الفصل الحادي والعشرون

ابدأ من البداية
                                    

****************
فى الصباح خرجت "سمر" من غرفتها فقابلت "فريدة" وهى تنزل من الطابق الثالث للفيلا حيث غرفتها .. تمتمت "فريدة" :
- صباح الخير
- صباح النور
- فى جديد
تنهدت "سمر" قائله :
- كلمت "عدنان" من شويه .. قالى انه فى سوريا دلوقتى وأول ما يوصل للمعسكر بتاعهم ويشوف الجثة هيتصل بيا
لمعت العبرات فى عين "فريدة" وهى تقول :
- يارب .. يارب
لاحت ابتسامه صغيره على شفتي "سمر" وهى تقول :
- مماتس .. قلبى حاسس انه مماتش
قالت "فريدة" بلهفه وكأنها تتعلق بآخر أمل لها :
- يارب .. يارب يكون عايش
رن هاتف "سمر" فقالت بلهفة :
- "عدنان" .. ايه .. فى جديد ؟
تطلعت "فريدة" الى "سمر" بلهفة وهى تضم يديها الى صدرها تراقب تعبيرات وجهها .. فجــأة رأت ابتسامة كبيرة على وجه "سمر" وهى تهتف بلهفة :
- بجد ؟ .. واثق يا "عدنان" ؟
هتفت "فريدة" :
- "سمر" قوليلى .. عمو قالك ايه ؟
ضحكت "سمر" وهى تقول :
- طيب .. ماشى .. ربنا معاك
أنهت المكالمة وهى تقول لفريدة بحماس :
- مش هو
عانقتها "فريدة" بقوة وهى تهتف بأعين دامعة :
- الحمد لله .. اللحمد لله
نظرت اليها "سمر" بأعين دامعة وبسمة على شفتيها وهى تقول :
- قالى ان حصل انفجار وراأس الجثة مكنتش باينلها أى معالم .. بس شاف جسمه وحجمه ولون بشرته واتأكد انه مش "مهند"
هتفت "فريدة" بفرح :
- الحمد لله .. الحمد لله
عمت البهجة أرجاء البيت عندما علم الجميع بأن الجثة لم تكن لـ "مهند" استمر "عدنان" فى المكوث فى سوريا ليبحث عن ابن اخيه حياً أو ميتاً شعرت "سمر" بيقين أنه لايزال على قيد الحياة وكأن الحياة قد دبت فيها من جديد ليس لهذا الخبر فحسب بل لتلك المشاعر التى عادت للشعور بها مرة أخرى بعد هجر سنوات وسنوات عادت تحمل المصحف فى يدها تنهل من تلك الكلمات التى اشتاقت كثيراً اليها أصبح الدمع فى عينيها لا ينقطع تنظر حولها وكأنها ترى كل شئ بأعين جديدة وقلب جديد رق قلبها حتى أصبح كريشه رقيقه تطير داخل صدرها كلما فعلت طاعة واستشعرت عظمة خالقها
فوجئ الجميع بعودة "سمر" من الخارج فى أحد الأيام وهى محملة بحقائب كثيرة كانت نظراتهم اليها ما بين الدهشة و الاستنكار فمنذا الذى يجد في نفسه البال الرائق للقيام بالتسوق فى مثل هذه الظروف لكن دهشتهم تضاعفت لمرآى "سمر" الجديدة التى زين رأسها حجابها وزادتها زينة واحتشاماً ملابسها التى تخيرتها بعناية وضعت "فريدة" نصب عينها كمثال يُحتذى به وقلدتها حتى فى ألوان ملابسها الداكنة الغير ملفته لم يصدق الجميع ما يرون لعلها هى الوحيدة التى لم تستعجب ذلك التغيير المفاجئ الذى حدث لها لأنه كان بالنسبة اليها هو العودة الى طبيعتها العودة الى الفتاة التى تركتها فى الاسكندرية منذ سنوات ورحلت متحولة الى تلك الانسانة التى كرهتها الآن ولا ترغب فى عودتها من جديد شعرت أخيراً بأنها استعادت جزء كبير من نفسها وبأن روحها ردت اليها من جديد لم يكن التغيري ثقيلاً على نفسها وهى تتقرب به الى الله عز وجل تثبت به صدق توبتها ورغبتها فى طى الماضى والقائه خلف ظهرها
