البارت 1

29 1 0
                                    

مذ كنت صغيرة، و ذلك العصفور الصغير يتخبط مع ذلك الحاجز الحديدي الضخم، هو عاجز على اجتيازه رغم تعبه و آلامه. أراه يكرر أفعاله و الإصرار رفيق دربه، يظل يحارب ويحارب، يقاتل من أجل شيء فقده فأفقده ذلك إحساسه المرهف للحياة. فما نفع جناحيه إن ظل محشورا هناك؟ و ما نفع صوته الشجي إن كان بكاء؟

ما زلت أراقبه باستمرار، نظرات عيناي ترافقه بالتزام، إنها حتما إبر سامة تلسعه، تؤلمه، و تخنق مسام بدنه
أكان عذابه ملذة لي؟ أكانت آلامه نبعا أشرب منه؟ أكان ضميري جثة لا نفع منه؟
كان أكثر من متأكد أن يوم خروجه قادم، لكن لم يضن يوما أنه حينها لن تنفعه لا أجنحته ولا إصراره! ليصبح جسدا هامدا لا مصير له سوى الإهمال و النسيان.

و أتى ذلك اليوم، اليوم الذي أخرج فيه من قفصه و كله فخر و اعتلاء، ليصبح التراب منزله و مأواه!
غير ذلك لا أرى فرقا بينه و بين الإنسان، الكل مهووس بفكرة أن يترك أثرا بعد مماته، أن يخلف ميراث، أن يحيى عقب وفاته أو يترك بعض الذكريات...
إني لا أفلت من هذه القاعدة، فما يقلقني هو أن أصبح ضحية أخرى منسية في هذه الملحمة المخيفة تماما كطائري الصغير.
هذا العالم خصص للخلق ثم المسح المطلق، نعيش ثم نموت وننسى، لا غير، و كلما أمعنت النظر في طائري، زاد يقيني مرفوقا بحزني عليه، قلبي الصغير حزين و بارد كجثته، الحزن ينزف دماءه و الأسى يحطمه، استوعبت للحظة أني سأموت وحيدة و سأدفن في الثرى البارد و لن يبكي على قبري أحد، آه كم أتمنى أن أخير كنت لتشاركت مع طائري مأواه!

عيناك، حلم سرمدي بلون الوردUnde poveștirile trăiesc. Descoperă acum