في ثنايا العصور

Start from the beginning
                                    

ننتقل الآن إلى أبرز عصور التاريخ التي تتشعب إلى أخرى تختلف من حيث الخصائص، حيث تبدأ بالعصور القديمة التي تتضمن العصر الحديدي، حضارة وادي السند، دولة مصر القديمة ،الممالك الثلاث في الصين، اليونان القديمة وروما القديمة، وهناك عصر الحضارة الإسلامية الذي ينقسم إلى عصر صدر الإسلام، الدولة الأموية ،العصر العباسي، والعصر العثماني.

وبالطبع لا ننسى العصور المظلمة في أوروبا والعصور الوسطى، ناهيك عن فترات التاريخ الأوسط غير الأوروبي والعصر الحديث المبكر الذي يحوي عصر النهضة، والاستكشاف، العصر الإليزابيثي، والإصلاح البروتستانتي وكذلك التنوير الذي تلته الحقبة الرومانسية. وإن كنتم تعتقدون أن العصور الحديثة قد إنتهت هنا فأنتم مخطئون، حيث تلا ذلك العصر الحديث بما يحتويه من ثورة صناعية، وعصر نابوليوني، وفكتوري ،وعصر الآلة، والعصر الإدواردي، الحربين العالميتين والحرب الباردة، عصر الفضاء والمعلومات الذي يمتد حتى الوقت الراهن.

هل تشعرون بالدوار بسبب كثرة العصور وتشعُّباتها؟ إن كنتم كذلك فلا تقلقوا، صحيح أن التاريخ عميق ويحوي في جعبته الكثير من االمعلومات التي يستطيع منحها إياكم إلا أنه جميل للغاية وتتعلمون منه الكثير، حيث نستقي نحن الكتّاب المغزى والعبر من دروس الماضي ونعرضها في الأعمال الأدبية.

دعونا ندخل قليلاً في عمق العصور ونتعرف على بعضها أكثر، فلنأخذ على سبيل المثال العصور المظلمة التي سُمّيت على اعتبار الحضارة الأوروبية لم تحرز أيّ تقدُّم تقريبًا بين بواكير القرن الخامس الميلادي، وبواكير القرن الثاني عشر الميلادي، أي أنها احتلت مكانًا في العصور الوسطى في أوروبا (الفترة ما بين الأعوام 400- 1400 تقريبًا). وتميّزت بتفشي الجهل والتزمت الديني الشديد وتعاظم دور الكنيسة في مختلف مجالات الحياة وأيضًا بانتشار الحروب العسكرية بين الشعوب الأوروبية والجرمانية.

إلا أننا يجب أن نلفت النظر إلى ملحوظة مهمة، حيث أنّ تسميات الحقب التاريخية تختلف من منطقة جغرافية لأخرى. فعند العرب لم تكن الحقبة المظلمة بالظلام ذاته، العصور الوسطى كانت فترة ذهبية في تاريخ العرب وكان المجتمع الإسلامي بين القرنين الثاني عشر والخامس عشر الأكثر تعلُّمًا، كانت معدلات معرفة القراءة والكتابة لديهم أعلى بكثير مما كانت عليه في أوروبا في العصور الوسطى.

وكما قلنا سابقًا فإن تحديد الزمكان الملائم للعمل الروائي يتم بتحديد العصر الذي يلائم قالب الأحداث. وأودُّ تنويهكم أن إختيار الزمان -العصر- بدقة وإهمال تناسق المكان الذي تجري فيه أحداثه هو خطأ فادح؛ فلا يمكن أن يتم وأد الإناث عند الشعوب الجرمانية-الفايكينغ- لأنه حدث اختص به العرب وقتها بحسب الظروف التي عاشوها والتي دفعتهم لدفن فتياتهم حيات.

وعليه يجب مراعاة منطقية الزمكان الذي تعلمنا عنه سابقًا أثناء الكتابة، ومراعاة معالمهما التي تدور الأحداث فيها وتوجيهها بالشكل الذي يخدم فكرة الكاتب.

آمل أن يكون هذا الفصل قد ساعدكم ونصيحتي لكم هي أن تبحثوا عن العصر الذي تريدون كتابة العمل الأدبي فيه ثم تعمقوا في الأعوام التي تندرج ضمنه قبل الإقدام على الكتابة.

________

- ما رأيكم بالفصل؟

- هل ترون أن البحث العميق عن الزمكان قبل كتابة العمل أفضل أم تحديد ملامح العمل وبعدها تبحثون عن الزمكان المناسب للأحداث؟

- هل جربتم البحث عن العصر الذي تجري فيه أحداث العمل الروائي قبل كتابته؟

الفصل من كتابة باحثة العصور زينيا أودري.

معالمٌ منسية |عنصري الزمكان|Where stories live. Discover now