اراد "علاء" الاستمرار فى تلك الخطة الخبيثة التى وضعتها "يسرية" و "كوثر" للايقاع بـ "سمر" بين حبائله لكن "سمر" ردته صفر اليدين فإذا كانت "سمر" القديمة تضايقت من تصرفاته فـ "سمر" الجديدة تقززت منها أيقن تماماً أنها خطة لقيت الفشل مثل سابقتها لم يجد أمامه سوى الخطة (أ) التى اتفق عليها معه صديقه لولا سفر "عدنان" وانشغاله بموضوع "مهند" لكان وضعها فى حيز التنفيذ على الفور
****************
فى غياب "عدنان" كان المسؤل عن الشركة هو "حسنى" و "نهاد" أما "علاء" فلم يتسلم سوى زمام الأمور التى اعتاد الاهتمام بها تزمر "علاء من قلة الثقة التى يتعمل بها "عدنان" معه لكنه لم يفصح عن شعوره وأبقاه بداخله الى حين تنفسذ خطته الشيطانية التى ظل يحلم بنجاحها وتحقيق هدفه منها "سمر" أيضاً لم تترك الشركة على الرغم من عملها البسيط لكنه كان يشغلها عن الانتظار واحتساب الأيام رميت فى البداية بنظرات دهشة من الموظفين خاصة مع استمرارها فى أداء صلواتها فى أول وقتها فى المكان الذى خصصه "مهند" كمصلى للنساء العاملات بالشركة رُفع الأذان فغادرت مكتبها متوجهه الى المصلى تقف مع النساء جنباً الى جنب لأداء الفريضه وتلبية النداء أنهت صلاتها وجلست فى مكانها وهى تخرج كتيب صغير من حقيبتها مكتوب فيه أذكار ما بعد الصلاة ظلت ترددها الى أن انتهت تقهقرت للخلف وأسندت ظهرها على الجدار لا تجد فى نفسها القدرة على العودة الى عملها لا قدرة ولا رغبة لمعت العبرات فى عيناها وقد عاودتها مخاوفها فى أن يكون "مهند" قد استشهد بالفعل فعلى الرغم من مرور اسبوع من البحث المضنى لم يجد له "عدنان" أثراً لا حياً ولا ميتاً رأت احدى السيدات اللاتى يرتدين الزى الرسمى لعاملات النظافة تقترب منها وتقول :
- انتى كويسة يا بنتى ؟
نظرت اليها "سمر" وهى تمسح عبراتها قائله بخفوت :
- أيوة كويسة
نظرت اليها المرأة بإشفاق وقالت :
- مالك يا بنتى ايه اللى مضايقك .. بقالى اسبوع بشوفك وانتى بتصلى معانا وبعد ما بتخلصى بتاخدى ركن وتفضلى تعيطى
وكأن كلمات المرأة فجرت بداخلها رغبة قوية فى البكاء .. أجهشت فى البكاء وهى تحاول خفت صوتها .. غادرن جميع العاملات كل منهما الى مكتبها وبقيت "سمر" بمفردها مع تلك العاملة البسيطة التى افترشت الأرض بجوارها وهى تقول :
- ارمى حمولك على الله يا بنتى
أومأت "سمر" برأسها وهى تحاول التحكم فى دمعها .. قالت المرأة وهى تنظر اليها بإشفاق :
- انتى جديدة فى الشركة مش كده ؟ أصلى مشفتكيش هنا قبل كدة لو فى حد مضايقك قولى لصحاب الشركة دول ناس محترمين أوى
صمتت "سمر" دون ان توضح لها حقيقة نسبها الى أصحاب الشركة فوجدت المرأة وقد أجهشت فى البكاء فجأة التفتت "سمر" تنظر اليها بدهشة وقد اعتدلت فى جلستها وهى تقول :
