الفصل الثاني

1.1K 23 0
                                    

الفصل الثاني

علا هاتفها المحمول بالرنين قامت بالرد فوراً :" نعم .. ادخلوها غرفة الكشف وسأوافيكم خلال عشر دقائق ، قادمة على الفور .. لن أتأخر " وقامت من فورها لترتدي ملابسها وتحمل حقيبتها وخرجت بعد أن أبلغت ناهدة بإضطرارها للخروج مغلقة الباب خلفها بهدوء .

دخلت عيادتها بالمشفى وهي تكمل إرتداء الرداء الأبيض .. لتنظر للحالة التي تم إستدعاؤها من أجلها ، هالها الشحوب على الوجه الفاتن لتلك الطفلة الصغيرة ، وقعت الكشف الطبي المطلوب لحالتها وقامت بالإسعافات اللازمة لها

وقفت سناريا بجوارها وسألتها وهي تربت على شعرها :" ما اسمك صغيرتي ؟ "..
" أهِلَّه " جاء صوتها واهن
" من فعل بك هذا التهتك ؟؟ إنها تبدو حالة إغتصاب واضحة !!" أشارت بيدها الصغيرة نافية وخجل شاب صوتها القاطع :" لا أنا متزوجة "

اندهشت سناريا ونظرت للممرضة بجوارها التي أشارت للخارج بإصبعها بمعني أن هناك من ينتظرالمريضة خارج الغرفة فاستمرت سناريا بحوار أخوي لتصل لحقيقة الأمر :" كيف ذلك ؟ عمرك فيما يبدو أقل من الخامسة عشر ؟"
ردت أهِلّه بنفس الضعف :" أربعة عشر عاماً .. و اليوم ليلة زفافي ".. استفسرت سناريا و امتعض وجهها بجزع على هذه الصغيرة :" وكيف قَبِل المأذون أن يعقد العقد إنك دون السن القانوني ! يجب أن أبلغ الشرطة " اهتاجت أهِلّه و حاولت النهوض :" لا أنا عمري بشهادة التسنين تعدى الثامنة عشرعاماً و أنا سأنكر ماقلته لكِ .. ابتعدى عني " أسرعت سناريا لتمنعها من النهوض :" أرجوكِ لا تنهضي حتى لا يعاود النزيف مرة أخرى ثم المصل المغذي لم ينته بعد .. ولن أبلغ .. لكن أرجوكِ أعلميني ما يحدث معك " بدأت أهِلّه تهدأ :" ماذا أقص عليكِ ، أنا يتيمة وخالي أراد أن يتخلص من أعباءي فزوجني لشاب يعمل ميكانيكي سيارات و لديه ورشة كبيرة ، لقد رفضت أولاً ولكني وجدته شاباً صالحاً فوافقت حتى أبتعد من أمام زوجة خالي التي تعاملني بقسوة و أنا الآن لي منزلي الخاص ولكن اليوم زفافي وعندما .. عندما ... وجدتني أصرخ ودمائي بللت الفراش كذبيحة ثم حدث لي دوار و إغماء أفقت وجدت نفسي هنا .. أين أمير ؟" استمعت سناريا لقصتها كاملة بدون أن تقاطعها .. وتفكر كم تشابهت معك يا أهِلَّه باليُتم ولكن مصيرنا اختلف بإختلاف الأهل والرعاية ، عادت من أفكارها لتسأل :" من أمير ؟"
ردت أهِلّه بخجل جلب الإحمرار لوجنتيها :" إنه زوجي "..
أجابت الممرضة رجاء أنه بالخارج فأشارت أهِلّه :" أرجوكِ دعيه يدخل " ونظرت بتوسل للطبيبة التي أشارت لرجاء .. فخرجت رجاء وعادت وخلفها شاب في منتصف العشرين وسيم ويبدو عليه الهلع عيونه تبرق بالحب والإهتمام مغلفة بالخجل .. تجاوز الممرضة والطبيبة واتجه حيث العروس الصغيرة ، أمسك كفها بيده ورفعها ليقبّلها :" أنا آسف لم أقصد أن أؤذيك حبيبتي .. هل أنتِ بخير ؟" اكتفت بإيماءة خفيفة .. أجابت سناريا :" ستكون بخير ما حدث هو تمزق يحدث غالباً للصغيرات عند أول مرة .. هل فهمتني ؟" هز رأسه الأسمر بالإيجاب وأخفض بصره خجلاً ثم ركَّز بصره على زوجته مشفقاً عليها .. سأل بإهتمام :" هل تحتاج المكوث بالمشفى ؟" ردت سناريا على سؤاله وهي تناوله الوصفة الطبية :" غالباً لا .. ولكنها تحتاج راحة عدة أيام حتى يلتئم الجرح .. وأيضاً اهتم بغذائها حتى لا تصاب بالأنيميا و خاصة أراها ضعيفة ، وهذه الأدوية .. أرجو المحافظة على مواعيدها والإلتزام التام بها " و نظرت لأهِلّه بحنان :
" و مبروك يا مدام أهِلّه ".. هنا أجاب أمير :" شكراً سيدتي لقد اطمأننت على أهِلّه وذلك بفضلك .. وأعدك سوف أعتني بها جيداً بعد ذلك "
سناريا ابتسمت ببشاشتها :" هذا عملي و واجبي و أنا أعلم أنك ستعتني بها فهذا واضح من عينيك "..
" سوف أذهب لأحضر سيارة أجرة أمام المشفى و سوف أعود إليك حبيبتي فوراً " هكذا وصلها صوت أمير الثابت يحادث زوجته .. فنادت عليه قبل خروجه :" سيد أمير .. أستطيع أن أوصلكم بطريقي من الواضح أنكم قريبين من المشفى " حرك رأسه بنعم موضحاً :" على بعد شارعين فقط و لكن ألن نتعبك معنا ؟" قررت سناريا :" إذاً هيا بنا لن أتعب أبداً " اتجه أمير إلى أهِلّه وحملها بين ذراعيه الفتية كمن يحمل كنزاً ماسياً .. حركت نظرة الزوجين الصغيرين الشغوفين ببعضهما ومشاعر حسرة ناحت داخلها على عُمر ضاع في إنتظار المجهول .. تتمنى أن ينظر لها مرة واحدة .. و واحدة فقط تلك النظرة التي تعدها بالحب !

الفجر الخجول(مكتوبة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن