| الرابع والثلاثين |

21.6K 2K 5.6K
                                    

فكرة أن الفيلم سينتهي تصويره اليوم وللأبد كانت تسبب لي شعوراً واحداً فقط، لا. ليس القلق. بل الحزن.

الحزن الشديد.

كل تلك الذكريات، كل أولئك الأشخاص الذين أصبحوا جزءاً من حياتي في الأشهر القليلة الماضية.

كل تلك الأشياء ستختفي.. ببساطة، تماماً كما ظهرت في حياتي.

جيف وعجرفته وقلبه الطيب.
ليو وخجله وتصرفه بنبل مثير... للإعجاب. سيكون عليّ تذكر أنه أصبح يمتلك حبيبة الآن، لا مزيد من المغازلة!.
رودي ولغته الأسبانية وجنونه الشيق.
جاكي رجل الكاميرات وعشقه للمشروبات الكحولية.
ماري جين وحبها لنفسها وإزعاجنا لبعضنا البعض معظم الوقت.
ميريدا وعطفها، بيت وإبتسامته، يونا وخفة ظلها.
جيم هيل وكونه وغداً، سيباستيان الرجل الحديدي.
طاقم عمل الفيلم بأكمله وكل شخص منهم ضحكت برفقته أو تشاركنا كوب قهوة أو كعكة محلاة!

وهو.. كايل. الرجل الساخر المتكبر المزعج، الرجل الذي وقف بجانبي طوال الوقت دُون حديث الرجل الذي يفعل عكس ما يقوله ويقول عكس ما يشعر به ، الذي تحدث معي بكلام عميق وشاركني الأفكار والضحكات والغناء.

الرجل الذي وجدت نفسي وسط كل هذا أنجذب لغموضه المغلف بالسخرية والعطف حتى أنني تعلقت بوجوده طوال الوقت، وكأن له أجواء خاصة لا يمكنني التخلص منها!

التعلق بالأشخاص، بالأماكن والأجواء صعب التخلص منه وذكراه هي أجمل شيء.

وبالنسبة لي هؤلاء الأشخاص وأجواء التصوير تلك.. هي كل شيء.

"آنسة هود!"

أبعدت عيناي عن نافذة الصف الزجاجية الكبيرة وحركت رأسي نحو مصدر الصوت الذي قاطع تفكيري وشرودي جاذباً إنتباهي له.

"أجل، سيدي."

"أيمكنكِ تكرار ما قلته للتو؟ وشرحه رجاءاً؟.." نظر لي الأستاذ عاقداً ذراعيه أمام صدره بنبرة متحدية.

وبالطبع.. كلنا نعرفُ أنني لن أستطيع تكرار ما قاله، ما بالك بشرحه؟ والسبب؟ الشرود طوال الوقت والذي يعدُّ هوايتي المفضّلة.

وقفت مبتعدة عن طاولتي ممسكة بحقيبة ظهري وقبل أن يعقب الأستاذ بأي شيء سبقته قائلة "لا داعي لإرهاق حنجرتك أستاذي، سأرشد نفسي إلى الحجز دون أن تطلب."

سارت بي قدماي نحو باب الصف وخرجت منه أثناء إستماعي إلى قهقهة الطلاب على تعليقي الأخير.

خطوت في الممرات ببطء وتملل حتى وصلت إلى غرفة الحجز ثم دفعت بابها بكفي ودلفت إليها ليستقبلني نفس الديكور الممل الذي أصبحت أحفظه ظهرًا عن قلب.

جيد، على الأقل هُنا يمكنني النوم براحة حتى وصول الأستاذ لنجلس معاً ساعة طويلة مملة ثم يعود كل منا إلى منزله.

نيتفليكس | Netflix Where stories live. Discover now