- فى ايه ؟ .. بتعيطى ليه ؟
قالت المرأة بصوت باكى :
- فى واحد جدع ربنا يحميه .. من صحاب الشركة دى .. يا عيني سافر وأهله مش لاقينه ولا عارفين هو عايش ولا ميت
لمعت العبرات فى أعين "سمر" وهى تسألها :
- تقصدى "مهند" ؟
نظرت اليها المراة فى دهشة وهى تمسح عبراتها قائله :
- انتى تعرفى البشمهندس "مهند" ؟
تمتمت "سمر" بخفوت :
- أيوة أعرفه
قالت المرأة بتأثر :
- انا كمان أعرفه .. راجل بجد ربنا يحميه .. تعرفى انى أول ما شوفته شوفته فى الشارع كنت ببيع درة على الرصيف وهو جبنى وشغلنى هنا الهى يباركله ويرده لأهله بالسلامه
تمتمت "سمر" :
- يارب
قالت لها المرأة بتأثر وأعين دامعه :
- تعرفى انه ساعدنى فى جهاز بنتى .. الهى ربنا يستره دنيا وآخرة .. جابلها كل حاجة وخلانى رفعت راسى أدام أهل خطيبها بعد ما كانوا كلوا وشى وكانوا عايزين يفسخوا الخطوبة .. قالى ان جهازها كله عليه أنا فى الأول مصدقتش .. بس لقيته وعد ونفذ وجهزها لحد ما دخلت من اسبوعين
لاحت ابتسامه عذبة على شفتى "سمر" وهى تقول :
- هو دايماً كده .. بيحب يساحد غيره سواء معاه أو معهوش .. بيعمل اللى بيقدر عليه
نظرت المراة الى ذراع "سمر" قائله :
- مال دراعك يا بنتى كفا الله الشر
نظرت "سمر" بأسى الى ذراعها وهى تقول :
- معرفش ومحدش عارف .. مفيش دكتور عارف يعالجنى .. وآخر دكتورة روحتلها قالتلى معنديش اى حاجة عضوية .. قالتى ممكن تكون حاجة نفسية .. حتى موصفتليش علاج .. معرفش
ثم قالت بمرارة :
- خلاص أنا اتعودت عليه كده .. وعارفه انى هفضل على طول كده .. مش عايزه أروح لدكتور تانى ولا اعمل فحوصات تانى .. خلاص بأه .. تعبت .. وأصلاً مفيش فايده .. أمل على الفاضى .. وفى الآخر بيضيع وبتعب أكتر
أطلقت "سمر" تنهيدة عميقة أخرجت معها ناراً تعتمل بداخلها .. فقالت المرأة بحماس :
- طيب واللى يعالجك ؟
التفتت "سمر" تنظر اليها وقالت بحزم :
- أنا مش هروح لدكاتره تانى .. خلاص بجد .. مش عايزه
قالت المرأة بحماس :
- ومين قال بس دكاتره .. أنا اللى هعالجك
نظرت اليها "سمر" بدهشة .. فابتسمت المرأة وهى ترى سر دهشتها وقالت :
- يا بنتى انتى بتقولى جربتى دكاتره كتير ومحدش عرف يعالجك .. مش هتخسرى حاجة لو سمعتى كلامى .. وأنا بعون الله واثقة ان ربنا هيجعلنى سبب فى شفاكى
نظرت اليها "سمر" وهى متعجبه من ثقة المرأة بنفسها وهى تلقى على مسامعها تلك الكلمات ثم قالت بإستغراب :
- طيب هتعالجيني ازاى ؟
قالت وهى تربت على كفها :
- بكرة بعد صلاة الضهر هتعرفى ان شاء الله .. هستناكى هنا فى المصلى
************
دخل "دياب" البيت فسمع أصوات ضحك في الصاله واستطاع تمييز صوت جارتهم ألقي نظرة علي "سحر" لبريها بأنه عاد من صلاة الجمعة نظرت اليه "سحر" وعادت الي الاندماج في الحدث مع جارتها دخل "دياب" غرفه النوم يبدل ملابسه وهو يشعر بالامتعاض لهذا الحديث الدائر بين المرأتين عن فلانه وعلانه اختنق من جلسة النميمة التي تشارك فيها زوجتها أرسل لها رساله عبر المحمول كتب فيها :
