووالدة يكدحان ويعملان ليل نهار لأجل ثمرة حياتهما -أطفالهما-، كل الحب لكل أمهات هذا الكون، وكل التقدير لكل الآباء في هذا العالم، رحم الله الأموات منهم والأحياء وحفظ لكم أمهاتكم وآباءكم.

دُمتم بذرة التربية الصالحة ومثال بيئةٍ حسنة، نلقاكم في نبضةٍ أخرى قريبة.

أسوة ٢٠٢٠حيث تعيش القصص. اكتشف الآن