_ الفصل التاسع _

1.4K 92 0
                                    


تصلبت هي الأخرى عندما رأته هكذا وبتلقائية عادت مجددًا لتختبئ خلف الجدار وتتابعهم من بعيد من دون أن يروها .
هدأت ملامح تميم تمامًا وتحولت إلى البرود التام عندما وجد الشاب يهتف بغضب :
_ إنت مين وكنت بتراقبنا ليه الصبح !؟

عض على شفاه السفلى وهو ينزل بنظره إلى السكين التي على رقبته ويتمتم بنبرة تحمل في طيأتها التحذير والوعيد :
_ نزل السكينة دي يابابا احسلك !

_ إيه هتعملي إيه يعني ؟!

تنهد بعمق ولف يده خلف ظهره ليخرج سلاحه من بنطاله ، وكان بحركة مفاجأة منه يسقطه على الأرض ولكن استطاعت السكين أن تجرح رقبته جرح بسيط ، انحنى وجذب السكين من يده وألقاها على الأرض بعنف وهو يوجه السلاح على رأسه صائحًا به :
_ قوم يا **** ، قوم يانوغة

هب الشاب واقفًا بخوف بسيط عندما رأى السلاح موجه على رأسه ، فجذبه تميم من لياقة ملابسه وهو يهتف متوعدًا :
_ وحياة أمي لأعلمك الأدب أصبر عليا بس

أخرج هاتفه من جيبه وقام بالاتصال بأنس الذي أجابه فورًا في مرح بسيط :
_ أهلا ياسيادة الرائد إيه عاش من سمع صوتك

وجده يجيبه بنبرة مرعبة ويبدو عليه الغصب الجلي :
_ أنس كلم قسم الشركة اللي قريب من القرية هنا وخليهم يبعتوا عربية بوكس من غير ما حد يحس في القرية هنا وهياخدوا واحد وخليهم يرحلوه عندك على القسم وتدخله الحجز لغاية ما أخلص المهمة دي وأفضاله أنا بنفسي

_ مين ده ياتميم ، إنت عرفت حاجة ولا إيه ؟

_ لا بس ده واحد عايز يتربى من أول وجديد ، وأنا اللي هربيه

أجابه بالموافقة وأنهى معه الاتصال ، فوضع هو يده على الجرح الذي كان على جانب رقبته ويتحسسه ، ثم ضربه على عنقه عدة مرات متتالية وهو يرغمه على الرحيل أمامه هاتفًا بنبرة دبت الرعب في أوصاله  :
_ اطلع يا **** ، مش عايز تعرف هعمل فيك إيه يلا عشان أوريك

هتف الشاب متوسلًا له بعد أن أدرك أنه ظابط :
_ خلاص ياباشا أنا آسف والله حقك عليا ، أعمل فيا اللي إنت عايزه بس أبوس إيدك ما توديني الحجز

كان يجذبه من لياقة قميصه ويجيب ضاخكًا بسخرية :
_ إيه مش كنت عامل فيها شبح الليالي دلوقتي ، نخيت ليه ، أنا عايزك بقى تعمل اللي عملته ده في القسم  عشان سعتها مش هخلي فيك حتة سليمة ، اخلص يالا امشي بدل ما افرتك دماغك

سار معه الشاب مرغمًا وهو يكاد يبكي من الخوف ، أما زهرة فكانت تتابع المشهد أمامها بذهول ، ومن سوء الحظ بالنسبة لها أنها كانت بعيدة عنهم لدرجة جعلتها لم تتمكن من سماع كلامهم ولكن قسمات وجهه المخيفة كانت كافية لجعلها تخشاه ، ففي الثلاث مرات التي قابلته فيهم لم يكن بكل هذه الوحشية حتى عندما أساءت لرجولته وصفعته كان هادئًا تمامًا ولم يقم بأذيتها ، ماذا حدث له ليتحول هكذا من الهدوء والبرود الذي كان يستفزها بهم ، إلى رجل متوحش وهمجي هكذا لا يأبى أي شيء و يوجه السلاح على رأس الشاب بدون شفقة .
كانت مذهولة حقًا وكان السؤال المناسب لهذه اللحظة  هو " من يكون ذلك الغريب الذي ظهر فجأة في قريتهم ، ولما يحمل سلاح معه " ، فرجحت إما أنه ضمن جماعة خطر يبيعيون السلاح وهو أشبه برجل مافيا ، إما أنه ضابط ، وفي كلتا الاحتمالين فهي ستطرح سؤال واحد " لماذا هو هنا ؟! " .
تطلعت حولها فلم تجد أحد  ، فتكمل طريقها متجهة إلى منزل عمها حيث يكمن أخيها وأبيها ، وتسير في الطريق تتلفت حولها بخوف ان يخرج لها أحدهم كما خرج له الآن ، فقررت الإسراع في خطاها التي كانت أشبه بركض حتى وصلت للمنزل بسلام وحمدت ربها ، فمنذ قدوم ذلك الغريب إلى القرية باتت تشعر بالخوف منه ومن كل شيء ، وهي كانت لا تخشى شيء ، كانت تسير في الشوارع المظلمة بمفردها بدون أن تشعر بأي خوف ، ولكن الآن باتت تسير متوترة  ، تخشى أن يظهر لها أحدهم او يظهر لها هو كالعادة ، ولا تنكر أنها أصبحت تخشاه أكثر بعد ما رأته منه للتو ! .

رواية .. تيروريسموس Kde žijí příběhy. Začni objevovat