- مش كفايه بأه .. هفضل محبوس في الاوضة كدة كتير
وفي تبرم قالت "سحر" لجارتها :
- معلش يا حبيبتي "دياب" عايز يتغدي أحضرله الأكل وأجي نعد مع بعض شويه
قالت جارتها وهي تنصرف :
- ماشي مستنياكي .. ومتنسيش تقوليله علي الموضوع اللي اتكلمنا فيه .. دي فرصه مش هتتعوض
دخلت "سحر" الي المطبخ بينما حمل "دياب" الصغيرة ودخل خلفها قائلا :
- موضوع ايه اللي جارتك بتقول علبهويا "سحر" ؟
قالت "سحر" وهي مستمرة في عملها :
- جيبالي شغل
عقد جبينه قائلا :
- شغل ايه ان شاء الله ؟
تركت ما بيدها ونظرت اليه قائله بحماس :
- ممرضه عند ناس أغنية أوي .. عارف هيدوني كام في الشهر .. ألف ونص
هتف "دياب" بحدة :
- ممرضه عند ناس .. مش فاهم
اكملت "سحر" بنفس الحماس:
- دول ناس راجعين من دبي والست الكبيرة تعبانه وبتحتاج ادوية ياما ومرافق معاها 12 ساعه
هتف "دياب" بغضب :
- انتي بتستهبلي سا "سحر" .. ازاي يعني .. لا طبعا مش ممكن اوافق ان مراتي تشتغل في بيت غريب عند ناس معرفهمش 12 ساعه في اليوم .. وبعدين انتي ناسيه ان عندك بت صغيره
قالت سحر بحده:
- لا مش ناسيه .. ما انا هوديها عن أمي وأنا راحه الشغل ووأنا راجعه هبقي أخدها
قال دياب بحزم شديد :
- انسي الموشوع ده يا "سحر"
هتفت بغضب:
- انسي ايه دول الف ونص .. فاهم يعني ايه الف ونص .. في حد تجيله النعمه لحد عنده ويرفصها؟
قال "دياب" بصرامة:
- تغور الفلوس أنا مشغلش مراتي عند ناس معرفهمش الله اعلم اخلاقهم عامله ازاي
هتفت بتهكم :
- وانت هتعرف ناس زي دول ازاي يا حبيبي .. دول ناس اغنية كبيرك تشتغلهم حارس علي البوابة زي عيلة "زياكيل" اللي انت بتشتغل عندهم اللي بياكلوا من خيرات ربنا وفي اخر اليوم يرمولك انت وزمايلك بواقي اكلهم
تجمد "دياب" في مكانه وهو ينظر اليها فأكملت بحزم:
- أنا مش هشيع من ايدي مبلغ زي ده .. نفسي بأه اعيش زي ما الناس عايشة
قال "دياب" بألم وقلب مطعون:
- هو انا حارمك من حاجه يا "سحر" .. انا لما بيتبقي فلوس بديهالك تجيبي اللي نفسك فيه
هتفت بتهكم :
- فلوس ايه يا أبو فلوس بقولك هيدوني الف ونص في الشهر نفسي بأ اعيش زي نا باقي الستات عايشة نفسي ألبس حتت دهب في ايدي ده انا من يوم ما اتجوزنا وانا بعت الخاتم والدبله اليتيمة اللي جبتهالي ومن يوميها وايدي فاضيه بتكسف لما جاره ليا تبص علي ايدي وهي فاضيه كده وايدها ما شاء الله الدهب ماليها
قال "دياب" بأسي:
- انا وعدتك اني هجبلك غيرهم لما الظروف تتحسن
هتفت بغضب:
-ولحد دلوقتي مشفتش منك حاجه ولا هشوف .. ليه بأه ارفض فرصه زي دي هو انت غاوي فقر وخلاص يا "دياب"
اخذ نفسا عميقا ثم قال بحزم:
- الشغل اللي بتقولي عليه ده مرفوض .. ومستحيل أوافق عليه ابدا .. ويكون في علمك الست جارتك دي أنا مبرتحلهاش وواضح انها بتملى دماغك بكلام فاضي .. مش عايزك تتكلمي معاها كتير وتدخليها البيت
هتفت بسخريه:
- وده اسمه ايه ان شاء الله مش كفايه ملطوعه لوحدي بين اربع حيطان طول اليوم كمان تقولي جارتك متعرفيهاش .. بطل خنقه بأه خنقتني
قال "دياب" بنبرة تهديد:
- "سحر" اسمعي الكلام اللي هقولهولك كويس لاني جبت أخري معاكي .. قدامك شهر لو متظبطتيش متلوميش الا نفسك
هتفت بغضب:
- يعني ايه ان شاء الله؟
هتف بغضب مماثل :
- يعني هتجوز يا "سحر"
اتسعت عيناها دهشه فأكمل بغضب:
- هتجوز واحدة تريحني .. واحدة تسمع كلامي .. واحدة عارف حقوق جوزها عليها .. واحدة مش نكديه وبتحب المشاكل .. واحدة تراعي ربنا فيا زي ما براعي ربنا فيها
- وضعت يديها في خاصرتيها وهي تهتف بتهكم شديد:
- ودي مين دي اللي هترضي بيك يا حبيبتي تكونش فاكر نفسك حاجه .. فوق لنفسك ده أنا عايشة معاك وأنا حطه جزمة في بقي ومستحمله .. مين دي اللي هتبص لواحد زيك وتقبل تعيش العيشة الهم اللي انا عايشاها
قال ببرود يخفي به كرامته الجريحه:
- اذا كنتي شايفه ان عيشتك معايا هم فغيرك تتمناها
اطلقت ضحكة ساخرة وهي تقول :
- لا ده انت مصدق نفسك بجد .. قال غيرك يتمناها قال .. اللي خدته القرعة تاخده أم الشعور
لم تتحمل كرامته الاستماع الي المزيد من تهكماتها وسخريتها .. ترك طفلته علي الفراش وخرج من البيت لا يلوي علي شئ .. جلس علي احدي الدرجات والعبرات في عيناه يميحها بأصابعه قبل أن تسقط علي وجهه وتزيد من جرح كرامته .. شعر بقلبه يكاد يتمزق ألما وبحمم تشتعل في صدره أوشكت علي خنقه بلهيبها
دخل "نهاد" الي بيته فتنامي الي مسامعه صوت "انجي" برفقة "بيسان" .. كاد أن يغادر البيت مرة اخري لولا ان رأته "بيسان" وهتفت:
- "نهاد" حمدالله علي السلام يا حبيبي
في تبرم أغلق "نهاد" باب البيت وتوجه الي "بيسان" مقبلا اياها وهو يقول:
- ازيك يا حبيبتي
ابتسمت قائله وهي تعانقه بعيناها:
- الحمد لله يا حبيبي كنت فاكراك هتبات النهارده كمان
قال وهو يتحاشي النظر الي "انجي" :
- خلصت بدري فرجعت وكمان عشان مسبش الشركة لوحدها .. بعد غياب عمي و "مهند" الحمل زاد عليا
امسكت بكفه قائله:
-طيب يا حبيبي ادخل خد شاور وغير هدومك علي ما اقولهم يحضروا الاكل
نهضت "انجي" وقالت بلؤم:
- طيب همشي انا بأه مبحبش ابقي عزول
التفتت اليها "بيسان" قائله بعتاب:
- اخس عليكي ليه بتقولي كدة .. انتي واحدة مننا .. خليكي اتغدي معانا
كاد "نهاد" أن ينصرف لولا أن صاحت "انجي" :
- "نهاد" عايزاك لو سمحت .. انت ناسي ان بينا شغل ولا ايه
تسمر في مكانه وهو لايزال يتحاشي النظر اليها .. تركتهما "بيسان" بنفردهما ودخلت الي الخادمة في المطبخ تشرف علي تجهيز الطعام .. اقتربت "انجي" من "نهاد" فرجع الي الخلف .. نظرت اليه بعتاب قائله:
- معدتش بشوفك ليه .. حتي الفلوس بتحولها علي حسابي في البنك وبتعاملني زي الغريب
قال "نهاد" بحده وهو ينظر حوله في توتر مخافة ان تسمع "بيسان" حديثهما:
- "انجي" ابعدي عني .. كفايه بأه
قالت بدلال:
- كفايه ايه يا "نهاد" .. انا بحبك وانت عارف كدة
ثم قالت بلؤم:
- وانت كمان بتحبني انا واثقه من كدة
هتف بحنق شديد بصوت خافت:
- لا مبحبكيش ولا عمري حبيتك .. اللي حصل بينا كان غلطه .. غلطة فظيعة مش اكتر من كده .. ملوش أي معني بالنسبه لي ولا هيكونله أي معني
ثم نظر اليها باحتقار وقال:
- ازاي بيجيلك الجرأة تبصي في عين صحبتك بعد ما خنتيها بالشكل ده
قالت بتهكم وبنظرة تحدي:
- بالظبط زي ما انت بيجيلك الجرأه انك تبص في عنيها بعد ما خنتها
امتقع وجه "نهاد" بشده حتي كان ان يبكي ثم قال بصوت مختنق:
- ابعدي عني وعن "بيسان"
قالت وهي ترفع حاجبيها بتحدي:
- مش هبعد عنك يا "نهاد" .. انا مش واحدة من الشلرع عشان تقرب مني وقت ما انت عايز وتبعد وقت ما انت عايز
تركها "نهاد" ودخل غرفة النوم .. جلس علي الفراش واضعا وجهه بين كفيه .. انتفض فجأه بعدما شعر بيد تمسح علي شعره .. ابتسمت "بيسان" وقالت بحنان:
- شكلك مرهق اوي .
أوما براسه وهو ينهض قائلا بصوت مختنق:
- شويه
لفت "بيسان" ذراعيها حول عنقه وهي تضمه اليها قائله بإشتياق:
- وحشتني أوي
اغمض "نهاد" عينيه بألم وهو يحيطها بذراعيه وامارات الأسي علي وجهه
- يعني ايه الخطه باظت ؟
هتفت "يسريه" بهذه العبارة فقال "علاء " بتبرم:
- معرفش ايه اللي شقلب كيانها فجأه كدة .. دي حتي معدتش بتسلم عليا بايدها .. هو في حد بيتغير 180 درجه فجأة كدة
قالت "كوثر" باستغراب:
- انا كمان مستغرباها جدا التغيبر بيكون تدريجي لكن دي اتغيرت فجأة .. نامت وصحت وبقت واحدة تانيه .. بأت نسخه من "فريدة" و "مهند"
عقدت "يسريه" جبينها بشدة وهي شارده ثم هتفت:
- "كوثر" .. خدتي بالك من اللي حصل ل "سمر" لما عرفت بخبر استشهاد "مهند"
هتفت "كوثر" :
- بنت حلال كنت لسه هتكلم في النقطة دي .. ده اذا كان اخته بنت امه وابوه ما اغماش عليها كده .. لكن دي بمجرد ما سمعت الخبر وقعت من طولها
قالت "يسريه" باستغراب:
- ازاي يعني .. بس دول محرمين علي بعض
قال "علاء" بسخريه:
- قولنا كده من الاول محدش صدقني
اتسعت عينا "كوثر" وهي تقول:
- ازاي يعني .. لا طبعا مستحيل .. تقصد ان في علاقه بين "سمر" و"مهند"
قال "علاء" بثقه:
- ايوة طبعا .. أمال اللي جرالها ده من ايه .. اكيد متحملتش تسمع خبر وفاة حبيب القلب
قالت "يسريه" شارده:
- طيب ازاي .. هي ماشي واتوقع منها كده .. اللي تقدر تلف علي راجل زي "عدنان" تقدر تلف علي غيره بس الغريب هو "مهند" ازاي يسمح بكده .. ده مبيسلمش عليا بايده يقوم يخون عمه ومع واحدة متحللوش كمان
قال "علاء" بغيظ:
- محسسني ان "مهند" ده ملاك .. ما هو راجل زي باقي الرجاله .. وارد انه يغلط ويخون كمان

العشق الممنوع (للكاتبة منى سلامة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن